تاريخ الإضافة : 15.12.2009 10:55
كلمة سواء
حبيب الله ولداحمد
لقد نهبت الثروات الوطنية الموريتانية بشكل منظم منذ الإطاحة بالرئيس المؤسس للكيان الموريتاني المعاصر الأستاذ المختار ولد داداه..
هذه حقيقة لا مراء فيها, فهي مسلمة معروفة ومتجاوزة
ثلاثون عاما من الفساد الذي ظهر في البر والبحر بما كسبت أيدي "تحالف بغيض قديم متجدد بين رجال الأعمال وكبار السياسيين والوجهاء والنافذين من المدنيين والعسكريين".
ثلاثون عاما أهلكت الحرث والنسل, وأكلت الأخضر واليابس, وسحقت فيها عظام عامة الموريتانيين, ومصت دماؤهم وتم ابتلاع ما بين سمائهم وأرضهم, بل حتى ما تحت هذه الأرض, غير انه علينا - للأمانة - أن نقول انه ليس بمقدورنا أن نلصق تهمة النهب برجل الأعمال هذا وإبعادها عن رجل الأعمال ذاك,وليس بمقدورنا - لا قانونيا ولا أخلاقيا- إدانة" زيد" أو تبرئة "عمرو" فى هذا لملف الحساس سياسيا واقتصاديا وحتى اجتماعيا ,(الثروات الوطنية المنهوبة تفرق دمها بين قبائلنا وجهاتنا وأعراقنا وحتى تياراتنا السياسية ولم ينج من ذالك الدم الا العامة والمهمشون وسكان الهوة السحيقة فى أسفل اجتماعيا واقتصاديا)
واليوم تثار ملفات الفساد وترتفع أصوات عديدة "بحسن نية أو بسوئها لا يهم" مطالبة باستعادة الأموال المأخوذة غصبا وعنوة من هذ الشعب الجريح على امتداد عقود الفوضى والتسيب الماضية, وينقسم الناس بين مطالب بتشديد وثاق "القوارين" (لعلها أن تكون جمعا مستحدثا لاسم "قارون" الذي أغرته ثرواته فبغى على قومه - الذين هم أيضا قوم نبي الله موسى عليه السلام - وتجبر قبل أن يخسف الله به وبداره الأرض كما فى الرواية القرءانية) الجدد من رجال أعمالنا داخل السجن أو خارجه وبين مطالب بإخلاء سبيلهم..
الملفات الحالية اختلط فيها حابل "التجاوزات المالية" بنابل "المآرب السياسية" وهو اختلاط نجمت عنه جملة أخطاء متبادلة لابد من الوقوف عليها لتصحيحها قبل طي الملف الحالي وإنهاء أزمته
-أول هذه الأخطاء القاتلة هو إقدام ولد عبد العزيز على الانفراد بمجموعة رجال أعمال واعتقالهم دون البقية, والله يعلم أن كل رجال الأعمال في بلادنا - إلا من رحم ربك - ضالعون في الفساد بطريقة أو بأخرى, وبالتالي فمسار المساءلة والتحقيق معهم يجب أن يكون موحدا وأن لا يستثنى أحدا, فلا يمكن اقتطاع ثلاثة فقط من حوالي مائة رجل أعمال على صلة بملفات الفساد..
-الخطأ الآخر هو خطأ المعارضة التي دخلت على الخط لاستغلال الملف وإظهار رجال الأعمال الموقوفين بمظهر "مناضلين معارضين للنظام" يريد النظام تصفية الحساب السياسي معهم, وهذا خطأ فادح فالمعارضة وبنفس الوجوه والألقاب والأقنعة أيضا شنت حملة تشويه واسعة النطاق ضد الثلاثة المعتقلين حاليا في فترات سابقة
وقالت المعارضة في حملتها تلك - المتوفرة وثائقيا خاصة في سنوات 2003 و2005 - إن رجال الأعمال المعتقلين حاليا ومعهم مجموعة أخرى نهبت خيرات البلاد وأفلست الدولة وحولتها إلى مجرد إقطاعيات صغيرة..
فهل نصدق بكاء المعارضة الحالية على أعدائها بالأمس, أم نصدق وقائع تتحدث بالأمس وحتى اليوم عن إفلاس منظم لمؤسسات الدولة, وبتجويع منظم للشعب الموريتاني, ونهب منظم لثرواته من طرف مجموعة رجال أعمال" وان كانت بالقطع أكثر من مجرد ثلاثة رجال" ؟!
-الخطأ الثالث ارتكبه رجال الأعمال الموقوفين حاليا عندما قبلوا مبدئيا إرجاع بعض الأموال لخزينة الدولة ثم تراجعوا عن ذلك فيما بعد لأسباب سياسية واجتماعية ربما لم يأخذوها بعين الاعتبار لحظة بدء التحقيق معهم..
إن هذه الأخطاء يمكن علاجها مجتمعة بالآتي:
- بالنسبة لولد عبد العزيز عليه أن يأمر أحد وزرائه بعقد مؤتمر صحفي لشرح وقائع الملف الحالي- الذي له علاقة باختفاء أموال عمومية طائلة من البنك المركزي- ولتوضيح أسباب الانفراد بمجموعة رجال أعمال دون الآخرين, فإذا كان هناك رجال أعمال اعترفوا بمبالغ تحايلوا عليها ودفعوها للخزينة غداة التحقيق معهم يجب توضيح ذلك بالوثائق المدعمة بالمحاضر وطرق الدفع والمبالغ مع لائحة رجال الأعمال المعنيين مدعمة بالمبالغ والمحاضر والتأريخ والاتفاقيات المبرمة بذلك الشأن مع الدولة والتواقيع الشخصية أو الاعتبارية لرجال الأعمال ا ومؤسساتهم وبالتالي يصبح الموقوفون أمام الرأي العام الوطني مجرد رجال أعمال تهربوا من دفع أموال تحايلوا عليها وإعادتها لخزينة الدولة وما لم يوضح ذلك كله بالوثائق والقرائن والأدلة القانونية فإنه يبقى مجرد فرضية تحتمل الصدق والكذب..
وبالنسبة للمعارضة فعليها الابتعاد عن المزايدات الرخيصة واستغلال الأشخاص لدعم رصيدها الانتخابي الذي يوشك على النفاد.. فلو ثبت أن رجل أعمال مهما كان تحايل على أرزاق الشعب الموريتاني فتجب معاقبته ويجب عليه إعادة المسروقات إلى الخزينة فكل مليون يبني حجرة دراسية أو مليار يجهز مستشفى هو بالتأكيد أهم لدى عامة الموريتانيين ليس من المعارضة ورجال الأعمال فحسب ولكن أيضا من النظام القائم مهما كان شكله..
ومن الأكيد أن استعادة الدولة لما نهبه رجال أعمال أو إداريون أو مدنيون أو عسكريون نافذون في فترات سابقة هو أمر مرحب به وجهد يستحق الإشادة ما لم يخالطه رياء أو تجاوز أو تصفية لحسابات سياسية أو اجتماعية عابرة..
وعلى رجال الأعمال سواء كانوا داخل السجن أو خارجه ظالمين او"مظلومين" أن يتقوا الله في أرزاق هذا الشعب المسكين الذي جلدوه وسلخوه على امتداد عقود مريرة من البطش والتسلط واستخدام النفوذ والابتزاز وعليهم في هذه المرحلة الحاسمة إثبات براءتهم من تهم التحايل إذا كان ذلك بمقدورهم قانونيا ,أو معالجة الأمر أخلاقيا على الأقل بتقديم هبات أو تبرعات أو زكوات أو حتى صدقات" سرية" أو علنية لهذا الشعب عبر خزينة الدولة ولومن باب" تصدق على المرابط من ماله" مع حقهم في التأكد من أن تلك الصدقات ستصل إلى مستحقيها, ولو أنهم عملوا خطوة بهذا الاتجاه في الماضي لما أصبح بعضهم اليوم بلا ماء وجه تحت "نشر الغسيل" حيث القطرات شحيحة وساخنة وقذرة وحنظلية المذاق, ومن الواضح أن وضع هذا الملف في إطار أخلاقي قد يسرع بحله عن طريق التراضي فالقانون لا يرحم والناس يعرفون من أكل البلاد وجوع العباد وأظهر الفساد في البر والبحر والمجتمع الموريتاني فى غنى عن زراعة البغضاء والتفرقة فى صفوفه..
لنعالج معا هذه الأخطاء بعيدا عن الاعتبارات السياسية الضيقة والأطر الاجتماعية المنتنة والانتهازية الشخصية البغيضة..
لنعد إلى كلمة سواء بيننا جميعا قوامها العدل والإنصاف وبناء جسور الثقة المتبادلة.
لقد نهبت الثروات الوطنية الموريتانية بشكل منظم منذ الإطاحة بالرئيس المؤسس للكيان الموريتاني المعاصر الأستاذ المختار ولد داداه..
هذه حقيقة لا مراء فيها, فهي مسلمة معروفة ومتجاوزة
ثلاثون عاما من الفساد الذي ظهر في البر والبحر بما كسبت أيدي "تحالف بغيض قديم متجدد بين رجال الأعمال وكبار السياسيين والوجهاء والنافذين من المدنيين والعسكريين".
ثلاثون عاما أهلكت الحرث والنسل, وأكلت الأخضر واليابس, وسحقت فيها عظام عامة الموريتانيين, ومصت دماؤهم وتم ابتلاع ما بين سمائهم وأرضهم, بل حتى ما تحت هذه الأرض, غير انه علينا - للأمانة - أن نقول انه ليس بمقدورنا أن نلصق تهمة النهب برجل الأعمال هذا وإبعادها عن رجل الأعمال ذاك,وليس بمقدورنا - لا قانونيا ولا أخلاقيا- إدانة" زيد" أو تبرئة "عمرو" فى هذا لملف الحساس سياسيا واقتصاديا وحتى اجتماعيا ,(الثروات الوطنية المنهوبة تفرق دمها بين قبائلنا وجهاتنا وأعراقنا وحتى تياراتنا السياسية ولم ينج من ذالك الدم الا العامة والمهمشون وسكان الهوة السحيقة فى أسفل اجتماعيا واقتصاديا)
واليوم تثار ملفات الفساد وترتفع أصوات عديدة "بحسن نية أو بسوئها لا يهم" مطالبة باستعادة الأموال المأخوذة غصبا وعنوة من هذ الشعب الجريح على امتداد عقود الفوضى والتسيب الماضية, وينقسم الناس بين مطالب بتشديد وثاق "القوارين" (لعلها أن تكون جمعا مستحدثا لاسم "قارون" الذي أغرته ثرواته فبغى على قومه - الذين هم أيضا قوم نبي الله موسى عليه السلام - وتجبر قبل أن يخسف الله به وبداره الأرض كما فى الرواية القرءانية) الجدد من رجال أعمالنا داخل السجن أو خارجه وبين مطالب بإخلاء سبيلهم..
الملفات الحالية اختلط فيها حابل "التجاوزات المالية" بنابل "المآرب السياسية" وهو اختلاط نجمت عنه جملة أخطاء متبادلة لابد من الوقوف عليها لتصحيحها قبل طي الملف الحالي وإنهاء أزمته
-أول هذه الأخطاء القاتلة هو إقدام ولد عبد العزيز على الانفراد بمجموعة رجال أعمال واعتقالهم دون البقية, والله يعلم أن كل رجال الأعمال في بلادنا - إلا من رحم ربك - ضالعون في الفساد بطريقة أو بأخرى, وبالتالي فمسار المساءلة والتحقيق معهم يجب أن يكون موحدا وأن لا يستثنى أحدا, فلا يمكن اقتطاع ثلاثة فقط من حوالي مائة رجل أعمال على صلة بملفات الفساد..
-الخطأ الآخر هو خطأ المعارضة التي دخلت على الخط لاستغلال الملف وإظهار رجال الأعمال الموقوفين بمظهر "مناضلين معارضين للنظام" يريد النظام تصفية الحساب السياسي معهم, وهذا خطأ فادح فالمعارضة وبنفس الوجوه والألقاب والأقنعة أيضا شنت حملة تشويه واسعة النطاق ضد الثلاثة المعتقلين حاليا في فترات سابقة
وقالت المعارضة في حملتها تلك - المتوفرة وثائقيا خاصة في سنوات 2003 و2005 - إن رجال الأعمال المعتقلين حاليا ومعهم مجموعة أخرى نهبت خيرات البلاد وأفلست الدولة وحولتها إلى مجرد إقطاعيات صغيرة..
فهل نصدق بكاء المعارضة الحالية على أعدائها بالأمس, أم نصدق وقائع تتحدث بالأمس وحتى اليوم عن إفلاس منظم لمؤسسات الدولة, وبتجويع منظم للشعب الموريتاني, ونهب منظم لثرواته من طرف مجموعة رجال أعمال" وان كانت بالقطع أكثر من مجرد ثلاثة رجال" ؟!
-الخطأ الثالث ارتكبه رجال الأعمال الموقوفين حاليا عندما قبلوا مبدئيا إرجاع بعض الأموال لخزينة الدولة ثم تراجعوا عن ذلك فيما بعد لأسباب سياسية واجتماعية ربما لم يأخذوها بعين الاعتبار لحظة بدء التحقيق معهم..
إن هذه الأخطاء يمكن علاجها مجتمعة بالآتي:
- بالنسبة لولد عبد العزيز عليه أن يأمر أحد وزرائه بعقد مؤتمر صحفي لشرح وقائع الملف الحالي- الذي له علاقة باختفاء أموال عمومية طائلة من البنك المركزي- ولتوضيح أسباب الانفراد بمجموعة رجال أعمال دون الآخرين, فإذا كان هناك رجال أعمال اعترفوا بمبالغ تحايلوا عليها ودفعوها للخزينة غداة التحقيق معهم يجب توضيح ذلك بالوثائق المدعمة بالمحاضر وطرق الدفع والمبالغ مع لائحة رجال الأعمال المعنيين مدعمة بالمبالغ والمحاضر والتأريخ والاتفاقيات المبرمة بذلك الشأن مع الدولة والتواقيع الشخصية أو الاعتبارية لرجال الأعمال ا ومؤسساتهم وبالتالي يصبح الموقوفون أمام الرأي العام الوطني مجرد رجال أعمال تهربوا من دفع أموال تحايلوا عليها وإعادتها لخزينة الدولة وما لم يوضح ذلك كله بالوثائق والقرائن والأدلة القانونية فإنه يبقى مجرد فرضية تحتمل الصدق والكذب..
وبالنسبة للمعارضة فعليها الابتعاد عن المزايدات الرخيصة واستغلال الأشخاص لدعم رصيدها الانتخابي الذي يوشك على النفاد.. فلو ثبت أن رجل أعمال مهما كان تحايل على أرزاق الشعب الموريتاني فتجب معاقبته ويجب عليه إعادة المسروقات إلى الخزينة فكل مليون يبني حجرة دراسية أو مليار يجهز مستشفى هو بالتأكيد أهم لدى عامة الموريتانيين ليس من المعارضة ورجال الأعمال فحسب ولكن أيضا من النظام القائم مهما كان شكله..
ومن الأكيد أن استعادة الدولة لما نهبه رجال أعمال أو إداريون أو مدنيون أو عسكريون نافذون في فترات سابقة هو أمر مرحب به وجهد يستحق الإشادة ما لم يخالطه رياء أو تجاوز أو تصفية لحسابات سياسية أو اجتماعية عابرة..
وعلى رجال الأعمال سواء كانوا داخل السجن أو خارجه ظالمين او"مظلومين" أن يتقوا الله في أرزاق هذا الشعب المسكين الذي جلدوه وسلخوه على امتداد عقود مريرة من البطش والتسلط واستخدام النفوذ والابتزاز وعليهم في هذه المرحلة الحاسمة إثبات براءتهم من تهم التحايل إذا كان ذلك بمقدورهم قانونيا ,أو معالجة الأمر أخلاقيا على الأقل بتقديم هبات أو تبرعات أو زكوات أو حتى صدقات" سرية" أو علنية لهذا الشعب عبر خزينة الدولة ولومن باب" تصدق على المرابط من ماله" مع حقهم في التأكد من أن تلك الصدقات ستصل إلى مستحقيها, ولو أنهم عملوا خطوة بهذا الاتجاه في الماضي لما أصبح بعضهم اليوم بلا ماء وجه تحت "نشر الغسيل" حيث القطرات شحيحة وساخنة وقذرة وحنظلية المذاق, ومن الواضح أن وضع هذا الملف في إطار أخلاقي قد يسرع بحله عن طريق التراضي فالقانون لا يرحم والناس يعرفون من أكل البلاد وجوع العباد وأظهر الفساد في البر والبحر والمجتمع الموريتاني فى غنى عن زراعة البغضاء والتفرقة فى صفوفه..
لنعالج معا هذه الأخطاء بعيدا عن الاعتبارات السياسية الضيقة والأطر الاجتماعية المنتنة والانتهازية الشخصية البغيضة..
لنعد إلى كلمة سواء بيننا جميعا قوامها العدل والإنصاف وبناء جسور الثقة المتبادلة.