تاريخ الإضافة : 12.03.2012 10:09

فشل أسلوب المعارضة المتطرفة يصيبها بالارتباك

السيد ولد محم - عضو اللجنة السياسية بالاتحاد من أجل الجمهورية

السيد ولد محم - عضو اللجنة السياسية بالاتحاد من أجل الجمهورية

يتميز المشروع المجتمعي الذي أسس له البرنامج الانتخابي لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز ببعد استراتيجي، يجمع بين ضرورة ترسيخ وتجذير النظام الديمقراطي، وبين مكافحة الفساد، وترشيد الموارد الطبيعية، وتنمية وترقية المصادر البشرية لخلق تنمية شاملة ومتوازنة في عموم البلاد.

فمنذ وصول فخامته إلى مقاليد الحكم، اتسع نطاق الحريات العامة، كحرية الصحافة، وحرية التعبير والتنظيم والممارسة السياسية، وعرف الفضاء السياسي التعددي الديمقراطي تطورا مذهلا على صعد شتى؛ فمن تعزيز المكاسب الوطنية، وتجذير قيم السيادة، وثوابت ومرتكزات الوحدة الوطنية، المستمدة من الدين الإسلامي الحنيف، مصدرا وحيدا للتشريع ومرجعية لا بديل عنها لتشكيل اللحمة الوطنية، وترسيخ وتوطيد نظم دولة القانون، والعدالة الاجتماعية والمساواة والإنصاف، إلى نهضة تنموية متعددة الأوجه، حققت نسبا معتبرة في شتى مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وواكبتها محاربة جادة للفساد، وترشيد تام للمال العام.

ومع ذلك، فما زلنا نرى ثلة من أبناء هذا الوطن، ممن يرفعون شعار المعارضة الديمقراطية، ويدعون الوطنية، يغضون الطرف عن كل ذلك، وينتهزون كل الفرص ليدفعوا بالبلد في اتجاهات تهدد أمنه واستقراره.

إنه من غير المقبول، أن يظل هؤلاء، رغم قلة عددهم، يستغلون منبر البرلمان، ليروجوا لأفكارهم المدمرة، والتي غررت ببعض الشباب، وأشاعت بين المواطنين سلوكا متطرفا، أنتج موجة من التحركات الهادفة إلى تهديد السلم الاجتماعي، وتفكيك الوحدة الوطنية، وإهانة وتدنيس المقدسات الوطنية (إهانة العلم الوطني مثلا)، والعبث بمكتسبات هذا الشعب، والتلاعب بمشاعره، والدعوة الصريحة إلى العنف بشتى صنوفه، بل وممارسته على الأرض، من خلال منع الطلاب من مزاولة الدراسة، وحرق وإتلاف الممتلكات العامة والخاصة، إلى غير ذلك من أعمال التخريب، التي أصبحت سلوكا طبيعيا، وممارسة يومية، لهذه الجماعات المتطرفة.

إنهم يحاولون، بخطاب تجاوز كل الحدود والأعراف، وتميز بالسب وبالتجريح والتلفيق، وطال كل الرموز الوطنية، أن يحجبوا شمس الحقائق الوطنية، وأن ينكروا الإنجازات الهامة، التي تحققت في الفترة الوجيزة، التي مضت من مأمورية السيد الرئيس، والتي فاقت في كل القطاعات وبشهادة الجميع مجمل ما تحقق خلال الفترة الماضية، على طولها (من 1960 إلى 2008).

إن استجداء العنف، وإذكاء الفوضى، ومناصرة التطرف، والغلو السياسي، وتسييس المطالب الطلابية والنقابية، وتحريف أهداف ومسار المجتمع المدني، والعمل على زعزعة السلم الاجتماعي، وإشاعة النزاعات العنصرية والقبلية والجهوية، كلها أمور أصبحت سمات بارزة ونقاطا محورية في العمل السياسي لهذه الجماعات: (خطابا وعملا..).

إنهم يحاولون عبثا الاستغلال الخاطئ لما تشهده بعض الأقطار العربية من حراك ضد الدكتاتورية والظلم والتهميش، ومصادرة إرادات الشعوب (الربيع العربي)، لإسقاطه على واقع بلدنا، ناسين، أو متناسين على الأصح، أننا كنا أسبق هذه الشعوب إلى السير على طريق التغيير البناء، بأقل الأثمان، ودون إراقة دماء، أو تسجيل أحداث عنف، كما حدث ويحدث في كل هذه الثورات - وكما يود البعض أن يحدث في موريتانيا، لا قدر الله - وذلك منذ إزاحة النظام المستبد، توأم الأنظمة المذكورة، في ثورة هادئة، أنتجت نظاما ديمقراطيا شفافا تمتع بثقة المنظومة الدولية، التي عبرت عن ذلك، إثر الانتخابات الرئاسية الأخيرة، حيث حصد هذا النظام احترام وتقدير كل الأوساط الدولية والإقليمية والقارية.

ولقد كان بعض هؤلاء المتطرفين على رأس المؤيدين والداعمين لهذا التغيير، إلا أنه تبين فيما بعد، أن ذلك كان طمعا في تحريف مساره، واستغلاله لتحقيق مآرب بعيدة عن إرادة وتطلعات الشعب.

إنهم يغضون الطرف، بكل تعمد، عن تفاقم الأزمة المالية العالمية، التي ضربت القوي قبل الضعيف، وأصبحت تهدد دولا عريقة بالإفلاس، وتنذر بانهيار اقتصاديات دول أخرى، أقوى وأعرق، وعن الارتفاع العالمي المذهل والمتصاعد للأسعار، وعن التأثير السلبي لكل ذلك، على الأوضاع المعيشية لكافة سكان المعمورة، خاصة منها الدول السائرة في طريق النمو، وبصورة أخص، تلك التي تستورد كل أو جل حاجتها من المواد الضرورية كبلدنا.

كما يتجاهلون الوضع الاستثنائي الذي تعيشه بلادنا هذه الأيام، والناجم عن الشح غير المسبوق في كميات الأمطار هذه السنة، والذي أثر على المراعي، وعلى المحاصيل الزراعية مما يتطلب - وهو ما تم فعلا - اتخاذ كافة الاحتياطات لحماية البلد من التداعيات المحتملة لهذا الوضع.

ورغم كل هذه الأوضاع: الدولية والإقليمية والمحلية، فإن السياسات المنتهجة من لدن الحكومة، والتي تتخذ من البرنامج الانتخابي لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز، مرجعية لها، قد اتخذت كافة الإجراءات والتدابير اللازمة، لرفع كل التحديات الناجمة عن هذا الوضع.

وإن برنامج أمل 2012 لخير دليل على ذلك، هذا البرنامج الذي رصدت الحكومة لتمويله 45 مليار أوقية مع تحملها لما يناهز 60% من سعر المواد الأساسية في
السوق، حيث ستفتح على كامل التراب الوطني حوانيت تبيع المواد الغذائية الأساسية، والأعلاف الضرورية بأسعار في متناول الطبقات المتوسطة والضعيفة، وسيحافظ على توفير الحاجة من هذه المواد وبالأسعار المناسبة، طيلة الفترة المتوقعة.

هذا إضافة إلى التكفل بتوفير نقاط المياه الضرورية، في الأماكن الرعوية والتوزيع المجاني للمواد الغذائية الأساسية على كافة الأسر المتضررة، مع توفير الأدوية البيطرية الضرورية، فضلا عن تنظيم حملات تلقيح لصالح الحيوانات، وهو ما سيضمن بإذن الله، التغلب على ما قد ينجم عن كل هذه الأوضاع من انعكاسات سلبية. وبهذا البرنامج، وبغيره من المكتسبات الوطنية، يجني الشعب الموريتاني ثمار التغيير والإصلاح، كما جناها من خلال محاربة عصابات الإرهاب والغلو، وجماعات المهربين وتجار الممنوعات، الذين يتربصون ببلدنا، ويهددون أمنه واستقراره، في خروج خطير على الدين والقانون، وعلى قواعد الديمقراطية والسلم والسلام.

إنهم في المعارضة المتطرفة، وبدلا من تثمين هذا البرنامج الرائد والمتميز، يحاولون – خدمة لأهدافهم الخاصة - تحميل النظام مسؤولية الانعكاسات السلبية لكل ما سبق:

- نتائج الأزمة المالية العالمية.
- ارتفاع الأسعار عالميا.
- الجفاف وقلة الأمطار.
- خطر التطرف والغلو المنتشر في أرجاء الكون.

إن التجاهل المتعمد، من طرف المعارضة المتطرفة، للتوتر الداخلي والخارجي، الذي تعيشه منطقة غرب إفريقيا (خاصة دول الجوار: السينغال ومالي)، وما سينجم عنه، لا محالة، من تحديات أمنية، بل ومحاولة استغلال هذا التوتر لصب الزيت على النار، ووضع بذور لأزمات مفتعلة مع هذه الدول، لأقوى دليل على ما تسعى إليه هذه الجماعات من زعزعة لأمن واستقرار البلد.

ولما كان الحوار سلوكا حضاريا راقيا، وأسلوبا إنسانيا يتنزل في صميم تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، وينتمي في جوهره إلى منظومة التقاليد الديمقراطية، كان رئيس الجمهورية سباقا إلى دعوة مكونات الطيف السياسي الوطني إلى حوار هادف وبناء، بلا شروط وبلا محاذير، لخلق إجماع واسع حول أنسب الحلول للقضايا الوطنية المصيرية، فكانت دعوة صادقة نابعة من إرادة قوية، حرصت على تسهيل انطلاقة الحوار، وواكبت مختلف فعالياته، وذللت كافة العقبات التي اعترضته، فكان حوارا ناجحا بامتياز، بالدعوة الرائدة، والمشاركة الفعالة، والنتائج الهامة.

إن النتائج التي أفضى إليها هذا الحوار، خاصة منها ما يتعلق بالوحدة الوطنية، وتعزيز المسار الديمقراطي، وإرساء دعائم دولة القانون، والحكامة الرشيدة، ومكافحة الإرهاب، تعد مكسبا وطنيا ثمينا، نظرا لأهمية هذه المواضيع، وللآفاق الواعدة التي يفتحها الاتفاق أمام تجذير وترسيخ مسيرتنا الديمقراطية.

ومن أهم ما تمخض عنه هذا الحوار، التوافق على ما كانت هذه الجماعات المتطرفة تدعي بأنه مطلبها الأول، والشرط الأساسي لمشاركتها في الحوار، وفي كافة ما ينجم عنه من توافق: إنه إنشاء لجنة مستقلة للانتخابات، تتولى تسييرها من الألف إلى الياء: (من تحضير اللوائح إلى إعلان النتائج). إلا أن ذلك تبين أنه مجرد أعذار واهية، يراد منها الهروب من المشاركة في الاستحقاقات القادمة، لمعرفة هذه المعارضة مسبقا، بضآلة ما لديها من زاد لهذه الاستحقاقات.

ولذلك ظلوا يدعون بوقاحة إلى تغيير السلطة بالقوة... إلا أن الحوار الوطني غير المسبوق، قد فوت عليهم تلك الفرصة بحظره الدستوري للانقلابات.

إن آمال شعبنا تتعزز وتتوطد، يوما بعد يوم، بما نحققه من مكتسبات إستراتيجية، رغم كل حملات التشكيك والتلفيق، التي تشنها هذه الجماعات، والتي تدعي أنها أحزاب معارضة وطنية، وهي لا تعدو كونها، في الحقيقة، جماعات تلتف حول أشخاص، ليس لهم من البرامج والأهداف، إلا السعي من أجل الوصول إلى السلطة، أيا كانت الوسيلة، ومهما كان الثمن...

ورغم كل ذلك، فإننا من موقعنا كطرف في شراكة سياسية وطنية، هادئة ومسؤولة، سنظل نمد يد الحوار إلى كل وطني في هذا البلد، لأننا نعرف أن بناءه يتطلب جهود كل مواطنيه، لكننا في نفس الوقت، ندرك تمام الإدراك، أن الإنسان لا يهدي من أحب، و لكن الله يهدي من يشاء.

إن السياسات التي تنتهجها الحكومة اتجاه كل التطورات الدولية والإقليمية والمحلية، أعطت بلادنا مصداقية إقليمية ودولية، جعلتها تحتل دائما مواقع أمامية في كافة اللجان والبعثات الدولية التي تنتدب لتسيير الأزمات المستعصية وحلحلة المواقف الجامدة.

وإنما تحقق من مكتسبات سياسية وإستراتيجية، في مجال تطوير النظام الديمقراطي، وترقية الحريات وصيانتها باستمرار وتألق كان شاهده الأخير تسنم بلادنا قائمة الدول العربية في مجال حرية الصحافة وحرية التعبير في التصنيف الذي نشرته منظمة مراسلون بلا حدود، وما خلفته نتائج الحوار الوطني من صدى إيجابي، لدى النخبة السياسية، ولدى الرأي العام الوطني والدولي، إضافة إلى ما عرفته وتعرفه بلادنا، خلال السنوات الثلاث الأخيرة من بناء وازدهار وتطور، هذه كلها مكاسب وطنية، يجب أن ندرك جميعا أنها ملك لهذا الشعب، وعلينا أن نعض عليها بالنواجذ، فصيانتها وحمايتها، من هؤلاء ومن غيرهم - عزيزي المواطن - واجبنا جميعا، فليس من المعقول أبدا أن نسمح، لثلة قليلة من أصحاب الأطماع الخاصة والنزعات المتطرفة، أن يعبثوا بمكتسباتنا الوطنية أو يعرقلوا مسيرتنا التحررية.

الرياضة

شكاوي

وكالة أنباء الأخبار المستقلة © 2003-2025