تاريخ الإضافة : 25.01.2009 12:10
أحمد الحمدي: حين يغطي القماش تاريخ مناضل..
أحمد الحمدي إسم لا يعرف الكثيرون عنه أكثر من اقترانه بنوع من القماش كان يستورده، بل إن منهم من يظنه اسما للقماش و لا يدري لم سمي بذلك؟
القصور في إدراك جهد هذا الرجل يزول عند أول قدم تضعها في وادي تيارت شمال غرب أطار وقرب موقع أزوكي الأثري، فبين نخيل هذا الوادي الشامخ شموخ جبال آدرار التي أقضت مضاجع المستعمر الفرنسي وتحت أنسام التاريخ المرابطي ستطالعك الصدقات الجارية بعيدا عن الضجيج لأحمد بن سيدها الملقب أحمد الحمدي.
عيون لعويجة التي فجرها رغم قسوة الصخر وتثبيط الخبراء وحياض المياه (الموليات) التي يستورد لها المياه من تلك العيون البعيدة عن طريق الماكينة "ولا أريد عليها جزاء ولا شكورا "، ومواقف من التعاطف مع المقاومين والمناضلين دفع ثمنها سجنا وتنكيلا ومحاكمة في فترة الاستعمار.
القصور في إدراك جهد هذا الرجل يزول عند أول قدم تضعها في وادي تيارت شمال غرب أطار وقرب موقع أزوكي الأثري، فبين نخيل هذا الوادي الشامخ شموخ جبال آدرار التي أقضت مضاجع المستعمر الفرنسي وتحت أنسام التاريخ المرابطي ستطالعك الصدقات الجارية بعيدا عن الضجيج لأحمد بن سيدها الملقب أحمد الحمدي.
عيون لعويجة التي فجرها رغم قسوة الصخر وتثبيط الخبراء وحياض المياه (الموليات) التي يستورد لها المياه من تلك العيون البعيدة عن طريق الماكينة "ولا أريد عليها جزاء ولا شكورا "، ومواقف من التعاطف مع المقاومين والمناضلين دفع ثمنها سجنا وتنكيلا ومحاكمة في فترة الاستعمار.
حدثنا الصديق الذي رتب لنا اللقاء مع أحمد الحمدي "إن عليكم أن لا تكونوا إعلاميين يلقون أسئلة بلا روح ، إنكم ستقابلون شيخا وقورا بجلال الشيب الذي يعد كل شاب ابنا يلزم أن تقدم له نصيحة المجرب حين تتخذ طلب النصح مدخلا للحوار" يقول لك أحمد: "نصيحتي لكم وللشباب هي أولا تعلم كتاب الله فذلك هو العلم النافع وعليهم أيضا الاعتماد على الله سبحانه وتعالى وسلوك طريقه المستقيم وترك الطرق المعوجة "اتفركيش" فهما طريقان فقط بينهما القرآن (إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا) ومن سلك أولاهما فإني أضمن له ضمان غرم خيري الدنيا والآخرة ".
سر التسمية..
"عندما ولدت سنة 1925 لأبوين من عائلتين عريقتين في أطار هما عبد الرحمن بن سيدها وعيشة منت برو، سمياني أحمد فصارت جدتي واسمها أمان بنت أحمد ولد الطلبه تدعوني بأحمد الحمدي تيمنا بتسمية عبد المطلب للنبي صلى الله عليه وسلم بمحمد رجاء الحمد في الدنيا والآخرة" .. ويستطرد:"كنت تاجرا بين آدرار ومدن الجنوب المغربي (اكليميم وأكادير) أسوق أجلاب الإبل (اتزولي) وفي سنة 1957 استوردت نوعا من قماش "توبيت" من المغرب وأدخلت رزما منه (بالوطات) إلى موريتانيا لأول مرة"..
"أدخلت هذا النوع من القماش إلى موريتانيا لأول مرة سنة 57 وأذكر أنني اشتريته من تاجر يهودي في الدار البيضاء لذلك سماه الناس باسمي كما هو عادة الموريتانيين في تسمية السلع والأحياء والمحال".
"أدخلت هذا النوع من القماش إلى موريتانيا لأول مرة سنة 57 وأذكر أنني اشتريته من تاجر يهودي في الدار البيضاء لذلك سماه الناس باسمي كما هو عادة الموريتانيين في تسمية السلع والأحياء والمحال".
ذكريات..وبعض التاريخ
سألناه عن بعض ذكرياته عن الإستقلال ، وكيف كان وقعه على جيله؟ فقال "أذكر تلك الفترة من خلال واقعة سجني على خلفية اتهامي بالعلاقة بجيش التحرير وأنني تلقيت رسالة من أحمدو ولد حرمة ولد ببانة يخبرني فيها بتحرك هذا الجيش من المغرب في يناير 1958".
فصحيح أني تلقيت رسالة من ولد حرمة وقد ضبطوها في صندوق بريدي في أطار وكانت تحوي معلومات عن تحرك جيش التحرير وتدعو للتعبئة له ولكن لم أكن على علاقة بهذا الجيش".
"كان ولد حرمة يعلم أنني متعاطف معه ومع جهوده وسعيت في حملاته الانتخابية مع ولد يحي انجاي بل كنت منتميا إلى "لاتانت" كحال الكثير من أهل أطار إذ ذاك ولاسيما الشباب فربما يكون أراد استمالتي واكتسابي في هذا الجيش".
يفسر أحمد الحمدي اعتقاله أنه "بسبب وشاية من حساده وحساد خاله سيدي ولد برو" لأننا كنا تجارا ناجحين فأغاظهم ذلك، وحين وردت رسالة حرمة السابقة أعلمو بها "أنصاره" فجاءوا وأغلقوا حانوتي بالشمع الأحمر (الحميره) وأخذوني إلى التحقيق وكان في أطار قاض نصراني يسمى "منتره" فحققوا معي ثم أودعوني السجن (سلور) وأمضيت شهرين ثم خرجت منه بحرية مؤقتة".
"تطور الأمر تطورا أكبر فقد أبلغت القيادة الفرنسية في دكار بالموضوع أبلغهم القائد العسكري الموجود في أطار والمدعو "كولونيل بريكاه" فجاءني استدعاء من المنطقة الأمنية السادسة في دكار عن طريق الدرك في أطار تدعوني للحضور لديهم فذهبت وأمضيت فترة تحت التحقيق ثم أودعوني السجن مع معتقلي جيش التحرير إلى أن حاكمونا وبرئت والحمد لله أنا وكل المعتقلين ما عدى واحدا".
روى لنا تفاصيل احتجازه مع معتقلي جيش حيث كانوا ثلاثين شابا من مختلف أرجاء موريتانيا ومن ضمنهم آحاد من سكان لا يعرف منهم إلا واحدا يدعى المختار ولد الزيزة من أهل أطار،، يقول "وقد عرفته أيضا في المغرب لأنه كان كذلك تاجرا وقد تعرفت عليه حين أدخلوني المعتقل العام بعد أيام من التحقيق في السجن الانفرادي الذي تعرضت فيه لتعذيب شديد وممنهج بالضرب والصعق الكهربائي وفي نهايته كما قلت أتوا بي إلى المعتقل الذي يوجد به المتهمون بالعلاقة بجيش التحرير مكبلا بالأغلال وصاروا يعرضونهم علي واحدا واحدا يسألونهم أولا هل يعرفونني ثم يسألوني هل أعرفهم فيقول كل منا إنه لا يعرف الآخر كما هو الواقع حتى جاءوا به هو (المختار) فلما رأيته خفت أن يقول إنه يعرفني فصحت حين رأيته لا أعرفه! لا أعرفه! قبل أن يسألوه فنهرني السجان النصراني وقال لم نسألك، وسألوه هو فتنبه وقال لهم إنه لا يعرفني.
المهم أنهم أدخلوني معهم السجن وبقيت فيه شهرين أحالونا بعدهما إلى المحاكمة فجاءني الدي ولد سيدي باب وكان إذ ذاك مستشارا في دكار (كران كونسي) قبل أن يذهب إلى المغرب فوكل لي محاميا فرنسيا شهيرا كان يعمل في مكتب حرمة ولد ببانه اسمه "سان بيير" فرافع عني وفي النهاية كما قلت لك حاكمونا وبرأونا جميعا باستثناء واحد لا أذكر اسمه فخرجنا وأخذنا صورا تذكارية أمام السجن.."
وللأسف الشديد لم تعد لدى أحمد الحمدي نسخ من تلك الصور " فهو لم يعد يهتم بهذه الأمور"..مع أنها ظلت عنده إلى عهد قريب.
فصحيح أني تلقيت رسالة من ولد حرمة وقد ضبطوها في صندوق بريدي في أطار وكانت تحوي معلومات عن تحرك جيش التحرير وتدعو للتعبئة له ولكن لم أكن على علاقة بهذا الجيش".
"كان ولد حرمة يعلم أنني متعاطف معه ومع جهوده وسعيت في حملاته الانتخابية مع ولد يحي انجاي بل كنت منتميا إلى "لاتانت" كحال الكثير من أهل أطار إذ ذاك ولاسيما الشباب فربما يكون أراد استمالتي واكتسابي في هذا الجيش".
يفسر أحمد الحمدي اعتقاله أنه "بسبب وشاية من حساده وحساد خاله سيدي ولد برو" لأننا كنا تجارا ناجحين فأغاظهم ذلك، وحين وردت رسالة حرمة السابقة أعلمو بها "أنصاره" فجاءوا وأغلقوا حانوتي بالشمع الأحمر (الحميره) وأخذوني إلى التحقيق وكان في أطار قاض نصراني يسمى "منتره" فحققوا معي ثم أودعوني السجن (سلور) وأمضيت شهرين ثم خرجت منه بحرية مؤقتة".
"تطور الأمر تطورا أكبر فقد أبلغت القيادة الفرنسية في دكار بالموضوع أبلغهم القائد العسكري الموجود في أطار والمدعو "كولونيل بريكاه" فجاءني استدعاء من المنطقة الأمنية السادسة في دكار عن طريق الدرك في أطار تدعوني للحضور لديهم فذهبت وأمضيت فترة تحت التحقيق ثم أودعوني السجن مع معتقلي جيش التحرير إلى أن حاكمونا وبرئت والحمد لله أنا وكل المعتقلين ما عدى واحدا".
روى لنا تفاصيل احتجازه مع معتقلي جيش حيث كانوا ثلاثين شابا من مختلف أرجاء موريتانيا ومن ضمنهم آحاد من سكان لا يعرف منهم إلا واحدا يدعى المختار ولد الزيزة من أهل أطار،، يقول "وقد عرفته أيضا في المغرب لأنه كان كذلك تاجرا وقد تعرفت عليه حين أدخلوني المعتقل العام بعد أيام من التحقيق في السجن الانفرادي الذي تعرضت فيه لتعذيب شديد وممنهج بالضرب والصعق الكهربائي وفي نهايته كما قلت أتوا بي إلى المعتقل الذي يوجد به المتهمون بالعلاقة بجيش التحرير مكبلا بالأغلال وصاروا يعرضونهم علي واحدا واحدا يسألونهم أولا هل يعرفونني ثم يسألوني هل أعرفهم فيقول كل منا إنه لا يعرف الآخر كما هو الواقع حتى جاءوا به هو (المختار) فلما رأيته خفت أن يقول إنه يعرفني فصحت حين رأيته لا أعرفه! لا أعرفه! قبل أن يسألوه فنهرني السجان النصراني وقال لم نسألك، وسألوه هو فتنبه وقال لهم إنه لا يعرفني.
المهم أنهم أدخلوني معهم السجن وبقيت فيه شهرين أحالونا بعدهما إلى المحاكمة فجاءني الدي ولد سيدي باب وكان إذ ذاك مستشارا في دكار (كران كونسي) قبل أن يذهب إلى المغرب فوكل لي محاميا فرنسيا شهيرا كان يعمل في مكتب حرمة ولد ببانه اسمه "سان بيير" فرافع عني وفي النهاية كما قلت لك حاكمونا وبرأونا جميعا باستثناء واحد لا أذكر اسمه فخرجنا وأخذنا صورا تذكارية أمام السجن.."
وللأسف الشديد لم تعد لدى أحمد الحمدي نسخ من تلك الصور " فهو لم يعد يهتم بهذه الأمور"..مع أنها ظلت عنده إلى عهد قريب.
أياد بيضاء..
للمناضل والتاجر أحمد الحمدي جهود خيرية طمستها شهرته التجارية فنحن زرنا الحياض(الموليات) التي أوقفها في وادي تيارت على طريق أطار – شوم – ازويرات ليشرب بها المسافرون وسمعنا عن عيون المياه التي فجرها في موقع صخري قليل المياه، ويرى أن كل الأعمال فعلها"ولا يريد عليها جزاء ولا شكورا من أي مخلوق".
ويفصل ذلك قائلا:"بالنسبة للعيون؛ هذه فجرتها في الستينات في عهد المختار عهد العافية رحمه الله وأدخله جناته (وخيرت والجنة والرضوان) في مكان يدعى اتويرمه كانت فيه عيون أخرى ولكنها كانت غير عذبة فأتيت إلى الوالي وهو يومها الأفضل ولد الداده فعرضت عليه تفجير عيون أخرى لعلها تكون عذبة وأنني مستعد لكل تكاليفها من مالي الخاص؛ كل ما أريده هو تكفل الدولة بإحضار عمالها وتحمل المسؤولية الشرعية عن أخطاء استعمال المتفجرات في تكسير الصخور ولاسيما ما قد ينشأ عنها لا قدر الله من خسائر في الأرواح فأنا لا أريد أن ألقى الله متسببا في إراقة دم! فقبل الفكرة وأرسل معي خبيرا أجرى المسح اللازم وقال إن المكان لا توجد به مياه لكني أصررت على موقفي وطلبت منه أن يقول للوالي إنه يمكن العثور على الماء في الموقع وأنني سأعطيه ما شاء مقابل ذلك فقبل على أن أعطيه مبلغ 40.000 أوقية ففعلت وقالها للوالي فأعطانا الدراسات التي كان الفرنسيون قد أجروها على المكان وكذلك الخرائط العامة لمنطقة "أمساكه" ومواقع العيون التي كانوا قد فجروها والمعروفة بـــــ"عيون فرانص" و"عين شيف" ، وبدأنا العمل في المكان وكانت الصخرة تحتوي في الجهة الغربية جرفا منحرفا به عين قديمة تدعى "لعويجة" وفي الجهة الشرقية عين قديمة أخرى تدعى "اشريكية" فردمنا جرف "لعويجة" وركزنا على الجهة الشرقية واستمر العمل فترة طويلة إلى أن كتب الله لنا النجاح، وتدفق الماء العذب من تلك العيون من ذلك اليوم إلى الآن ولله الحمد والشكر".
وليست تلك العيون وحدها فقد أوقف أحمد الحمدي حياضا كبيرة لسقي نخيل المنطقة وهي معروفة باسم "الموليات" يحدثنا عنها قائلا:"هذه الحياض أوقفتها بعد ذلك بفترة غير طويلة في عهد المختار أيضا وعملت على تزويدها بالماء من تلك العيون عن طريق ماكينة (صونداج) من نوع "هوندا" اشتريتها بخمسة وثمانين ألف أوقية".
مبلغ يبدو باهظا في عهد المختار ولد داداه إلا أن أحمد الحمدي يرى أنه "قليل في ذات الله" وهي واقعة على طريق (أطار- شوم – ازويرات) في وادي تيارت بجنب نخيله ومسكنه.
زرنا تيارت ووقفنا على هذه الحياض وكنا نريد لقاء الرجل بين النخيل الوارف والعيون الجارية وبجنب حياض الوقف العذبة. وقد دعانا أحمد الحمدي إلى زيارته هناك، لنتحدث أكثر، فالرجل "يحب لقاء الشباب والتحدث معهم عن وقائع التاريخ وأخبار الأسلاف" ويرى ذلك "مفيدا لهم ليتعلموا مكارم الأخلاق وآثار المتقدمين".
استئذنا المناضل أحمد الحمدي في نشر تفاصيل هذه التوجيهات وهذه الذكريات وبررنا ذلك له بأن الشباب لا يقرأ إلا الجرائد والانترنت.
أذن لك في ذلك وودعناه ونحن نتساءل: متى تجد شخصيات مثل أحمد الحمدي لفتة من القائمين على حفظ التراث، وتكريم صانعي التاريخ؟.. أم أن على الخيريين في موريتانيا أن يفارقوا الحياة، ليحظوا بعد أن يطويهم النسيان بتذكير من هيئة تعنى بنفض الغبار عن الماضي..وقد لا يحظون بذلك أبدا.
ويفصل ذلك قائلا:"بالنسبة للعيون؛ هذه فجرتها في الستينات في عهد المختار عهد العافية رحمه الله وأدخله جناته (وخيرت والجنة والرضوان) في مكان يدعى اتويرمه كانت فيه عيون أخرى ولكنها كانت غير عذبة فأتيت إلى الوالي وهو يومها الأفضل ولد الداده فعرضت عليه تفجير عيون أخرى لعلها تكون عذبة وأنني مستعد لكل تكاليفها من مالي الخاص؛ كل ما أريده هو تكفل الدولة بإحضار عمالها وتحمل المسؤولية الشرعية عن أخطاء استعمال المتفجرات في تكسير الصخور ولاسيما ما قد ينشأ عنها لا قدر الله من خسائر في الأرواح فأنا لا أريد أن ألقى الله متسببا في إراقة دم! فقبل الفكرة وأرسل معي خبيرا أجرى المسح اللازم وقال إن المكان لا توجد به مياه لكني أصررت على موقفي وطلبت منه أن يقول للوالي إنه يمكن العثور على الماء في الموقع وأنني سأعطيه ما شاء مقابل ذلك فقبل على أن أعطيه مبلغ 40.000 أوقية ففعلت وقالها للوالي فأعطانا الدراسات التي كان الفرنسيون قد أجروها على المكان وكذلك الخرائط العامة لمنطقة "أمساكه" ومواقع العيون التي كانوا قد فجروها والمعروفة بـــــ"عيون فرانص" و"عين شيف" ، وبدأنا العمل في المكان وكانت الصخرة تحتوي في الجهة الغربية جرفا منحرفا به عين قديمة تدعى "لعويجة" وفي الجهة الشرقية عين قديمة أخرى تدعى "اشريكية" فردمنا جرف "لعويجة" وركزنا على الجهة الشرقية واستمر العمل فترة طويلة إلى أن كتب الله لنا النجاح، وتدفق الماء العذب من تلك العيون من ذلك اليوم إلى الآن ولله الحمد والشكر".
وليست تلك العيون وحدها فقد أوقف أحمد الحمدي حياضا كبيرة لسقي نخيل المنطقة وهي معروفة باسم "الموليات" يحدثنا عنها قائلا:"هذه الحياض أوقفتها بعد ذلك بفترة غير طويلة في عهد المختار أيضا وعملت على تزويدها بالماء من تلك العيون عن طريق ماكينة (صونداج) من نوع "هوندا" اشتريتها بخمسة وثمانين ألف أوقية".
مبلغ يبدو باهظا في عهد المختار ولد داداه إلا أن أحمد الحمدي يرى أنه "قليل في ذات الله" وهي واقعة على طريق (أطار- شوم – ازويرات) في وادي تيارت بجنب نخيله ومسكنه.
زرنا تيارت ووقفنا على هذه الحياض وكنا نريد لقاء الرجل بين النخيل الوارف والعيون الجارية وبجنب حياض الوقف العذبة. وقد دعانا أحمد الحمدي إلى زيارته هناك، لنتحدث أكثر، فالرجل "يحب لقاء الشباب والتحدث معهم عن وقائع التاريخ وأخبار الأسلاف" ويرى ذلك "مفيدا لهم ليتعلموا مكارم الأخلاق وآثار المتقدمين".
استئذنا المناضل أحمد الحمدي في نشر تفاصيل هذه التوجيهات وهذه الذكريات وبررنا ذلك له بأن الشباب لا يقرأ إلا الجرائد والانترنت.
أذن لك في ذلك وودعناه ونحن نتساءل: متى تجد شخصيات مثل أحمد الحمدي لفتة من القائمين على حفظ التراث، وتكريم صانعي التاريخ؟.. أم أن على الخيريين في موريتانيا أن يفارقوا الحياة، ليحظوا بعد أن يطويهم النسيان بتذكير من هيئة تعنى بنفض الغبار عن الماضي..وقد لا يحظون بذلك أبدا.