تاريخ الإضافة : 06.06.2012 15:11

سرقة الثورة

عبد الفتاح ولد أعبيدن

عبد الفتاح ولد أعبيدن

ما صقل هذه الأرض من درنها وقلة عدلها وجور بعض أهلها ،إلا التوجيه و النصح مع الحسم و الصرامة، بل قال الخليفة الراشد الثالث الشهيد عثمان بن عفان رضي الله عنه " إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن".
وإن ما يجري في موريتانيا مجرد استعباد لنظام قبلي ـ بالدرجة الأولى ـ عسكري بالدرجة الثانية، ثم تأتي المواصفات السلبية المزعجة تباعا، بعد هذه السمات البارزة للنظام الاستبدادي الحالي!!!.
إنه لم يعد من المقبول الصبر على هذا الهوان الفاضح البين الجلي.
إن العسكر لا محل لهم من الإعراب في السياسة، ولم يخلقوا لها أصلا ولا فرعا، ولن نقولها بصورة أو بأسلوب غير مباشر، بل على وجه التصريح (ارحلوا ) معشر العسكر عن الحكم ،المغتصب منذ 1978 و إلى اليوم ،و إلا فإننا سنفتح جبهة المواجهة السلمية الحضارية عبر الإعلام، كل ممتلكاتكم وتلاعبكم بالسلطة العمومية والثروة العمومية وغير ذلك من الفضائح الأخلاقية، التي وصلت إلى الزنا بالمحصنات استغلالا لحاجة متعلقة بزوج مهان مرتين(قصة وزير داخلية سابق عسكري نافذ أيام ولد الطايع) وزواج بين قطين (القطين من أصل فرنسي، نقلا عبر الطيران إلى انواكشوط،وقد تم الزواج اللعين المهزلة في المقر الحالي لمستشفى الأمومة والطفولة، بلكصر،و بحضور وزير الداخلية ـ ج .ع ـ وحرمه ـ خ.ب ـ ،صاحبة القط الذكر وبحضور ـ م.س ـ حرم ـ م.ب ـ مدير شركة اترانزيت معروفة وقد تمت تغطية الحفل المثير فنيا من طرف أسر فنية "عريقة"، القطط لها لباسها ومعاشها الخاص، رغم أن أغلب المواطنين وقتها لا لباس لهم ولا معاش، مؤسسة بهذا التراث جديرة بمراجعة الذات،إن لم يكن جلدها، وكان جدير بأهل قناة شنقيط وإذاعة موريتانيد بتوجيه سؤال للضيف غير المرغوب عند الوطنيين الشرفاء العقيد الانقلابي اعل ولد محمد فال مدير الأمن وقتها عن تفاصيل الحفل الذي تابعته شرطته في تلك الليلة" التاريخية" بامتياز)!!!.
وربما يتم الكشف في الوقت المناسب عن تفاصيل وخلفيات ،مصارفكم وعقاركم، وزيارة قائد أركان جيش سابق لساحر اشترط عليه فسخ كل ثيابه، ليذبح عليه ديكين من مواصفات محددة، وكبش من "طراز محدد" أيضا ،وقتها كان الساحر الراحل ،لا رحمة الله عليه، يسكن في مقاطعة الميناء قرب إعداديتها!!!.
غير أن قائد أركان الجيش السابق لم يتابع "الجلسات الروحية الكافرة" فاضطر الساحر لإفشاء السرَ، والقصة واقعية ،ومردها إلى طلب القائد العسكري بتسهيل خطَة انقلاب، يرغب فيه بقوة ـ ولو عن طريق السحر ـ على أن لا تسيل إثره الدماء!!!.
أجل، نحن صندوق الأسرار السوداء، المرعبة في هذا الوطن المقهور المغدور باستمرار.
هذا زمن نشر الغسيل الداخلي الدفين ، فإن لم تبادروا إلى اتخاذ القرار الوطني الملائم للمرحلة، فإن الحل الوحيد هو الضغط السلمي، عبر نشر الملفات القذرة الكثيرة، التي لا عدَ لها ولا حصر، تقريبا، والتي صنعت ثروات طائلة قائمة حتى اللحظة،كما صنعت ـ تلك الملفات ـ المرارة والألم، للكثير من مواطني هذا البلد، إثر التعذيب والنفي والتفقير والاغتيال ومحاولات الاغتيال!.
أما قصص الثلاثي ولد عبد العزيز، اعل ، بوعماتو، المختلف ظاهريا، المتفق على اللب والأساس القبلي و المصلحي، الذي هو لب العلاقة المتنافرة شكليا، المنسجمة في العمق و العرق والمال.
أقول بأن هذه القصص لا يدرك معناها التام،او بعضه على الأصح، إلا عارف بالتاريخ و خلفياته الموقظة المعلمة، لمن كانت له قابلية الفهم والاستيعاب، وهم يتلاعبون بهذا الشعب لمعرفتهم بخاصية نسيانه و ضعف ذاكرته الجمعية.
إن من حاول التلاعب بدولة مثل المملكة المغربية الإدريسية العريقة، وتلاعب بالسنغاليين، وتلاعب بغير هؤلاء وأولئك ، لقادر بسهولة على الاستمرار الخطر، المنذرـ بحرب أهلية شعواء ـ في التلاعب بالموريتانيين السذج الجبناء المتخاذلين.
فمثلا ما يتظاهر به عزيز واعل وبوعماتو من خلاف، مجرد خلاف مافوي عابر،بسبب طريقة تقاسم الكعكة!.
قد يكون ولد بوعماتو وجد في المتساهلين الحليمين معاويه وسيدي ، ما لم يجد في ابن عمَه ،لأن هذا الأخير يحرص على أن ينال أغلب المتاح، وولد بوعماتو، تعود على التهام حصة الفيل، ولا يكفيه ما عرض ـ ربما ـ حليفه الانتخابي، إبان رئاسيات 2009، الذي دعا بإلحاح ـ وقتها ـ إلى دعمه!.
أما ادعاء عمق الخلاف، فهذا هراء، فلماذا لا يتضرر بشكل بالغ ولد بوعماتو ـ على الصعيد المحلي ـ مثلا ؟
إن الأمر لا يتجاوز الخلاف على تقاسم المسروقات، وأما استعداد كل طرف للإضرار بالآخر فهذا مؤجل، وعلى الأرجح مستبعد، لأن الحاجة إليه غير ملحة على الأقل!.
وسياق الأحداث و الوقائع، يدل على مخطط أصبح واضحا، يلعب بعضه عن قصد اعل ولد محمد فال في منسقية المعارضة، عسى أن ينقذ نظام "القبيلة" ما دام عزيز لم يعد قادرا على التمسك بدفة هذا الحكم الضيق، المافوي الأسري، العسكري طابعا ظاهريا محدودا.
ولتتذكروا أن اعل عندما زار ابن عمه في السجن ـ ولد أحمد يوره ـ الذي تلاعب بوما بمصالح حساسة في منظمة استثمار نهر السينغال، وسأله بعض ذويه على سبيل " الاحتجاج" غير الجدي طبعا، قال لهم بصوت جوهري، أنا من قبيلة (كذا) قبل أن أكون مديرا للأمنّ.
إنهم الثلاثة أبناء عمومة، ولهم خلفية واحدة، وعقلية واحدة،ويسعون لخلق دولة و إمارة حسب ما هو ممكن، ولقد نجحوا نجاحا باهرا، وما يجري حتى اليوم، قد يمهد لمفاجآت مرعبة، إن لم يتم التعامل بحزم مع طموحاتهم الضيقة،التي تتمحور على الصلة الدموية القبلية ونهب الثروة العمومية و استغلال اسم موريتانيا،من أجل مطامح عشائرية وفئوية ومادية، لا صلة لها بمصلحة السواد الأعظم من أهل موريتانيا ،ولا صلة لها بقوله تعالى:
] كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ } [الحشر: {7
إن هذا الضحك على عقول الموريتانيين ـ إن سلمت هذه العقول ـ يكفي منه ما مضى، وآن لنا التعقل و المواجهة، ولو تطلب الأمر الحسم بالقوة والمواجهة المباشرة. فأغلبية سكان هذا البلد، لا ولن تقبل بالإهانة على يد ثلاثة أفراد من أسرة واحدة،بواجهة عسكرية مخطوفة، من مؤسسة أصبحت مدركة لأبعاد اللعبة " القذرة المستمرة المكشوفة"!.
إن المواجهة تعني الاحتجاج السلمي المتصاعد، الذي سيضيق الخناق على الخونه الثلاثه، المختلفين ـ شكليا ـ عن تخطيط وعمد ذكي.
إن السماح لاعل بالظهور ـ مجددا ـ على خشبة خطابة مهرجانات المنسقية، مجرد دفع خاطئ أحمق ،في اتجاه تكريس، دولة القبيلة و العسكر!.
وهذا خطأ آن لقادة المنسقية، أن يراجعوه بسرعة وشجاعة، مهما كانت ردود الفعل عند اعل،أو عند حليفه أحمد ولد داداه.
فولد داداه تعود اعل على رشوته وخديعته، وهو لا يمل الخديعة ولا يترفع عن الرشوة!.
إن المنسقية في ورطة و الوطن في ورطة أكبر، ومشروع ثورتنا البيضاء مهددة بالسرقة على نطاق داخلي و خارجي واسع،متقن الإخراج و السبك، فهل تفهمون قبل فوات الأوان؟!.
كلهم يحاول خطف الجنين فبل خروجه من رحم أمه الرؤوم(منسقية المعارضة) المسكونة بالمتناقضات.
و اعل يحاول التآمر على الجميع ـ وقد دفع نقودا معدودة محدودة ـ لزعيم التكتل مساهمة في الحراك، ولو في وقت مبكر سابق من بداية الاحتجاجات،حسب مصادر عائلية مقربة جدا، من اعل ولد محمد فال.
وقابلته "قناة شنقيط" بسذاجة غير مسبوقة، متيحة فرصة ثمينة، ليخرج طموحه لرئاسة المرحلة الانتقالية المحتملة بعد رحيل النظام الحالي، الذي سيمثل امتدادا و إنقاذا له من السقوط الحقيقي النهائي،فكلهم على الترتيب في الخطورة ،على مصالح الوطن وأهل موريتانيا الحقيقيين (اعل،و بوعماتو و عزيز) وجوه متعددة لهوية واحدة، وخطة واحدة، وخلفية واحدة، ومعاناة تاريخية واحدة، وباختصار آلام وآمال وطموحات واحدة،و"بس"!!!.
أجل "شنقيط" القناة التائهة، ذات الوسائل، التي تحتاج إلى تأطير وقيادة إعلامية مجربة وخبيرة، أسعفت اعل بمقابلة، لعب فيها أكثر، من "ولد داهي" ،الشاب الإعلامي الطيب المقبول المبتدئ.
فبعد سؤال ولد الأدهم غير البريء ،في التلفاز الوطني إبان حلقة ولد بلخير، عن دور اعل في المرحلة القادمة،جاء المشروع المهدد قناة شنقيط ومن بعده زملاء آخرون ليتيحوا للرجل الداهية الصموت فرصة لم يكن يحلم بها، للتغطية على ماضيه البوليسي،المليئ بالاعتداءات و التجاوزات في ظل ولد الطائع، والمفعم بفرص الثراء الفاحش غير الشرعي في أغلبه!، ليظهر بلبوس منقذ، وهو طبعا بعيد عن ذلك، والله أكبر الشاهدين، وهو من بينهم في قرارة نفسه على نفسه، لأنه يعرف نفسه أكثر من المشاهد والمستمع و المتابع المخدوع بعمق وتكرار، ملفت للانتباه.
"فالمؤمن ـ يا قومنا ـ لا يلدغ من حجر واحد مرتين"
إن المنسقية مع اعل تسير إلى الهاوية ومؤامرة (أحمدية اعلية) باتت على الأبواب،واضحة الأجندة والخطَة المرسومة، بعنجهية وصراحة، ملؤها التحدي والاستفزاز لكافة القوى والنخب والشرائح، ضمن هذا المجتمع العجيب بحق و أسف .
إنني لا أدعو إلى تفكيك الجهد، في وقت عصيب حساس،بقدر ما أدعو إلى وقفه عند حدَه، فأما و إما ،مفهوم.
إن الاجتماع القبلي في بيته، والتمهيد الإعلامي العلني، فيه تجاوز لمشروعنا الثوري، المعارض، ولا أخفي نسبتي لهذه المنسقية، فأنا أولا قلم صحفي إن صحَ الإطلاق، وثانيا مواطن موريتاني معارض، ضمن حزب اتحاد قوى التقدم(ufp)، و يؤسفني ما أشاهد من مؤامرات و إخراج، عاقبته وخيمة، على الجميع ،معارضين وموالين على السواء.
إننا نباع ضمن مشروع انقلابي قبلي، لا يحتاج إلى شرح أو تفصيل ، لقد أصبح علنيا،أكثر بزوغا من الشمس في رابعة النهار،فماذا تنتظرون؟!.
إن سكوت المنسقية على هذا المشروع، المتفاقم الخطر، لا يعني إلا القبول أو الضعف و الاستسلام للمذلة، أو جلَ ذلك، إن لم يكن كله!.
إن هذا الخلط قد لا يحلَه ـ اضطرارا ـ إلا رجوع معاوية إلى البلد، وتفتيته للجهد، الذي يلعبه بعض زملائه الانقلابيين من العسكر، أصدقائه السابقين في لعبة الحكم و الانقلابات، أعدائه الحاليين المتنفذين.
فإن فشل المدنيون،فلن ندعها بين عسكر أصولهم القريبة، من المغرب الشقيق، و أحدهم مولود في السنغال الشقيق المجاور، ولم يأتنا إلا حين بلغ سن الرشد تقريبا!.
على الأقل الرشد بالمعنى (القانوني الفقهي العام )!!!.
في "شيشاوه" (بضواحي مراكش) بالمغرب، أصل القصة والمسكن الأول التقليدي الجامع،وقد جاء قبل وقت قصير جدَ ولدعبد العزيز من تلك القرية المغربية المشار إليها بالاسم.
إننا نفتخر بالمغرب، لكننا لسنا جزءا من عياله، مثل الحكام و أصحاب النفوذ الحاليين ، الذين رحل بعضهم، مثل ولد بوعماتو، والباقي قد يضطرون للعودة إلى هناك، محل ترحيب تقليدي، غير مستبعد أو مستغرب عندنا.
لكننا نرفض هذا المخطط المحتمل، مع تقديرنا للجار المغربي الشقيق، وتحفظنا من أي كمين قد يقع فيه استقلال بلدنا السياسي و الاجتماعي، عن قصد أو غير قصد!!!.
إن ثورتنا على أعتاب مؤامرة متعددة الأطراف ـ داخليا وخارجيا ـ وطبعا فرنسا أصل المعضلة، فهؤلاء أيام البعثة الفرنسية كان أترابهم يترددون على أولئك الفرنسيين الخبراء في مجتمع البيظان، ويوصلون المعلومات المختلفة إلى أسيادهم من المستعمر السابق اللاحق الحالي.
و اليوم يصدر افرانسوا هولاند بيانا باسم الأممية الإشتراكية منوها بالجهد الحالي للمنسقية، معطيا الأولوية في الذكر لحزب التكتل بعد أن دخل هذا الأخير في حلف مع أحد أكبر الأصدقاء التقليديين "محليا" اعل ولد محمد فال.
فرنسا أشرفت على توديع عزيز، ربما مرحبة بحكم عسكري جديد، بواجهة جديدة، لا تخرج عن دائرة الولاء، المعروف أهله وسابقوه.
إن فرسا لا تريد ربيعا موريتانيا ثوريا بمعنى الكلمة التحرري، من قيود التبعية التقليدية لفرنسا و الغرب عموما ، سواء بالمعنى الحضاري أو الاقتصادي أو السياسي السلطوي المباشر.
إنها تريد مرحلة انتقالية بشخص معروف، زار حلفاءهم التقليدين في بولندا، إبان ذكرى المحرقة.
وجربوا كرهه للإسلاميين، و تحفظه الشديد من الطابع الإسلامي الجاد وحرصه على العلاقة مع إسرائيل.
إن فرنسا لا ترغب في تونس جديدة، بعد فشلها في احتواء الثورة التونسية المظفرَة النوعية، إنها تريد ـ حسب ما تركت من مفهوم شبه علني ـ ربيعا موريتانيا بنكهة" اشتراكية" فرنسية.
وقد لا يرفض ذلك، حزب التكتل العضو، في " الأممية الاشتراكية" الحليف التقليدي، لاعل ولد محمد فال، و المصاهرة تلعب دور المسهل المؤمن (من التأمين) لكل تلك المخططات، التي تطبخ ـ على ما يبدو ـ على نارهادئة.
فلنتخل جميعا عن نظراتنا الضيقة ـ كل و أجندته الخاصة المحدودة النفس ـ لصالح أجندة وطنية نظيفة جامعة، وإلا فنحن في خندق الوطن وحده، لكن ينبغي أن نعرف أن للطوارئ خصوصيتها، ولا نستبعد المفاجآت الكبيرة،في سياق تأمين مشروع الثورة البيضاء المهددة بامتياز هذه الأيام ،بالسرقة والخطف إلى الأبد، لا قدَر الله.
وفي الختام أذكركم بأن كل الوقائع تؤكد تصالحا تدريجيا بين ولد بوعماتو (رئيس الرؤساء) والحاكم الواجهة ولد عبد العزيز.
فزوجة بوعماتو وراء بعض التعيينات الأخيرة، زوج ابن أختها المستشار الأول الحالي ـ المعين قبل أسابيع فليلة ـ ضمن اللائحة الأخيرة المثيرة، وكانت وراء الدفع به إلى برلين،مستشارا أولا، بعد لقاء مباشر مع عزيز.
وبعض المؤشرات تدل على احتمال تطور الأمور لصالح مخطط قد يجهض كل ما صنعه ثوار المنسقية، الذين تركوا شباب تواصل وأنصارهم من القوى الوطنية الحية وحدهم في ميدان الجمعة.

المناخ

الصحة

وكالة أنباء الأخبار المستقلة © 2003-2025