تاريخ الإضافة : 03.04.2012 14:20

العدالة الغائبة؟

حمدي ولد أحمد ولد بد

حمدي ولد أحمد ولد بد

تشهد الساحة السياسية للبلد منذ بعض الوقت تجاذبات سياسية توصف بالحادة وعلى مستوى عالي من الأهمية وتحتاج للتعليق والتحليل من طرف المحللين والكتاب حيث تميزت بالتصريح والتصريح المضاد وذلك ما بين منسقية المعارضة من جهة والنظام الحاكم المتمثل في شخص رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز من جهة أخرى.

حيث حمل كل منهم الآخر مسؤولية ما وصلت إليه البلاد سابقا وما هي عليه اليوم من أزمات متعددة.

والحال أن مسرحية الدولة "المنهوبة" باتت ديدن كل نظام يتقلد زمام الأمور في هذا البلد.

منذ سبعينات القرن الماضي وإلى اليوم، فهل ستبقى لها باقية إذا كان كل من يتقلد مهامها يأتي على الأخضر واليابس وينهب خيراتها ويبذرها هنا وهناك. ثم تأتي طائفة أخرى ويكون همها الوحيد إبراز خطايا سلفها وإظهار تقصيرهم دون أن نسمع أن نظاما ما أعترف بالجميل ولو بقليل لمن كان قبله.

ثم تتوالى الأزمات عاما بعد عام بل يوم بعد يوم بيد أن الحل باعتقادي لا يكمن في هذه التجاذبات والنزاعات ولا حتى في التصريح المضاد بل إن الحل لكل الأزمات التي تعيشها البلاد من جفاف وتصحر وتردي للمعيشة وغلاء الأسعار المتزايد في الاستهلاك الضروري لأفراد الشعب والبطالة التي تجتاح صفوف الشباب ومحدودية فرص العمل فالحل لهذه الأمور يكمن في توفير العدالة اللازمة في الأمور الضرورية ويكون غياب العدالة هو السبب الأقوى والمباشر في حصول ذلك كله.

رغم ثروات البلد الهائلة في كل المجالات التي لو تم تسييرها بشكل مضبوط ومعقلن وعادل لما وقعت تلك المشاكل العديدة أو على الأقل تم الحد منها. فعدم المساواة بين أطياف الشعب الواحد أدى إلى إقصاء البعض وجعل البعض يستحوذ على جل تلك المصادر فكان التفاوت بين الأفراد وبين الجهات واضحا ويبرز ذلك أيضا في عملية انتقاء الأفراد على معايير ضيقة حزبية أو جهوية أو قبلية ؟؟؟؟ الذي لا يمت إلى العدالة بشيء إذ لا يقوم على أسس الكفاءة أو المؤهلات العلمية أو الأقدمية أو غير ذلك مما يولد عدم الرضى في نفوس المعنيين وكأن هناك جماعات أو فئة تتعاقب على المناصب والوظائف الحساسة وكأنها تركة ورثتها أو وصية موصى بها لهم دون غيرهم وكأن البلد خلت من أصحاب الكفاءات والمؤهلات التي لم تسمح لهم بتقلد تلك المهام.

فهل من مبرر لوجود رابطة لحملة الشهادات المتريز والماستر وأخرى لحملة الدكتوراه في جميع الميادين الأدبية والعلمية وكلهم عاطلون عن العمل وفي تزايد مستمر.
وهذا الوضع لا يليق بنا كما لا يجب السكوت عليه.

فهل من العدالة أن يمضي الإنسان أكثر من عقدين من عمره في الدراسة والتحصيل 12 سنة للباكلوريا + 8 سنوات للدكتوراه ، ثم ينتهي به المطاف للتسجيل في إحدى الرابطات للبحث عن فرصة عمل. أو يترك في الشارع لتعصف به الرياح وتذهب به نحو الطريق الخطأ في حين نجد أناسا لا يستطيعون حتى تحرير ورقة أو إعداد محضر متكامل يتقلدون أعلى المناصب في الدولة (مديري مشاريع، رؤساء مصالح ، مستشارون في بعض الوزارات مكلفون بمهام لدى بعض المؤسسات...إلخ) فهل هذا من العدالة في شيء بل على الدولة تطبيق سياسة صارمة في مجال التشغيل والعمل بمبدأ الرجل المناسب في المكان المناسب، وإعطاء كل ذي حق حقه دون زيادة أو نقصان.

وقد أثبتت التجارب السابقة فشل كل سياسات التهدئة أي الحلول المهدئة كفتح الحنفيات وتشغيل أصحاب الشهادات في المشاريع والدكاكين فهذه لا تساعد في حل المشكلة من الأساس بل تساعد في استمراريتها حيثما تنتهي تلك المشاريع المؤقتة يعود الكم من جديد إلى شارع البطالة فالمطلوب وضع سياسة جديدة تختلف عن سابقتها وتكون قاضية على جيوب البطالة ووضع سياسة جديدة للتعليم تقوم على الكيف بدل الكم حتى نستطيع أن نخرج مجموعة متخصصة في جل القطاعات بدل أن نجعل عدم التخصص مبررا في إقصاء البعض فهو لا يتحمل مسؤولية ذلك بل الدولة هي المسؤولة وحدها عن ذلك *والعدالة تعني أن توزع الثروات بشفافية وعدالة دون تهميش أو إقصاء لأي طرف فنحن نملك البترول والسمك والحديد والنحاس والذهب وتتمتع بلادنا بثروة سياحية معتبرة فهذه جميعا لو وزعت توزيعا عادلا لعمت الجميع البهجة والسرور.

*إتاحة فرصة التعليم والزيادة في تحسينه وتحسين ظروف المشرفين عليه وعدم إختزاله في العاصمة.

*العدالة في توفير الخدمات الصحية.
*العدالة في توزيع القطع الأرضية والسكن الملائم.
*تمكين المواطن القادر على العمل في الحصول على فرصة عمل.

*فتح مؤسسات الدولة أمام طالبي العمل كالإذاعة والتلفزة والميناء ومؤسسات المياه والكهرباء ووكالة الأنباء ومفوضية الأمن الغذائي ومفوضية حقوق الإنسان...إلخ.
فهذه جميعا لا تكتتب إلا عن طريق الزبونية والوساطة الضيقة بعيدا عن معايير العدالة والشفافية المعلنة من طرف النظام الحاكم.

وعلى وسائل إعلامنا الرسمية النأي بعيدا عن الشعارات المزيفة والتي لا تمت للواقع بشيء من الصحة، فقد مللنا شعار المعرفة للجميع والصحة للجميع وكأن كل شيء للجميع والحقيقة أن لا شيء للجميع.

تلك هي العدالة الغائبة بل المفقودة لحد الآن فإذا لم تتحقق فلا قيمة للأشياء دونها وبتحققها ينعم الجميع بالرخاء والاستقرار وبغيابها يبقى الوضع هشا وقابلا في كل لحظة للانفجار.

الرياضة

شكاوي

وكالة أنباء الأخبار المستقلة © 2003-2025