تاريخ الإضافة : 23.03.2011 10:14

مقاطعة "الركيز" تستغيث برئيس الجمهورية

محمد المختار ولد عبد الصمد
تعدتبر مقاطعة الركيز أهم مقاطعات البلد من جميع النواحي، حيث تمتد على مساحة تقدر بـ:7732 كلم، ويقارب عدد سكانها 100 ألف نسمة، موزعين على خمس بلديات هي
بلدية الركيز، بلدية: انتيكان، بلدية: بوطلحايه، بلدية: برينه، بلدية: لكصيبه2، هذه البلديات الخمس التي تضم عشرات القرى والتجمعات المتناثرة هنا وهناك، مما جعل هذه0 المقاطعة تحتل مركزا الصدارة في الولاية، من حيث الكثافة السكانية، الأمر الذي يشكل ضغطا متزايدا على مركز مقاطعة مدينة الركيز، ويجعلها بحاجة ماسة إلى تحسين مستمر للرفع من مستوى الأداء والخدمات التي لا غنى عنها لأبناء المقاطعة.

أما من حيث الموقع والاقتصاد والتراث التاريخي، فإن هذه المقاطعة تحتل مكانة بارزة لا نظير لها ضمن مقاطعات الولاية، إن لم نقل مقاطعات الوطن، فهي تتوفر على مساحات زراعية شاسعة قد تمكنها، لو تم استصلاحها بشكل جيد من تحقيق اكتفاء ذاتي في المجالات الزراعية، بل وتتيح لها إمكانية تزويد البلديات المجاورة، وحتى السوق الوطنية بفائض كبير من الإنتاج الزراعي، هذا بالإضافة إلى التجارة والتنمية المزدهرتين هنا بشكل كبير، ورغم هذا وغيره من مقومات الرقي والازدهار، فقد عاشت هذه المقاطعة خلال الفترة الماضية من عمر الدولة الموريتانية حالات من التهميش والإقصاء والظلم والحرمان قل نظيرها في أي مكان من العالم.

وبعد التغييرات الأخيرة لانقلاب 2005، وتصحيح 2008 أشرق أمل جديد في تبوئها مكانتها أو على الأقل استرجاع بعض من حقوقها، فكان انحيازها في الانتخابات الماضية إلى جانب المرشح محمد ولد عبد العزيز، رغم أن من دأبوا على تهميشها وإقصائها كانوا إلى جانب المرشحين الآخرين، إلا أن الجماهير الشعبية من أطر ومزارعين وفقراء ومحرومين أبوا إلا أن يقفوا صفا واحدا خلف المرشح محمد ولد عبد العزيز، لما لمسوه في خطاباته من وعود بالإصلاح، واهتمام بالشرائح المهمشة والفقراء والمحرومين، يحدوهم الأمل في أن تتغير وضعية مقاطعتهم وأن يخرجوا من صف المنبوذين والمغضوب عليهم إلى صفوف المجموعة الوطنية يتقاسمون معها خيرات هذا البلد ويستفيدون من خدمات دولتهم الوطنية، إلا أن كل ذلك كان وهما وسرابا، وحالة البنية الأساسية من تعليم وصحة ومياه وكهرباء وطرق... خير شاهد على ذلك، فحين ما يزور الإنسان المستوصف المحلي والذي لا يستحق هذه التسمية، سيرى بأم عينيه مأساة سكان هذه المقاطعة، وخاصة مدينة الركيز، فهذا المستوصف عبارة عن بناية ضيقة متهالكة، بنيت في العهد القديم، أشبه ما تكون بمغارة في كهف بنت العنكبوت في جنباتها وجالت الصراصر والحشرات بين جدرانها، حيث تنعدم أبسط مظاهر النظافة والصيانة، ويسود الإهمال واللامبالاة والزبونية في صفوف أكثر العاملين في هذا المستوصف إن لم نقل جميعهم، فلا أسرة للمرضى، ولا غرف للحجز، ولا مداومة ولا عناية، مما رفع نسبة الوفيات في صفوف المواطنين، وخاصة النساء وجراء الولادة غير المرعية صحيا، علما بأن القائمين على هذا المستوصف أغلبهم من سكان مدينة الركيز، وقد استبدلوا العمل فيه بعيادات خاصة في منازلهم يستخدمون فيها أدوية مزورة عديمة الفائدة، وقد تكون منتهية الصلاحية في أحيان كثيرة.

ويبدو أن الطبيب الرئيس عاجز عن كبح جماح العاملين معه وإلزامهم بالقيام بواجباتهم من مسئولية وأخلاق ومهنية وحضور ومداومة..، حيث يقدمون أعمالهم الخاصة ومصالحهم الشخصية على حساب المواطنين والوطن، وهذا في حقهم قليل من كثير.

أما من ناحية التجهيزات الضرورية للمستوصف فإنها معدومة تماما، فلا توجد أبسط الفحوص ولا الأشعة و لا غيرها... ناهيك عن طب الأسنان والتخصصات الأخرى...

أما عن المياه وتوفرها، فإن المدينة عطشى حيث تنقطع إمدادات المياه يوميا مع عدم وجودها أصلا في الكثير من أحياء المدينة، ولا تتوفر محطة المياه إلا على مولد واحد مؤهل للتعطل في أي وقت، وقد يؤدي تعطله إلى تهديد هذه المدينة بالهلاك بين عشية وضحاها، أما الكهرباء فلا وجود لها بشكل حقيقي، والموجود منها هو عبارة عن شبكة صغيرة حقيرة أقيمت على مولدات من نفايات العهد البائد وتتعطل يوميا، حيث نعيش هذه الأيام أزمة متفاقمة سببها تلف المولد الأخير من هذه المولدات، وقد تم استجلاب مولد ضعيف من إحدى القرى التابعة للمقاطعة، ونحن في انتظار تعطله هو الآخر.

أما بخصوص التعليم، فقد بلغ النقص في صفوف المعلمين ستين معلما (60)، ينضاف إليها تحويل عشرين آخرين من المقاطعة، مما أوصل العجز إلى قرابة 100%، كما تتعرض ثانوية المقاطعة الوحيدة، التي تضم قرابة ألف طالب وطالبة، إلى الإهمال والتهميش، ويتجلى ذلك في نقص الأساتذة والمؤطرين والأدوات التربوية، وانعدام الكهرباء وأجهزة الحاسوب والكثير من الوسائل الضرورية للمؤسسات التعليمية في العصر الحديث.

كما تعيش عاصمة المقاطعة عزلة، فلا طرق معبدة تربط هذه العاصمة بالولاية أو بطريق الأمل أو طريق روصو- نواكشوط عبر المذرذره، مما سبب ضررا بالغا للمزارعين، وخاصة مزارعي الخضروات التي لا تتحمل الادخار، وقد تتعرض للتلف إذا لم يتم نقلها وتسويقها في الوقت المناسب.

وبخصوص الزراعة والتنمية الحيوانية فتنتشر الأوبئة والأمراض في قطاعات المواشي دون أن يحرك ذلك ساكنا أو تدخلا على مستوى البيطرة والتنمية الريفية، فلا حملات تلقيح ولا صيدليات بيطرية... مما يجعل صحة المواشي في خطر ومن ثم صحة المواطنين، أما عن الزراعة فإنها تعاني الكثير من الصعوبات على مستوى التأطير والرعاية والتوجيه وإدخال الوسائل الحديثة في طرق الارتواء، ومكافحة الآفات، وتحسين آليات التخزين والتجفيف والتسويق وتوفير الأسمدة والقرض الزراعي والاستصلاح الترابي وغير ذلك.

وعلى الصعيد الأمني عاشت المقاطعة الخريف الماضي على إيقاع التلصص واقتحام المساكن وكسر نوافذها وسرقة محتوياتها، مما سبب هلعا كبيرا وخوفا مستمرا في صفوف المواطنين، في حين ظلت فرقة الدرك الوحيدة في المقاطعة والقليلة العدد والعدة عاجزة عن تحديد الفاعلين، ومن ثم القبض عليهم واقتيادهم إلى العدالة حتى في وقت قريب، حيث قام قائد الدرك الجديد بعمل جيد ساهم في بسط الأمن والقبض على المجرمين وإعادة الطمأنينة والسكينة إلى نفوس المواطنين، إلا أن هذا العمل لم يتواصل ولم يعمر طويلا، ولا أدري ما السر وراء ذلك؟ سيدي رئيس الجمهورية إننا نتساءل عن سبب هذه الوضعية ومن المسئول عنها؟

لا شك أننا نحن سكان مدية الركيز نتحمل جزءا من المسئولية ويتحمل منتخبونا محليا جزءا آخر، فلا نحن قبيلة واحدة اجتمعت حول بئرها وحماها وأدارت مصالحها بأنفسها واستجلبت المنافع باسم القبيلة وتاريخها ومجدها، كما في بعض القرى، لكننا مجموعة قبائل شتى وشرائح مختلفة تربطنا علاقات مدنية ومصالح مشتركة أوكلنا تحقيقها إلى منتخبينا الذين عجزوا وشغلتهم أموالهم و أولادهم، وتصامموا عن آلامنا وآمالنا وتركونا بالعراء بعد أن ربطنا بهم مصير مقاطعتنا، وعلقنا عليهم آمالا جساما ومسئوليات جمة، رغم هذه الوضعية المزرية فإننا نأمل منهم الإنابة والتحلي بالمسئولية والتفكير في من انتخبوه وأن يتقبلوا النقد بصدور رحبة وقلوب مفتوحة وآذان صاغية، وأن يعلموا أن هدفنا الإصلاح والتنبيه وتغيير المنكر حسب المستطاع، لانقض الأشخاص وتجريمهم والقدح في أعراضهم، وهذا ما يشفع لنا عند كل منصف لبيب.


على كل حال سيظل منتخبنا الأول هو السيد محمد ولد عبد العزيز، ما دمنا نلمس فيه مصلحة الوطن والمواطن، وعلى الله وحده المعول، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

الجاليات

شكاوي

وكالة أنباء الأخبار المستقلة © 2003-2025