تاريخ الإضافة : 29.11.2007 10:29

معاصرون لقيام الدولة يستذكرون مقاومة الشعب الموريتانى للإستعمار

السفير أحمد ولد سيدى ولد حننا فى يسار الصورة

السفير أحمد ولد سيدى ولد حننا فى يسار الصورة

قال السفير الموريتانى السابق السيد أحمد ولد سيدى ولد حننا بأن الشعب الموريتانى مطالب باعادة قراءة التاريخ من جديد بروح نقدية فاحصة مؤكدا أن النخبة الموريتانية التى عايشت المستعمر كانت تعيش جملة من الظروف والمعطيات أثرت فى مواقفها السياسية منه وهو ماحدى بالبعض الى ظلمها بعد ذلك.
واضاف ولد سيدى ولد حننا وهو يتحدث فى ندوة نظمها حزب التجمع الوطنى للإصلاح والتنمية (تواصل) عن المحطات السياسية البارزة قبل الاستقلال يوم امس الأربعاء 28-11-2007 :" ان المستعمر الفرنسى الذى سيطر على جمهورية مالى سنة 1856 وعلى الجزائر 1830 كان يتطلع دائما الى السيطرة على موريتانيا وهو ماتم بالفعل بعد أن مهد لذلك بفوضى سياسية فى البلاد من خلال دعم بعض الأمراء سواء عن طريق التبادل التجارى أو المد بالسلاح مما خلق حالة من الفوضى فى مختلف المناطق دفعت بالكثيرين فى مابعد للاستنجاد بالمستعمر كحل للمشاكل القائمة.

من اليمين : محمد ناجى ولد محمد أحمد  والحاج عمر با

من اليمين : محمد ناجى ولد محمد أحمد والحاج عمر با

واضاف ولد حننا :" لقد جند المستعمر الفرنسى جيشا من أبناء القارة وكان البون شاسعا بين قدراته العسكرية والقدرات الذاتية للمقاومة المسلحة فى البلاد والتى تجد نفسها فى كثير من المناطق مكشوفة بفعل ضعف السند الخارجى والفوضى الداخلية التى عمت بفعل انتشار السلاح وقوافل التجارة".
وقد انقسم الناس –كما يقول السفير السابق- الى فسطاطين : رجال دين أوقراء بلغة الإسلام المبكر وكانوا مع دخول المستعمر الفرنسى وهو موقف بشرت به شخصيات دينية كبيرة بينما كان على النقيض من ذلك الأمراء التقليديون الذين حملوا السلاح فى وجه المستعمر وقادوا الثورة فى مابعد حفاظا على ملكهم القائم.
ورغم ذلك يقول أحمد ولد سيدى ولد حننا كان هنالك رجال دين حملوا السلاح وحاربوا الإستعمار بالسيف والقلم وآخرون من زعماء القوم بايعوا المستعمر ضاربا المثال بالشيخ ماء العينين فى الشمال وسيدى ولد مولاى الزين فى تجكجه.
وتحدث ولد سيدى ولد حننا عن المقاومة فى الحوضين التى وصفها بالمظلومة لسببين:
- البعد عن الإعلام الخارجى وبالتالى لايوجد عنها إلا ماكتبه المستعمر فى يومياته
- غياب السند الخارجى لها حيث تسيطر فرنسا على مالى والجزائر المجاورتين وبالتالى منعت من الإتصال بالعالم الخارجى للحصول على مستلزمات القتال والصمود.
وتوقف ولد سيدى ولد حننا فى مداخلته بالندوة مع ظاهرة "الشيخ حماه الله " فى الشرق الموريتانى الذى وقف ضد المستعمر وواجه الى أن أعتقل ونفى الى ساحل العاج وبعدها الى فرنسا قبل أن يطلق سراحه فى وقت لاحق بعد انتهاء الثورة والتمرد.


وفى السياق ذاته قال القيادى فى حزب اتحاد قوى التقدم والمناضل المعروف محمد ناجى ولد محمد أحمد - (أحد معاصرى المقاومة السياسية والإستقلال) فى الندوة التى أقيمات بحضور عدد من الشخصيات البارزة بينها :
1- المحجوب ولد بيه
2- محمد محمود ولد ودادى
3- محمدن ولد اشدو

بأن المقاومة السياسية للمستعمر انطلقت أساسا بعد سن قانون المواطنة الذى عرف بقانون (لاستويون) وهو القانون الذى بموجبه منحت موريتانيا حق التصويت واختيار نائب فى البرلمان الموريتانى وقد كان أول الفائزين بهذا المنصب السيد أحمد ولد حرمه ولد ببانه الذى اختير للترشيخ من قبل "لمين كى" صحاب القسم الفرنسى فى العمالية الدولية الذى ربطته به علاقات وطيدة فى دكار بعد حبس الأخير فيها اثر خلافه الشهير مع الفرنسيين.

من اليسار : السفير محمد محمود ولد ودادى

من اليسار : السفير محمد محمود ولد ودادى

وقال ولد محمد أحمد وهو أحد الشيوخ الذين عاصروا الحقبة بأن علاقة الرجل (ولد حرمه) بالعمالية الدولية تعود الى نفيه الى دكار بعد خصومه مع الوالى الفرنسى فى "أدرار" وذلك بسبب رفض الأول لمسلكيات مشينة شاهدها فى حفل كان يحضره قادة الفرنسيون حينما كان يعمل معهم كمترجم وذلك بعد أن أدت نسوة من مدينة "أطار" رقصات فاضحة أمام القادة الفرنسيين وبحضور ولد حرمة الذى رماهم ببعض المشروبات والتراب وهو ما أدى فى النهاية الى اعتقاله.

ووصف الأستاذى ناجى تصرفات ولد حرمه فى البرلمان الفرنسى بأنها كانت انتصار للمقاومة الفكرية والثقافية للشعب الموريتانى وذلك حينما صوت ضد الإعتراف بدولة "اسرائيل" وانسحب من البرلمان احتجاجا على نتائج التصويت وهو مادفع الفرنسيين الى جمع العدة لمواجهته انتخابيا من جديد فى الجولات اللاحقة حيث رشحوا "سيد المختارولد يحى انجاى " ضده وهزموه .

وقد اضطر ولد حرمه بعد ذلك الى الرحيل بعد أن علم بمخطط لاغتياله بعد أن مات سنده السياسي الذى كان يعتمد عليه وهو "الدى ولد الزين" العضو الإستشارى بالجمعية الفرنسية عن موريتانيا الذى مات فى ظروف غامضة فى باريس ثم مات بعد ذلك "الحافظ ولد أوداعه" على متن العبارة بين موريتانيا وسينغال وهو الممول الرئيسى لنشاطات ولد حرمه السياسية وتحركاته داخل وخارج البلاد.

بعد ذلك انتقلت المقاومة السياسية الى صيغة جديدة وهى تأسيس الأحزاب التى كانت قائمة قبل الإستقلال الذى بات الجميع يدرك أنه قادم ولكن صيغته ومع من سيكون هو المطروح للجدل والنقاش فى وسط النخبة الموريتانية والفرنسية على حد سواء.

ومن أهم الأحزاب السياسية التى قامت ساعتها:
1- الاتحاد الوطنى التقدمى: وقد أسس فى مدينة روصو وكان الهدف منه هو التأثير على التيار الحرموى وقد تبين ذلك لاحقا حينما رشح الحزب من جديد منافس ولد حرمه السابق "رزاك" للانتخابات البرلمانية وقد قاد الحزب الرئيس الأسبق للجمعية الوطنية "سيد المختار ولد يحى انجاى"
2- حزب الوفاق: وقد أسسه ولد حرمه ورفاقه كردة فعل على الحزب الأول لكنه تفكك بعد ذلك
3- حزب الشبيبة الموريتانية: وهو جمعية شبابية كان هدفها أساسا الحصول على مساحة بين الطرفين وتوعية الشعب الموريتانى بمخاطر الاستمعار والعمل على منافسة الجيل الجديد

وقد أدت الظروف فى مابعد والضغط الخارجى الى توحيد القوى السياسية فى حزب واحد هو حزب التجمع الموريتانى الذى ضم :
1- الاتحاد التقدمى
2- بقية حزب "الوفاق"
3- كتلة "كوركل"
وفى مدينة "كيهيدى" اسس حزب جديد هو "حزب النهضة " وذلك فى 25-09-1958 وقد تولى "بوياغى ولد عابدين" رئاسة الحزب الجديد والأستاذ أحمد باب ولد أحمد مسكه أمانته العامة وكانت توجهات الحزب عروبية واسلامية حيث كانت بطاقة العضوية تحمل الآية الكريمة (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم...) .
كما أنشا بعد ذلك حزبان جهويان هما :
1- الاتحاد الاشتراكى الإسلامى الذى اسسه سكان أدرار
2- اتحاد المنحدرين من الضفة والذى أسسه بعض أطر الضفة
وفى السنوات الأخيرة والتى سبقت الاستقال بدت النزعة نحو الحزب الواحد تطغى على القيادة السياسية للأحزاب الموريتانية حيث تعززت مع الاستقلال ودمجت كل الأحزاب السياسية فى حزب واحد هو حزب "الشعب" الذى قاده الرئيس الراحل المختار ولد داداه حتى الإطاحة بنظامه 1978.

وقد علق السفير السابق محمد محمود ولد ودادى على الأحداث التى جرت فى تلك الفترة قائلا بأن المقاومة المسلحة انتهت فعليا بعد واقعة "أم التونسى" والتى قتل فيها نجل الرئيس الفرنسى الذى كان فى أول رحلة له خارج البلاد للمشاركة مع وحدات من الجيش الفرنسى فى القتال.
كما ذكر بعض القادة ممن هاجروا من موريتانيا بعد بسط الاستعمار سيطرته عليها ومن أهم هؤلاء الصوفى البارز "محمد الأمين ولد زينى" الذى غادر الى تركيا للمشاركة مع العثمانيين فى معاركهم وأقام فترة بدمشق وبعدها غادر الى جنوب تركيا مع 600 من الموريتانيين.
وأكد ولد ودداى أن المقاومة الثقافية للمستعمر كانت الأبرز وقد أستمرت حتى بعد الاستقلال.
وخلص الى القول بأن مايميز الموريتانيين فى تلك الفترة هو غياب ثقافة النهب المنظم والرغبة فى انجاز شيىء للتاريخ والحنكة فى التعاطى مع المستجدات السياسية وكانت الوظائف الكبيرة حكرا على الخبراء او الكوادر عكسا لما هو حاصل اليوم فى حياة الناس.

المناخ

الثقافة والفن

وكالة أنباء الأخبار المستقلة © 2003-2025