تاريخ الإضافة : 14.06.2009 12:48

قرار مصيري

في أحد الأيام استيقظت من النوم وتناولت إفطاري وتصفحت مقالات الصحف علي أجد ما هو مفيد وبعد الإنتهاء من وجبة الإفطار الخفيفة توجهت إلي مكان العمل ولم يكن ذلك الوقت هو وقت دوامي في العمل انتظرت قليلا مع العمال، تناولت معهم قطعة من الخبز واحتسيت كأسا من الشاي وتبا دلنا أطراف الحديث كل يسأ ل من ناحيته ما هي أخبار البلد؟
وماهي أخبار العالم؟
وواحد يتحدث يتحدث عن زيادة الرواتب وواحد يتحدث عن زيادة الأسعار وآخر يصلح دراجته الهوائية وآخر يتكلم في هاتفه الجوال وواحد هنا ك نائم من شدة ما سهر في الليلة الماضية والمدير في مكتبه يتناول وجبة الإفطار ليزاول بعدها مهامه اليومية، فجأة نهضت من بينهم ودخلت علي المدير وإذا به قد انتهي من تناول الإفطار وأخبرته بأنني مستقيل من الشركة سألني: لم تستقيل ؟ أجبته: أريد الرحيل! سألني : إلي أين؟ قلت له: لست أدري! أريد الرحيل فقط. قال: هذا غير معقول لا يستقيل أحد عن عمله إلا إذاكان قد حصل علي فرصة أفضل، قلت له: لا لم أحصل علي عمل أفضل ولاحتي عمل عادي أريد فقط الرحيل.


قال: إذهب عني وعد بعد ساعة تقريبا فخرجت ولم أخبر أصدقائي في العمل شيئا سألوني وألحوا علي بالسؤال فأجبتهم لا ليس هناك شئ. وخرجت وبعد مايناهز الساعة عدت ودخلت علي المدير قال لي: لم أفهم ماقلته لي لا يمكن لأحد الذهاب عن مؤسسة يتلقي فيها راتب لا بأس عليه إلا إذا كان قد وجد فرصة أفضل. أجبته: ليست هناك فرصة أفضل ولاشئ من ذلك القبيل أريد فقط الرحيل أعطاني ماتبقي من راتبي وخرجت ناداني قائلا: ما زال الباب مفتوحا أمامك إذا لم تجد شيئا ونحن سنكون في انتظارك.هززت رأسي وأشرت له ربما وما في نفسي في نفسي ولا يعرفه أحد غيري دخلت علي الأصدقاء وأخبرتهم بما جري فلم يصدقوا ونطق أحدهم قائلا: أنت من كان يقول إنك آخر من سيبقي في هذه المؤسسة تستقيل هذا لايصدق . وتنهّتَ الآخرون مندهشين كيف أكون أنا المستقيل بعد كل هذا الزمن وبعد كل تلك السنين الجميلة التي قضيناها معا في العمل والمرح أحيانا والحزن الفرح أحيانا والعسر واليسر أحيانا أستقيل بهذه البسا طة هذا شئ لا يصدق قلت لهم : هذه هي الحقيقة أنا أستقيل وأطلب منكم جميعا الصفح والمغفرة عن كل مابدر مني وتصافحنا وتعانقنا في مشهد محزن ثم قلت لهم: هذه هي الدنيا اليوم نلتقي وغدا نفترق. فخرجت إلي الدنيا ماذا أمامي أنظر إلي الشوارع أفكر في الأمس واليوم وما سيجري في الغد مرت علي السنين الماضية تجري, كل الذكرات بحلوها ومرها ضجيج السيارات لاآبه له السنين تمر علي كشريط ذكريات لا يمكن لأحد أن يفسر هذا الشريط. لما استقلت؟ أسائل نفسي , تمرعلي السنين أتذكر أربع سنوات من العمل المضني ماذا جنيت ؟ أدخل يدي في جيبي لايوجد فيه إلا راتبي الذي أعطاني المدير ولايكفي لسداد ديوني, إيجار الشقة , الحانوت ,فاتورة الكهرباء , صاحب المغسلة كل هذا تنهدت ومرت علي الذكريات من جديد السنين تمر ونقص العمر ماذا جنيت أسأل نفسي أذهب مباشرة إلي البنك لعلي أجد في رصيدي البكي ما يزيل عني بعض الهموم نظرت إذا به شبه فارغ فيه تسع مائة أوقية فقط وتمر الذكريات من جديد تمر علي السنين وتبدأ الدنيا تضيق والشوارع الفسيحة أصبحت ضيقة وبدات أصوات الضجيج تنخفض أبحث عن طريقي إلي البيت بين الأزقة حتي وصلت وقد أنهكتني الذكريات وبدأ الشريط من جديد كل الذكريات توالت فتحت الثلاجة إذا بها فارغة إلا من بعض الجبن والزيت يا إلاهي ماذاجري ؟ نظرت في المطبخ شبه فارغ إلا من بعض الشاي والسكر والعدس .

دخلت في غرفة النوم واستلقيت علي الفراش وبدأت الذكريات تسرد علي الحائط وكأني أشاهد فلما سينمائيا حان وقت الغداء لاشئ مر اليوم بأكمله وكأنه ساعة وأقبل الليل ذهبت إلي أحد الأقارب وتناولت معه العشاء وأنا أحاول أن أجعل كأن شيئا لم يحدث وعدت ونمت أنتظر طلوع فجر جديد وفي الصباح نهضت باكرا وتوضأت وصليت وذهبت إلي صاحب الدكان المجاورعلي أجد عنده قطعة خبز وبعد تناول الإفطار و طلوع الشمس خرجت إلي الحياة لأد خل في زمرة الشباب تلك الباحثة عن سطوع فجرجد يد يخرجها من ظلمة هذه الدنيا الموحشة الموبوؤة بمصا صي دماء الشعوب وأكلة لحوم البشر الساعين وراءهدم الطاقات الجديدة وجعلها خاضعة لرغباتهم ونزواتهم .

كتب:أحمد محمد سالم كركوب

المناخ

الصحة

وكالة أنباء الأخبار المستقلة © 2003-2025