تاريخ الإضافة : 27.05.2013 09:23

ذكرى حادث طائرة ولد بوسيف 27 مايو 1979م (تقرير)

رئيس الوزراء الموريتاني الأسبق المقدم أحمد ولد بوسيف

رئيس الوزراء الموريتاني الأسبق المقدم أحمد ولد بوسيف

الأخبار (انواكشوط) ـ عرفت اللجنة العسكرية للإنقاذ الوطني بعد تنفيذها لانقلاب 10 يوليو 1978م حالة استقطاب حادٍّ بسبب اتخاذ الرئيس العقيد المصطفى ولد محمد السالك لبعض القرارات الكبرى دون استشارة أعضاء اللجنة، وتعيينه للقادة العسكريين الذي لم يشاركوا في الانقلاب ـ وعلى رأسهم العقيد الطيار محمد ولد اباه ولد عبد القادر الملقب (كادير) ـ في مناصب حساسة، فضلا عن التقارب الذي حصل بين الرئيس وبين القوى المدنية.

وذلك ما جعل مجموعة من قادة انقلاب 10 يوليو يقررون التحرك من جديد، فاتخذوا إجراءات أمنية بارزة؛ كان من بينها سحب فرقة الحراسة من أمام القصر، قبل أن يطلبوا الاجتماع بالرئيس المصطفى ويتقدموا إليه بمجموعة مطالب ومقترحات أهمها تعيين المقدم أحمد ولد بوسيف نائبا أول لرئيس اللجنة ورئيسا للوزراء بصلاحيات واسعة.

فما كان من الرئيس المصطفى ـ الذي لم تكن لتخفى عليه حالة التذمر في أوساط النخبة العسكرية ـ إلا أن وافق لهم على المقترح لتصبح صلاحياته محدودة جدا، وكان هذا التعديل الجوهري في الجهاز التنفيذي للدولة بمثابة انقلاب سلس تعامل معه الرئيس المصطفى بحكمة ورزانة شديدة، وعُرف بانقلاب 6 إبريل 1979م، وتم استبدال كلمة "الإنقاذ" بكلمة: "الخَلاص" في اسم اللجنة العسكرية.

لكن خلافات العسكر عادت من جديد حين أقدم رئيس الوزراء ولد بوسيف على اتخاذ خطوات هامة بشكل انفرادي ودون الرجوع إلى اللجنة؛ ومن بين تلك الخطوات إطلاق سراح وزراء ولد داداه المعتقلين منذ انقلاب 10 يوليو 1978م، وقبل أن يتخذ قادة 6 إبريل موقفا محددا من قائدهم ولد بوسيف كانت المفاجأة التي هزت البلاد بسقوط طائرته يوم 27 مايو 1979م.

كان المقدم أحمد ولد بوسيف متوجها إلى العاصمة السينغالية داكار للمشاركة في أعمال القمة الاقتصادية السادسة لدول غرب أفريقيا، وقد وصلت طائرته إلى مطار داكار وحاول الطيار الهبوط ثم أقلع من جديد قبل أن يفقد السيطرة وتسقط الطائرة في المحيط الأطلسي في حادث يصفه البعض بالغامض، بل يرى العقيد كادير الذي كلفته اللجنة العسكرية بالتحقيق في الحادث ـ نظرا لخبرته كطيار ـ أنها كانت عملية مدبرة.

لكن المقدم محمد خونه ولد هيدالة ينفي ذلك بشدة، مؤكدا أن نتائج التقرير الذي أشرف عليه العقيد كادير ـ نفسه ـ رفقة خبراء سينغاليين أثبت أن الحادث كان عرَضيا، غير أن صراحته المعهودة جعلته يبوح في مذكراته بمعلومة هامة تتعلق بالخلافات مع ولد بوسيف؛ حيث يقول: "كنا على اقتناع بأنه إن عاد من سفره فسيتخلص منا!". انظر: (محمد خونا ولد هيدالة، تجربة رئيس مع أطول سجن سياسي في موريتانيا ص: 90).

كما تفيد بعض المصادر أن الأحوال الجوية في ذلك اليوم كانت سيئة للغاية؛ وذلك بسبب الرياح القوية والغبار الشديد في العاصمة السنغالية داكار، فضلا عن أن ملاح الطائرة كان بمفرده وليس معه أي مساعد. انظر: (سيد أعمر ولد شيخنا، موريتانيا المعاصرة ـ الجزء الأول، ص: 34ـ36).

وبعد أربعة أيام من هذا التاريخ، وتحديدا في يوم 31 مايو 1979م اجتمعت اللجنة العسكرية للخلاص الوطني، وتم انتخاب المقدم محمد خونا ولد هيدالة نائبا أول لرئيس اللجنة ورئيسا للوزارء خلفا للمقدم ولد بوسيف، وأشادت اللجنة في بيانها الصادر عقب هذا الاجتماع بجهود ولد بوسيف في خدمة الوطن، وطرَح بعض أعضاء اللجنة مقترحا بأن يخضع منصب الرئيس للانتخاب، ولكن تم تعليق الاجتماع على أن يستأنف لاحقا.

ثم اجتمعت اللجنة يوم 03 يونيو 1979م لانتخاب الرئيس، وحين أحسّ الرئيس المصطفى أن حظوظه في الانتخاب باتت قليلة قرر الاستقالة طوعا ولم يترشح للمنصب، فانتخبت اللجنة العقيد محمد محمود ولد أحمد لولي، وأوضحت اللجنة في بيانها الجديد أن العقيد المصطفى استقال لرغبته الشخصية في ذلك.

لكن الخلافات بين العسكر سرعان ما ألقت بظلالها مع حلول نهاية سنة: 1979م بسبب توزُّع السلطة التنفيذية بين الرئيس ورئيس الوزراء، لكن العقيد ولد أحمد لولي آثر الاستقالة من منصبه، فصادقت اللجنة العسكرية على توحيد الهيئتين التنفيذيتين (الرئاسة ورئاسة الوزراء)، وتم الإعلان عن تولي المقدم محمد خونا ولد هيدالة لرئاسة الدولة؛ ليحكم بذلك قبضته على السلطة بشكل كامل منذ يوم: 04 يناير 1980م.

المناخ

شكاوي

وكالة أنباء الأخبار المستقلة © 2003-2025