تاريخ الإضافة : 05.08.2009 17:41
الملتقيات الصوفية.. إرث الماضي وتحديات الحاضر
افتتاح الملتقى الإسلامي الموريتاني السنغالي الأول الذي عرف حضورا كبيرا لزعامات الثصوف في الدولتين وعموم منطقة غرب افريقيا (ارشيف الأخبار)
تشهد موريتانيا ومحيطها الإفريقي على غرار العالم الإسلامي إقامة ملتقيات صوفية تناقش واقع الحركة الصوفية وإسهامها في واقع المجتمعات الإسلامية وسبل ملائمة الدور الصوفي مع متغيرات العصر وأخذه بالأشكال المعاصرة في ميدان التنظيم والتربية.
ويطرح سعي التصوف إلى المحافظة على الإرث الطرقي مع تقديم إسهامه في الإجابة على التحديات المعاصرة أسئلة عن الكيفية التي يتم بها المزاوجة بين الأمرين والقدرات المطلوبة لذلك.
ويطرح سعي التصوف إلى المحافظة على الإرث الطرقي مع تقديم إسهامه في الإجابة على التحديات المعاصرة أسئلة عن الكيفية التي يتم بها المزاوجة بين الأمرين والقدرات المطلوبة لذلك.
شيء من التاريخ:
دخل التصوف موريتانيا تأثرا بالحالة العامة في البلاد الإسلامية في القرن الثاني عشر الهجري متخذا الشكل الطرقي السائد إذ ذاك، وانتشرت في موريتانيا منذ ذلك الوقت ثلاث
طرق تفاوت تاريخ دخولها للبلاد وهي القادرية والشاذلية والتيجانية.
وتفرعت كل واحدة من هذه الطرق إلى فروع مشهورة فقد تفرعت الشاذلية إلى الشاذلية الناصرية نسبة إلى سيدي أحمد بن محمد ناصر الدرعي (ت1121هـ) الذي أخذها عنه وأدخلها لموريتانيا عدة مشايخ منهم مسكه بن باركل الله وسيد الحاج المختار الجكني وغيرهما.
أما الفرع الثاني فهو الشاذلية الغظفية نسبة إلى الشيخ محمد الأغظف بن حمى الله الداودي الجعفري (ت1210 هــ)
أما القادرية ففرعاها الأساسيان في موريتانيا هما : الكنتية نسبة للشيخ سيدي المختار الكنتي ( 1226 هـ) والفاضلية نسبة للشيخ محمد فاضل بن مامين القلقمي (ت 1285هـ)
وبدوها تنقسم التيجانية إلى ثلاثة فروع هي الحافظية نسبة إلى الشيخ محمد الحافظ بن المختار بن حبييب العلوي (ت1245هـ) والحموية نسبة إلى الشيخ حماه الله والإبراهيمية نسبة إلى الشيخ ابراهيم انياس.
طرق تفاوت تاريخ دخولها للبلاد وهي القادرية والشاذلية والتيجانية.
وتفرعت كل واحدة من هذه الطرق إلى فروع مشهورة فقد تفرعت الشاذلية إلى الشاذلية الناصرية نسبة إلى سيدي أحمد بن محمد ناصر الدرعي (ت1121هـ) الذي أخذها عنه وأدخلها لموريتانيا عدة مشايخ منهم مسكه بن باركل الله وسيد الحاج المختار الجكني وغيرهما.
أما الفرع الثاني فهو الشاذلية الغظفية نسبة إلى الشيخ محمد الأغظف بن حمى الله الداودي الجعفري (ت1210 هــ)
أما القادرية ففرعاها الأساسيان في موريتانيا هما : الكنتية نسبة للشيخ سيدي المختار الكنتي ( 1226 هـ) والفاضلية نسبة للشيخ محمد فاضل بن مامين القلقمي (ت 1285هـ)
وبدوها تنقسم التيجانية إلى ثلاثة فروع هي الحافظية نسبة إلى الشيخ محمد الحافظ بن المختار بن حبييب العلوي (ت1245هـ) والحموية نسبة إلى الشيخ حماه الله والإبراهيمية نسبة إلى الشيخ ابراهيم انياس.
وقد لعبت هذه الطرق أدوارا كبيرة في الحياة الدينية والحياة العامة في موريتانيا وحسب الباحث والمورخ يحي ولد احريمو فقد تمثلت هذه الأدوار في حمل بعض مشايخها راية الجهاد ضد المستعمر الفرنسي وكذلك قيام بعض أعلامها في مرحلة من التاريخ الموريتاني بالمصالح العامة التي هي في الأصل من مهام الدولة، و"نعني نشر العلم بين الناس، وإصلاح ذات بَيْنِهم، ومدّ يد العون للمُحتاج منهم" فضلا عن جهودها تربية أبنائها وتزكيتهم بالأوراد
على أن بعض المؤرخين لا يرضي عن بعض الأدوار التي قام بها بعض مشايخ التصوف خصوصا في الجبهة الجنوبية الغربية والكلام هنا تحديدا عن موقفهم من الاستعمار كما يلاحظ آخرون وقوع بعض المتصوفة الموريتانيين في ما يسمونه البدع والمخالفات السلوكية والإعتقادية التي تلاحظ على الصوفية في العالم الإسلامي بشكل عام.
أما واقع الحركة الصوفية اليوم في موريتانيا فإن بعض الباحثين ومنهم الأستاذ يحي ولد احريمو يتحدثون عن تراجع في أدوار هذه الطرق وانحسار في مريدي بعضها، وحسب ولد احريمو فإن عوامل من ضمنها سيادة القيم المادية في العالم وكذا منافسة الفكر السلفي للصوفية تعتبر من أبرز العوامل التي قادت لهذا التراجع.
على أن بعض المؤرخين لا يرضي عن بعض الأدوار التي قام بها بعض مشايخ التصوف خصوصا في الجبهة الجنوبية الغربية والكلام هنا تحديدا عن موقفهم من الاستعمار كما يلاحظ آخرون وقوع بعض المتصوفة الموريتانيين في ما يسمونه البدع والمخالفات السلوكية والإعتقادية التي تلاحظ على الصوفية في العالم الإسلامي بشكل عام.
أما واقع الحركة الصوفية اليوم في موريتانيا فإن بعض الباحثين ومنهم الأستاذ يحي ولد احريمو يتحدثون عن تراجع في أدوار هذه الطرق وانحسار في مريدي بعضها، وحسب ولد احريمو فإن عوامل من ضمنها سيادة القيم المادية في العالم وكذا منافسة الفكر السلفي للصوفية تعتبر من أبرز العوامل التي قادت لهذا التراجع.
الملتقيات والسياق الجديد
وفي الوقت الحاضر تسعى المشيخات الصوفية للمحافظة على الدور التاريخي للطرق الصوفية وتأطيره في ملتقيات فكرية وطرقية عامة أحيانا وخاصة بإحدى الطرق أحيانا أخرى.
وفي السنوات الأخيرة انطلق ملتقى تيكماطين الفكري وانتظم وصدرت عنه العديد من البحوث والدراسات وهو نفس الدرب الذي سار عليه الملتقى الإسلامي السنغالي الموريتاني الأول الذي نظمته مؤسسة محمدو النحوي في العاصمة السنغالية داكار قبل عدة أشهر بحضور الرئيس السنغالي عبد الله واد وبمشاركة عدد من المشيخات الصوفية الموريتانية والسنغالية وشخصيات صوفية من دول غرب إفريقيا.
وتستعرض هذه الملتقيات في العادة مواضيع وإشكالات مرتبطة بالعلاقات البينية داخل الطرق الصوفية كما تطرح مكانة التصوف في الحراك الفكري الإسلامي العام ولاسيما العلاقة بين الصوفية والفكر الإسلامي الصحوي (الإسلام السياسي).
الأخبار التقت الباحث المختص في التصوف والصوفية الحسين ولد محنض الذي يرى في هذه الملتقيات وسيلة لتجديد الدور التاريخي للتصوف والمتمثل في القيام بالمصالح العامة في المجتمعات والقضاء على روح النزعات الضيقة من عنصرية وفئوية انطوائية وقد حققت في هذا المجال تقدما ملحوظا.
ومثل ولد محنض لهذا الدور بما لعبته الطرق الصوفية والتشكيلات التابعة لها في التخفيف من حدة الأحداث العرقية بين موريتانيا والسنغال سنة 1989 وكذلك الدور الذي لعبه الرئيس السنغالي عبد الله واد في الوساطة بين الفر قاء السياسيين الموريتانيين مؤخرا وأعاد ولد محنض هذا الدور إلى علاقة واد المنتمي للطريقة المريدية بتلامذة هذه الطريقة والطرق الأخرى المماثلة لها في موريتانيا.
وعن السياق العالمي لظاهرة الملتقيات قال الباحث ولد محنض وهو إعلامي بارز إن التصوف يحظى الآن باهتمام إعلامي نتيجة قدرته على مجابهة التحديات القيمية في العالم معتبرا أنه أثمن ثروة يمتلكها العالم الإسلامي بسبب قدرته على تحمل الصدمات التي تمر بالمسلمين.
وقال ولد محنض إن التصوف بدأ يتجه إلى الدور الاجتماعي ولو بشكل متأخر عن بقية الحركات النهضوية.
ويتحدث ولد محنض عن السعي الغربي للإبعاد التصوف عن الحراك النهضوي الإسلامي قائلا إن التصوف تاريخيا لعب أدوارا إيجابية في الجهاد وأدوارا تثبيطية وذلك بسبب قابلية للتكييف ومرونته وأن المعركة ليوم تتجه إلى كسب تكييف الحراك الصوفي مع المستجدات الحديثة على نحو يعطي للدين والتدين سلطانا مهيمنا على الحياة في عالم اليوم.
وفي السنوات الأخيرة انطلق ملتقى تيكماطين الفكري وانتظم وصدرت عنه العديد من البحوث والدراسات وهو نفس الدرب الذي سار عليه الملتقى الإسلامي السنغالي الموريتاني الأول الذي نظمته مؤسسة محمدو النحوي في العاصمة السنغالية داكار قبل عدة أشهر بحضور الرئيس السنغالي عبد الله واد وبمشاركة عدد من المشيخات الصوفية الموريتانية والسنغالية وشخصيات صوفية من دول غرب إفريقيا.
وتستعرض هذه الملتقيات في العادة مواضيع وإشكالات مرتبطة بالعلاقات البينية داخل الطرق الصوفية كما تطرح مكانة التصوف في الحراك الفكري الإسلامي العام ولاسيما العلاقة بين الصوفية والفكر الإسلامي الصحوي (الإسلام السياسي).
الأخبار التقت الباحث المختص في التصوف والصوفية الحسين ولد محنض الذي يرى في هذه الملتقيات وسيلة لتجديد الدور التاريخي للتصوف والمتمثل في القيام بالمصالح العامة في المجتمعات والقضاء على روح النزعات الضيقة من عنصرية وفئوية انطوائية وقد حققت في هذا المجال تقدما ملحوظا.
ومثل ولد محنض لهذا الدور بما لعبته الطرق الصوفية والتشكيلات التابعة لها في التخفيف من حدة الأحداث العرقية بين موريتانيا والسنغال سنة 1989 وكذلك الدور الذي لعبه الرئيس السنغالي عبد الله واد في الوساطة بين الفر قاء السياسيين الموريتانيين مؤخرا وأعاد ولد محنض هذا الدور إلى علاقة واد المنتمي للطريقة المريدية بتلامذة هذه الطريقة والطرق الأخرى المماثلة لها في موريتانيا.
وعن السياق العالمي لظاهرة الملتقيات قال الباحث ولد محنض وهو إعلامي بارز إن التصوف يحظى الآن باهتمام إعلامي نتيجة قدرته على مجابهة التحديات القيمية في العالم معتبرا أنه أثمن ثروة يمتلكها العالم الإسلامي بسبب قدرته على تحمل الصدمات التي تمر بالمسلمين.
وقال ولد محنض إن التصوف بدأ يتجه إلى الدور الاجتماعي ولو بشكل متأخر عن بقية الحركات النهضوية.
ويتحدث ولد محنض عن السعي الغربي للإبعاد التصوف عن الحراك النهضوي الإسلامي قائلا إن التصوف تاريخيا لعب أدوارا إيجابية في الجهاد وأدوارا تثبيطية وذلك بسبب قابلية للتكييف ومرونته وأن المعركة ليوم تتجه إلى كسب تكييف الحراك الصوفي مع المستجدات الحديثة على نحو يعطي للدين والتدين سلطانا مهيمنا على الحياة في عالم اليوم.
أما الداعية والباحث سيد أعمر ولد شيخنا فيرى أن هذه الملتقيات تأتي في إطار الانتعاش الذي تعيشه الطرق الصوفية التي هي جزء من حالة الصحوة التي تشهدها الأمة "خروجا من عقود الضياع والتيه التي تعرض لها المسلم المعاصر بفعل رواسب التقليد وفتنة الأفكار الوافدة".
ورأى ولد شيخنا أن استثمار المنهجية التربوية عند المتصوفة من شأنه المساهمة في تعزيز حالة التدين وإن الملتقيات الصوفية قد تعطي حيوية للدور الصوفي.
لكن الباحث ولد شيخنا نبه إلى الخطط السياسية التي ترعى بعض الملتقيات في مسعى "تشترك فيه الولايات المتحدة وبعض النظم العربية ويقوم على دعم الطرق الصوفية وتجسيرها لصالح تخدير الوعي الديني للابتعاد به عن فعل الممانعة والمقاومة للمشروع الغربي".
وأضاف ولد شيخنا إن هذه الجهات تعمل على أن لا تكون حالة التديّن رافدا للأحزاب والحركات ذات الطابع الإسلامي، "وأن تكون أبعد من التواصل مع الحركات ذات الطرح الجهادي التي هي في تشابك دائم مع أمريكا والنظم المتحالفة معها".
وحسب ولد شيخنا فإن هذه الجهات تصر على إبعاد التصوف عن الحراك الفكري والسياسي وحتى العسكري المضاد للهيمنة الغربية سعيا لحصره في مجال الخلاص الفردي.
ورأى ولد شيخنا أن استثمار المنهجية التربوية عند المتصوفة من شأنه المساهمة في تعزيز حالة التدين وإن الملتقيات الصوفية قد تعطي حيوية للدور الصوفي.
لكن الباحث ولد شيخنا نبه إلى الخطط السياسية التي ترعى بعض الملتقيات في مسعى "تشترك فيه الولايات المتحدة وبعض النظم العربية ويقوم على دعم الطرق الصوفية وتجسيرها لصالح تخدير الوعي الديني للابتعاد به عن فعل الممانعة والمقاومة للمشروع الغربي".
وأضاف ولد شيخنا إن هذه الجهات تعمل على أن لا تكون حالة التديّن رافدا للأحزاب والحركات ذات الطابع الإسلامي، "وأن تكون أبعد من التواصل مع الحركات ذات الطرح الجهادي التي هي في تشابك دائم مع أمريكا والنظم المتحالفة معها".
وحسب ولد شيخنا فإن هذه الجهات تصر على إبعاد التصوف عن الحراك الفكري والسياسي وحتى العسكري المضاد للهيمنة الغربية سعيا لحصره في مجال الخلاص الفردي.







