تاريخ الإضافة : 01.05.2012 11:51

دبلوماسية التسكع والاستجداء

سكينة بنت محمد محمود

سكينة بنت محمد محمود

لئن كان الموريتانيون قد شغلوا لعدة أيام بمهزلة حرق الكتب التي دبرها الرئيس ولد عبد العزيز وابن عمه مدير أمنه السياسي فإن أجهزة الدولة الموريتانية قد استخدمت ووظفت بشكل بشع في هذه المهزلة التي عدت بالنسبة للنظام هي أخطر التحديات الإقليمية والدولية التي جيشت لها السفارات والبعثات القنصلية في نواكشوط التي فوجئت باستنفار الخارجية لها لتأخذ موقفا مساندا للنظام ضد مجموعة أشخاص عبروا عن رأيهم بطريقة استخدمت لاستفزاز الرأي العام وتجييشه.

في يومي التاسع والعشرين والثلاثين من أبريل 2012 تأبط وزير خارجية النظام "شرا" ليدافع عن نظام هو الأكثر عجزا في التاريخ الموريتاني وتذكر الوزير المسكين أيام فتوته الأولى حينما كان يبدأ كل صباح متأبطا محفظة أدوات "السباكة" طارقا الأبواب ليكسب مغنما هزيلا جراء "إفساد" أو "اصلاح" ما تهالك من أدوات المياه في نواكشوط ... هذا الاستيقاظ المبكر تكرر في هذين اليومين ونكبت به السفارات الأجنبية التي ارتاعت لأول وهلة بطرق وزير خارجية دولة ذات "سيادة" أبواب ممثليات لشرح موقف جزئي من قضية داخلية تتعلق بالقضاء وإجراءات الدولة "السيادية".

إن هذا الموقف المتخلف المنتهك لسيادة الدولة الموريتانية يعبر عن حجم المصاب الذي تتردى فيه البلاد منذ بدأ الجنرال الأرعن قرصنة إدارة الدولة ومن مصائب وزارة الخارجية الموريتانية أنها نكبت لعهد الجنرال الأرعن بوجود مختص في السباكة ومجاري المياه على رأسها وهو الذي لم تكن له أي تجربة سابقة في هذا المجال الحساس والدقيق والذي يحتاج معرفة عميقة بقوانين المنظمات الدولية والأعراف الدبلوماسية ومن الواضح أن سلسلة الهزائم الدبلوماسية التي منيت بها كافة الملفات التي أدارها شخص عديم الخبرة رضي أن يكون أداة في يد قائد "مرتزقة بازب" التي أسسها الدكتاتور الأسبق واختار أقل جنوده أخلاقا وأطوعهم في تنفيذ الأوامر.. حتى يؤمن بقاءه في السلطة لأول وهلة.

غباء السفراء

إن توظيف الدبلوماسية الموريتانية على هذا النحو يشكل خسارة كبيرة للبلاد وبالله عليكم تصوروا معي ما هي الصورة التي سيخرج بها السفراء والقناصلة من اجتماعات وزير الخارجية "السباكة" إن أغلبهم سيدرك عمق الأزمة السياسية التي تعرفها البلاد مما يحتم على بلاده التنبه للمنزلق الخطير الذي بدأ يأخذه مسار الأمور في نواكشوط.

إن الدول عندما تختار السفراء والقناصلة تنثر كنانتها لتختار الحاذق اللقن والأكفأ الأتقن حتى تشكل صورة صحيحة عما يجري في العالم فهل ستنطلي حقيقة الأزمة السياسية على السفراء والقناصلة وإذا كان وضع البلاد واستقرارها مهددا باحتجاج منظمة واحدة تتشكل من أشخاص محدودي التأثير فكيف سيكون الوضع وصورة الحراك الموريتاني منذ ثلاث سنوات تعج بصخب عشرات المنظمات والحركات الاحتجاجية ... ولكنه غباء الثلة الحاكمة أصابها في مقتل فجميع دول العالم الآن استيقظت لديها بؤرة الاهتمام بجدية ما يجري وتأثيره على استقرار النظام مما سيجعل النظام في قفص الاتهام وليس الحراك الاحتجاجي النابع من رفض اجتماعي واسع للفساد السياسي والاقتصادي الذي يمارسه رئيس هو أول من مرغ قوانين البلاد وديمقراطية بشهادة العالم جميعا بقاراته الأربع وليس الممثليات الدبلوماسية في نواكشوط وحدها فقط.

بوتن ومص لسان الوزير

لوزير الخارجية الموريتاني قصة طريفة مع آليات العمل الدبلوماسي فهو لم يتقن من وسائل العمل الدبلوماسي المحترف غير "تحريكه لسانه ومصه قبل الكلام" هكذا قال في تصريحاته أمام استجواب النواب له عن الأزمات الدبلوماسية وفشل جميع المهام والوساطات التي قادها الرئيس الموريتاني في افريقيا والعالم لعلاج الأزمات في ساحل وليبيا والعديد من الملفات الأخرى كفشل موريتانيا في منافسة المغرب أو التوكو على خلاف أو منافستهما معا على المقعدين في مجلس الأمن فإذا كان العالم ريد افريقيا فيمكن أن نتقاسم معهم ما لدينا من كفاءات إفريقية كما تعهد الرئيس باقتسام الموجود من العدالة وإذا كانوا يردون عربيا فموريتانيا أحق لأنها بلاد "المليون شاعر" والشعر ديوان العرب ولا أدل على ذلك من أن مكتبة الرئيس في القصر تحتوي على نسخة من الأغاني كما يشاهدها الجميع في التلفزيون دائما.
ولكن وزير الخارجية أمس لم يحرك لسانه الدبلوماسي امام القنصل الروسي بنجاح وهذا ما ساعد روسيا المتوجسة من ولوج مستنقع دبلوماسي جديد بعدما موقفها من نظام بشار الأسد وتريد للأمور والأزمات أن تتجاوز على خير فيكفي روسيا ما عانته من ازمات ولذلك فهي "تتفهم "الإجراءات القانونية التي ستتخذها موريتانيا بحق رئيس حركة "إيرا" بيرام ولد عبيدي ورفاقه" مؤكدة احترامها لقيم ومقدسات الشعب الموريتاني.

انحباس لسان الوزير أمام السفيرة الآمريكية

ولكن لسان الوزير الذي اعتاد الحركة بفعالية احتبس أمام السفيرة الآمريكية التي احتجت على كون موضوع اللقاء يتعلق بالحريات السياسية وقمعها ولذلك فقد أنهى الوزير اللقاء بسرعة وهذا ما يفسر احتجان الوكالة الموريتانية للأنباء لكلمة السفيرة والتعتيم عليها فلم تنبس ببنت شفة بشأن الموقف الأمريكي واكتفت بالاستعاضة بملخص ما احتبس لسان الوزير دونه مؤكدا للدولة العظمى "موقف الحكومة الموريتانية من جريمة حرق مراجع الفقه المالكي" متناسيا كون السفيرة اطلعت قبل اللقاء على تفاصيل ما جرى في موريتانيا في اليوم الماضي بما في ذلك تصريحات الرئيس ولد عبد العزيز حول العلمانية والديمقراطية والإسلام.

لقد نجحت وزارة الخارجية في النهوض بواجبها تجاح الحملة العشائرية "..أ كلنا عزيز" والتي مولها وقادها رجل أعمال حاصل حديثا على ترخيص بنك!! وشوهد ذات الرجل وهو يرغي ويزبد في السوق مطالبا بغلق المحلات للسير في مسيرة التأييد والمساندة التي نظمت باسم العلماء والأئمة.
لقد هزلت حتى بدا من هزالها ... كلاها وحتي سامها كل مفلس

الرياضة

الثقافة والفن

وكالة أنباء الأخبار المستقلة © 2003-2025