تاريخ الإضافة : 05.04.2012 13:03

أسئلة الكافة لاكناتة ولد النقرة

بقلم سيدي ولد محمد فال

بقلم سيدي ولد محمد فال

طالعنا السيد اكناتة ولد النقرة بكتابة طويلة في هجاء القوميين العرب معنونة ب " المخلفون من الأعراب" مستهلا كلامه بتعجبه الشديد من ما آلت إليه نخب القوميين من تناقض صارخ مع ما بنت عليه أمجادها التاريخية من دعوة للثورة وفلسفتها وما هي واقعة فيه اليوم من " الاستعداد للتحول إلى طابور خامس يبري سهام الخيانة ويبرد خناجر الغدر بظهور الأحرار العارية في انتفاضتها الأبية على واقع الظلم والاستبداد في سوريا وغيرها من البؤر الملتهبة" على حد وصفه.
ومع أن السيد اكناتة كما يبدو من ثنايا ما كتب وما طفح كالدباغ منه وما خلص إليه في مجزأته، كان مدفوعا برعب زلزال كتابات الدكتور إسحاق الكنتي وأوابده التي رمى بها الإسلامويين في شكل دراسات تاريخية ونقدية على نحو من الكثافة والتواتر فريد، معزز بالأسئلة والبراهين والاستدلالات التي تمتح في كليتها من قاموس لغوي فصيح باذخ وثقافة وتوثيق أكاديمي رصين ودراية راسخة في التاريخ العربي الإسلامي ونصوص أصول الشرع الحنيف. عكس ما أبان عنه الرد المتأخر الخجول لسيد اكناتة ولد النقرة مما يجعل القارئ المنصف للرجلين بعد قراءته لعمل الرجلين يستحضر لا محالة نصا تراثيا هو:
" لَشَتّانَ ما بَينَ اليَزيدَينِ في النَدى ** إذا عدَّ في الناسِ المكارمُ والمجدُ"
وإن كان الرد على مضمون ما كتبه السيد اكناتة غير وارد منا الآن لغياب الحاجة إلى ذلك، فإننا سنكتفي بما أثاره في مستهل حديثه عن تناقض الخطاب القومي وتلونه وتغيير خنادق أصحابه. والسبب الذي جعلنا نقتصر على هذه النقطة هي أن هذه الصفات المذمومة قطعا، شرعا وعرفا وأخلاقا لا تنطبق على جهة في الوطن العربي أو العالم الإسلامي ولا في التاريخ الإنساني المتطاول قدر انطباقها على الإسلامويين في راهن الأيام وسالفها. ودون إنهاك القراء غير المختصين ( وقد يكون اكناتة في مقدمتهم) بالشواهد التاريخية الدالة على هذه الحقيقة نضع الاستفسارات التالية إن أجاب النقرة على واحدة منها بالتكذيب أو التبرير دخلنا النقاش، وقبلنا الحجة والدليل أو رفضناهما برد وتوضيح، لأننا لا نريد أن يتحول حوارنا وصدامنا إلى سيل من الشتائم والسباب، فليس ذاك قصدنا ولا سبيلنا مع أننا له جاهزون، وعليه بحول الله وقوته قادرون؟
أولا: ألم تكن قضية فلسطين والصراع التاريخي مع اليهود الغاصبين لمقدسات الأمة هي جوهر النضال الحديث للحركات الموصوفة ب " الإسلامية"؟ وبهذا الشعار جندوا آلاف الشباب؟ خصوصا في مصر وبه كان لهم في قيادة ثورتها النصيب الأوفر؟ الجواب منا هو بلى، لكن ألم يقل قادة الإخوان في مصر بعد نجاحهم الكاسح إن مراجعة اتفاقية كامديفد ليست على جدول أعمالهم واستقبلوا مبعوثي الإدارة الأمريكية تباعا وانفردوا بلقاء جون ماكين خليفة الإرهابي بوش، وهو ما يعيدنا في موريتانيا إلى السرعة التي تخلى بها الإسلامويون عن شعا ر مناهضة التطبيع وخفوا للدخول في حكومة يحي ولد احمد الوقف 2008، لحظات بعد تصريحه أنهم ليسوا في وارد مراجعة العلاقة مع الكيان الصهيوني. ألم يتجشم راشد الغنوشي عناء عبور الأطلسي بعد فوز النهضة، لإلقاء محاضرة في معهد "إيباك"يعلن فيها – قولاً وسلوكاً – التطبيع مع اليهود؟ وتكتب النهضة على موقعها الرسمي أنه لا خلاف لهم مع اليهود؟
ثانيا: ألم تكن مقاومة الاحتلال من المبادئ الأساسية التي ملأ الإسلامويون بها آذان شعوبهم، قبل أن يتخذ شيخهم العجوز يوسف القرضاوى من السيلية والعيديد الأمريكيتين ملاذا ومَفْزَعَا له ، ويجعل من خادمي القاعدتين: موزة وحمد، مرجعا ومن جزيرتهما بوقا ووسيلة سيطرة وتحكم لنشر الرعب والدمار والفوضى؟ ألم يدخل محسن عبد الحميد وطارق الهاشمي ، قادة تنظيم الإخوان المسلمين في القطر العراقي على ظهر الدبابات الأمريكية، ليتوليا قيادة مجلس حكم ابريمير2003؟ ألم يتبادل الغرياني ومصطفى عبد الجليل القبلات الحارة مع اليهوديين برنار هنري ليفي واليهودي جون ماكين في بنغازي السليبة؟ ألم تحملهما رياح خماسين الناتو وأمريكا إلى أطلال الدولة الليبية ليرقصوا على جثث أسراهم؟ الذين أجهزوا عليهم" ومارسوا أمام كاميرات قنواتهم شهوة السادية والقتل والانتقام؟ ألم يعلن البيانوني والعرعور في سوريا عن غبطتهما وسرورهما بتدخل الناتو لتدمير الشام وإلحاقها بعاصمة الخلافة بغداد التي هوت على إيدي مغول العصر، وعملائهم من الإسلامويين؟ كما هوت طرابلس والقدس وعكا، ألم يحذوا حذو كلينتون وساركوزي وكاميرون شبرا بشبر وذراعا بذراع لتدمير هذا البلد؟
ثالثا: ألم يهلل الأسلامويون للخميني وثورته ويحجوا إلى قم وطهران في بداية ثمانينيات القرن الماضي، ليعودوا بعد ثلاثة عقود مكتشفين طائفته الدينية وخطره على الأمة؟ ألم يكل قادتهم الثناء والتبجيل لحسن نصر الله وحزب الله قبل أن يعودوا لوصفهم بالروافض، وحزب اللات؟ ألم يُطبق قادتهم وخطباؤهم على وصف دمشق وطهران بحلف الممانعة والكرامة والعزة وأن دمشق الشام هي مثابة المقاومة وأمنها؟ قبل أن يرحلوا إلى الحجاز ونظام أسرة آل سعود ومشيخة قطر وأميرها المطبع العاق، العياذ بالله، وحليفهما الإقليمي الدولة التركية ذات الحنين الاستعماري الرابض للمنطقة العربية؟
رابعا : ألم تمتلئ آذان الكافة بصيحات مناهضتكم للعلمانية واللا دينية قبل أن تتبرؤوا من ذلك في موريتانيا ويقول طوطمكم في جريدة "السراج" 2005 المملوكة من طرفه أنكم تريدون دولة مدنية ولا تسعون لإقامة دولة دينية؟ ألم ترفعوا عقيرة تطبيق شرع الله، وأنكم لا ترضون بحكم غير حكمه، لكن آخر ما صدر من تونس هو قول حزب النهضة " المطبع" بملء الحناجر أن تضمين الدستور لمادة تجعل من الشريعة ـ الشريعة ـ مجرد مصدر من مصادر التشريع ليس من مطالبهم؟ رغم أن تونس دولة تكاد تكون دولة مسلمة مائة بالمائة، في حين أن نظام سوريا الذي وصفتموه باللاديني أقر في دستوره الجديد أن " الفقه الإسلامي مصدرا أساسيا من مصادر التشريع" رغم أنه يوجد في سوريا ما يزيد على 10 بالمائة من المسيحيين وبها أهم الآثار المسيحية في العالم من كنائس واديرة وكتدرائيات وغيرها من الأماكن المقدسة لدى المسيحيين في العالم؟
خامسا: ألم يتحدث القرضاوي في خطبة من خطب " منبره" الذي محضه في الآونة الأخيرة لما تفيض به قريحته من طرر وحواشي وتقريظات لفلسفة كونديليزارايس " الفوضى الخلاقة" في الوطن العربي ، معتبرا في هذه الخطبة أن الوطن العربي تحولت مناطق منه إلى أقطاعات أسرية لآل مبارك وآل الأسد وآل عبد الله صالح وآل الأسد، لكن القرضاوي نسي أنه يتحدث من جزيرة العرب التي أقامت على كل فرسخ منها ابريطانيا وأمريكا محميات سلمتها لأسر عميلة وتابعة لها من أبرزها أسرة أبناء سعود التي سلمتها الحجاز ونجد وأطلقت عليهما اسمها بكل وقاحة لا يدانيها إلا وقاحة قابع في محمية السيلية يتحدث عن التحرير والحرية والديمقراطية.
سادسا: العالم اليوم في المحافل الدولية منقسم إلى فسطاطين: فسطاط إسرائيل وأمريكا والناتو وملحقاتهما منّا وهي خليط :"الرجعية والعمالة والاستبداد العربي" وفسطاط آخر هو معسكر التحرر: روسيا الصين فنزويلا البرازيل، فأين يقف الإسلامويون؟
سابعا: كم مرة جاء الإسلامويون غزاة لبلدانهم مع الأجنبي في السابق؟ وما هي نياتهم في المجيء ثانية ، وما هي محطتهم القادمة؟

الجاليات

الصحة

وكالة أنباء الأخبار المستقلة © 2003-2025