تاريخ الإضافة : 07.04.2010 10:05
القواعد العسكرية الفرنسية في إفريقيا:هل حان موسم الرحيل؟
تاريخ فرنسا في افريقيا تاريخ ضارب في القدم و مليئ بلأحداث المثيرة .فمرحلة الإستعمار بتاريخها القاتم ،و الذي طبعته تجاوزات كثيرة و انتهاكات خطيرة في حق شعوب القارة السمراء لا زالت بعض رواسبها و امتداداتها ماثلة إلى يومنا هذا.فقد استطاعت فرنسا قبل منح هذه المستعمرات استقلالها أن توطد نفوذها في هذ البلدان من خلال عقد عدة اتفاقيات مشبوهة امنية و دبلوماسية و عسكرية تبقي على نفوذها الإقتصادي و تحفظ مصالح رعاياها و مؤسساتها الإستثمارية،و قد أتاحت هذه الإتفاقيات و الصفقات أحيانا لفرنسا القدرة الكبيرة على تتبع مجريات الأحداث الداخلية،و التأثير الفاعل في صناعة القرار السياسي و كذا الحفاظ على الأنظمة الحليفة لها و الدائرة في فلكها بهذه المستعمرات القديمة.
اليمين الفرنسي الذي يوصف بحامي الثقافة الإستعمارية والذي حكم فرنسا لفترة طويلة تزامن شق منها مع سنوات الإستقلال المقسط للمستعمرات الفرنسية تبني سياسة البقاء على القواعد العسكرية كفزاعة تشهر في وجه الأنظمة التي تحاول المساس بمصالح فرنسا التقليدية بالقارة السوداء،في حين ترواحت سياسة اليسار الفرنسي الذي يعتبر أقل نزعة استعمارية بين موقف اللا تفرج واللا تدخل وفق التعبير الشهير لرئيس الوزراء الفرنسي اليونال جيسبان سنة 1997.
إعلان الرئيس السنغالي عبد الله واد يوم 4 إبريل 2010 عن إغلاق القاعدة العسكرية الفرنسية المتواجدة على الأراضي السنغالية منذ عام 1974 إعلان يحمل دلالة أساسية و هامة ،فرمزية القرار تتزامن مع رمزية الزمان حيث تأتي تصريحات الرئيس السنغالي بمناسبة تخليد بلاده للذكري الخمسين لعيد إستقلالها الوطني. الخطوة السنغالية تأتي بالتناغم مع رغبة فرنسية في إضفاء الطابع المدني و الإنساني على مهمة هذه القاعدة لتتحول إلى ذراع للتدخل "الإنساني" على المستوي الإقليمي و خاصة في دول المنظمة الإقتصادية لتنمية غرب إفريقيا، بعد أن تقرر تقليص عدد العاملين بها ،و تغييروضعها العسكري قانونيا،و إخلاء الحيز الجغرافي الكبير الذي كانت تحتله في منطقة هامة من العاصمة داكار.
الموقف السنغالي الجديد من القاعدة العسكرية الفرنسية المرابطة على أراضيها يعيد إلي الواجهة ملف القواعد الفرنسية في إفريقيا ،ملف باتت مطالب النظر فيه تتصدر قائمة عناوين التعاون العسكري بين فرنسا و مستعمراتها السابقة في العقد الأخير.
وجود القواعد العسكرية الفرنسية تم في ظروف خاصة كما أن الكثير من إتفاقيات التعاون العسكري و الأمني بين فرنسا و مستعمراتها القديمة أبرمت في ظروف زمنية حساسة و على ضوء واقع كانت فيه هذه البلدان من جهة تحاج الخبرة الأمنية -العسكرية الفرنسية لبناء و تأسيس الجيوش و المؤسسات الأمنية و تكوين كوادرها و قياداتها ،في حين كان من مصلحة فرنسا في هذا التعاون بقاء يدها متحكمة فى هذه المرافق الحساسة التي تعد العمود الفقري لكيانات إفريقية ناشئة .غير أن الإبقاء على تلك المواثيق التي تتيح لهذه القوات البقاء على الأراضي الإفريقية بوضع عسكري لم يعد من المقبول و المعقول في الظرف الراهن . فقد حدثت تغيرات كبيرة على الضفة الإفريقية كتنامي مفهوم السيادة الوطنية الذي يعد من نواقضه تواجد قوي عسكرية أجنبية على أراضي بلد مستقل ،و إرتفاع موجة الوعي الشعبي ،و كذا وجود برلمانات من أطياف سياسية متعددة تعني بتشريع و مراجعة كل الإتفاقيات الكبيرة .و على المستوي الفرنسي فإن البعد العسكري على أهميته لم يعد من ضمن إستراتيجيات الإليزيه في إفريقيا ففي الكتاب الأبيض الصادر سنة 2008 عن وزارة الدفاع الفرنسية ،و الذي يحدد على فترة معينة أهداف السياسية العامة الدفاعية الفرنسية ، و الإستراتيجيات المقبلة،و الإطار الذي يجب أن تمارس فيه هذه الأهداف و السياسات،ففي هذا الكتاب الأبيض صدرت توصيات من قبل لجنة الإعداد بتقليص القواعد العسكرية و عدد أفرادها.
الحضور العسكري الفرنسي في إفريقيا- رغم تفاوت انتشاره في الدول التي كانت تحت الوصاية الفرنسية- صاحب دخول فرنسا كغازية لإفريقيا و قد تركزت مهمة الجنود الفرنسيين في مراحلة ما قبل الإستقلال في بث الرعب في قلوب شعوب مستعمراتها ،و الفتك بحركات التحرر و قوي المقاومة الوطنية التي كانت شوكة في حلق المستعمر الفرنسي ،أما بعد رحيل الإستعمار الفرنسي من معاقله الإفريقية فإن من بقي من جنوده كانت لهم أدوار رئيسية في رسم المشهد السياسي من خلال المشاركة الفاعلة في صنع أنظمة الحكم حماية و وصاية،فقد شاركت القواعد الفرنسية في جل الإنقلابات العسكرية الناجحة بالبلدان التي تتواجد بها ،كما كان لها دور بارز في إجهاض محاولات عدة للإطاحة بالمحسوبين على خط الإليزي كالرئيس الكوت ديفواري الراحل فليكس إفوت بوني و الرئيس الغابويني الراحل الحاج عمر بونغو الذان كانا يعتبران من أبناء فرنسا المدللين.و قد كانت هذه الحماية تجد لها سندا من القانون ،فبعض البنود السرية بين دولة الغابون و فرنسا تنص حرفيا أنه يحق للقوات العسكرية الفرنسية المرابطة على الأراضي الغابونية الدفاع عن الغابون حالةتعرضه لخطر داخلي أوخارجي.
التوجه الفرنسي الجديد الهادف إلى الوقف التدريجي لعسكرة القارة السمراء يطرح سؤال كبيرا عن أي دور إستراتيجي ستلعبه فرنسا في معاقلها التقليدية في ظل تزايد الإهتمام العسكري الأمريكي بإفريقيا ،و الذي يبدوا أنه قد لا يتوقف عند تدريب بعض الأجهزة العسكرية الإفريقية و دعمها الوجستي و المادي ،و قاعدة الأفريكوم التي أختارت قلب القارة كتعبير عن رسوخ قدمها بإفريقيا؟؟
اليمين الفرنسي الذي يوصف بحامي الثقافة الإستعمارية والذي حكم فرنسا لفترة طويلة تزامن شق منها مع سنوات الإستقلال المقسط للمستعمرات الفرنسية تبني سياسة البقاء على القواعد العسكرية كفزاعة تشهر في وجه الأنظمة التي تحاول المساس بمصالح فرنسا التقليدية بالقارة السوداء،في حين ترواحت سياسة اليسار الفرنسي الذي يعتبر أقل نزعة استعمارية بين موقف اللا تفرج واللا تدخل وفق التعبير الشهير لرئيس الوزراء الفرنسي اليونال جيسبان سنة 1997.
إعلان الرئيس السنغالي عبد الله واد يوم 4 إبريل 2010 عن إغلاق القاعدة العسكرية الفرنسية المتواجدة على الأراضي السنغالية منذ عام 1974 إعلان يحمل دلالة أساسية و هامة ،فرمزية القرار تتزامن مع رمزية الزمان حيث تأتي تصريحات الرئيس السنغالي بمناسبة تخليد بلاده للذكري الخمسين لعيد إستقلالها الوطني. الخطوة السنغالية تأتي بالتناغم مع رغبة فرنسية في إضفاء الطابع المدني و الإنساني على مهمة هذه القاعدة لتتحول إلى ذراع للتدخل "الإنساني" على المستوي الإقليمي و خاصة في دول المنظمة الإقتصادية لتنمية غرب إفريقيا، بعد أن تقرر تقليص عدد العاملين بها ،و تغييروضعها العسكري قانونيا،و إخلاء الحيز الجغرافي الكبير الذي كانت تحتله في منطقة هامة من العاصمة داكار.
الموقف السنغالي الجديد من القاعدة العسكرية الفرنسية المرابطة على أراضيها يعيد إلي الواجهة ملف القواعد الفرنسية في إفريقيا ،ملف باتت مطالب النظر فيه تتصدر قائمة عناوين التعاون العسكري بين فرنسا و مستعمراتها السابقة في العقد الأخير.
وجود القواعد العسكرية الفرنسية تم في ظروف خاصة كما أن الكثير من إتفاقيات التعاون العسكري و الأمني بين فرنسا و مستعمراتها القديمة أبرمت في ظروف زمنية حساسة و على ضوء واقع كانت فيه هذه البلدان من جهة تحاج الخبرة الأمنية -العسكرية الفرنسية لبناء و تأسيس الجيوش و المؤسسات الأمنية و تكوين كوادرها و قياداتها ،في حين كان من مصلحة فرنسا في هذا التعاون بقاء يدها متحكمة فى هذه المرافق الحساسة التي تعد العمود الفقري لكيانات إفريقية ناشئة .غير أن الإبقاء على تلك المواثيق التي تتيح لهذه القوات البقاء على الأراضي الإفريقية بوضع عسكري لم يعد من المقبول و المعقول في الظرف الراهن . فقد حدثت تغيرات كبيرة على الضفة الإفريقية كتنامي مفهوم السيادة الوطنية الذي يعد من نواقضه تواجد قوي عسكرية أجنبية على أراضي بلد مستقل ،و إرتفاع موجة الوعي الشعبي ،و كذا وجود برلمانات من أطياف سياسية متعددة تعني بتشريع و مراجعة كل الإتفاقيات الكبيرة .و على المستوي الفرنسي فإن البعد العسكري على أهميته لم يعد من ضمن إستراتيجيات الإليزيه في إفريقيا ففي الكتاب الأبيض الصادر سنة 2008 عن وزارة الدفاع الفرنسية ،و الذي يحدد على فترة معينة أهداف السياسية العامة الدفاعية الفرنسية ، و الإستراتيجيات المقبلة،و الإطار الذي يجب أن تمارس فيه هذه الأهداف و السياسات،ففي هذا الكتاب الأبيض صدرت توصيات من قبل لجنة الإعداد بتقليص القواعد العسكرية و عدد أفرادها.
الحضور العسكري الفرنسي في إفريقيا- رغم تفاوت انتشاره في الدول التي كانت تحت الوصاية الفرنسية- صاحب دخول فرنسا كغازية لإفريقيا و قد تركزت مهمة الجنود الفرنسيين في مراحلة ما قبل الإستقلال في بث الرعب في قلوب شعوب مستعمراتها ،و الفتك بحركات التحرر و قوي المقاومة الوطنية التي كانت شوكة في حلق المستعمر الفرنسي ،أما بعد رحيل الإستعمار الفرنسي من معاقله الإفريقية فإن من بقي من جنوده كانت لهم أدوار رئيسية في رسم المشهد السياسي من خلال المشاركة الفاعلة في صنع أنظمة الحكم حماية و وصاية،فقد شاركت القواعد الفرنسية في جل الإنقلابات العسكرية الناجحة بالبلدان التي تتواجد بها ،كما كان لها دور بارز في إجهاض محاولات عدة للإطاحة بالمحسوبين على خط الإليزي كالرئيس الكوت ديفواري الراحل فليكس إفوت بوني و الرئيس الغابويني الراحل الحاج عمر بونغو الذان كانا يعتبران من أبناء فرنسا المدللين.و قد كانت هذه الحماية تجد لها سندا من القانون ،فبعض البنود السرية بين دولة الغابون و فرنسا تنص حرفيا أنه يحق للقوات العسكرية الفرنسية المرابطة على الأراضي الغابونية الدفاع عن الغابون حالةتعرضه لخطر داخلي أوخارجي.
التوجه الفرنسي الجديد الهادف إلى الوقف التدريجي لعسكرة القارة السمراء يطرح سؤال كبيرا عن أي دور إستراتيجي ستلعبه فرنسا في معاقلها التقليدية في ظل تزايد الإهتمام العسكري الأمريكي بإفريقيا ،و الذي يبدوا أنه قد لا يتوقف عند تدريب بعض الأجهزة العسكرية الإفريقية و دعمها الوجستي و المادي ،و قاعدة الأفريكوم التي أختارت قلب القارة كتعبير عن رسوخ قدمها بإفريقيا؟؟