تاريخ الإضافة : 02.04.2012 10:57

رسائل استنجاد الرئيس بأغلبيته

محمد ولد الراجل

محمد ولد الراجل

طلب الرئيس الموريتاني من أغلبيته أن يساندوه ضد المعرضين، معتبرا أن المعركة تدور بينه ومعارضيه ولا أحد يسانده، وعزت أوساط إعلامية لمقربين من الاجتماع قول الرئيس إن الموالاة تبدو محايدة في هذه اللحظات.

إن استنجاد الرئيس بأغلبيته يعطي مدلولات أعمق من صورته الداخلية، ورسائل بليغة واضحة بانهيار كيان الرجل داخليا فلم يعد في قلبه أي نوع من الثقة بأغلبيته، وأعتقد أن لهذا الاستنجاد رسائل لا لبس فيها..

المعارضة مزعجة

الرسالة الأهم في اعتقادي أن الجنرال محمد ولد عبد العزيز انهار كيانه الداخلي، وأرغمته الحالة الداخلية على خوف حقيقي على مستقبل حكمه الذي يقتنع هو في نفسه بأن تصرفاته وقيادته للبلد لا تصلح للاستمرار.

وقد شاهدنا صبيحة يوم مهرجان المعارضة ورقة تتهجم على مناوئي الرئيس، فيما يبدو ظنا من الرئيس أنه يجدي، فلا الانجازات وجدت حتى تكود مادة دعاية، فكان عليه أن يتهجم على الخصوم..

والحقيقة أن الشعب الآن لا يهمه فساد المعارضة بقدر ما يهمه تغيير الأوضاع المزرية التي يرزح تحت وطأتها منذ فترة.

ثم إن الرئيس تكلم عن إصلاح من يحكمون وفساد وكذب المعارضة، بل اتهمها بسرقة المياه رغم أنه ليس أصعب المواد الاستهلاكية بموريتانيا، كما أن الطرفة أن المعارضة لم تتقلد مناصب تخول لها حتى سرقة الماء!

الرئيس فاز في شيء واحد بعد خطابه بنواذيبو وهو فهمه أن الشعب لم تنطل عليه ترهاته الكاذبة، ولم يصدق "شمته" للمعارضة، ولا "هيدنته" على المولاة.

بعد أن فهم الرئيس هذا تيقن أن المعارضة ـ ولا أعني الأحزاب المكونة للمنسقة وإنما أريد كل مظلوم تيقن أن الجنرال منتهي الصلاحية ـ باتت تشكل خطرا محدقا عليه، وهو الآن يبحث عن طرق مهما تكن تلك الطرق لكبح جماح الحراك الشعبي الذي يتزايد يوما بعد يوم.

ولقد كان للردود الصادقة المؤيدة بالواقع والوثائق على خطاب الرئيس وكذبه الدور البارز في تجلية الحقيقة للشعب، ونتائج ذلك بدأت تتضح في جكني وبولنوار وشكار وغيرهم من المدن الموريتانية التي تعاني من ظلم وحيف لم يعد باستطاعة ساكنتها صبر المزيد منه.

كل هذا يجعل الرئيس كلما أراد أن يفكر في مكيدة ضد هذا الشعب تذكر المعارضة وما تحظى به من قدرة دعائية تقترن عادة مع حياة الناس سخرتها للنيل منه وتكذيب أقواله..

معنويات الرئيس منخفضة

الحراك الشعبي الذي يسود المناطق الداخلية لا بد وأنه غير أسلوب التفكير بالنسبة للجنرال الحاكم، خصوصا وأن الإيحاءات الأخيرة الواردة من موريتانيا الداخل تقول إن الأعماق ثارت وأنها تريد وضع حد لليل الدامس والعطش الذي عم أرجاء موريتانيا.

ثم إن العصبة الحاكمة إذا كانت تدرك أن الجهاز الأمني قوي، وجيوشه جرارة في الداخل، تقتنع أن منسوب القبلية في الداخل معقد، ولا يسمح للوالي فلان أن يأمر حرسه بقمع بني فلان.

ويبدو تحرك سكان جكني مخيبا لآمال الرئيس الذي كان يريد من الوفد المبعوث إطفاء شعلة الغضب ليزيد الطين بلة، خصوصا بعد أن جوبه السكان بالقمع، وصرحوا أنهم لم يعودوا يهتمون بالوعود الكاذبة...

والرئيس شاهد بنفسه ـ وأرقه ذلك ـ ما يواجه به المتظاهرون المظلومون قوات مكافحة الشغب رغم ما تواجههم به من تنكيل، وقد رق جدار الخوف حتى وصل أن اقتحم حملة الشهادات مقبع الجنرال، وغدا سيقتحمه باقي المظلومين من طلاب وأساتذة وعمال ليصل الحد أن يريد الشعب ويهرب الجنرال.

الأغلبية عاجزة

طبخ الرئيس مؤامراته ضد الخصوم من إدارة الديوان، ومكائده الاعلامية من الملحق الاعلامي.. وبحث مواليه عن أخباره لدى معارضيه، وعدم استشارتهم في أي شيء، ثم حديثه عن تأجيل إشراكهم حتى الانتخابات القادمة أمور كلها تقول إن الرئيس متأكد أن أغلبيته لا تؤتمن، وأن الشعب لن يخطأ بإعطائهم الثقة ثانية.

والرئيس يفهم تمام الفهم أن العصبة الحاكم بها هي نفسها التي كانت تلهث وراء كل من تحكم في موريتانيا، كما أن رئيس فقهاء السكوت ساند الماضين كما دعمه هو وسيذهب مع الاحقين..

وبين المعارضة التي علت أسهمها في الشارع، والأغلبية المساندة للغالب.. وجد الجنرال نفسه منهار الكيان، محطم الأماني يلجأ إلى تخبطات يريد منها أن يطيل عهده، تارة يؤخر الانتخابات ظنا منه أن أجل حكمه منعقد بإرادة الشعب، وأخرى يجمع موالاته ليتشفع منهم في الدفاع عنه، لكن المعطيات تقول عن فترته في الحكم أبسط مما يتصور، وأن سكان الريف في عامهم الرمادي هذا ثاروا تماما كما ثارت المدن الكبرى..

الجاليات

الثقافة والفن

وكالة أنباء الأخبار المستقلة © 2003-2025