تاريخ الإضافة : 15.06.2013 07:58

نحو استراتيجية جديدة لبناء المجتمع

إدوم ولد عبد الله  idoumou.abdoullah@yahoo.fr

إدوم ولد عبد الله idoumou.abdoullah@yahoo.fr

أولا: مرحلة التشخيص

إن مراجعة ذهنية مستعجلة لتاريخ نشأة الدولة الموريتانية ،و تحولها من إمارات و قبائل و طبقات اجتماعية و فئات ،كانت ترزح تحت الاستعمار الفرنسي ،بعد ان قدمت ما تستطيع تقديمه في سبيل مقاومة هذا الاستعمار.و في ظل غياب تام للتنسيق بين عناصر هذه المقاومة و انعدام رأيه موحدة لمستقبل الدولة خلال هذه المقاومة بشقيها العسكري والثقافي،وباستحضار الظروف السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية غداة نيل الاستقلال الوطني ،و كيف استطاع الجيل الاول ان يحول "الجمهورية الاسلامية الموريتانية " من حلم إلى حقيقة و دولة لها مكانتها إقليميا و دوليا و لها هياكلها الادارية و قادتها الذين يفهمون و يؤمنون بعبارات مثل : الوطن ،الدولة ،القانون ، المصلحة العامة ، المال العام .........إلخ.

عندما تجري هذه المراجعة و مهما كانت بساطتها تجد الفرق شاسعا والهوة كبيرة،بين رأيتنا الحالية للمفاهيم السالفة الذكر و تجسيدنا لها على ارض الواقع و ما كان عليه القوم و تقف عاجزا عن معرفة من أين تبدأ ؟
تكاثرت الظباء على خداش فما يدري خداش ماذا يصيد ؟
و ليتها كانت رحلة صيد .......

و من هنا يحق لنا ان نتساءل لماذا انطلقنا جيدا ؟ ثم ترجعنا ..!! ثم انتكسنا كأننا نبحث عن أضداد الكلمات التي تصف المبادئ لنتمثل هذه الاضداد ؟ ثم لماذا نكون استثناء من قاعدة عامة للتاريخ قرر فيها ابن خلدون أن للدول أعمار كأعمار الأشخاص تبدأ قوية تحت قيادة منشئيها و لا يكاد ينتهي الجيل الثالث حتى تكون قد أشرفت على الزوال فهل حرقت بنا المراحل لنجد أنفسنا في ذلك الجيل التعيس ؟ لا بد لنا أن نتساءل من أين جاءت المشكلة ؟ و ماهي الصعوبات التي تواجهنا حتى ننهض من جديد ؟ لنكمل ما بدأه غيرنا و نستعين على ذلك بكل ذي رأي.
و نبدأ بالمفكر مالك ابن نبي رحمه الله حيث يقول في كتابه تأملات ص22 :
" إنه من الطبيعي أن نتصور الخلل في عالم الأشخاص بكل سهولة, إذ ما كان في عشيرة فئة تدعوا الى الشر بمعنى أنهم مخربون، أي إذا كان جانب من الأمة يبني و آخر منها يخرب فهذا خلل كبير في عالم الاشخاص ،فالسارق و شارب الخمر و الذي يستغل اخوانه هو حجر عثرة في طريق المجتمع بل هو ذاته مرض متجسم".
إذا ربما يكون هذا أصل المأساة التي نعيشها فلنرى .........................................
الصورة التالية تمثل أول حكومة موريتنية 1961

قد لا يميز الكثير منا كل الشخصيات الموجودة في الصورة و في أحسن الأحوال ربما نميز صورة المرحوم السيد الرئيس : المختار ولد داداه ،في حين ان الواجب الوطني كان يقتضي مكانة أكبر لهؤلاء لقدسية اللحظة التاريخية التي عاشوها و للصفات النبيلة التي كانوا يتحلون بها .
يقول أحد الإعلاميين الذين عاصروا هذه المرحلة في وصفهم :
"لم يكن هدف الموظفين الثروة،و لم تكن في تفكيرهم ،كان المتوفر من المال يكفي لسد الحاجيات ، و كان يتم تسيير الموارد مهما كانت ضآلتها للصالح العام ، عندما تتم المصادقة على الميزانية يتم صرفها فيما صودق عليه ، و المراقبة مستمرة و طريقة الصرف واضحة ... و كان المجتمع لا يقبل اختلاس الممتلكات العامة و يمقت أصحابها".
لكن التحديات كانت كبيرة و لابد من توجيه كل الطاقات الاجتماعية لبناء المجتمع في الداخل و تحقيق مكانه في الخارج ،كان إذا لابد من إستراتيجية تنقل المجتمع من بدو رحل أطروا لسنوات عديدة على مقاطعة كل ما يمت للمستعمر بصلة الى شعب واع يختار حكامه بحرية و يراقب أداءهم يستفتى على الدستور و يمكن ان نحاسبه غير ظالمين له "أن لا عذر لأحد في جهل القانون ".
و كان لابد للدولة الوليدة أيضا من أن تأخذ مكانتها إقليميا و دوليا و مضى هذا الجيل يقدم رجلا هنا و هناك لعله يرسم بشكل نهائي الخريطة الجغرافية للدولة و يحدد بقلم الرصاص على الأقل نقاط البدا و أولويات البناء ،وسط الاستقطاب الدولي وحروبه بمختلف تسمياتها التى تفرض الانحياز او عدمه و تبعات ذلك ،و رياح الانقلابات التي تهب من هنا و هناك ، و عواصف الأفكار و الإيديولوجيات ، كل هذا على شعب لم يستفيق بعد ليدرك حجم ما نالت يده بالاستقلال و لم يلتقط أنفاسه ليرتب أولوياته أحرى من أن يمتلك القدرة على التحليل و التمحيص ليختار ما يصلح له و يدع ما أنتجته أزمات الآخرين من تصورات و أفكار.
لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.........
فقد حلت المأسات الأولى متمثلة في انقلاب 1978 لتضع حدا لأحلام و طموحات الجيل الاول و لتؤسس لأمرين خطيرين :
الأول : فتح طريق جديد للوصول الى السلطة بالقوة و ما ينجم عن ذلك من عدم استقرار و تفرد بالرأي و القرار.
الثاني :انكفاء السلطة العليا للبلد على إدارة الصراع في أروقتها تارة و تارة أخرى مع القوى السياسية الصاعدة في البلد.....................و للحديث بقية ........يتوصل.

المناخ

الثقافة والفن

وكالة أنباء الأخبار المستقلة © 2003-2025