تاريخ الإضافة : 01.05.2012 11:31

عزيز بين "محرقتين" !!!

 صلاح الدين بن محمد الأمين

صلاح الدين بن محمد الأمين

هناك أمور لا اختلاف فيها ، ننطلق منها جميعا ، ومن بينها أن حرق الكتب - مهما كانت - أمر مرفوض في مجتمع "شنقيط " ذلك المجتمع الذي عرف عبر التاريخ بالعلم و المعرفة ، و باحترامه و تقديره و حبه للعلماء و للكتب .
إنه لأمر مرفوض و مستنكر ذلك الذي أقدمت عليه حركة "المبادرة الإنعتاقية" التي يقودها الحقوقي بيرام ولد الداه ولد اعبيدي ، و إنه لمن المؤكد أن ذلك لن يضر الكتب بقدر ما سيضر فاعل تلك الفعلة المغضوب عليه من الجماهير الإسلامية المالكية بصفة عامة ، و الموريتانية بصفة خاصة .. وقد أثبت الشارع الموريتاني ببيضه وسوده أن المساس بالدين و بكل متعلقاته خط أحمر.
نعم .. إن المجتمع الموريتاني عفوي بطبعه ، سباق للنهي عن المنكر و الأمر بالمعروف ، لكن يجب أن لا يكون تفكيرنا سطحي لهذه الدرجة ، و يجب أيضا أن نعطي قسطا من وقتنا الثمين للتفكير بـ"الماورائيات" ، بخلفية هذه الفعلة الجريئة ..
أنا شخصيا مقتنع أن هناك أياد خبيثة خططت لهذه الفعلة الشنعة بهدف شغل الرأي العام عن التظاهر و المطالبة بحقوقه ، و استغلت عفوية الشعب الموريتاني البريئ من أجل ذلك ، و متأكد أنه يوجد من يعارضني تماما في مثل هذه الفكرة ، كما أنه يوجد من يوافقني، لكنني سأطرح عدة أسئلة في هذا الموضوع أتمنى من كل من عارضني أن يطرحها و يجيب نفسه بنفسه.
لكن قبل سرد هذه الأسئلة أريد أن أضعكم في الصورة ، أن أعطيكم نبذة بسيطة عن "النار" التي كانت تشتعل في" صفحات"موريتانيا قبل أن تصل إلى صفحات الكتب ، ولذلك دعوني أعود قليلا إلى الوراء ، إلى ما قبل "محرقة" الجمعة ، إلى الوضعية "النارية" التي كان يعيشها هذا النظام المتهالك ، إلى المسيرات اليومية و الاحتجاجات و الإعتصامات و الإضرابات ، إلى القمع الشرس و الاعتقالات ، إلى الإرتفاع الجنوني الذي شهدته أسعار المحروقات ، إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية ، إلى التنكيل بالنساء العفيفات في المعهد العالي ، إلى عسكرة الجامعة ، إلى الجفاف ، إلى وضع المنمين ، إلى ماء مقطع لحجار ، إلى طريق المذرذرة ، إلى وقوف "إيرا" مع صف المعارضة ، إلى ائتلاف المعارضة ، إلى المسيرات الحاشدة المطالبة بـ"الرحيل"...
إن المتتبع لكل تلك الأحداث ، لا شك أن أول ما سيخطر في باله هو أن النظام ، كانت له يد من قريب أو بعيد في هذا العمل الإجرامي الذي أقدمت عليه الحركة الحقوقية ، و لا سيما إذا علمنا أن اعتصام المعارضة بات على الأبواب ... و الأسئلة في هذا الموضوع كثيرة ، لكني سأختصرها لكم في سبع فقط و هي :
- لماذا جاءت العملية تزامنا مع دعوة المعارضة للاعتصام ؟؟؟
- لماذا جاءت تزامنا مع تجييش الحزب الحاكم لوزرائه و أعضائه بهدف إسكات أهل الداخل ؟؟؟
- لماذا جاءت تزامنا مع الحملة التي يخوضها الحزب الحاكم – "أكلنا عزيز" - لتهدئة الوضع في العاصمة ؟؟؟
- لماذا حضرت التفلزة الوطنية "للمحرقة ؟ ، و بثتها من ألفها إلى يائها ؟
- لماذا انتظر النظام في استنكاره للعملية "قدوم المواطنين" للقصر ؟؟؟
- من هي الجهة التي نظمت المسيرة الأولى ؟؟؟ و أعطتها نقطة البداية ، ونقطة النهاية ؟؟؟ و زودتها بالافتات المطبوعة و الشعارات ، مع العلم أنها مسيرة عفوية.
- لماذا المسيرة الثانية و الثالثة و الرئيس قد توعد في الأولى بتطبيق الشريعة على المدعو "بيرام" ، مع العلم أنه تم اعتقاله قبل هتين المسيرتين ؟؟؟
إن النظام يريد من خلال هذه الخطوة أن يحذف حركة "إيرا" - التي لطالما أزعجته و أزعجت حكومته و شرطته - من الخريطة السياسية ، و يحرم المعارضة من جهودها التي كانت تعول كثيرا عليها في الاعتصام المقبل ، ليضيق عليها الخناق و يبقيها وحيدة ، و بالتالي فقد استطاع من خلال "محرقة" الجمعة و تبعاتها أن يضرب عصفورين بحجر واحد.

و أخيرا فإن الشيئ الوحيد المؤكد هو أن النظام الموريتاني يعيش في ورطة حقيقية ، لن يخرج منها بمثل هذه الألاعيب التي يريد من خلالها أن يبقى في السلطة لمدة أطول ..

المناخ

شكاوي

وكالة أنباء الأخبار المستقلة © 2003-2025