تاريخ الإضافة : 29.01.2010 19:21

قمة في النوم

بقلم : محمد الأمين ولد شيخنا

أعود مساء يوم الخميس من قاعة الرياضة منهك القوى، أأتى ورغبتي معدومة من كل شيء إلا من النوم .
أتوضأ أصلي العشاء بعد لأي أردفه بثلاث، ثم أخلد للنوم قارئا بصوت منخفض صورة الفاتحة و آية الكرسي، ثم الإخلاص فالفلق فالناس .
أضع خدي الأيمن على المخدة، أتغطى بملاءتي، إنها ليلة الجمعة .
أغمض عيني ثم بعد دقائق قليلة تنفتحا قليلا ثم لا تستطيعا أن تنفتحا, الآن أنا في النوم غارق, في النوم عالم آخر، عالم جميل ورائع وقد يكون غريب ومفزع .
يتراءى لي رجل جميل في خلقته أنيق في هيئته ، جالس على كرسي مرصع بالذهب والفضة مرتفع عما سواه ، أمامه حصير منسوج من سعف النخيل مغطى بفراش ناعم يحيط به إثنان وعشرون كرسي عليهم رجال يتفاوتون في الحجم والطول وفي درجات اللون والبشاشة، بينهم خوان فوقه آنية من فضة عليها تمر وحليب والكل تحت خيمة بيضاء مزركش باطنها . يقول الشيخ الجالس على الكرسي أهلا بكم وسهلا أكلتم تمرا وشربتم حليبا. أهلا بكم مرة أخرى لقد دعوتكم اليوم ياساسة أمتنا " المجيدة" أنا أبو العروبة " أبو حنظلة لأبلغكم مدى رضائي عنكم وعن إدارتكم لشعوبكم وعن تسيير مواردكم، وكذلك لما وصلتم إليه من قوة بفضل العمل المشترك، وبفضل وحدة الهدف.
ولقد توصلت من سيادة الأمين العام بالتنظيم الجديد الذي صار معتمدا, وقد أبديت انطباعا جد إيجابي على ما لمسته من جدوائية هذا التنظيم بيد أني ركزت له على عدم إهمال المؤسسات الفرعية ذات الطابع الاجتماعي والثقافي .
والحقيقة أن الشيء الأساسي والذي لم يكن بد منه لما له من أهمية في هذا التنظيم هو المجالس الثلاثة .
مجلس السياسة المشتركة ومجلس الكونفدرالية ومجلس الأمة، كما انني أطلعت على أن مجلس السياسة المشتركة تؤخذ فيه القرارات بتوفر النصاب القانوني وهو النصف زائد واحد ولكي يكون ساري المفعول ينبغي أن يصادق عليه مجلس الكونفدرالية المكون من الساسة وكذلك يتم التصديق عليه من لدن مجلس الأمة المكون من ألف وثماني مائة نائب عن أقطار أمتنا المجيدة .
إن رضائ عن هذه الأعمال كلها لا يعني أنكم قد وصلتم إلى ما تطمح له الشعوب ولا ما أطمح له أنا, فقد لاحظت ايضا أن القرارات التي تؤخذ تلزم الجهات التي لم تصوت بالإيجاب عليها وهذا يجعل القرارات تعطي نتاجا سريعا, ولا أخفي عليكم أنه قد حز في نفسي أن تكون هناك قرارات لم يصوت عليها بالإجماع لأن هذا يوحي بعدم الانسجام وبتشتت الرؤية .
-أين هو الأمين العام ؟ من المفروض أن يكون بينكم في أي اجتماع
-ذلك يا أبا العروبة حينما يكون الاجتماع ذات طابع إداري وسياسي اما الآن فاجتماعنا له صبغة أخرى .
-الذي منع الأمين العام من الحضور معنا هو التحضير لانعقاد مجلس السياسة المشتركة . -أتقلب أنا في النوم من جانب إلى آخر أقول في تلعثم خافت
"إن الشيخ الذي رآه المأمون وحدثه عن الحسن لم يكن إلا لعبة معتزلية من أجل الوصول إلى مأرب ما" .
هناك في قاعة المؤتمرات تنعقد قمة أخرى قمة يعقدها مجلس السياسة المشتركة فيه ممثلون عن الاثنين والعشرون بلدا المشكلة للكونفدرالية المسمات ب "الكونفدرالية العربية العظمى" يرأس هذه القمة بشكل دائم الامين العام والمنسق للسياسة الخارجية ,الذي يصوت على انتخابه مجلس الامة بعد ما يختاره مجلس الكونفدرالية على شروط عدة من ضمنها وعي الفرقان وحفظ المعلقات
تبدأ القمة بكلمة الامين العام ثم يستعرض كل من الممثلين لأقطار الكونفدرالية العظمى الحالة الاقتصادية والسياسية للقطر الذي يمثله وبعد ذلك يتناول الأمين العام الكلام.
الأمين العام. يا أصحاب المعالي ألا ترون معي انه آن الاوان ان نرغم المجموعة الدولية والقوى العظمى السابقة على التخلي عن الأسلحة الفتاكة خاصة السلاح النووي
سع : ياسيادة الأمين العام ألا ترى أن في هذا مجانبة للصواب خاصة أنهم على علم واضطلاع بما نحن عليه من قوة وبأس فكيف ترى تخليهم عن قوتهم التي يرون أنها ردعية وهم يراهنوا عليها .
الامين العام : نحن الآن في زمن لا يرحم فيه إلا من كان بالإشارة يفهم وبالعقل والعلم يعمل وأرى أنه لا مجال للإرغام بالقوة لانها بكل بساطة لا تفي بالغرض الذي ستفي به الوسائل الأخرى الأكثر عقلانية .
-أرى أنه من الضروري أن نبدأ بأنفسنا ، فنستصدر قرار بموجبه يتم تفكيك وتدمير نصف الأسلحة ذات الرؤوس النووية وكذلك إحدى القنابل الثلاثة التي في حوزتنا على مرأى من العالم والذي سيقوم بالعملية هم خبراء دوليون .
ج- اسمحو لي ياسيادة الأمين العام ومنسق السياسة الخارجية أن أقول بان هذا "المشروع قرار" يحتاج إلى مزيد من الدراسة والتأمل كي لا نغفل عما يكنه لنا الآخر من غمر(مكنون الحقد) .
فط :عن أي آخر تتحدث يا معالي ( ج) ففلسطين دولة قائمة مستقلة داخل كونفدراليتنا العظمى – أرضها كما كانت وستبقى أرض عربية مقدسة تقبل جميع الأديان، وذلك الكيان الذي تم زرعه فينا من لدن الغرب ما كان ليبقى أكثر من الوقت الذي نمناه ، واما الدائنون بتلك الديانة فهم بيننا كأفراد من دولتنا لا يعاملون إلا كمواطنين لهم ما للمواطنين وعليهم ما عليهم,وكما تعلمون يا معالي( ج) فالجزر العربية والمدن المتوسطية تم إرجاعهم بالكامل ذلك ان الأمة قدرت على إرجاع أراضيها وقادرة على حمايتها
الأمين العام : يا أصحاب المعالي لقد تجاوزنا هذه القضايا بأجمعها فلم يعد مطروحا لنا لا مشكل الاحتلال ولا مشاكل التغذية والصحة والتعليم فمعلوم ان مخزوننا الغذائي يسد حاجيات العالم بأسره بفضل استخدام جميع أراضينا الزراعية كما أن التطور الذي بلغناه في كل العلوم الحديثة كان من أسبابه جعل لغة البحث هي اللغة المشتركة والموحدة لنا إذ ما من أمة نهضت نهضة كاملة او ستنهض على أساس لغة وثقافة الآخر فمسألة الهوية لابد من رسوخها في الأذهان قبل البدء بأي عمل .
أما نحن الآن فبصدد جعل هذا العالم عالم خال من الأسلحة الفتاكة ومن الأمراض التي تخلفها هذه الحروب المدمرة ثم إننا لن نقضي على المصانع ولا على "حلول المعادلة" إننا سنقوم بهذا العمل لنثبت للعالم مدى حسن نيتنا وأننا لا نسعى لا إلى استعمار احد ولا إلى استغلال ثرواته وإنما توصلنا إلى ما توصلنا إليه بدافع الكفاح والحذر والحيطة، والآن بما أننا أصبحنا القوة العظمى في العالم فإننا سنشهد العالم بعملنا هذا – الذي نرجو ان يخرج من شكل قرار ويصادق عليه مجلسي الكونفدرالية والأمة – على حق كل كائن بشري في الحياة بسلام وأمان في عالم خال من الحروب ومن الأسلحة الفتاكة, في عالم يسوده العدل والرحمة
ولكي نريهم أننا مازلنا كما كنا أصحاب سلام، له وللعدل ناشرين وإنما لجأ بعض منا في فترة من الماضي إلى أسلوب شيطاني في الصراع لا يمت بصلة لا إلى ثقافتنا ولا إلى حضارتنا وإنما كان نتاجا -علاوة على التطرف الديني- لما تقوم به بعض القوى الغاشمة من ظلم وتقتيل وحيف يندى له الجبين حين تذكره .
أما زلتم تذكرون مجازر غزة المتكررة وقانا التي تذكر بصبرى وشاتيلا ؟
م :وكيف ينساها ذوي الإحساس والنبل والأصل الطيب لكن نتجاوزها ونتعامل بما تمليه علينا المصلحة لكونفدراليتنا العظمى .
الأمين العام : اعتقد ان أساس ما توصلنا إليه من قوة كان نتاجا لشيئين أساسيين :
1-اعتبارا واعتقادا بالجزم ان أهم شيء منحه الباري للمخلوق من البشر هو العقل ، لذلك فتركيزنا على التنمية البشرية خلق لنا جيلا وأجيالا مثمرة وواعية بضرورة البناء وانه لا مجال لإبقاء هذه الأقطار مشتتة, لما يسببه ذلك من سهولة الاستحواذ على مقوماتها
2- الاستفادة من اخطاء الآخرين ، والعمل بجهد واجتهاد ومعرفة أن الظلم لا يبقى إلى أبد الآبدين فلا بد من اليوم الذي ينتصر فيه للحق أهله وينتفضوا من سباتهم .
تبا وسحقا لتلك الفترة ,لقد كان يقال عنا ان النوم ملنا وأن الشهامة منا زالت والمروءة عنا غادرت, لكنه الوهن والضعف الذي يجعل قلبك ينفطر ألما لا بما تشاهده فحسب بل بما يقال عنك أيضا .
نعم !! أصحاب المعالي لم نعقد قمتنا هذه من أجل هذه القضية فحسب، فبعد حصول النصاب القانوني يبقى القرار مجرد حبر على ورق طالما لم يصادق عليه مجلسي الكونفدرالية والأمة
والآن أفسح المجال لأصحاب المشاريع المدروسة
س: لقد قمنا بدراسة مشروع خط سريع يربط بين جميع العواصم الاقتصادية للمجموعة وقد وضعنا لدى اللجنة الاقتصادية والمالية مخططا للغلاف المالي الذي ينبغي رصده لهذا المشروع فقد زاد عكوف الناس عن الترحال جوا بعد إعلان الخطوط العظمى للكونفدرالية عن عزمها القيام برحلات جوية بدون قبطان تقليدا لألتنا العسكرية
ب: أبدا لا يمكنها فعل ذلك ، لأن هذا مناف للأخلاق المهنية ، ثم إننا لا يمكن أن نسمح لها بفعل ذلك
ص- يا عزير يا معالي (ب) ، هذه النبرة غير مستحسنة . واستسمح عن العبارة الغير مؤدبة- لكن كل قرار نصدره يحتاج إلى موافقة مجلسي الكونفدرالية الذي يتكون من قادة الدول وإلى تصديق مجلس الأمة المشكل من الألف والثمان مائة نائب.
ك- إن إحداثنا لشبكة صحية عملاقة لشيء ، جيد ومسعى مشروع وطموح كل همام, لكن من غير المقبول أن نبقى ننتظر أن يأتي وباء فتاك انذاك نبدأ في البحث عن العلاج المناسب ، أعتقد أنه علينا أن نبحث عن الطريق الأمثل للحصول على الدواء قبل حدوث الداء . أعرف أنه قد يقول قائل هذا غباء وهراء بل وجهل وحنق لكن من غير المقبول أن تبقى فكرة الوقاية خير من العلاج قائمة رغم أنها الفكرة السديدة والمتاحة في الوقت الراهن كما في ما مضى .
لكن حدوث هذه الطفرة العلمية ، ونحن نعلم أن العلم من أجل التنبؤ و التنبؤ من أجل التحكم ، جعلتنا نخبر المواطنين أنه غدا سيكون ماطرا بإذن الله فعليهم أن يأخذو الحيطة ، نخبرهم كذلك أن الداء كذا سيتفشى في هذا الأسبوع لا قدر الله وعليهم بتجرع الأقراص كذا والعقاقير كذا...ألخ ,وبالتالي يكون العلاج قبل مجيئ المرض بدل الوقاية فحسب
ط- أنا أرى أننا قد حققنا أشواطا مهمة في مجال البحث العلمي ، وهذا طبعا عائد الى أن لغة البحث هي اللغة الأصلية، غير أن هذا لا يمنع من جعل بعض اللغات الأخرى تدرس كمواد في البرامج التعليمية .

ت – أنا بدوري قد تطرقت في دراسة إلى ما جاء به معال ) ط) غير أن الذي نحتاجه فعلا هو فتح جامعات في الدول المجاورة والتي تربطنا بها علاقة تجارية من أجل ما سيوفره ذلك من استخدام منتوجاتنا التي تصدر إليهم.
أما تدريس اللغات الأجنبية وجعلها من صميم البرنامج، أنا أعتقد أنه لم يعد مسموح لنا أن نعود كما كنا متذبذبين في الأنظمة التعليمية.
وما خلفه لنا ذلك من أدمغة خاوية من أي نتاج وفارغة إلا من التخلق بصفات الاستلاب ، حتى صار في تلك الفترة الكثير من الباحثين لا يفرقون بين الفرقان والمعلقات .
الأمين العام –أه.أه.آآآه. إنها من الشروط التي أختار على أساسها. في هذه الجلسة الختامية أعلن بصفتي أمين عام ومنسق للسياسة الخارجية للكونفدرالية العربية العظمى _ بعد التصويت بالإيجاب على القراريين .
تدمير نصف اللأسلحة ذات الرؤوس النووية ، وكذلك إحدى القنابل الهيدروجينية كمبادرة وتشجيع على جعل العالم خال من الأسلحة الفتاكة ومن الحروب .
إقرار للمشروع القاضي بموجبه إنشاء خط سريع بين العواصم الإقتصادية في المجموعة ورصد مبلغ 30 ترليون درهم عربي كغلاف مالي له._
اختتام هذه القمة الصغرى الممهدة للقمة الكبرى ، راجين من أصحاب الفخامة والسمو والجلالة أن يصادقو على هاذين القرارين .
-أستيقظ من النوم بسبب تعالي الضحكات التي لا أعرف مصدرها ، أنا على يقين أن الإنسان لا يقهقه وهو نائم حتى يوقظ نفسه بقهقهته، اللهم إلا إذا كان مجنونا أو عاشقا .
ربما هي ضحكات الشياطين التي اتقنت الأدوار وأجادت التمثيل .
لكن أليس غريبا أن يكون ما رأيته مجرد حلم شيطاني توهمه عقلي الباطني فتمثل لناظري عندما غاب عقلي الظاهري عن الوعي .
عبئت عندما كنت صغيرا أن من نام بالطريقة التي نمت بها لا تتمثل له الشياطين ولا يرى في المنام إلا ما هو حقيقي ، أو كان حقيقي أو سيتحقق مع مرور الأيام .
المهم أنني استيقظت في" نومة أخرى", فيها أعيش ألمى الحقيقي,أعيش تعاستى وشقائي المكره على أن أعيشهم, أعيش واقعى المكلوم , واقعى المغتصب , واقعى الذي ما عاد فيه للنخوة ولا للشرف ولا للمروءة معنا ,واقعى الذي يداس فيه على كرامة الشرفاء دون أن يتفوه المتفيهقون بشيء ، دون أن يصدر المتخيل إليهم أنهم عظماء سوى الشجب والتنديد ، شجب وتنديد رئموه" و هو لهم ومنهم أمل ".
أقف أمام المرآة لأستاك والنفس في حديث مع ذاتها ’ تارة تسأل نفسها : إن هذه القمة التي انعقدت البارحة لتوحي حتما أن هناك في الأفق دولة عظيمة قادمة أو اتحاد من نوع خاص ، لا مثيل له . وتارة تسألني هل فعلا صدقت ما رأيت ؟
على الأقل ينبغي أن تربط ما شاهدته بالواقع الذي أنت فيه فهل يوحي هذا الواقع بأن عملا مشتركا يسعى من وراءه للوصول إلى القوة والمكانة التي تليق بأمه كانت دائما حاملة لنبراس الحضارة واشعاع الثقافة ونشر الرقي والازدهار .
أنا مستيقظ ، لكن أعيش أحداث تلك القمة ، لم ينبهني على أنني في عالمنا التعيس إلا اصطكاك أسناني وارتجاف شفتاي من البرد، فقد توضأت بماء بارد واستكت به و درجة الحرارة منخفضة جدا.
عدت إلى الفراش تغطيت بلحاف غليظ" لتدفئة الجسم بالحرارة المنبعثة منه." لكن لا أريد أن أنام ، فعقلي وذهني لا يحتملان مشهدا آخر من هذا القبيل إنه يقتلني يمزقني اشلاء ، إن فيه من السخرية ما لا أحتمله ، أنا لا أصدقه طالما ساستنا ينادون ب" وأي امرئ يقوى على الدهر زنده "
انتصبت واقفا بدأت في ارتداء ملابسي الرسمية ثم خلعت معطفي وتناولت طاقيتي واضعها في مكانها ، حقيبتي بيدي والمظلة باليد الأخرى ، توجهت إلى الجامعة، إنها كلية الحقوق التي كنت ومازلت في كل زمكان أنظر إليها بنوع من الإجلال ذلك أن كل العظماء بها مروا أو منها تخرجوا .
مررت بمقهى الكلية الذي يطلق عليه " مقصف" هذه الكلمة التي لا أطيقها رغم أن لها أصل في اللغة ومع ذلك لا توحي لي إلا بالقصف الذي شاهدته في نهاية 2008وبداية2009و قبل ذلك في 2006 و 2003 و 1998 و 1991 وما سمعت عنه من قصف في سنوات 1973 و 1967 و 1956و 1948 . جلست في الركن متناولا قهيوة لا يستسيغها من تعود على شرب الشاي المهيأ بأيادي ناعمة مزينة بالحنى في كؤوس تعكس صفاء الساكب والمسكوب .
أجلس في المقصف في الزاوية دائما لا أدري لماذا ألأني لم أفهم من الهندسة إلى الظل والجيب والجيب التمام ، أم لأخذ الصورة الغريبة في المقصف. إذ فيه كل التناقضات مجتمعة, فيه المثقف الحامل(حلما) لهم امة بكاملها , فيه تجد المناضل الذي لا يدري من أجل ماذا يناضل المهم أنه مناضل من أجل ماذا لا يهمه هو أوهم نفسه بأنه انسان ولا يثبت إنسانيته إلا بالنضال إنها مشكلة ،" فالوهم اعتقاد راسخ لا دليل عليه ولا برهان" وصعب أن يزول إلا عن من وصل درجة من العقل والتبصر وعلو الهمة، إذ آن ذاك يمكن له أن ينتقل مما يسمى بالاعتقاد الوهمي إلى ما يسمى بالانتقاد وهذا الأخير "هو البحث عن حقيقة الشيء بحثا عقلانيا يخضع للمنطق من أجل التسليم بصحة الاعتقاد او إزالته ومحوه"
هو مناضل إن فاتحته مستفسرا من أجل ماذا يناضل يجيب تارة بسب الخالق من حيث لا يعلم كأنه لم يفهم من" وقوف حمار الشيخ في العقبة"إلا وصف الباري حاشاه بما لا يليق إلا بنا هذا إن كان قد اضطلع على ذلك الحوار . وتارة بسب الحكم ومن يسيره في الوقت الذي هو فيه عاجز عن تسيير أمره. في المقصف من لا يفرق بين ما قاله المتنبي وجبران وما قاله خير الخلق كلهم ,في المقصف جمال لا يطاق وملاحة تنسيك من أجل ماذا أتيت وترغمك على النظر شئت ذاك أم أبيت
أحتسي القهيوة وأقلب الصفحة الثالثة من الجريدة ,فيها تفاصيل الخبر الأول إنه زيارة وزيرة الخارجية السابقة للكيان الصهيوني مشاركة في قمة متوسطية .عاد بي التفكير إلى ما شاهدته في النوم ومقارنته بما أعيشه الآن ، إنه شيء عجيب يبعث على التساؤل.
نحن منذ أزيد من ستين عاما عاجزون عن تحرير أرضنا رغم أنها أرض مقدسة, بل إننا كلما حاولنا تحرير جزء منها ضاع جزء مما كان في حوزتنا نحن الذين يشن بعضنا حروبا بقرار انفرادي ويكون مصيره التعيير من إخوانه وملامته إن هو هزم وإن حالفه الحظ وانتصر يعد من العصابات الإجرامية والإرهابية .
نحن الأمة التي لديها أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ منذ اكثر من ستون عاما ويمن عليهم بعضنا علنا بما يجنيه من وراء تهجيرهم .
نحن الأمة التي يفتح بعضها سفارات في أقصى العالم في الوقت الذي لا توجد علاقات دبلماسية بين بعضها, بل إن مباراة في كرة القدم كادت أن تعصف بأخوة شعبين منها. نحن الأمة التي هم شبابها الوحيد هو الفرجة على ما اتخذه الغرب كماليا يستمتع به في حين أننا معدومين من الضروري نحن ونحن ونحن ...إلخ .
رغم ذلك أليس الآخر هو المسؤول الاول والأخير عما نحن عليه أم أنها مجرد مقولة نخدع بها أنفسنا وننوم بها عزائمنا وهممنا لا, لا, بل هو مسؤول عن هذا الوضع ولو بشكل ما .
أليس هو الذي احتلنا تحت غطاء الحماية وهو الذي زرع فينا كيانا سرطانيا وجيشه وعمل على تسليحه باخطر الأسلحة فتكا .
وهو الذي وزعنا بطريقة ممنهجة يصعب معها أن يحدث اتحاد وهو الذي ...إلخ. لا المشكلة فينا وفي ساستنا ومثقفينا وفي كل من بيده القرار ، إذ لا يخفى على أي منهم هذا الوضع ومع ذلك لا ندري هل هم عاجزون أم لا يريدون أن يكونو كما رأيت في تلك القمة المهيبة , إن كانوا عاجزين فلا بد من مدهم بأسباب القوة "منهم" أو خلعهم ونزعهم و إن كانوا لا يريدون فهم للموت أقرب ومن كان للموت أقرب فالحياة له أرفض ومن كانت له الحياة أرفض فما حاجة الشعوب له في موقع السياسةواتخاذالقرار . تظهر في الصفحة وزيرة الكيان السرطاني السابقة وهي تدلي بتصريح جد منمق فيه من التدنيق ما يعافه ذوي المبادئ, تصريح كأي تصريح من أحدهم عندما لا يكون في موقع القرار
كم نحن ساذجون نصفق لها ولأمثالها وننتظر ممن جاء بها وبكيانها أصلا أن يأخذ لنا حقوقا أو ينشئها لنا .
نتثاءب فرحا حينما يثنى أحدهم علينا وعلى ثقافتنا وحضارتنا وننسى أنهم سبب كل الآلام والآجام التي مزقت قلوبنا وبلدت أذهاننا.
لاتذكرني صورتها إلا بتلك الطفلة الرضيعة التي لم تتجاوز الشهرين والرصاصات التي اخترقت صدرها وامها لها محتضنة .
لا تذكرني صورتها إلا بالألف والأربعمائة شهيد والخمسة آلاف جريح. لا تذكرني إلا بالمنازل التي هدمت على رؤوس ساكنيها وبالإرهاب الذي يمارسونه علينا يوميا ولا ينفكون عن ممارسته حتى في الأفلام
لا تذكرني إلا بالأسر التي تباد عن آخرها وبالطفلة التي بترت قوائمها وهي تحلم أن تكون صحيفة" إنها إرادة الحياة"
كم نحن تعساء عندما نتذكر, ونكون مجرمين في حق إخواننا الذين قضوا وفي حقنا وحق أجيالنا القادمة عندما ننسى أو نتناسى
ومع ذلك فنحن لابد أن نكون اولا نكون ان نكون أصحاب رسالة حقيقية أصحاب مروءة وكبرياء أصحاب شهامة وحق وتطلع للبناء مادمنا نريد أن نكون كذلك فلابد من الحراك والتحرك نحو الهدف وهذا لا يتأتى إلا بالعمل المشرك وبإعداد منهجية ناجعة يعمل على أساسها آن ئذ يزول اعتقاد من يرى من الزاوية التي أرى منها أن ما رأيته كان مجرد قمة في النوم وأننا أيضا قمة في النوم .

الرياضة

الثقافة والفن

وكالة أنباء الأخبار المستقلة © 2003-2025