تاريخ الإضافة : 28.02.2012 15:34

المطبات الوطنية وفي شبه المنطقة

يلاحظ المراقبون في الساحة السياسية الوطنية بأنها في حراك، فقد عرفت استقالات جديدة لأطر بعض الأحزاب، وتراجع في إئتلاف المعارضة المحاورة، وانضمامات جديدة للمعارضة غير المحاورة.

وبعض الأحزاب الأخرى تقوم بحملات دعائية، وتجمعات جديدة في طور التكوين، وكذا، مشاورات واسعة تجري بين النظام والبرلمانيين المؤيدين له.

وفي الظروف العادية كل هذا منطقي، ولكن في مواجهة الزهير المتواصل لجزء من المعارضة الرادكالية، وتوتر للمنمين، وفقد أحزاب الأغلبية للسبيل وتعب البرلمانين، فان الوضعية تكون قابلة للتعليق.

ويمكن أن يتهم المحيط في المنطقة بالتمالئ في هذا الاتجاه وفي عدم الإستقرار الذي يبحث عنه المتطرفون لزرعه في أذهان من استطاعوا في الشمال والشرق والجنوب.

في الشمال يلاحظ أن حصيلة الربيع العربي سيئة، بإستثناء تونس التي حالفها الحظ في أن تخلق مرحلة انتقالية هادئة.

في الشرق، فإن الحرب في شمال مالي ونزوح اللاجئين سيسببون عدم توازن في بعض المكونات الوطنية وأطماعا لم تكن متوقعة قد تسمم مناخ العلاقات بين مختلف دول شبه المنطقة.

في الجنوب، فإن الإنتخابات في السنغال تهدد استقرار هذا البلد الشقيق، فاللذين يؤيدون الثورة لا يريدون مصلحة السنغال ولا المصلحة الموريتانية.

ومهما تكن أخطاء الرئيس واد فالفرصة الديمقراطية متوفرة بالاقتراع لتثبت له أنه لايملك الحقيقة. وبالنسبة لكم أنتم الأحزاب السياسية، فلكم حقوقكم وعليكم قبول قرارات المؤسسات الأخرى للدولة.

المجلس الدستوري أخذ قراره وهذا من حقه، ومن العدل والديمقراطية أن يقبل هجا القرار لتجنب البلاد الشغب وعدم الاستقرار اللذان لايركب رياحهما غير مثيري الشغب وقطاع الطرق وأعداء الديمقراطية.

إن الموريتانيين يتابعون بحذر تطور هذه الوضعية والبعض يفضل عدم الإستقرار والإخلال بالأمن لإستيراده إلى بلادنا، والبعض يفضل الإستقرار سواء بالرئيس واد أو بدونه.
ونحن في موريتانيا علينا أن نستخلص الدروس بكل موضوعية مما عرفته الدول العربية طيلة هذا الربيع الحزين؛

- فليبيا ممزقة بين قبائل كل واحدة منها مسلحة وتبسط نفوذها على المنطقة التي توجد فيها وأحيانا على مناطق من العاصمة طرابلس(المطار،الميناء،بعض الأحياء،إلخ....)

ـ فمصر تراجع اقتصادها عشر سنوات إلى الخلف، وتحاكم الآن فرعونها والسيد الذي رفع أجنحتها على العالم العربي، الرجل الذي فرض المصري في كل المؤسسات العربية والدولية، الرجل الذي فرض اليد العاملة المصرية في كل دول الخليج، والرجل الذي خدم بعظمة الغرب وإسرائيل في الشرق الأوسط ليخلق استقرارا، والذي مع الأسف الشديد لم يستخدم من طرف العرب بما فيه الكفاية. مصر هذه تحتاج وقتا آخر لتستقيم بعد هذه المطبات الموجعة فمن المستفيد؟

ـ فاليمن يواصل سعيه نحو إصلاحات متخاذلة بعد سقوط مئات القتلى وذهاب الرئيس صالح بأمواله وبحصانة مدى الحياة ، فأي خسارة لليمن.

- أما سوريا فتغرق في هوة لاأحد يعرف نتائجها على شبه المنطقة، المؤكد منه فقط أنها كارثية على سوريا.

وفي النهاية ماذا حمل الربيع العربي غير المأساة والموت والإخلال بالنظام وتهديم البني التحتية ونظم الدول، وتراجعت بفضله الاقتصادات عشرات السنين إلي الخلف، فلا يمكن لأي تعاون ثنائي مع هذه الدول أن يعيدها إلى وضعها الطبيعي في القريب المنظور.

إن موريتانيا اعتبارا لوضعها الجغرافي وروابطها الثقافية مع دول الشمال والجنوب وخصوصيتها من هؤلاء وؤلائك وكذا قوة لحمتها الاجتماعية فإنها قادرة على اختيار طريقها، طريق ديمقراطي بخطاب متحضر بعيد عن العنف، وبقبول حقوق كل واحد وقبول نتائج الصناديق.

إن حكام اليوم ومن بعدهم عليهم أن يقبلوا بتوزيع العدالة على كل المواطنين وإرغامهم بدون استثناء على احترام القانون فهو الطريق الأوحد للنجاح. أنظروا إلى نجاح الدول الأنكلوسكسونية مقارنة مع الدول الفرانكفونية، وخاصة الولايات المتحدة، فلا تفسير لذلك غير احترام القانون وتعميق الديمقراطية.

بقلم: الحسين ولد جدو


الجاليات

شكاوي

وكالة أنباء الأخبار المستقلة © 2003-2025