تاريخ الإضافة : 24.03.2012 18:07
السلطة... وهيبة الدولة
مسألتان سح مداد كثير من أجلهما في الايام الماضية، وتبارت الاقلام فيهما تحليلا وعرضا، كل قلم و زاوية خطه ،وهما حرب الخطابات بين المعارضة والرئيس ، وقضية اعتقال عبد الله السنوسي مدير المخابرات الليبية السابق ،ومن زاويتى أرى
أن تعامل السلطة وقنواتها الاعلامية مع تينكم القضيتين ،يوضح الخلل الذي نعانيه، في تحديد السلطة في الدولة العصرية، والخلط بين هيبة الدولة والخوف من بطش الحكام...
ان مبدأ التقسيم هو الضامن الاساس للتعايش بين السلط الثلاث التقليدية المكونة للدولة العصرية ،وعليه فما كان للرئيس ـ وهو رئيس كل الموريتانيين لا رئيس حزب سياسي ـ تنصيب نفسه مقارعا لأحزاب المعارضة ،والنزول الى المستوى الذى رأينا فى خطاب انواذيبو، وإن كان ولا بدّ، فإن في هياكل الحزب من هو قادر على ذلك ،بل هذا دينه وديدنه ،ولو اعتلى المنبر لأدى المهمة مسرورا ومحبورا، وتبقى يا سيادة الرئيس فى مقامك رئيسا لكل الموريتانيين ،ولا تمثل جهة سياسة دون أخرى ،فالرئيس فى الدولة العصرية يرأس كل السلط ، ويسهر على مراعاة الحدود الفاصلة بينها فلا تتعدى أي منها على الاخرى ،و إلا فإن النظام سيختل ،وباختلاله تنهار الدولة، وتسقط في أوحال الممارسات الدكتاتورية ،والتي كما عهدنا في الانظمة السابقة، تبدأ دائما كردة فعل على ممارسات تدخل في صميم الديمقراطية ،من قبيل التظاهر او الاحتجاجات ،فلا انتقاء في الديمقراطية ،تؤخذ كلها أو تترك ، أما بعضها فهو ديكتاتورية برائحة الديمقراطية.
ولئن كانت حرارة الطبع المعروفة عن الرئيس وبقية عسكرة باطنة ـ عرف أهلها بازدراء كل ما هو مدني ـ دفعتاه الى ما فعل ،فما الذى دفعه للاستهزاء بوزير عدله ؟، فمنذ الاعلان عن اعتقال السنوسي فى مطار انواكشوط ، لم نسمع تصريحا أو تلميحا حتى ولا لقاء لوزير العدل مع الوفود المتقاطرة علينا، طمعا في تسليم السنوسي
فمن البدهى ان أي معتقل بعد مضي الآجال القانونية يصبح خاضعا لوصاية السلطة القاضية ،وهي الجهة الوحيدة المخولة قانونا للبت في أمره ،إما تقديمه لمحكمة الحكم ،حال اتهامه أو اطلاق سراحه. نعم لقضية السنوسي عرق في السياسة باعتباره الطريدة الدسمة للمخابرات الفرنسية والمجلس الوطني الحاكم بليبيا
ومن ورائهما محكمة العدل الدولية ،لكن جذور القضية تدخل ضمن اختصاص القضاء، فالرئيس فى الدولة الديمقراطية لايملك حق تسليم المعتقلين ،بل ان التسليم يكون من خلال اتفاقات قضائية بين الدول وليس رغبة أو اختيارا من الرئيس. وقضية البغدادى فى تونس مثال على ذلك.
ان احترام السلطة القضائية هو الضامن الوحيد لقيام دولة العدل وهو الجاذب الاكبر للأستثمارات الخارجية ،و لا إصلاح دونها ولامصلح إلا من أصلحها ،وبالإضافة الي قضية السنوسي كان اعتقال مدراء سونمكس واطلاق سراحهم ،ومن قبلهم رجال الاعمال، دليلا على الرجوع الى زمن تغليب الاوامر على القانون.ولنا معه سابق عهد وخلناه اصبح فى دابر الايام لكنه استغفلنا ،وعاد فلا أهلا به ولامرحبا ...
إن هيبة الدولة وقوة سلطتها الداخلية ،لا تقاس بما تملك من عتاد القمع وعدد الشرطة ،ولاتوزن بما يملك الرئيس من الحجج والبراهين على فساد معارضيه ،بل تقاس بهيبة القانون ومدى تطبيق النصوص القانونية تطبيقا سليما ومجردا من العواطف و المحاباة لزيد أو عمرو، ولتتحقق فكرة الدولة في اللاوعي عند المواطن
لابد ان يعيشها واقعا ،تضىء سواد ليله بعصب الكهرباء وتروى ظمأ نهاره بأنا بيب المياه ، وتوفر له الظروف الملائمة للتعليم والاستشفاء، كما تعبد له الطرق وباقى الخدمات الاخرى، وفوق كل هذا تبقى ضامنا لحرية التعبير والحقوق التى نص عليها الدستور ،عندها يادولة تكونين ،و طاعتك من أوجب الواجبات
أما غير ذاك، فهي اشباه دول، تعصف بها الازمات الداخلية كالانقلابات والنزعات العرقية البغيضة ،ولن تبقى محصنة أمام التغيرات الدولية و الاطماع الخارجية .
صحيح ان بعضا من تلك الخدمات بدأ في التحقق وصحيح كذلك أن تلك القيم لا يمكن تحقيقها بين عشية وضحاها خصوصا فى المجتمعات البدوية حديثة العهد بالدولة العصرية، لكننا نأمل في تصحيح الاخطاء، و المزيد من الاصلاحات، وأملنا الاكبر أن تبقى موريتانيا للجميع و نبنى دولة تحترم فيها الحقوق وتؤدي فيها الواجبات، وأن لا يكون غدنا كأمسنا...
أن تعامل السلطة وقنواتها الاعلامية مع تينكم القضيتين ،يوضح الخلل الذي نعانيه، في تحديد السلطة في الدولة العصرية، والخلط بين هيبة الدولة والخوف من بطش الحكام...
ان مبدأ التقسيم هو الضامن الاساس للتعايش بين السلط الثلاث التقليدية المكونة للدولة العصرية ،وعليه فما كان للرئيس ـ وهو رئيس كل الموريتانيين لا رئيس حزب سياسي ـ تنصيب نفسه مقارعا لأحزاب المعارضة ،والنزول الى المستوى الذى رأينا فى خطاب انواذيبو، وإن كان ولا بدّ، فإن في هياكل الحزب من هو قادر على ذلك ،بل هذا دينه وديدنه ،ولو اعتلى المنبر لأدى المهمة مسرورا ومحبورا، وتبقى يا سيادة الرئيس فى مقامك رئيسا لكل الموريتانيين ،ولا تمثل جهة سياسة دون أخرى ،فالرئيس فى الدولة العصرية يرأس كل السلط ، ويسهر على مراعاة الحدود الفاصلة بينها فلا تتعدى أي منها على الاخرى ،و إلا فإن النظام سيختل ،وباختلاله تنهار الدولة، وتسقط في أوحال الممارسات الدكتاتورية ،والتي كما عهدنا في الانظمة السابقة، تبدأ دائما كردة فعل على ممارسات تدخل في صميم الديمقراطية ،من قبيل التظاهر او الاحتجاجات ،فلا انتقاء في الديمقراطية ،تؤخذ كلها أو تترك ، أما بعضها فهو ديكتاتورية برائحة الديمقراطية.
ولئن كانت حرارة الطبع المعروفة عن الرئيس وبقية عسكرة باطنة ـ عرف أهلها بازدراء كل ما هو مدني ـ دفعتاه الى ما فعل ،فما الذى دفعه للاستهزاء بوزير عدله ؟، فمنذ الاعلان عن اعتقال السنوسي فى مطار انواكشوط ، لم نسمع تصريحا أو تلميحا حتى ولا لقاء لوزير العدل مع الوفود المتقاطرة علينا، طمعا في تسليم السنوسي
فمن البدهى ان أي معتقل بعد مضي الآجال القانونية يصبح خاضعا لوصاية السلطة القاضية ،وهي الجهة الوحيدة المخولة قانونا للبت في أمره ،إما تقديمه لمحكمة الحكم ،حال اتهامه أو اطلاق سراحه. نعم لقضية السنوسي عرق في السياسة باعتباره الطريدة الدسمة للمخابرات الفرنسية والمجلس الوطني الحاكم بليبيا
ومن ورائهما محكمة العدل الدولية ،لكن جذور القضية تدخل ضمن اختصاص القضاء، فالرئيس فى الدولة الديمقراطية لايملك حق تسليم المعتقلين ،بل ان التسليم يكون من خلال اتفاقات قضائية بين الدول وليس رغبة أو اختيارا من الرئيس. وقضية البغدادى فى تونس مثال على ذلك.
ان احترام السلطة القضائية هو الضامن الوحيد لقيام دولة العدل وهو الجاذب الاكبر للأستثمارات الخارجية ،و لا إصلاح دونها ولامصلح إلا من أصلحها ،وبالإضافة الي قضية السنوسي كان اعتقال مدراء سونمكس واطلاق سراحهم ،ومن قبلهم رجال الاعمال، دليلا على الرجوع الى زمن تغليب الاوامر على القانون.ولنا معه سابق عهد وخلناه اصبح فى دابر الايام لكنه استغفلنا ،وعاد فلا أهلا به ولامرحبا ...
إن هيبة الدولة وقوة سلطتها الداخلية ،لا تقاس بما تملك من عتاد القمع وعدد الشرطة ،ولاتوزن بما يملك الرئيس من الحجج والبراهين على فساد معارضيه ،بل تقاس بهيبة القانون ومدى تطبيق النصوص القانونية تطبيقا سليما ومجردا من العواطف و المحاباة لزيد أو عمرو، ولتتحقق فكرة الدولة في اللاوعي عند المواطن
لابد ان يعيشها واقعا ،تضىء سواد ليله بعصب الكهرباء وتروى ظمأ نهاره بأنا بيب المياه ، وتوفر له الظروف الملائمة للتعليم والاستشفاء، كما تعبد له الطرق وباقى الخدمات الاخرى، وفوق كل هذا تبقى ضامنا لحرية التعبير والحقوق التى نص عليها الدستور ،عندها يادولة تكونين ،و طاعتك من أوجب الواجبات
أما غير ذاك، فهي اشباه دول، تعصف بها الازمات الداخلية كالانقلابات والنزعات العرقية البغيضة ،ولن تبقى محصنة أمام التغيرات الدولية و الاطماع الخارجية .
صحيح ان بعضا من تلك الخدمات بدأ في التحقق وصحيح كذلك أن تلك القيم لا يمكن تحقيقها بين عشية وضحاها خصوصا فى المجتمعات البدوية حديثة العهد بالدولة العصرية، لكننا نأمل في تصحيح الاخطاء، و المزيد من الاصلاحات، وأملنا الاكبر أن تبقى موريتانيا للجميع و نبنى دولة تحترم فيها الحقوق وتؤدي فيها الواجبات، وأن لا يكون غدنا كأمسنا...







