تاريخ الإضافة : 05.07.2012 10:32
الإسلام ....والفن
هنيئا لك أيها الرسام يوم تأخذ ريشتك فتضع سنها على القرطاس معبرا عن ما يختلج به خاطرك من مشاعر الفرح أو الحزن ...
هنيئا لك أيها المصور يوم تتحكم في عدستك فتضفى على الصورة ظلالا وتبعث فيها إحساسا آخر يشعر به أصحاب الحس والذوق...،
وإنك إذ ترى المنشد يتغنى بأمجاد الإسلام وأبطاله لتشعر بالعزة ، وتثور النخوة والشجاعة في دمك ويشتد الحماس!!! أما قبل ذلك فما المقصود بالفن ، وما كلمة الإسلام فيه؟؟
يعرفون الفن فيقولون :هو بمعنى المهارة التي يدركها الذوق، وجمعه : فنون، والفنان صاحب الموهبة .
ومن ألقى نظرة ولو قليلة على كتب اللغة ومعاجمها سيدرك كيف أن هذه الكلمة واسعة الدلالة , وهذا يعنى أن الفن تدخل تحته ضروب غير محصورة من ضروب التعبير الإنساني ، والثقافات المختلفة ، فالأدب بشعره ونثره ، والغناء بحلاله وحرامه، واللعب ، والخط الجميل ، والرسم الحائطي ، والنحت ، كلها معان تدخل عندما نطلق كلمة "فن" وقد رأى البعض أن :روح الفن هى" شعور بالجمال والتعبير عنه "والمتصفح لآي الذكر الحكيم . يرى أن هذه الشريعة السمحة التي جاءت من لدن حكيم خبير قد ورد فيها إرشاد الإنسان إلى الاستمتاع بجمال الطبيعة وغيرها أكثر من مرة قال تعالى (والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة) الآية0
وواضح أن الآية صرحت بعنصر المنفعة المتمثل في الركوب كما صرحت في الوقت نفسه بعنصر الجمال المتمثل في الزينة0 وقال تعالى (والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه انظروا إلى ثمره إذا أثمر) الانعام0 وفى نفس السورة نرتل: (والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه كلوا من ثمره إذا أثمر) 0
يقول الشهيد سيد قطب ــ رحمه الله ــ عند تفسير قوله تعالى :(انظروا إلى ثمره إذا أثمر) :"انظروا بالحس البصير والقلب اليقظ..انظروا إليه في ازدهاره، واز دهائه عند كمال نضجه 0 انظروا إليه واستمتعوا بجماله...لا يقول هنا :كلوا من ثمره إذا أثمر. ولكن يقول :انظروا إلى ثمره إذا أثمر لأن المجال هنا مجال جمال ومتاع،كما أنه مجال لتدبر آيات الله وبدائع صنعته ..."
بل جاء في الحديث : إن الله جميل يحب الجمال ، وقد أشار القرآن الكريم إشارات إلى أضرب من الفنون المختلفة التي عرفتها الأمم عبر العصور. فحكي لنا ما أنعم الله به على نبيه داوود من إلانة الحديد ، وتسخير صناعة الدروع 0قال تعالى (وألنا له الحديد أن اعمل سابغات وقدر في السرد ) الآية.و التقدير هنا : بمعنى الإحكام ، والسرد:نسج الدروع.
ومن النعم التي أنعم الله بها على سليمان أن الشياطين :يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجوابي وقدور راسيات .وأوحى الله إلى نوح أن اصنع الفلك . ولما جاءت الملكة بلقيس إلى قصر سليمان ، " قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها،قال إنه صرح ممرد من قوارير" ، وكان سليمان قد بني هذا القصر، وجعل بلاطه من زجاج ، نقى ، صاف ، بحيث يرى الناظر ما يجرى تحته من ماء !!!
وحكي عن قوم صالح أنهم كانوا ينحتون من الجبال بيوتا فرهين وفى قصة موسى عليه السلام مع قومه ما يظهر أنه كان من بينهم من يعرف صناعة التماثيل ، ولذلك صنع لهم السامري عجلا جسدا له خوار فعبدوه ه من دون الله ومن هنا حرم الإسلام صناعة التماثيل ، وواضح أن كون هذه التماثيل تحتوى على المضاهاة لخلق الله ، سبب رئيسي من أسباب تحريمها ، وقد صرحت الأخبار الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه العلة ومن هنا تصبح علة منصوصة ، وهى من أقوى العلل .
وعلة أخرى أيضا بنفس القوة ، وهى علة التعظيم التي تصير هذه التماثيل أوثانا تعبد من دون الله ، وقصة "ود ، وسواع ، ويغوث ، ويعوق ، ونسر،" معروفة ومشار إليها في القرآن الكريم.
فالشريعة جاء ت لمصلحة العباد حقا، فلا تحريم إلا والمفسدة فيه متحققة علم ذلك من علمه وجهله من جهله .
وهذا الأصل يستفاد منه كثيرا في هذا الموضوع ومن هنا ندخل إلى الغناء فنقول : الغناء يكاد التعلق به يكون غريزة إنسانية ولذالك لا يختص حبه بالإنسان العاقل فقط بل يحبه الإنسان العاقل وغيره . فالطفل الصغير الذي لم يبلغ حد التمييز يتوقف سريعا عن البكاء عندما تترنم في أذنيه ...
بل والجمال تسرع في السير وتطرب إذا سمعت الحداء ، وحديث أنجشة في سوقه الجمال بالنساء معروف .حيث قال له النبي صلى الله عليه وسلم يا أنجشة رويدك سوقك بالقوارير...
بل وكنا في البادية نسوق الحمام حتى نوقعه في الفخ بأغان أسطورية خاصة به مازلنا نحفظها لحد الساعة لطول ما كنا نكررها !!!
ونسمى هذا النوع من الغناء ب:" اتسيرى" وإذا طارت الحمامة قبل أن تقع في "الشرك" فهذا يرجع إلى خشن صوت الملحن أو إلى خطئه في الأغنية ...
وإذا اتفقت معي على أن الميل إلى الغناء غريزي ، فالقاعدة أن ما كان كذالك لا يحرم لذاته بل ل:سابقه أو لاحقه ...ومن هنا شاع عند البعض أن الغناء كلام "حسنه حسن وقبيحه قبيح ".
وقد اتفقوا قديما على تحريم كل غناء يشتمل على فحش أو فسق أو تحريض على معصية كما اتفقوا على إباحة ماخلا من الإثارة والفحش والآلة،بشرط أن لا يكون المغنى امرأة بحضرة أجانب، وذلك في مواطن السرور كالأعياد والأعراس ... وأن لا يشتمل على أى معصية من المعاصي فالمعصية حرام بدون الغناء فكيف بها معه ...؟
واختلفوا فيما عدا ذلك ،لكن لا تهمنى في هذا المقام مناقشة أدلة الفريقين بقدر ما يهمنى أن أبين القيود التي أوردها المجيزون للغناء على سبيل الإيجاز؛ فيلزم عندهم أن لا يخرج الموضوع عن آداب الإسلام ، فلا يجوز التغني بمثل قول أبى نواس:
دع عنك لومى فإن اللوم إغراء
وداوني بالتي كانت هي الداء
ولا بقول شوقى :
رمضان ولى هاتها ياساقى
مشتاقة تسعى إلى مشتاق
وأخطر من ذلك قول إيليا أبى ماضي : جئت لا أعلم من أين ، ولكنى أتيت،
و لقد أبصرت قدامى طريقا فمشيت،،
كيف جئت،، كيف أبصرت طريقي ،،؟ لست أدرى
لأن في هذا تشكيك في أصول الإيمان .
ثم إن طريقة الأداء تؤثر في الحكم فإذا كان الأداء فيه تكسر وتحريك للقلوب المريضة لا يجوز الاستماع لأن المفسدة متحققة حتما0 وقيدين إضافيين أحدهما:أن لا يشتمل الغناء على شيء محرم كالتبرج ،والاختلاط الماجن ، وشرب الخمر الثاني : عدم الإسراف في الاشتغال بالغناء المباح، فالدين حرم الإسراف في العبادة ،فكيف يبيح الإسراف في اللهو ؟
وأرى أن هذه القيود ضيقت مساحة الخلاف بين الفريقين حتى ليظن الظان أن (الخلاف) بعدها أصبح لفظيا وليس كذالك.
أما الآن فأنتقل إلى موضوع التصوير ، فأقول تقترب النظرة الإسلامية إلى هذا الموضوع من النظرة إلى موضوع الغناء ، فكل صورة اشتملت على مضاهاة لخلق الله أو تعظيم لا يليق فى ميزان الشرع والعقيدة مجسمة أو غير مجسمة فغير مقبولة ...
وكذلك صور ما يعبد من دون الله كالصليب عند اليهود،وأيضا الصور التي تشتمل على تبرج ، وإظهار لأماكن الأنوثة من النساء، فكيف إذا اجتمعت هذه الصور مع الغناء في فيديو خليع ماجن ؟؟!
إنها الفتنة والمصيبة التي أخرت شبابنا عن الصلاة ، وشغلتهم بالمواقع الإباحية عن المواقع الإسلامية .
إنها المصيبة التي صُنعت بالفتاة فأسقطتها إلى الحضيض ، وأغنت الشاب المسلم عن فكرة الزواج بها ، فيا ليت شعري متى يفقه الشباب هذه المؤامرة ؟
وأما الصور الفوتوغرافية ، فليس فيها مضاهاة لخلق الله إذ هي لا تعنى إيجاد صورة جديدة تشبه خلقا من خلق الله ،بل تعنى حبس ظل صورة كانت موجودة ، فهي مباحة ما لم تشتمل على ما يصيرها حراما كالتبرج والتعظيم...
والشعر كفن من أنواع الفنون المختلفة لا يتصادم مع لإسلام مادام ساميا في غرضه لا حيف فيه ولازور، بل قد قيل "إن الشعر ترسانة الدعوة الإسلامية"
وقد حمل كُتاب الأدب العربي حديث "لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا حتى يَريَه خير له من أن يمتلئ شعرا" ــ على أوجه مختلفة من بينها : أن المقصود الشعر الذي فيه هجاء له صلى الله عليه وسلم ، أو أنه الشعر الذي اشتمل على غرض يتناقض مع الأخلاق العامة للإسلام وقيل هو ذاك الذي شغل صاحبه عن ذكر الله ، وعن الصلاة، وقراءة القرآن.
ويؤيدهم أنه كان من بين الصحابة شعراء للرسول صلى الله عليه وسلم ، يمدحونه ، ويكلمون خصومه باللسان و"كلم اللسان ،أنكى من كلم السنان" ولو كان الشعر حر أمام لما قبله صلى الله عليه وسلم من الصحابة وبهذا التقرير" قد برح الخفاء" .!
هذا وقد تجلى الفن الإسلامي في الزخرفة التي ملأت جدران مساجدنا ، وجملت نصال سيوفنا ؛ والحرمان الشريفان ، والجامع الأموي بدمشق ،وجامع السلطان أحمد والسليمانية باستامبول،وجامع محمد على بالقاهرة ؛ خير شاهد على ذلك.
وفى الختام لا يسعني إلا أن أقول الإسلام ليس دين تزمت ولا دين كبت يحارب الجمال مسموعا كان أو مشاهدا، لا؛ بل ولا تصادم في هذا الدين مع متطلبات الفطر السليمة ،لكن حذار أن تشاب هذه الفطر بشائبة الفساد ، فينتقل مطلوبها من دائرة القبول إلى دائرة الرفض .
هنيئا لك أيها المصور يوم تتحكم في عدستك فتضفى على الصورة ظلالا وتبعث فيها إحساسا آخر يشعر به أصحاب الحس والذوق...،
وإنك إذ ترى المنشد يتغنى بأمجاد الإسلام وأبطاله لتشعر بالعزة ، وتثور النخوة والشجاعة في دمك ويشتد الحماس!!! أما قبل ذلك فما المقصود بالفن ، وما كلمة الإسلام فيه؟؟
يعرفون الفن فيقولون :هو بمعنى المهارة التي يدركها الذوق، وجمعه : فنون، والفنان صاحب الموهبة .
ومن ألقى نظرة ولو قليلة على كتب اللغة ومعاجمها سيدرك كيف أن هذه الكلمة واسعة الدلالة , وهذا يعنى أن الفن تدخل تحته ضروب غير محصورة من ضروب التعبير الإنساني ، والثقافات المختلفة ، فالأدب بشعره ونثره ، والغناء بحلاله وحرامه، واللعب ، والخط الجميل ، والرسم الحائطي ، والنحت ، كلها معان تدخل عندما نطلق كلمة "فن" وقد رأى البعض أن :روح الفن هى" شعور بالجمال والتعبير عنه "والمتصفح لآي الذكر الحكيم . يرى أن هذه الشريعة السمحة التي جاءت من لدن حكيم خبير قد ورد فيها إرشاد الإنسان إلى الاستمتاع بجمال الطبيعة وغيرها أكثر من مرة قال تعالى (والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة) الآية0
وواضح أن الآية صرحت بعنصر المنفعة المتمثل في الركوب كما صرحت في الوقت نفسه بعنصر الجمال المتمثل في الزينة0 وقال تعالى (والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه انظروا إلى ثمره إذا أثمر) الانعام0 وفى نفس السورة نرتل: (والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه كلوا من ثمره إذا أثمر) 0
يقول الشهيد سيد قطب ــ رحمه الله ــ عند تفسير قوله تعالى :(انظروا إلى ثمره إذا أثمر) :"انظروا بالحس البصير والقلب اليقظ..انظروا إليه في ازدهاره، واز دهائه عند كمال نضجه 0 انظروا إليه واستمتعوا بجماله...لا يقول هنا :كلوا من ثمره إذا أثمر. ولكن يقول :انظروا إلى ثمره إذا أثمر لأن المجال هنا مجال جمال ومتاع،كما أنه مجال لتدبر آيات الله وبدائع صنعته ..."
بل جاء في الحديث : إن الله جميل يحب الجمال ، وقد أشار القرآن الكريم إشارات إلى أضرب من الفنون المختلفة التي عرفتها الأمم عبر العصور. فحكي لنا ما أنعم الله به على نبيه داوود من إلانة الحديد ، وتسخير صناعة الدروع 0قال تعالى (وألنا له الحديد أن اعمل سابغات وقدر في السرد ) الآية.و التقدير هنا : بمعنى الإحكام ، والسرد:نسج الدروع.
ومن النعم التي أنعم الله بها على سليمان أن الشياطين :يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجوابي وقدور راسيات .وأوحى الله إلى نوح أن اصنع الفلك . ولما جاءت الملكة بلقيس إلى قصر سليمان ، " قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها،قال إنه صرح ممرد من قوارير" ، وكان سليمان قد بني هذا القصر، وجعل بلاطه من زجاج ، نقى ، صاف ، بحيث يرى الناظر ما يجرى تحته من ماء !!!
وحكي عن قوم صالح أنهم كانوا ينحتون من الجبال بيوتا فرهين وفى قصة موسى عليه السلام مع قومه ما يظهر أنه كان من بينهم من يعرف صناعة التماثيل ، ولذلك صنع لهم السامري عجلا جسدا له خوار فعبدوه ه من دون الله ومن هنا حرم الإسلام صناعة التماثيل ، وواضح أن كون هذه التماثيل تحتوى على المضاهاة لخلق الله ، سبب رئيسي من أسباب تحريمها ، وقد صرحت الأخبار الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه العلة ومن هنا تصبح علة منصوصة ، وهى من أقوى العلل .
وعلة أخرى أيضا بنفس القوة ، وهى علة التعظيم التي تصير هذه التماثيل أوثانا تعبد من دون الله ، وقصة "ود ، وسواع ، ويغوث ، ويعوق ، ونسر،" معروفة ومشار إليها في القرآن الكريم.
فالشريعة جاء ت لمصلحة العباد حقا، فلا تحريم إلا والمفسدة فيه متحققة علم ذلك من علمه وجهله من جهله .
وهذا الأصل يستفاد منه كثيرا في هذا الموضوع ومن هنا ندخل إلى الغناء فنقول : الغناء يكاد التعلق به يكون غريزة إنسانية ولذالك لا يختص حبه بالإنسان العاقل فقط بل يحبه الإنسان العاقل وغيره . فالطفل الصغير الذي لم يبلغ حد التمييز يتوقف سريعا عن البكاء عندما تترنم في أذنيه ...
بل والجمال تسرع في السير وتطرب إذا سمعت الحداء ، وحديث أنجشة في سوقه الجمال بالنساء معروف .حيث قال له النبي صلى الله عليه وسلم يا أنجشة رويدك سوقك بالقوارير...
بل وكنا في البادية نسوق الحمام حتى نوقعه في الفخ بأغان أسطورية خاصة به مازلنا نحفظها لحد الساعة لطول ما كنا نكررها !!!
ونسمى هذا النوع من الغناء ب:" اتسيرى" وإذا طارت الحمامة قبل أن تقع في "الشرك" فهذا يرجع إلى خشن صوت الملحن أو إلى خطئه في الأغنية ...
وإذا اتفقت معي على أن الميل إلى الغناء غريزي ، فالقاعدة أن ما كان كذالك لا يحرم لذاته بل ل:سابقه أو لاحقه ...ومن هنا شاع عند البعض أن الغناء كلام "حسنه حسن وقبيحه قبيح ".
وقد اتفقوا قديما على تحريم كل غناء يشتمل على فحش أو فسق أو تحريض على معصية كما اتفقوا على إباحة ماخلا من الإثارة والفحش والآلة،بشرط أن لا يكون المغنى امرأة بحضرة أجانب، وذلك في مواطن السرور كالأعياد والأعراس ... وأن لا يشتمل على أى معصية من المعاصي فالمعصية حرام بدون الغناء فكيف بها معه ...؟
واختلفوا فيما عدا ذلك ،لكن لا تهمنى في هذا المقام مناقشة أدلة الفريقين بقدر ما يهمنى أن أبين القيود التي أوردها المجيزون للغناء على سبيل الإيجاز؛ فيلزم عندهم أن لا يخرج الموضوع عن آداب الإسلام ، فلا يجوز التغني بمثل قول أبى نواس:
دع عنك لومى فإن اللوم إغراء
وداوني بالتي كانت هي الداء
ولا بقول شوقى :
رمضان ولى هاتها ياساقى
مشتاقة تسعى إلى مشتاق
وأخطر من ذلك قول إيليا أبى ماضي : جئت لا أعلم من أين ، ولكنى أتيت،
و لقد أبصرت قدامى طريقا فمشيت،،
كيف جئت،، كيف أبصرت طريقي ،،؟ لست أدرى
لأن في هذا تشكيك في أصول الإيمان .
ثم إن طريقة الأداء تؤثر في الحكم فإذا كان الأداء فيه تكسر وتحريك للقلوب المريضة لا يجوز الاستماع لأن المفسدة متحققة حتما0 وقيدين إضافيين أحدهما:أن لا يشتمل الغناء على شيء محرم كالتبرج ،والاختلاط الماجن ، وشرب الخمر الثاني : عدم الإسراف في الاشتغال بالغناء المباح، فالدين حرم الإسراف في العبادة ،فكيف يبيح الإسراف في اللهو ؟
وأرى أن هذه القيود ضيقت مساحة الخلاف بين الفريقين حتى ليظن الظان أن (الخلاف) بعدها أصبح لفظيا وليس كذالك.
أما الآن فأنتقل إلى موضوع التصوير ، فأقول تقترب النظرة الإسلامية إلى هذا الموضوع من النظرة إلى موضوع الغناء ، فكل صورة اشتملت على مضاهاة لخلق الله أو تعظيم لا يليق فى ميزان الشرع والعقيدة مجسمة أو غير مجسمة فغير مقبولة ...
وكذلك صور ما يعبد من دون الله كالصليب عند اليهود،وأيضا الصور التي تشتمل على تبرج ، وإظهار لأماكن الأنوثة من النساء، فكيف إذا اجتمعت هذه الصور مع الغناء في فيديو خليع ماجن ؟؟!
إنها الفتنة والمصيبة التي أخرت شبابنا عن الصلاة ، وشغلتهم بالمواقع الإباحية عن المواقع الإسلامية .
إنها المصيبة التي صُنعت بالفتاة فأسقطتها إلى الحضيض ، وأغنت الشاب المسلم عن فكرة الزواج بها ، فيا ليت شعري متى يفقه الشباب هذه المؤامرة ؟
وأما الصور الفوتوغرافية ، فليس فيها مضاهاة لخلق الله إذ هي لا تعنى إيجاد صورة جديدة تشبه خلقا من خلق الله ،بل تعنى حبس ظل صورة كانت موجودة ، فهي مباحة ما لم تشتمل على ما يصيرها حراما كالتبرج والتعظيم...
والشعر كفن من أنواع الفنون المختلفة لا يتصادم مع لإسلام مادام ساميا في غرضه لا حيف فيه ولازور، بل قد قيل "إن الشعر ترسانة الدعوة الإسلامية"
وقد حمل كُتاب الأدب العربي حديث "لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا حتى يَريَه خير له من أن يمتلئ شعرا" ــ على أوجه مختلفة من بينها : أن المقصود الشعر الذي فيه هجاء له صلى الله عليه وسلم ، أو أنه الشعر الذي اشتمل على غرض يتناقض مع الأخلاق العامة للإسلام وقيل هو ذاك الذي شغل صاحبه عن ذكر الله ، وعن الصلاة، وقراءة القرآن.
ويؤيدهم أنه كان من بين الصحابة شعراء للرسول صلى الله عليه وسلم ، يمدحونه ، ويكلمون خصومه باللسان و"كلم اللسان ،أنكى من كلم السنان" ولو كان الشعر حر أمام لما قبله صلى الله عليه وسلم من الصحابة وبهذا التقرير" قد برح الخفاء" .!
هذا وقد تجلى الفن الإسلامي في الزخرفة التي ملأت جدران مساجدنا ، وجملت نصال سيوفنا ؛ والحرمان الشريفان ، والجامع الأموي بدمشق ،وجامع السلطان أحمد والسليمانية باستامبول،وجامع محمد على بالقاهرة ؛ خير شاهد على ذلك.
وفى الختام لا يسعني إلا أن أقول الإسلام ليس دين تزمت ولا دين كبت يحارب الجمال مسموعا كان أو مشاهدا، لا؛ بل ولا تصادم في هذا الدين مع متطلبات الفطر السليمة ،لكن حذار أن تشاب هذه الفطر بشائبة الفساد ، فينتقل مطلوبها من دائرة القبول إلى دائرة الرفض .







