تاريخ الإضافة : 26.01.2010 14:33

فيلم "المحيطات" (أوسيانس) : أنشودة لعالم البحر

بعد إنتاجه لفيلم "هملايا" ولفيلم "الشعب المهاجر"، سبر المخرج والمنتج الفرنسي جاك بيرّان عالم ما تحت البحار، وقام خلال سنوات أربع من التصوير بـ 70 رحلة إلى أكثر من 50 موقعا، حملته من المياه الفيروزية في المنطقة المدارية إلى الجليد في المحيط المتجمد الشمالي كما الجنوبي. استعان لإنجاز مشروعه الضخم بأكثر رجال العلم شهرة وبأحدث التكنولوجيات. يطبع هذا الفيلم الذي يعرض في قاعات السينما في 27 يناير/كانون ثاني 2010، بداية سنة التنوع البيولوجي الدولية في فرنسا مع إعلان وزير البيئة والطاقة والتنمية المستدامة والبحر، القائم بشؤون التكنولوجيات الخضراء والمفاوضات بشأن المناخ. وهذا كي نغوص في أعماق المحيطات ونواجه عواصفه لاستكشاف مخلوقات بحرية مجهولة أو منسية.

يبدأ الفيلم بسؤال يطرحه أحد الأطفال: "المحيط، ماذا يعني المحيط ؟". ويتساءل فيلم "المحيطات" عما يخلف الإنسان من آثار يفرضها على العالم البري. ليس فيلم "المحيطات" وثائقيا إنما سينمائيا أي واقعيا، خلا من النظرة الخارجية ومن التعليق، لتعبر الصورة عن نفسها. ولقد سعى فيلم جاك بيرّان وجاك كلوزو لعرض عالم مهدد بالانقراض وللدفاع عنه، وبيّنا قسما كبيرا من الأنواع البحرية المهددة بالاندثار. تلقى الفيلم الدعم من العديد من الشركاء من القطاعين العام والخاص [الفرنسي] (الدولة، الجماعات الإقليمية، الشركات، المؤسسات...)

أراد جاك بيرّان وجاك كلوزو، من أجل التوغل في أعماق الموضوع أي التنوع البيولوجي البحري، تقريب المشاهد من عالم ما تحت البحر، لذلك لزمهما المحافظة على الإنطباع بالسرعة وبالحيوية عبر الصور، وكان عليهما مواجهة تحد تقني فعلي : "التنقل بسرعة 10 عقد في وسط رف من الطون أثناء الصيد، ومرافقة الدلافين في سباقها الجنوني والسباحة بجوار سمك القرش الأبيض الضخم". ولقد انتشر في مختلف بحار العالم 14 مصورا من جنسيات متنوعة بينهم الفرنسي والسويدي والياباني، وواجه 12 فريقا من التقنيين المطر والعواصف على متن قوارب مطاطية. كما كان قرابة مائة من علماء البيولوجيا في القارات الخمس مستعدين للإجابة والتفسير. بلغت موازنة الفيلم 50 مليون يورو.


تعددت الابتكارات، إذ أعد الفريق التقني، من أجل تصوير الحيتان بدون إزعاج لها، كاميرا ثبتت عند طرف ذراع رافعة وضعت فوق مركب، هو جهاز "تيتيس" الذي صممه وركبه جاك-فرنان بيران وألكسندر بوجيل، واستعملت آلات تصوير فريدة من نوعها. كان بين الأجهزة التي استعملت مروحية مصغرة "بيرديفلاي" صامتة، توجه عن بعد، بوسعها الإقتراب بشكل خفي من الحيتان الكبيرة عندما تكون عند صفحة الماء. ووفر جهاز "نصف هوائي- نصف مائي" فرصة التصوير فوق الماء وتحتها ومرافقة حيوانات الفقمة والأتارية وكلاب الماء التي تسبح ورؤوسها خارج الماء. لكن تجلت ذروة الإبتكار بكاميرا رقمية وضعت في طوربيدات جرارة تسحب بسرعة كبيرة خلف المركب بواسطة سلك مصنع من ليف بصري وتصوّر من الخلف بحيث تظهر مقدمة الحيوانات.

علاوة على الجسارة التقنية، يشكل هذا الفيلم صرخة إنذار تنبهنا عن واقع المحيطات. يقول جاك بيرّان "تقدم المحيطات دائما فسحة حرية لا حدود لها بالرغم من أن البحر مازال حيزا بريا شاسعا".

ويضيف جاك كلوزو ببهجة قائلا : "في جزر الكوكوس، وفي عرض بحر كوستاريكا، يكفي غطس الرأس تحت الماء لمشاهدة أسماك من مختلف الأنواع : القرش والشفنين من مختلف الأحجام، والسلاحف والثدييات البحرية من مختلف الأنواع".

في شمال المحيط المتجمد الشمالي وعلى جزيرة كوبورغ، مازالت الدببة القطبية وفيلة البحر والفقمة تعيش وحدها في منطقتها. وفي الطرف الغربي من جزيرة غالاباغوس تعيش النسور في وسط العيدشون البحري والأتارية وغربان البحر وتحط دون خشية بجوار فرق التقنيين. بينما في عرض البحر مقابل ساحل ترانسكي (إفريقيا الجنوبية) تغط أسراب الطيور في الماء وتلحق برفوف السردين غائصة على عمق يبلغ عشرة أمتار.

في هذه المناطق الصغيرة والنائية من العالم جرى تصوير فيلم "المحيطات"، ومعه ينقل جاك بيرّان مشاهديه إلى قلب مشهد بدائي يثير المشاعر.


الجاليات

الثقافة والفن

وكالة أنباء الأخبار المستقلة © 2003-2025