تاريخ الإضافة : 24.05.2012 14:14

السودان في الأمة الإسلامية

محمد ولد أحمد الفاللي

محمد ولد أحمد الفاللي

لقد قرأت مقالات لبعض الإخوة وسمعت مداخلات في بعض المساجد وهي مجمعة علي ضرورة الوقوف صفا واحدا أمام ما يبدو أنها أياد خفية تريد تفكيك آخر المجتمعات الإسلامية ارتباطا بتعاليم دينه وتشبثا بها رغم كل ما حيك و يحاك ضد ه من مكائد (ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا).

و الأخطرفي هذه الحملة أنها تستخدم فيها شعارات متفق علي شرعيتها وتوظف فيها شخصيات وطنية معتبرة_ قد يتم انجرارها عن حسن نية_ لتحقيق مآرب لا تصب في النهاية إلا في مصلحة أعداء الأمة.

وأنا في هذا المقال إذ لا أريد أن أبتعد عن الموضوع إلا أني أجد من الواجب علي وعلي كل مهتم بأمور المسلمين خاصة في هذا الظرف بالذات أن أناشد نخبة المجتمع من رؤساء أحزاب و فاعلين سياسيين و هيئات المجتمع المدني أن يبتعدوا في جميع تصريحاتهم و ملاحظاتهم وخطاباتهم عن كل ما من شأنه أن يفهم علي انه يصب في اتجاه الفرقة و التمايز(ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم).

بل علي العكس من ذلك ينبغي أن يكونوا حريصين كل الحرص علي كل ما من شأنه أن يسهم في تماسك هذا المجتمع الذي لا يكاد يشتكي منه عضو إلا تداعي له سائر جسده بالسهر و الحمى و لله الحمد وله المنة وما يدري أحدنا لعله أن يقول كلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالا فيكتب الله له بها رضوانه إلي يوم القيامة.

ولكي يتسنى ذلك ينبغي أن يفكر أحدنا ألف مرة قبل أن يتفوه بكلمة ثم يحاول أن يتصور ما ذا سيفهمه العامة من كلامه و ليس ما يفهمه هو و كيف يتأولونه و هل سيجد المتربصون بالأمة فيه ضالتهم فيؤولونه حسب مرادهم لتحقيق مآربهم.
ولا يسعني هنا إلا أن أنوه بخطابات السيدان بيجل ولد حميد ومسعود ولد بلخير و التي تصب دوما في هذا الاتجاه القويم وهو ما ينبغي أن يذكر فيشكر.

و أنا ورغم أن بضاعتي مزجاة في هذا المجال إلا أني أريد أن ألقي الضوء علي خصوصية السودان في الأمة الإسلامية ثم أ عرج بعد ذلك علي التذكير ببعض أشراف الموالي من الصحابة و التابعين رضي الله عنهم راجيا أن يكون هذا من قبيل الاعتراف بالجميل لطائفة قلما ترد أسماء المضحين لدين الله إلا تصدروها باستحقاق و جدارة والأمثلة علي ذلك كثيرة معلومة.



خصوصية السودان في الأمة الإسلامية



ورد في حديث عمر بن عبسة رضي الله عنه عندما سأل رسول الله صلي الله عليه وسلم في بداية الإسلام من معك علي هذا الدين قال حر وعبد يعني أبا بكر و بلالا وعلي هذا فإذا كان العرب فضلوا بالرسالة وبالصديقية فان السودان فضلوا كذلك بالأسبقية في التضحية والبذل والتحمل من أجل إعلاء كلمة الله وبهذا نالوا المرتبة التي وصفهم بها رسول الله صلي الله عليه وسلم حيث يقول لصديق هذه الآمة يا أبا بكر لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ريك في القصة المعروفة مع جماعة من الموالي فيرجع الصديق رضي الله عنه إليهم ليسألهم أأغضبتكم فيردون عليه بكلمات ملؤها الرحمة و الحب وصفاء القلوب ( يغفر الله لك يا أخي).

ويشهد لهذا السبق ما صح عنه صلي الله عليه وسلم في قوله لبلال رضي الله عنه أخبرني بأرجي عمل عملته في الإسلام فاني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة.

ومما يعضد فضل هذه الطائفة من بني جنسنا ما خصهم به رسول الله صلي الله عليه وسلم عندما قال: الملك في قريش والقضاء في الأنصار والأذان في الحبشة والأمانة في الأزد.

فأعطاهم الأذان الذي هو الدعوة التامة كما ورد في الحديث الصحيح وكلنا نعلم ما تتطلبه الدعوة من صبر وتحمل للأذى لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلي.
وقد كانوا أهلا لهذه التضحية وحملوا لواءها منذ فجر الإسلام فنالوا النصيب الأوفر من الأذى و التعذيب في ذات الله عز وجل فصبروا علي ذلك الصبر الجميل حتى أن الله عز وجل كرمهم بأن جعل من نسائهم أول شهيدة في الإسلام وهي سمية أم عمار بن ياسر رضي الله عنهم أجمعين.

ثم إن الله سبحانه وتعالي خصهم بأن جعل فيهم أول مملكة آوت الإسلام و المسلمين في وقت كانوا في أمس الحاجة إلي مد يد العون فكان لذلك أثره البالغ في نفس رسول الله صلي الله عليه وسلم وأصحابه مع أنه صلي الله عليه وسلم كان يري في ملك الحبشة آنذاك الأهلية لنصرة الحق وأهله حيث وصفه بالعبد الصالح الذي لا يظلم عنده أحد وكانت سمة تندر في ملوك الأرض حينها.

وما نراه اليوم والحمد لله من تسابق وتنافس في نصرة دين الله في أخلاف هذه الطبقة في دولة السودان الشقيقة وفي بلادنا بشكل خاص إنما يعضد كونهم كانوا و ما يزالون يجعلون أنفسهم دروعا واقية للإسلام و أهله فجزآهم الله خيرا عن الإسلام و المسلمين.



بعض أشراف الموالي من الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم :




إن أشراف هذه الطبقة لا يمكن حصرهم عدا ولكني أسوق بعض الأسماء المعروفة عند الجميع علي سبيل المثال لا الحصر و أورد إما موقفا من مواقفهم المؤثرة أو شهادة من رسول الله صلي الله عليه وسلم أو أحد السلف الصالح له.


سيدنا بلال رضي الله عنه وهو غني عن التعريف و يقول فيه عمر الفاروق رضي الله عنه سيدنا أعتق سيدنا يعني أبا بكر و بلالا قال له أبو ذر ذات مرة يا بن السوداء فقال له رسول الله صلي الله عليه وسلم انك امرؤ فيك جاهلية يا أبا ذر فوضع خده علي الأرض وطلب من بلال أن يطأ وجهه بقدمه فقال معاذ الله أن أطأ جبهة سجدت لله تعالي.

ومن أغرب ما روي عنه أن امرأة من الأنصار كان يرتقي بيتها ليراقب الفجر شهدت عليه أنها كانت تسمعه كل ليلة يدعو لقريش فيقول اللهم أهد قريشا و آت بهم فقد أنسته الرحمة التي ملئ بها قلبه والتي رباه عليها رسول الله صلي الله عليه وسلم واستحضاره للآخرة وما فيها من شقاء وعذاب أنسته هذه العواطف كلما لقي من أذي قريش وتعذيبهم.



أم أيمن بركة بنت ثعلبة بن عمرو بن حصن الحبشية


حاضنة رسول الله صلي الله عليه وسلم ومربيته
أسلمت مبكرا وهاجرت وقاتلت بالسيف دون رسول الله صلي الله عليه وسلم عندما رأت الناس تفر من حوله يوم أحد.
كان صلي الله عليه وسلم يتعاهد ها بالزيارة فلما مات قال أبو بكر لعمر تعال بنا إلي أم أيمن نزورها كما كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يزورها فلما أتياها بكت فقالا لها ما يبكيك أما تعلمين أن ما عند الله خير لرسول الله صلي الله عليه وسلم فقالت إني لا أبكي أني لا اعلم أن ما عند الله خير لرسول الله صلي الله عليه وسلم و لكني أبكي أن الوحي قد أنقطع من السماء فهيجتهما علي البكاء فجعلا يبكيان معها.


أسامة بن زيد: حب رسول الله صلي الله عليه وسلم و ابن حبه أول قائد في الإسلام بعد وفاته صلي الله عليه وسلم ولم يتجاوز حينها العشرين سنة.

وقد أمره رسول الله صلي الله عليه وسلم قبل ذلك علي سرية فيها أبو بكر و عمر.
خرج معه أبو بكر الصديق راجلا يشيعه في جيشه الذي أمره عليه رسول الله صلي الله عليه وسلم قبل موته لغزو الروم وكان أسامة راكبا فقال له يا خليفة رسول الله صلي الله عليه وسلم تركب أو أنزل فقال لا أركب و لا تنزل ولكن خصلة واحدة إن شأت تركت لي عمربن الخطاب لأستعين به علي أمور المسلمين ولا آمرك ولا أنهاك بل أمض لما أمرك رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال أفعل يا خليفة رسول الله وترك معه عمر.

سالم مولي أبي حذيفة : كان إماما للصحابة في الهجرة من مكة إلي المدينة وصلي بعد ذلك خلفه أبو بكر وعمر.

مهجع : مولي عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول فيه رسول الله صلي الله عليه وسلم سادة السودان أربعة :لقمان و مهجع و بلال و النجاشي.

يسار الأسود: قال فيه رسول الله صلي الله عليه وسلم يدخل علي من هذا الباب رجل من أحد السبعة الذين يدفع الله عن أهل الأرض بهم قال أبو هريرة فإذا حبشي قد أ طل من ذلك الباب أجدع علي رأسه جرة من ماء فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم هو هذا وقال مرحبا بيسار مرحبا بيسار مرحبا بيسار.

سعد الأسود: وقد زوجه رسول الله صلي الله عليه وسلم من ابنة عمر ابن وهيب صاحب ثقيف وكان ابن وهيب حديث عهد بالإسلام فرده وسمعت الجارية بما جري فنادت سعدا وقالت قبلت بما رضيه لي رسول الله صلي الله عليه وسلم ووعظت أباها في ذلك فقبل وقد جعل رسول الله صلي الله عليه وسلم مهرها 400 درهم علي عثمان منها 200 و علي كل من علي و عبد الرحمن بن عوف 100 درهم.
والغريب في الأمر أن هذا الصحابي الجليل سمع منادي الجهاد يا خيل الله اركبي وبدل أن يشتري المهر أشتري سيفا ورمحا وقوسا وجبة ودفع بنفسه إلي ساحة القتال فتقبله الله في لائحة الشهداء يومئذ فقال فيه رسول الله صلي الله عليه وسلم ما أطيب ريحك وأحسن وجهك وأحبك إلي الله عز و جل ورسوله.

وأمثلة هؤلاء الأفذاذ كثر في سود الأمة و إن شئت قلت أسود الأمة من الصحابة و التابعين وتابعيهم بإحسان إلي يوم الدين من أمثال عطاء بن أبي رباح رحمه الله الذي لا ينبغي إلا أن يسجل اسمه في هذه السطور المتواضعة فكان يقول رحمه الله إن من قبلكم كانوا يعدون فضول الكلام ما عدا كتاب الله أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو أن تنطق في معيشتك التي لا بد لك منها.
قال الأصمعي: دخل عطاء بن أبي رباح على عبد الملك وهو جالس على السرير وحوله الأشراف وذلك بمكة في وقت حجه في خلافته، فلما بصر به عبد الملك قام إليه فسلم عليه وأجلسه معه على السرير وقعد بين يديه، وقال: يا
أبا محمد، حاجتك. قال: يا أمير المؤمنين، اتق الله في حرم الله وحرم رسوله فتعاهده بالعمارة، واتق الله في أولاد المهاجرين والأنصار فإنك بهم جلست هذا المجلس، واتق الله في أهل الثغور فإنهم حصن المسلمين وتفقد أمور المسلمين فإنك وحدك المسئول عنهم، واتق الله فيمن على بابك فلا تغفل عنهم ولا تغلق دونهم بابك، فقال له: أفعل، ثم نهض وقام، فقبض عليه عبد الملك وقال: يا أبا محمد، إنما سألتنا حوائج غيرك، وقد قضيناها فما حاجتك، قال: ما لي إلى مخلوق حاجة، ثم خرج، فقال عبد الملك: هذا وأبيك الشرف، هذا وأبيك السؤدد
قال فيه ابن عباس: يا أهل مكة تجتمعون عليَّ وعندكم عطاء؟!
قال أبو جعفر الباقر: عليكم بعطاء، هو والله خير لكم مني.
و قال: خذوا من عطاء ما استطعتم، وقال: ما بقي على ظهر الأرض أحد أعلم بمناسك الحج من عطاء.



السودان في الأمم السابقة



يروي أن نبي أصحاب الأخدود كان حبشيا وروي أن ذا القرنين كان أسود وقال بعضهم بنبوته وكان لقمان أسود وكان مولا لرجل من بني إسرائيل وذكر من حكمه لا خير في الكلام إلا بذكر الله و لا في السكوت إلا في التفكر في الميعاد.

المناخ

شكاوي

وكالة أنباء الأخبار المستقلة © 2003-2025