تاريخ الإضافة : 12.08.2013 11:48

أبطال المقاومة ذاكرة الأمة

بقلم الأستاذ الباحث: مـحـمـد ولد أبـكـــه  mohamedabek@gmail.com

بقلم الأستاذ الباحث: مـحـمـد ولد أبـكـــه mohamedabek@gmail.com

تعتبر المقاومة الموريتانية التي انطلقت مع بداية القرن التاسع عشر من أصعب المجابهات التي واجهت جيش المستعمر الفرنسي في شمال إفريقيا بشهادة هذا الأخير وبظاهر الحال للمتتبع لهذا لأمر خصوصا أنه على يد المجاهدين الموريتانيين سقطت قامات فرنسية فارعة بعد ان عتت وتغطرست مثل المنظر الفرنسي اكزافي كبولاني، والنقيب مانجيه وكل من بابلون ومكنين وكورو وغيرهم من الضباط والجمالة التي كانت حينها نخبة الجيش الفرنسي.

لكنه من الملاحظ إن هذه المعارك ظلت غائبة أو مغيبة الأمر الذي حدا بالبعض – منتهزا فترة البيات الشتوي الذي عانت منه – محاولة قراءتها بطريقة تأبى عنها دماء الأجداد الزكية التي ارتوت بها هذه الأرض الطيبة.

وهنا انوه بالجهود الحثيثة والهامة التي تقوم بها الرابطة الوطنية لتخليد بطولات المقاومة في هذا المجال، والتي لولا الإرادة الصادقة لرئيس الجمهورية لما ولدت هذه الرابطة ولظلت المقاومة تعيش عقود الظلام التي طبعتها فيما مضى، أو على الأقل مواضيع محظورة لا يجب البت فيها، كما يعتبر تكريم رئيس الجمهورية للمجاهد الشهيد الحي في معركة أم التونسي أحمد ولد بوهد قطيعة مع تلك المسلكيات الماضية.

وفي هذا المضمار فإنني سوف أتطرق لإحدى المعارك الوطنية التي جمعت بين المجاهدين والجيش الفرنسي بغية إثارة فضول الباحثين والمهتمين من ناحية وللتشديد على أهمية التعلق بالوطن من ناحية أخري خصوصا في هذه الفترة التي تشهد اهتزازات وقلاقل لا أهمية لها سوى فساد الأوطان وتضييع إرث الأجداد الأبطال.

لقد تطرقت الرابطة الوطنية لتخليد بطولات المقاومة في ندوات سابقة لمعركة اجحافية التي جمعت بين المجاهدين بقيادة محمد محمود ولد سيدي لكحل والجيش الفرنسي كما تطرقت في حفل تأبيني لها لمناقب كل من البطل الشهيد أحمد ولد اعميره ولد اباه، والمجاهد البطل محمد المختار ولد الحامد الذي عرف بشهامته، وهنا سأتطرق بشيء من التفصيل لمعركة المينان او تالمست ومقتل النقيب مانجيه ومجموعة المجاهدين الذين شاركوا في هذه المعركة راجيا من المهتمين التطرق لهذه المواضيع قي بحوث متخصصة، أو حتى على صفحات الاجتماعية ما أمكن ذالك، بغية توفير أكبر كم من المعلومات التي تضيء الدرب أمام الباحثين في هذا المجال.

تعد معركة المينان من أهم المعارك التي التي جمعت مابين المستعمر الفرنسي والمجاهدين الموريتانيين. وقعت هذه المعركة يوم 13-14-06-1908-في منطقة تكانت وقد شارك في هذه المعركة مجموعة المجاهدين بقيادة البطل المجاهد سيدي محمد ولد حامني 1 وهؤلاء عرفوا بكتيبة التلاميد ومجموعة عبد الرحمن القاسم الملقب الل ولد سيدي ولد مولاي الزين التي ضمت معظم من شارك في وقعة تجكجه البطولية وخاصة من أهل التناكي (اديشلي) با الإضافة إلى جماعة أهل احجور بقيادة المجاهد البطل محمد محمود ولد سيدي لكحل ولد احجور التي تتواجد في منطقة تكانت .

في اليوم الثاني عشر من شهر يونيو وبينما كتيبة المجاهدين بقيادة حامني متجهة إلى المينان أرسلوا ورادتهم إلى البئر حيث لقيت واردة النصارى التي تتألف من سبعة من العلوج وواحد من الكوم وقضوا عليهم بعد إن استفسر وهم عن مكان النقيب مانجيه (بوضرس).وهنا التحقت بهم كل من مجموعة أهل احجور والل ولد سيدي ولد مولاي الزين حيث قرر المجاهدين التوجه الى ادن دون الذي يتواجد به مانجيه وبعض كتيبته وجمالة الجيش الفرنسي ليبدأ الهجوم يوم 13-6 زوالا واعتمد المجاهدون هنا أسلوب تكثيف النار لإرباك العدو ليبدأ مانجيه نفسه باستعمال المدفع الرشاش الذي سماه المجاهدون حينها (بوتاسارت)لكنه لم يطلق إلا طلقتين ليتوقف تحت نيران المجاهدين 2التي أسقطت مانجيه قتيلا ثم من بعده نائبه ماكنين ،وهوجمت الحامية الفرنسية وفر ثلة من أفرادها فتبعتهم جماعة أهل احجور فقتلتهم جميعا ونشير هنا شيخ المجاهدين الشيخ حسنه قد أوصى التلاميد بقيادة حامني أن يتصل بجماعة أهل احجور حسب ما أورده سيدي ولد إبراهيم ولد احجور في روايته3 ،وذالك لسببين أساسيين هما :

ورحل المجاهدون في اليوم الموالي لاعتراض ما تبقى من الحامية في المكان الذي كان به مانجيه (تالمست،المينان) وهنا أشار عليهم المجاهد محمد محمود ولد سيدي لكحل أن يكمنوا لهم ويثبوا عليهم وثبة رجل واحد ،الأمر الذي رفضه التلاميد حيث اندفعوا وملاهم الحماس متجهين نحو الحامية التي كان أصحابها يتمتعون بموقع استراتجي فأمطروهم بوابل من الرصاص فاستشهد منهم زهاء خمسة وعشرون وأصيب البطل سيدي محمد ولد حامني في رجله وسقط فظن التلاميذ أن قائدهم قد سقط شهيدا ففروا بالغنائم التي قد حصلوا عليها في اليوم الأول من المعركة فلما رأى محمد محمود ولد احجور القائد حيا أسعفه بقرب من الماء وتبع بعض رفاقه ونادي عليهم فعاد إليه اثنان منهم وفي رواية حامني ثلاثة منهم فحملوه وذهبوا به.

واستشهد في هذه المعركة ستة وعشرون حسب ما أفاد به سيدي محمد بن حامني في كتابه .أربعة في اليوم الأول هم ثلاثة من التلاميد والل ولد سيدي ولد مولاي الزين، واثنان وعشرون في اليوم الثاني .

ويقول الرائد Giller عن معركة المينان (....في يوم 10 يونيو توقف النقيب مانجيه حوالي 10 كلم غرب المينان وضرب المعسكر ونصب المدفع الرشاش وأطلقت الجمال حول المعسكر وأرسل سبعة من القناصة إلى الشمال بحثا عن الماء وعند 12 زوالا أعطى الحارس المترصد حول المدفع الرشاش الإشارة بالإنذار ،فأخذ القناصة مواقعهم في المعركة وردوا بإطلاق النار فورا على إطلاق نار العدو (المجاهدين)الذي لم يحصل به إحساس إلا بعد أن صار على بعد 250مــــــــــ حيث استطاعوا إخفاء سيرهم بفضل كثبان الرمل ...حاول النقيب تشغيل المدفع الرشاش ولكن شيئا ما عرقل إطلاق النار بعد طلقتين فأصيب النقيب مانجيه فورا

إصابة قاتلة في رأسه وأصيب الرقيب ماكنين في رقبته وسقط الكثير من القناصة إلى جانبهم واستمر البيضان في الاقتراب وتضييق الحلقة مطلقين النار دون توقف وبعد ساعة سقط جميع القناصة وأصبح المعسكر فريسة للبيضان الذين أجهزوا على الجرحى واقتسموا الغنائم وتم الإبقاء على احد القناصة الجرحى وأعطي رأس مانجيه وتوجه نحو تجكجة بعد أن قالوا له:اذهب إلى النصارى وأرهم ما صنعنا ببضرس.

ورغم كل المآخذ على ما قاله الرائد Giller حول معركة المينان إلا انه شهادة من العدو على ضراوة المعركة وشدة بأس المجاهدين الأبطال.

وقد أدعى بعض ممن شارك في هذه المعركة مقتل النقيب مانجيه وهنا تقدم حسنه ولد البخاري 1 وهو من رواد المجاهد الشيخ حسنه وقال للشيخ الولي الذي التحق بهم بعد نهاية المعركة من ادعى انه قتل مانجيه فا ليأتي بضرسه وسلبه فسكت الجميع وقدمهما الشيخ حسنه إلى الولي كبرهان،كما أنه ادعى المجاهد حامني الغلاوي قتل النقيب مانجيه.

أما الرواية التي تقدم بها سيدي ولد إبراهيم ولد احجور تفيد أن المجاهد محمد ولد آبكه هو الذي قتل النقيب مانجيه وذالك بعد ما أن اخرج ضرسه من حافظة عياره (آغراب ) وهنا أفيد أنني قد توصلت إلي بعض الروايات الشفوية ذات التواتر الجيد من بعض أبناء المجاهدين الذين شاركوا في معركة المينان وأبناء المجاهد محمد بن أبكه هذه الروايات تؤكد إن المجاهد محمد ولد ابك الذي كان ضمن جماعة أهل احجور هو القاتل الحقيقي ل مانجييه (بوضرس).

لتبقي الدراسة مفتوحة معتمدة على مقاربة تاريخية تطبعها الموضوعية والتجريد بعيدة عن الاستقرائية التي طبعت تاريخنا لعقود مضت وخاصة صفحات تاريخنا المشرقة.


المجد والخلود لشهدائنا الأبطال.

الرياضة

شكاوي

وكالة أنباء الأخبار المستقلة © 2003-2025