تاريخ الإضافة : 10.07.2008 15:57
بين الإسراء والمعراج تحدث مناجات ّ!...
الرجل بن عمر
Rajel2005@yahoo.com
بتاريخ : 10/07/2008 م
لقد بعث "العندليب الأسمر" منذ ما يربو على عقد من الزمن.. مبشرا بصراط شعري مبين, ورغم إيمانه وبيانه, إلا أنه لم ينجو من هفوات الزمن, وسفسطة الحياة, وملاحقة الآدميين الداعين إلى الحد من مناجات الفضيلة, واتحدت العداوة الطبيعية, لتقف في وجه الإعصار القادم من مملكة المرور, وحتمية اختراق جدار الصمت, ليطفو الزيت على السطح, فينزعج الماء من دوامة التنفس.. ويسترسل شريط الحياة في مستقيمية تبتلع منطق الحتم, وجغرافية المستحيل, ويخترق ما وراء ميتافيزيقا الزعم.. والتأجيل, التدجيل, التعطيل, التطبيل, التنكيل, التأويل..
***
إنها ملامح متضاربة, ورسائل إنسانية, وبشائر ولادة جديدة لقصيدة الولادة.. ولادة جيل جليل, قدر "للجوهرة السوداء" ـ كما يهتدي البعض أن يسميه- قدر له إذن أن يسطرها بمداد نفسه, ويكتبها بقلم ذاته, ويرتلها بروح قلبه.
إنه الأمر الذي كان ينزل على "جكتى الشيخ سك", وما زال, إذ لم ترتفع بعد يد السماء.
في حرم هذا الاصطفاء: نقترب أكثر من محراب الشاعر الفتي..
في ليلة "إسرائه" و"معراجه", ليلة حوت الساعات والأيام.. بل والشهور والسنين على بساط من الزمن المركب عاش الشاعر في ذاته, وعاشت الدنيا بذاته, وعاشت ذاته في نفس ذاته.. وكانت روحه تلهث
بآي الشعر..
1
الإســــــراء..
ليبدأ مسيرة إسرائه بعناق الكون: مفردة.. مفردة.. أعانق وجه الصباح.. وجه المساء.. وجه المقادير.. وجه التصاريف.. وجه الخرافة.. إلى أن يصافح النبوة بعناقه أيوب, فيحدث بذلك رحلة عميقة في ملكوت المستحيل, حيث العالم الذي افتقد لغز الحياة, فصارت كل أشباحه تجتاحها هواجس اليأس, وتنتابه خيالات العدم.. وهو يبدأ فعالية أول رحلة له في سماء النبوة الشعرية.
2
المــــرابطون..
خلال رحلته تلك لا يستثني من الحياة, إلا بقدر ما تمنحه الحياة, فيستنطق الحرية.. ويثور على عقيدة الرباط السخيفة, فيراها ملة سخر منها الكون.
.. الكون يعلم أننا صرنا قطيعا من عبيد..
.. الكون يعلم أننا متكيفون مع السياط.. ويسترسل البكاء الثقيل الساخر.
3
الجــــــوهرة..
عظمة الحدث وهيبة الرحلة, ومراسيم الحركة في السماء العليا, تمنح الشاعر سبرا عميقا في أغوار الوجود, بحثا عنيفا عن معشوقة جعلته يتردد على موجودات الكون, فيسأل مادة الأزل.. ويسأل الحياة.. ويسأل الكون ذاته.
.. إنها مسيرة جادة قوامها الوقوف على آخر منطقة من الإمكانيات, بل وما وراء حدود المكان والزمان..
4
إليــــــــك..
وما زالت الرحلة في ملكوت المراتب, والصعود فوق الصعود, حيث ينتقل الشاعر من ذاته العميقة إلى ذات يعتبرها أعمق من ذاته الحقيقة: إنها ذات الثقة والحلول في مكنون النفس.
5
الكـــــوكبة..
الكواكب محطات تنتصب على جانب الطريق السمائي, فبعد كل محطة يستأنف الشاعر رحلته في ملكوت العظمة, حيث يعتلي فوق سطح القمر, فتعبث المعالي في خوض مغامرة الصعود.. إلى ذلك النجم الذي يتعاظم فوق الدنس الوجودي, ولا يرافقه في رحلة سموه تلك, إلا روحه التاريخية التي يتغزل عليها.. يحتضنها في صدره, معبرا عن ذلك التماس العاطفي الحار قائلا :
.. أنا شنقيط كوكب المعالي..
.. أنا شنقيط مملكة القوافي.. ويسترسل شريط الغزل إلى ما دون الإباحة العذرية.
6
ســوف آتـــي..
ظل الإصرار العميق بحتمية الوصول لغزا محيرا لا يسلم الشاعر إلا إلى قداسة أقدس من قداسة المشهد المهيب, الذي تنفذ من خلاله بكائية رهيبة, تلفها لحظات من الصمت الحائر!.. ألم المشاعر المضطربة, يأسر الشاعر ضمن نفسية محدودة الجغرافية.. حبيسة العبور.. يبكي الشاعر بدبلوماسية تعبيرية, جعلت بكاءاته أشبه بإبداعية محرمة!.. في صنف من الفنون التي تستعصي على كل ما تطاله خائنة الحواس الزائفة, ويتبلد المجد.. وتصير العودة أعنف شطحة من شطحات المشاعر,.. مشاعر الشاعر الأسير.
7
دمعــــــات..
كثيرا ما تنهال الدموع من عيني الشاعر, لكنها هذه المرة بعد يأس وقنوط..ثم دعاء ورجاء, يستل الحرية من أعماق الأشياء, ويتجسد المشهد..ّ!
لقد تمزقت شخصيتي..
.. هويــــــتي..
.. خريـــــطتي.. وليس لي تصرف.
إلا أن إصرار الشاعر وثباته أبيا إلا أن يتنسم الحرية, كما لو أنها ترفرف.. والواقع أنها ترفرف بمنطق الإرادة البادية على محيا كل شبر من رقعة أمتاره الشعرية الممتدة على جغرافية الزمن.
***
المعـــــــراج
لا بد للشاعر أن يوفق في مهمته السامية, وإلا لماذا هذا الإحساس العميق بالقيم الإنسانية؟, ولماذا تطفح منه رائحة الانتماء إلى الوجود, إلى الموجود, إلى الجدود, إلى الخلود.. بل إلى الصمود حتى!.
في معراجه إذن عرج الشاعر على ذاته :
أنا لغز هذا الكون..
أنا سلسل إفريقي.. أنا.. أنا.. تتكرر الأنات, والشاعر فرد, اصطفته ملة التميز فانتصب عاليا في مداءات الشموخ.. وسمو النفس.. والانتماء للوطن.. للجذور البعيدة.
إنه "العندليب الأسمر" يستعيد ذاكرة أمة.. يسترجع تاريخ شعب.. ولا ينسى أن يتقفا أثر شنقيط وهي تتمايل عارية الرجلين مثقلة الخطى, كما لو أنها واثقة من شيء ما سيحدث عنه الشاعر.. لكن لا حقا.
Rajel2005@yahoo.com
بتاريخ : 10/07/2008 م
لقد بعث "العندليب الأسمر" منذ ما يربو على عقد من الزمن.. مبشرا بصراط شعري مبين, ورغم إيمانه وبيانه, إلا أنه لم ينجو من هفوات الزمن, وسفسطة الحياة, وملاحقة الآدميين الداعين إلى الحد من مناجات الفضيلة, واتحدت العداوة الطبيعية, لتقف في وجه الإعصار القادم من مملكة المرور, وحتمية اختراق جدار الصمت, ليطفو الزيت على السطح, فينزعج الماء من دوامة التنفس.. ويسترسل شريط الحياة في مستقيمية تبتلع منطق الحتم, وجغرافية المستحيل, ويخترق ما وراء ميتافيزيقا الزعم.. والتأجيل, التدجيل, التعطيل, التطبيل, التنكيل, التأويل..
***
إنها ملامح متضاربة, ورسائل إنسانية, وبشائر ولادة جديدة لقصيدة الولادة.. ولادة جيل جليل, قدر "للجوهرة السوداء" ـ كما يهتدي البعض أن يسميه- قدر له إذن أن يسطرها بمداد نفسه, ويكتبها بقلم ذاته, ويرتلها بروح قلبه.
إنه الأمر الذي كان ينزل على "جكتى الشيخ سك", وما زال, إذ لم ترتفع بعد يد السماء.
في حرم هذا الاصطفاء: نقترب أكثر من محراب الشاعر الفتي..
في ليلة "إسرائه" و"معراجه", ليلة حوت الساعات والأيام.. بل والشهور والسنين على بساط من الزمن المركب عاش الشاعر في ذاته, وعاشت الدنيا بذاته, وعاشت ذاته في نفس ذاته.. وكانت روحه تلهث
بآي الشعر..
1
الإســــــراء..
ليبدأ مسيرة إسرائه بعناق الكون: مفردة.. مفردة.. أعانق وجه الصباح.. وجه المساء.. وجه المقادير.. وجه التصاريف.. وجه الخرافة.. إلى أن يصافح النبوة بعناقه أيوب, فيحدث بذلك رحلة عميقة في ملكوت المستحيل, حيث العالم الذي افتقد لغز الحياة, فصارت كل أشباحه تجتاحها هواجس اليأس, وتنتابه خيالات العدم.. وهو يبدأ فعالية أول رحلة له في سماء النبوة الشعرية.
2
المــــرابطون..
خلال رحلته تلك لا يستثني من الحياة, إلا بقدر ما تمنحه الحياة, فيستنطق الحرية.. ويثور على عقيدة الرباط السخيفة, فيراها ملة سخر منها الكون.
.. الكون يعلم أننا صرنا قطيعا من عبيد..
.. الكون يعلم أننا متكيفون مع السياط.. ويسترسل البكاء الثقيل الساخر.
3
الجــــــوهرة..
عظمة الحدث وهيبة الرحلة, ومراسيم الحركة في السماء العليا, تمنح الشاعر سبرا عميقا في أغوار الوجود, بحثا عنيفا عن معشوقة جعلته يتردد على موجودات الكون, فيسأل مادة الأزل.. ويسأل الحياة.. ويسأل الكون ذاته.
.. إنها مسيرة جادة قوامها الوقوف على آخر منطقة من الإمكانيات, بل وما وراء حدود المكان والزمان..
4
إليــــــــك..
وما زالت الرحلة في ملكوت المراتب, والصعود فوق الصعود, حيث ينتقل الشاعر من ذاته العميقة إلى ذات يعتبرها أعمق من ذاته الحقيقة: إنها ذات الثقة والحلول في مكنون النفس.
5
الكـــــوكبة..
الكواكب محطات تنتصب على جانب الطريق السمائي, فبعد كل محطة يستأنف الشاعر رحلته في ملكوت العظمة, حيث يعتلي فوق سطح القمر, فتعبث المعالي في خوض مغامرة الصعود.. إلى ذلك النجم الذي يتعاظم فوق الدنس الوجودي, ولا يرافقه في رحلة سموه تلك, إلا روحه التاريخية التي يتغزل عليها.. يحتضنها في صدره, معبرا عن ذلك التماس العاطفي الحار قائلا :
.. أنا شنقيط كوكب المعالي..
.. أنا شنقيط مملكة القوافي.. ويسترسل شريط الغزل إلى ما دون الإباحة العذرية.
6
ســوف آتـــي..
ظل الإصرار العميق بحتمية الوصول لغزا محيرا لا يسلم الشاعر إلا إلى قداسة أقدس من قداسة المشهد المهيب, الذي تنفذ من خلاله بكائية رهيبة, تلفها لحظات من الصمت الحائر!.. ألم المشاعر المضطربة, يأسر الشاعر ضمن نفسية محدودة الجغرافية.. حبيسة العبور.. يبكي الشاعر بدبلوماسية تعبيرية, جعلت بكاءاته أشبه بإبداعية محرمة!.. في صنف من الفنون التي تستعصي على كل ما تطاله خائنة الحواس الزائفة, ويتبلد المجد.. وتصير العودة أعنف شطحة من شطحات المشاعر,.. مشاعر الشاعر الأسير.
7
دمعــــــات..
كثيرا ما تنهال الدموع من عيني الشاعر, لكنها هذه المرة بعد يأس وقنوط..ثم دعاء ورجاء, يستل الحرية من أعماق الأشياء, ويتجسد المشهد..ّ!
لقد تمزقت شخصيتي..
.. هويــــــتي..
.. خريـــــطتي.. وليس لي تصرف.
إلا أن إصرار الشاعر وثباته أبيا إلا أن يتنسم الحرية, كما لو أنها ترفرف.. والواقع أنها ترفرف بمنطق الإرادة البادية على محيا كل شبر من رقعة أمتاره الشعرية الممتدة على جغرافية الزمن.
***
المعـــــــراج
لا بد للشاعر أن يوفق في مهمته السامية, وإلا لماذا هذا الإحساس العميق بالقيم الإنسانية؟, ولماذا تطفح منه رائحة الانتماء إلى الوجود, إلى الموجود, إلى الجدود, إلى الخلود.. بل إلى الصمود حتى!.
في معراجه إذن عرج الشاعر على ذاته :
أنا لغز هذا الكون..
أنا سلسل إفريقي.. أنا.. أنا.. تتكرر الأنات, والشاعر فرد, اصطفته ملة التميز فانتصب عاليا في مداءات الشموخ.. وسمو النفس.. والانتماء للوطن.. للجذور البعيدة.
إنه "العندليب الأسمر" يستعيد ذاكرة أمة.. يسترجع تاريخ شعب.. ولا ينسى أن يتقفا أثر شنقيط وهي تتمايل عارية الرجلين مثقلة الخطى, كما لو أنها واثقة من شيء ما سيحدث عنه الشاعر.. لكن لا حقا.







