تاريخ الإضافة : 26.07.2011 12:32

محمد اليدالي وولد رازكه.. حين تقوى الصداقة بين شاعرين

عاش الشاعران الشنقيطيان الشهيران محمد اليدالي والشاعر سيدي عبد الله ولد رازكه أوج تجربتهما الأدبية في القرن الثاني عشر الهجري حيث كانت تسير بقصائدهما الركبان يومها ويتبادلها الناس. كما صنفتهما الكتب الأدبية المختصة اثنين من أبرز الشعراء في تاريخ البلد حافظة العديد من نصوص الرجلين وأخبارهما بوصفهما شاعرين وكذلك كفقيهين من كبار علماء القطر.

قال محمد اليدالي ذات مرة قصيدة شهيرة مشيدا فيها بولد رازكه

براعة استهلال ** بدر البهى والجمال
إعارة الجفن دمعا ** ينهل والجمر بال
لما غدا الطيف يوما ** يــزورني للوصال
كان السهاد على مق ** لتـــي رقيب الخيال
فبت ليلي كأني ** فيــــه سليم الهلال
(..)
إن لذت بالسيد المل ** ك لســت بعد أبالي
عبد الإله الأديب ال ** صدر العريق الأثالي
صدر الأفاضل غوث ال ** عبــــــــاد بدر الكمال
فخر الأنام جمال ال ** إسلام حـــلو الشمال
نور الأئمة قطب ** حبـــر فقيد المثال
قاضي القضاة سراج ** لسدفة الجهل جال
ندب سفيط طموح ** إلى الأمور العوال
ملجى لكل طريد ** مأوى الــــعفاة ثمال
جالي دجا كل خطب ** أعيا دهاة الرجال
مستمسك من هدى شرْ ** عة النـــــبي بحبال
وسيف حق على أهـ ** ل الزيغ والاعتزال

لا واكف القطر يحكي ** كفـــــيه في الانهمال
إذا السحائب يوما ** غدون صهب الظلال
والدهر طوع يديه ** يجــــري له في انفعال

إليكها بكر فكر ** يا سيــــدي ذي كلال
أضحت بذكرك فيها ** تبأى بحلي وخال
يثني عليك لسان ** منهـا صدوق المقال
واسمح ولا تنقدنها ** وابســط لها وجه خال


2

فرد سيدي عبد الله ولد رازكه يحييه:

أحداج تلك الجمال ** مشحونة بالجمال
زالت عليها شموس ** فاقت شموس الزوال
ما غاب مذ غبن عنا ** سهد الليالي الطوال
(..)
محمد كالمجلـــي ** من حلبة في المجال
هو الزكي الذكي ** يـ الحسان زي المعالي
والفرد في العلم والحل ** والحجا والفعال
من ليس ينطق إلا ** بالسحر ذاك الحلال
والشارح المشكلات ال ** مستحكمات الشكال
علم الكلام يسمى ** فيه حذامي المقال
جاري الأدلة ليست ** إجراء ذات العقال
قطب اجتهاد مصيب ** في الفقه عند الجدال
ذو رتبة بعدت عن ** تنازع واشتغال
عالى محمد سعيد ** فلم ينله معالي

حليت من ليس أهلا ** لمدحك المتعالي
وجاء شعرك سلكا ** فيه حسان اللئالي
يقول رائي حلاه ** بلت صداها بلال
هذي يد ابن هلال ** وذا فم ابن هلال
حذوتني وعنائي ** فقط حذاء الثفال

برعت في البدء فازدن ** براعة في الكمال

وهكذا على عكس نقائض الفرزدق وجرير، سلك الشاعران هذا الخط ملمعا كل منهما صاحبه ومشيدا به. لا مفتخرا أحدهما على الآخر، أو متوجسا من تميزه.



(يوجد النصان كاملين في الوسيط ص "226")

الجاليات

الثقافة والفن

وكالة أنباء الأخبار المستقلة © 2003-2025