تاريخ الإضافة : 14.04.2013 11:59
دبلوماسيتنا المؤثرة
لا تكاد توجد دولة أزهدُ في نباهة الذكر وشرفِ المكانة من موريتانيا "الرسمية" حسب ما يقوله واقع الحال وشواهد السيرة الدبلوماسية التي نجني من غرسها ثمارَ الجهالة والخُمول، فأنت لا تكاد تجد شخصا من غير المثقفين الكبار خارج دول الجوار الضيق سمع باسم موريتانيا دعك من موقعها وما أشبه ذلك – ولا تزعموا أن في الأمر مبالغةٌ كما زعمت ذاتَ يوم -، مع أن هناك بعثاتٍ دبلوماسية تنفق عليها الأموال الطائلة من خزينة الشعب، لها في كل صقع من أصقاع الأرض علم يرفرف باحتشام ومقرٌّ يتوارى عن المجتمع حذارَ نقْص ميزانية السفارة على "ما تُرادُ له"! (في الكويت هنا تأخذ السفارة مقرا محترما في منطقة كويتية راقية؛ من باب الموضوعية) وهو "عينُ الهاجسِ" الذي يمنعُ من إقامة نشاطات تعرِّف بحاضر البلد أو تلقي الضوء على تاريخه ومكانته وإشعاعه عبر العصور، غيرَ ما يرفِدُ هذا الهاجسَ من طبيعة الإهمال وعدم الاكتراث المتأصِّلة في الكثير من مسؤولي جهازنا الحكومي الكليل.
ومِنَ العَجب: أن هؤلاء الذين لا يعرفون اسم موريتانيا، وإن عرفوا اسمها فهو لا يعني لهم شيئا لو سألت الكثير منهم عن شنقيط لوجدته يجلُّ هذا البلد أو هذه القبيلة – أحيانا – ويحدثك عن بعض العظماء الذين ينتسبون إليها من فطاحلة الأعلام الذين رفعوا اسمها عاليا وخلَّدوا مجدها في أطراف الأرض فتركوا أسماءهم تتردَّدُ في جنبات الثقافة و"نسبتهم" تلتَمع في عناوين الكتب؛ والمجالس الكبرى تندى بسيرهم العطرة ما نزلوا ببقعة إلا تركوا بها نفحة طيب تعطر الجو، وذكرا خالدا يشرف الأحفاد، وعلما نافعا يتوارثه الأخيار، وهم بحمد الله أجيال تتعاقب يرث اللاحق منها السابق.
فإذا كان الأعلام الرواد كابن التلاميذ والشيخ الشنقيطي (آبَّ ولد اخطور) وأحمد بن الأمين، ومحمد الأمين بن فال الخير وأبناء ما يابى ومن معهم قد بنوا تلك الصورة الشنقيطية الزاهية التي احتفظت بها الذاكرة العربية المشرقيَّة، فإن هناك أجيالا أخرى لحقت دون انقطاع ظلت تجدد ذلك السمت وترسخ تلك الصُّورة الوضيئة، وإلى اليوم..
وما الصُّورة المشرقة والشرف الباذخ الذي ما يزال باقيا لهذه النسبة في أذهان القوم إلا صدى لدور ما يزال يتجدد بكلِّ سموٍّ وفخار على يد بعض أعلام تلك البلاد من أمثال الشيخ العلامة الشيخ عبد الله ابن بيه، والعلامة الشيخ محمد الحسن الددو، والشيخ محمد بن محمد المختار بن أحمد مزيد، وغيرهم ممن يواصلون القيام بذلك الدَّور الكريم بكل جدارة واقتدار.
جرَّني إلى هذا الحديث سروري بصُحبة وفد كريم يزور الكويت خلال هذه الأيام للمشاركة في الأنشطة العلمية المصاحبة لجائزة الكويت الدولية للقرآن الكريم، وقد ضمَّ الوفد الكريم ثلاثة من العلماء الكرام يتقدمهم العلامة المبارك الشيخ محمد الحسن بن الددو، ومعه العالمان الفاضلان الشيخ محمد عبد الرحمن ولد فتى، والشيخ شيخنا ولد سيد الحاج، فازدانت بهم دولة الكويت التي تحتفظ بود قديم للشناقطة ما يزال نداه يسري في قلوب الكويتيين فيغمر مجالسهم كلما ذكر الشيخ محمد الأمين الشنقيطي (ابن فال الخير) وجهوده العلمية والخيرية المباركة، وهو ود تجدد على مر الأيام، وكان للجهد العلمي والإشعاع الثقافي الدور الأبرز فيه (شبه المتفرد).
وقد أتاحت هذه الزيارة فرصة لجمهور المحاضرات والورشات العلمية وللجالية الموريتانية بالكويت لتجديد العهد بمحاضرات الشيخ الددو والاغتراف من معينه الثر والأنس بحديثه الماتع حفظه الله، كما أتاحت لهم التعرف على الشيخين الجليلين اللذيْنِ يمزجان سعة العلم ورحابة التواضع وطيب المعشر، وحلاوة المجالسة.
ولستُ في شك من أن هذا الدور المبارك الذي يضطلع به اليوم هؤلاء العلماء وأضرابهم هو رئة المجد التي تتنفس بها البلاد، وهو نافذتها الوحيدة المشرفة على العالم التي تغسل أدران السياسة وفضائح التخلف، وهو ما أحسب أن الدولة لا توليه اهتماما يليق، بل لعلها لا ترى له قيمة تذكر، وهو في الحقيقة رصيدها الحقيقي من الدبلوماسية الفاعلة.
وأختم بهذه الأبيات التي ترجمتْ فرح الكويت بالوفد المبارك:
طربتْ لمقدمكم وفاح سرورُها *** أرض الكويت رياضها وقصورها
وزهت جمالا ساحرا وتأنَّقت *** في وجه من قدم الغـــــــداة يزورها
وفدٌ كريم قد تقاصر دونه *** زُهْرُ الوفود نجومُها وبـــــــــــــدورها
هبطت إليك من السماء مسرَّةٌ *** أرِجَ الزَّمان بها وأشرق نــــورها
مدَّت إلى خير القرون حبالها *** من بعد ما فتَل الحبَال مُغــــــيرُها
فكأن مجلسَ مالك بفنائها *** وعلى الرؤوس من الــــوقار طيورها
دمتم في رعاية الله
ومِنَ العَجب: أن هؤلاء الذين لا يعرفون اسم موريتانيا، وإن عرفوا اسمها فهو لا يعني لهم شيئا لو سألت الكثير منهم عن شنقيط لوجدته يجلُّ هذا البلد أو هذه القبيلة – أحيانا – ويحدثك عن بعض العظماء الذين ينتسبون إليها من فطاحلة الأعلام الذين رفعوا اسمها عاليا وخلَّدوا مجدها في أطراف الأرض فتركوا أسماءهم تتردَّدُ في جنبات الثقافة و"نسبتهم" تلتَمع في عناوين الكتب؛ والمجالس الكبرى تندى بسيرهم العطرة ما نزلوا ببقعة إلا تركوا بها نفحة طيب تعطر الجو، وذكرا خالدا يشرف الأحفاد، وعلما نافعا يتوارثه الأخيار، وهم بحمد الله أجيال تتعاقب يرث اللاحق منها السابق.
فإذا كان الأعلام الرواد كابن التلاميذ والشيخ الشنقيطي (آبَّ ولد اخطور) وأحمد بن الأمين، ومحمد الأمين بن فال الخير وأبناء ما يابى ومن معهم قد بنوا تلك الصورة الشنقيطية الزاهية التي احتفظت بها الذاكرة العربية المشرقيَّة، فإن هناك أجيالا أخرى لحقت دون انقطاع ظلت تجدد ذلك السمت وترسخ تلك الصُّورة الوضيئة، وإلى اليوم..
وما الصُّورة المشرقة والشرف الباذخ الذي ما يزال باقيا لهذه النسبة في أذهان القوم إلا صدى لدور ما يزال يتجدد بكلِّ سموٍّ وفخار على يد بعض أعلام تلك البلاد من أمثال الشيخ العلامة الشيخ عبد الله ابن بيه، والعلامة الشيخ محمد الحسن الددو، والشيخ محمد بن محمد المختار بن أحمد مزيد، وغيرهم ممن يواصلون القيام بذلك الدَّور الكريم بكل جدارة واقتدار.
جرَّني إلى هذا الحديث سروري بصُحبة وفد كريم يزور الكويت خلال هذه الأيام للمشاركة في الأنشطة العلمية المصاحبة لجائزة الكويت الدولية للقرآن الكريم، وقد ضمَّ الوفد الكريم ثلاثة من العلماء الكرام يتقدمهم العلامة المبارك الشيخ محمد الحسن بن الددو، ومعه العالمان الفاضلان الشيخ محمد عبد الرحمن ولد فتى، والشيخ شيخنا ولد سيد الحاج، فازدانت بهم دولة الكويت التي تحتفظ بود قديم للشناقطة ما يزال نداه يسري في قلوب الكويتيين فيغمر مجالسهم كلما ذكر الشيخ محمد الأمين الشنقيطي (ابن فال الخير) وجهوده العلمية والخيرية المباركة، وهو ود تجدد على مر الأيام، وكان للجهد العلمي والإشعاع الثقافي الدور الأبرز فيه (شبه المتفرد).
وقد أتاحت هذه الزيارة فرصة لجمهور المحاضرات والورشات العلمية وللجالية الموريتانية بالكويت لتجديد العهد بمحاضرات الشيخ الددو والاغتراف من معينه الثر والأنس بحديثه الماتع حفظه الله، كما أتاحت لهم التعرف على الشيخين الجليلين اللذيْنِ يمزجان سعة العلم ورحابة التواضع وطيب المعشر، وحلاوة المجالسة.
ولستُ في شك من أن هذا الدور المبارك الذي يضطلع به اليوم هؤلاء العلماء وأضرابهم هو رئة المجد التي تتنفس بها البلاد، وهو نافذتها الوحيدة المشرفة على العالم التي تغسل أدران السياسة وفضائح التخلف، وهو ما أحسب أن الدولة لا توليه اهتماما يليق، بل لعلها لا ترى له قيمة تذكر، وهو في الحقيقة رصيدها الحقيقي من الدبلوماسية الفاعلة.
وأختم بهذه الأبيات التي ترجمتْ فرح الكويت بالوفد المبارك:
طربتْ لمقدمكم وفاح سرورُها *** أرض الكويت رياضها وقصورها
وزهت جمالا ساحرا وتأنَّقت *** في وجه من قدم الغـــــــداة يزورها
وفدٌ كريم قد تقاصر دونه *** زُهْرُ الوفود نجومُها وبـــــــــــــدورها
هبطت إليك من السماء مسرَّةٌ *** أرِجَ الزَّمان بها وأشرق نــــورها
مدَّت إلى خير القرون حبالها *** من بعد ما فتَل الحبَال مُغــــــيرُها
فكأن مجلسَ مالك بفنائها *** وعلى الرؤوس من الــــوقار طيورها
دمتم في رعاية الله