تاريخ الإضافة : 05.03.2012 17:29

حاجة الوالي إلى النصح السديد

وزير سابق... يحمل بريد الإمام القرافي إلى القصر الجمهوري

فخامة الرئيس:

لا تقل إن استَشرت أظهرت الحاجة للناس، فإنك لم ترد الرأي للفخر بل لمنفعة عامة، مع أن الذكر الجميل لك بذلك عند العلماء. أعرف أهل الدين و المروءة و ليكونوا إخوانك, لا يهن عليك أهل العقل و الخير و لا تمكن غيرهم من أذيتهم. عرف رعيتك أبوابك التي لا ينال ما عندك من الخير إلا منها، و التي لا يخافونك إلا من قبلها. اجتهد في أن لا يكون من عمالك جائر، فإن المسيء يفرُق من خبرتك به قبل أن تصيبه عقوبتك، و المحسن يستبشر بعلمك به قبل أن يأتيه معروفك. و لتعرفهم من أخلاقك أنك لا تعاجل بالثواب و لا بالعقاب فإن ذلك أدوم لخوف الخائف و رجاء الراجي.

عود نفسك على ما خالفك من رأي أهل النصيحة، و لا يسهل ذلك إلا على أهل الفضل و العقل و المروءة. لا تترك مباشرة عظيم أمرك فيعود شأنك صغيرا، و لا تباشر الصغير من الأمر فتضيع الكبير. و أنت لا تتسع لكل شيء فتفرغ للمهم، و كرامتك لا تسع العامة فتوخ أهل الفضل. إنك و أنت عاجز عن جميع مصالحك فأحسن قسمة نفسك بينها. لا تكثر البشر و لا القبض، فإن أحدهما سَخَفٌ و الآخر كبْر. ليس لملك أن يغضب، لأن قدرته تحصل مقصوده، و لا يكذب لأنه لا يقدر أحد على إكراهه، و ليس له أن يبخل لبعد عذره عن خوف الفقر، و لا أن يحقد لأن حقده خطر على الرعية. أحق الناس بجبر نفسه على العدل الوالي ليقتدي به غيره. الناس ينسبون الوالي إلى نقض العهد، و نسيان الود، فليكذب قولهم، و ليبطل عن نفسه صفات السوء، و ليهتم بسد خلة أهل الفضل، و ردع عادية السفلة. إنما يصول الكريم إذا جاع، و اللئيم إذا شبع. لا تهمل التثبت، فإن الرجوع عن الصمت أولى من الرجوع عن الكلام، و العطية بعد المنع أولى من المنع بعد العطية.

فجميع ما يحتاج إليه الوالي من الرأي رأيان: رأي يقوى به سلطانه و رأي يزينه في الناس و الأول مقدم
.
مع فائق التقدير و الاحترام
الاستاذ أحمد فال ولد صالح - وزير سابق

الجاليات

الصحة

وكالة أنباء الأخبار المستقلة © 2003-2025