تاريخ الإضافة : 19.12.2012 22:25

خطوة موريتانيا الجبارة في مجال حقوق الإنسان

الأستـــاذ: امهـــادي ولد النـــاجي

الأستـــاذ: امهـــادي ولد النـــاجي

امن ابسط أبجديات النضال السياسى والحقوقي أن تعترف للخصم بانجازاته التى حققها حتى يتسنى لك تصيد إخفاقاته بشئ من المصداقية يسمح لك بالوصول الى عقول المواطنين، هذا إذا كانت هي الهدف أصلا،وهنا يكمن الفرق بين المؤسسات النضالية التى تراهن على دعم مواطنيها وبين تلك الاسترزاقية التى تكتفى من مواطنيها باستغلال معاناة الضعفاء منهم.

ومن أبسط أبجديات النضال الحقوقي الذي يفترض فيه عدم التسييس أصلا أنه بقدر ما يجوز للحقوقيين تتبع نواقص أداء أي نظام أو أي جهة في مجاله بقدر ما ينبغي لهم الاعتراف بما أنجزته في ذلك المجال.

ولعل من محاور برنامج رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز والذى خطى خطوات تستحق أن يتحلى الحقوقيين إذا لم يكونوا مغرضين ومتطرفين بالشجاعة الكاملة كي يعترفوا بها محور حقوق الإنسان.

فلقد قطعت موريتانيا أشواطا واثقة أعتقد أنها واضحة وضوح الشمس، بدءا بتسوية ملف الإرث الإنساني مرورا بسن القوانين المجرمة للاسترقاق ثم مكافحة آثار تلك الظاهرة من خلال برامج اقتصادية واجتماعية واعدة، وصولا إلى ترقية وصيانة مختلف الحقوق والحريات العامة.

وكان من الأجدى لأي حقوقي يستحق هذا الوصف أن يثمن الانتصار الدبلوماسي الأخير الذي حققته موريتانيا من خلال انتخابها نائبا لرئيس مجلس حقوق الإنسان خلافا لما ذهبت إليه ثلة من المغرضين والمتطرفين بأنه مجرد دعاية قام بها سفير موريتانيا في جينيف.

وفي هذا المجال أود توضيح بعض الملابسات التي قد تجعل الرأي العام أكثر إنارة فيما يتعلق بمعنى أن تنتخب موريتانيا نائبا لرئيس مجلس حقوق الإنسان:

1- إن جنوح البعض إلى شخصنة ملف حقوق الإنسان واعتبار ما تحقق فيه من انجازات مجرد دعاية يقوم بها سفيرنا في اسويسرا السيد الشيخ أحمد ولد الزحاف هي نظرة دونية ومحاولة يائسة لتحجيم قيمة المكسب المتحصل عليه لدى الرأي العام الوطني، في حين يدخل هذا المكسب في محور أساسي من محاور سياسة الدولة ينبغي الاعتراف بالإنجازات المحققة فيه كما يجوز ذكر نواقصه كسائر محاور سياسات الدولة، وبهذا يكون حصر الموضوع في إطار الأمور الشخصية مجاف للحقيقة وضرب من استهداف شخص بعينه بالضغينة.

2- نظرا لحساسية عمل كل بعثة دبلوماسية فإنه لا يمكنها بأي حال نشر معلومات كاذبة خاصة إذا كانت هذه البعثة مختصة في الدبلوماسية متعددة الأطراف وعليه لا يمكن لأي مراقب ذو بصيرة أن يقارن بين ما يصدر عنها من معلومات من جهة وما تتقول به بعض الجهات التي أثبتت التجربة أن محركها الأساسي أقرب إلى الحسد والأحقاد ضد الأفراد والمجتمع منه إلى البحث عن الحقائق بروية وتأن من جهة أخرى.

3- إن الولوج إلى هذا المنصب يمر حتما بأن ترشح منطقة جغرافية ما من العالم دولة أو دول تنتمي إليها ويكون ذلك عادة بإحدى طريقتين: إما أن يتم الإجماع على دولة من قبل مجموعتها الإقليمية وإما أن لا يتم ذلك الإجماع وفي هذه الحالة يمكن لأكثر من دولة أن تترشح ويكون الحسم في تبوئها للمنصب عائدا إلى مجلس حقوق الإنسان عن طريق التصويت العلني.

وبخصوص انتخاب موريتانيا لهذا المنصب، ترشحت إلى جانب بلادنا داخل مجموعتنا الإقليمية الإفريقية دولة بوتسوانا وطبقا للتسلسل الأبجدي كان المنصب من حظ بوتسوانا لأن الحرف (ب) يسبق الحرف (م)، لكن سفيرنا السيد الشيخ أحمد ولد الزحاف وبدعم من رئيس مجلس السفراء الأفارقة في جينيف السفير الغابوني وسفير الإتحاد الإفريقي والسفير المختص بقضايا حقوق الإنسان لدى مجلس السفراء الأفارقة السفير السنغالي، قام بمفاوضات – أي سفيرنا في جينيف – مع نظيره البوتسواني الذي قبل سحب ترشح بلاده لهذا المنصب تاركا المجال لموريتانيا، وبهذا المعنى تم ترشيح موريتانيا بالإجماع من طرف السفراء وممثلي الدول الإفريقية وتم انتخابها على ذلك الأساس من لدن مجلس حقوق الإنسان. فلماذا إذن حصل هذا الإجماع ؟

لقد حصل ذلك اعترافا باستماتة بلادنا منذو أن أصبحت عضوا في مجلس حقوق الإنسان في الدفاع عن القضايا الحقوقية التي تهم القارة الإفريقية. فهذا الفضل وهذا المعنى السياسي الذي حازت عليه موريتانيا هو ما يؤرق أعداءها ويحسد عليه سفيرنا في جينيف.

4- كيف إذن والحال هذه أن يتجه المزايدون نحو إيهام الرأي العام أن الأمر يتعلق بمجرد تعيين أوتوماتيكي ثم إلى من سيكون المشتكى طالما أن هذا مجلس حقوق الإنسان الذي هو مرجعية الإحتكام لدى جميع المنظمات الدولية في مجال حقوق الإنسان وقد شرف موريتانيا بترأسه؟.

وفي جميع الأحوال يعتبر هذا الحدث الدبلوماسي خطوة جبارة في إطار تحقيق برنامج رئيس الجمهورية في مجال حقوق الإنسان واعترافا دوليا وتثمينا لخطوات موريتانيا المنجزة في هذا المجال وهو بالتالي انتصار للحكومة والشعب الموريتانيين، ويبقى من واجب أي مواطن موريتاني تقديره وتثمينه، ثم في النهاية كيف يكون السفراء الأفارقة الذين انتخبوا موريتانيا لتمثلهم لدى المجلس على خطأ ؟ وكيف تكون بقية المجموعة الدولية المكونة لهذ المجلس على خطأ أيضا ؟ وبالتالي كيف تكون الأمم المتحدة كلها على خطأ ليكون الحق من جانب فرد أو اثنين محدودي الرؤية والمعلومات في هذا المجال.
الأستـــاذ: امهـــادي ولد النـــاجي

الرياضة

شكاوي

وكالة أنباء الأخبار المستقلة © 2003-2025