تاريخ الإضافة : 08.07.2010 12:49
ديوان أشياء: عين الشعر وكاميرا السينما
قراءة: قسم "الأخبار" للشؤون الثقافية
بعد أن تم الليلة قبل البارحة توقيع ديوان "أشياء" للشاعر الشاب محمد ولد إيدوم، تنشر الأخبار هذه القراءة فيه.
يتشكل ديوان "أشياء" فيما يخص محتواه من 32 نصا كتبت في فترة زمنية يحدها جداران زمنيان أحدهما سنة 1999 والآخر 2009، بين هذين الجدارين تقع المساحة التي أنبتت عشب الديوان واحتضنت تجربة ولد إدوم المعنوة ب "أشياء"
أما من حيث طبيعة نصوصه، فالمادة الخام التي شكلت منها يدُ الشعر أجسامَ هذه النصوص، تتمحور في أربعة عناصر: الوطنية، تقديس الشعر، حمل هم الأمة، إضافة إلى مستوى من الغرام ليس بالعنصر الأقل بينها.
الديوان يأخذ بيدك عند الدخول إليه عبر باب شعري على شكل مقطوعة تقول:
وطن تحج سماءه الخيلاء وينام تحت أديمه العظماء
لكن بينهما جهنم تصطلي رمضا تلظى فوقه البسطاء
هنا ازدواجية الماضي والحاضر من خلالها يرى الشاعر أنه كان ينتمي للعظماء في الماضي أما اليوم هو غير راض عن حال أمته.
بلا شك تتعرف من لحظة الدخول هذه على كاريزما المجموعة الشعرية "أشياء" التي بين يديك،إذ وجدت الشاعر يصارحك أنه يحمل هم الوطن الذي اختفى عظماؤه – كما يقول- " وينام تحت أديمه العظماء" في حين بقي الذين يعيشون عليه اليوم محترقين فوق الرمل الملتهب .
ثم بعد البيتين السابقين ترى أن الشاعر يكتوي بغياب اللحمة والانسجام داخل مكونات الدولة عندما يركز بآلة التصوير – وهو المخرج السينمائي – فيلاحظ:
وطن تشتته القبائل شيعا والجيش والأحزاب والزعماء
والشعب تحت لظى المربع جاثما صنفان.. البوليس والسجناء
إنك تدري أن النمط السياسي القائم في البلاد العربية الذي يروح الشعب الضحية فيه ـ حسب الشاعرـ " والشعب تحت لظى المربع جاثما" هو لب الخلل داخل الحياة التي يتمنى الشاعر عبر هذه الشكوى المتأججة في البيتين الآنفين تحولها إلى واقع " الحياة الفاضلة"
بعد أن قدم بطاقة عن هوية شعره، لم يستطع وهو يعمد إلى وضع قصائده أمام القراء إلا أن يستهل بقصيدة تبين هوية الشعر هو الآخر ككائن مستقل فقال في قصيدته " مذكرة زائر من كوكب الشعر":
ما ذا دهى الشعر هل ماتت قداسته أم هل تمنطق سيف الذل وامتشقا
الشعر صقر غفا في عين جنية لو حركت جفنها للرمش لانطلقا
في هذه القصيدة وزيادة على التعريف الذي صور فيه أن الشعر ما هو إلا صقر يغفو في عين ماردة من الجن، تراه يبدع تعريفا آخرا للشعر متوكئا فيه على تصوير فني جميل يقول:
"الشعر قارورة من عطر أحرفنا"
يبدو أن الشاعر ها هنا ينصت إلى ذاته كثيرا مستخدما طاقته الشخصية لا طاقات الآخرين من دون أن يدور في بوتقة الكلام المكرر من القدم. تعريفاه هذان يقدمان تصورا جديدا للشعر من إنتاج "المنتج" محمد ولد إدوم!
حين أكمل حديثه عن الشعر في قافيته التفت يعالج القضايا الاجتماعية بعد أن مهد لذلك بحديث عنه وعن شعره ( طبعا كل ذلك الحديث بالشعر) معتبرا أن مشكل قومه مشكل مستشري في الأفراد يتجسد في مفهوم أسماه "النفاق" هكذا يرى صاحب "أشياء" في قصيدة "مليون منافق" التي تظهر فيها روح التربية الدينية المكتسبة لدى الشاعر من بيئته المحافظة تلك التي تجعله يرفض سلوك النفاق حين تراه يقول:
أهذي بلادي بلاد المروءة والعلم والمؤمنين
ومأوى المساجد
بلاد التصوف والمكرمات
بلاد الحضارة والمعجزات
ويصل ولد إدوم إلى ذروة التأذي من السلوك العام في مجتمعه عند قوله الساخط واصفا أرضه بأنها:
"بلاد التفنن في المنكرات" !!
بهذا التعبير تفهم حجم الإحساس الذي يلفح قلب الشاعر الوطني تجاه ذاته وقضاياه. ولك هنا أيها القارئ أن تتذكر "غضب نزار قباني في بائيته" أو يكفيك غضب ولد إدوم هذا الصاعق إنه جرعة من الثورة الحقيقية.
على بعد ورقة من قصيدة "مليون منافق" يعيش قارئ الديوان مع قصيدة "إلى امرأة واحدة" فيها أدب، هي أولى غرامية حجزت مكانها في الديوان قبل أن تتوافد غراميات أخر مثل قصيدة "إلى فاتنة من اليمن" و قصيدة " حكاية طفل كبير" تقول القصيدة:
"من البدء كنت وكانت تحج إليك البدايات في كل شيء وتغرب فيك النهايات"
وفي أجواء الديوان عموما يظل نسيم الاهتمام بالشعب والأرض طوعا لأنفاسك فلك وقفة مع " شيء من التفاؤل" يظهر فيه ولد إدوم مغضبا لما ذا هو مغضب أيها القارئ؟ اقرأ قوله:
أرض العروبة وقعوا عنها صكوك تنازل!
أضحت تضيق بصحبتي حيفا ببوح بلابلي
وربى العراق تصدني كي لا تجيب رسائلي
بيروت ترفض أن ترا ني أو تفك حبائلي
حتى ودان دعوتها فاستمتعت بتجاهلي!
من هنا تعرف جواب لما ذا هو مغضب.
غير أنه يصر على التفاؤل الذي سرعان ما يكفر به وهو يغلق باب القصيدة " هل أنتشي متفائلا لا بل أضيع تفائلي"
لك انتباهة كذلك في هذا السياق إلى قصيدة " جسر" قصيدة تناغي الجسر الذي يود ولد إدوم لو مد بين العصر الحاضر وعصر الماضي المجيد لأمة الإسلام. فيها كان الشاعر ناقدا اجتماعيا عكست عدسة كاميراه فيها " مشاكل العرافة والخرافة" ولم يسلم التصوف الذي هو مصطلح غير غريب على الشاعر من إقحام لبعض مفاهيمه الميدانية، " شيخ الطريقة" كان له ذكر في القصيدة " ويقرأ شيخ الطريقة بعد الصلاة بنود الوصايا.." .
الموبقات السبع:
لم يقف الشاعر طويلا على ضفة التفاؤل، دقات قلبه تحمله هذه المرة على التشنيع والتهويل والتوتر الشديد عنون القصيدة ب"اعترافات ليل عربي" فيقول:
" متدثرا بهواجسي .. ويد بست أصابع عطشى لأنهار الدماء .. أنا لا أحس بما جرى .. الموبقات السبع بعض مساوئي .. والصمت ثامنة الأثافي..."
في كل هذه الجمل تضخم إحساس الشاعر بقدر الجرح، اليد التي تجرح الشاعر غير طبيعية لها "ست أصابع" إنه التهويل! (كأننا نشاهد أفلاما تعرض الجن) رغم ذلك هو " لا يحس بما جرى" " أنا لا أحس بما جرى" لازمة يعزفها الشاعر في مقاطع النص عزفا مراوحا بها بين جرعات هذا الانزعاج الذي يبثه. مستوى المبالغة في هذا القصيدة تلحظه في قوله "الموبقات السبع بعض مساوئي" لماذا محمد مغضب على الوضع الاجتماعي؟ هو يبرر كل ذلك وتكاد المبالغة تنفجر عند قوله "ثامنة الأثافي" فهي في الأصل ثالثة الأثافي إلا أن محمد رأى الواقع أكبر من التعبير العادي لأنه غير عادي!
قصائد بارزة:
بعد أن مثلنا من نصوص الديوان ـ في الحديث السابق ـ للعناصر الأربعة المحددة لإيديولوجية مضمونه مختصرة في " الوطنية ، تقديس الشعر ،الاهتمام بشأن الأمة، الغرام"، سنقف ها هنا مع بعض القصائد البارزة:
قصيدة: السيرة الذاتية لمدينة شنقيط
يقول فيها باسم المدينة:
قيثارة الفن تستهدي بألحاني وهامة المجد تستلقي بأحضاني
مدائن الفقه والفرقان أسكنها وشارع الشعر والالهام عنواني
أمي المحبة والسلم الجميل أبي والكبرياء ونور العدل إخواني
وكل ساجة لله مرضعتي وأهل مكة والفردوس جيراني
وكنت أكبر كالأحلام في بلدي كالنخل سامقة خفاقة الشان
الشيخ مالك يفتي الناس في كنفي وللفرزدق جولات بميداني
بانت سعاد لدى هذا يرددها وذا يردد في لوح "ألم يان"
هنا يتذكر القارئ نونية ولد الشيخ سيديا.
وفي الأخير بعد أن ذكر تاريخ المدينة المجيد ختم:
واليوم عق بنوها حقها وأبوا رد الجميل بإحسان وعرفان
قصيدة: كشف
يقول فيها:
ملاكي! تمادي في احتضان تمايلي على لحظة الكشف العصي مثوله
ترنح في عينيك لحظة كشفنا حضور تلاشى في الضياع حلوله
صبئت وهذا الحب في الدين ملتي أصدق ما يلي علي رسوله
وقد وصل فيها إلى مدى من الجمال "صعب وصوله".
ملاحظات على الديوان:
من الناحية الفنية:
1- الديوان غير رمزي؛ مكشوف الدلالة: مثلا في قصيدة "مليون منافق" يقول: "أهذي بلادي بلاد المروءة والعلم والدين بلاد التميز والمبدعين بلاد التصوف والمكرمات.." وهذا هو الطابع العام للديوان.
2- استخدام تصوير حديث باللغة مثل " وأشعلت في جسمي تعاويذ ثورة" "من الأفراح ناضبة حياضي"
3- لغة شعرية طبيعية تستعصي على التصنيف " إني لأعجز عن تدوين خاطرتي" "لملم شتاتك عد فالشعر مشتاق"
4- أغلبه عمودي وللتفعلة حجز مقاعد، وقدم قصيدة رثائية لدرويش فيها تصوير جمالي نادر لعلها أجمل قصيدة في الديوان. يقول فيها " فهنا يرتلنا حضورك في الغياب" و..
5- لم يهتم الشاعر بإظهار نوع ثقافته عن طريق الديوان، فلم يستخدم ثقافته الغربية وحتى الميدانية،في أغلبه شعر عربي خالص.
أما الديوان من ناحية مضوعاته الشعرية فقد ذكرنا شأنه، هناك قصائد رثائية لكنها تندرج دائما في القضايا العامة. وهناك ذاتية لا تعدو كونها كذلك.
يتشكل ديوان "أشياء" فيما يخص محتواه من 32 نصا كتبت في فترة زمنية يحدها جداران زمنيان أحدهما سنة 1999 والآخر 2009، بين هذين الجدارين تقع المساحة التي أنبتت عشب الديوان واحتضنت تجربة ولد إدوم المعنوة ب "أشياء"
أما من حيث طبيعة نصوصه، فالمادة الخام التي شكلت منها يدُ الشعر أجسامَ هذه النصوص، تتمحور في أربعة عناصر: الوطنية، تقديس الشعر، حمل هم الأمة، إضافة إلى مستوى من الغرام ليس بالعنصر الأقل بينها.
الديوان يأخذ بيدك عند الدخول إليه عبر باب شعري على شكل مقطوعة تقول:
وطن تحج سماءه الخيلاء وينام تحت أديمه العظماء
لكن بينهما جهنم تصطلي رمضا تلظى فوقه البسطاء
هنا ازدواجية الماضي والحاضر من خلالها يرى الشاعر أنه كان ينتمي للعظماء في الماضي أما اليوم هو غير راض عن حال أمته.
بلا شك تتعرف من لحظة الدخول هذه على كاريزما المجموعة الشعرية "أشياء" التي بين يديك،إذ وجدت الشاعر يصارحك أنه يحمل هم الوطن الذي اختفى عظماؤه – كما يقول- " وينام تحت أديمه العظماء" في حين بقي الذين يعيشون عليه اليوم محترقين فوق الرمل الملتهب .
ثم بعد البيتين السابقين ترى أن الشاعر يكتوي بغياب اللحمة والانسجام داخل مكونات الدولة عندما يركز بآلة التصوير – وهو المخرج السينمائي – فيلاحظ:
وطن تشتته القبائل شيعا والجيش والأحزاب والزعماء
والشعب تحت لظى المربع جاثما صنفان.. البوليس والسجناء
إنك تدري أن النمط السياسي القائم في البلاد العربية الذي يروح الشعب الضحية فيه ـ حسب الشاعرـ " والشعب تحت لظى المربع جاثما" هو لب الخلل داخل الحياة التي يتمنى الشاعر عبر هذه الشكوى المتأججة في البيتين الآنفين تحولها إلى واقع " الحياة الفاضلة"
بعد أن قدم بطاقة عن هوية شعره، لم يستطع وهو يعمد إلى وضع قصائده أمام القراء إلا أن يستهل بقصيدة تبين هوية الشعر هو الآخر ككائن مستقل فقال في قصيدته " مذكرة زائر من كوكب الشعر":
ما ذا دهى الشعر هل ماتت قداسته أم هل تمنطق سيف الذل وامتشقا
الشعر صقر غفا في عين جنية لو حركت جفنها للرمش لانطلقا
في هذه القصيدة وزيادة على التعريف الذي صور فيه أن الشعر ما هو إلا صقر يغفو في عين ماردة من الجن، تراه يبدع تعريفا آخرا للشعر متوكئا فيه على تصوير فني جميل يقول:
"الشعر قارورة من عطر أحرفنا"
يبدو أن الشاعر ها هنا ينصت إلى ذاته كثيرا مستخدما طاقته الشخصية لا طاقات الآخرين من دون أن يدور في بوتقة الكلام المكرر من القدم. تعريفاه هذان يقدمان تصورا جديدا للشعر من إنتاج "المنتج" محمد ولد إدوم!
حين أكمل حديثه عن الشعر في قافيته التفت يعالج القضايا الاجتماعية بعد أن مهد لذلك بحديث عنه وعن شعره ( طبعا كل ذلك الحديث بالشعر) معتبرا أن مشكل قومه مشكل مستشري في الأفراد يتجسد في مفهوم أسماه "النفاق" هكذا يرى صاحب "أشياء" في قصيدة "مليون منافق" التي تظهر فيها روح التربية الدينية المكتسبة لدى الشاعر من بيئته المحافظة تلك التي تجعله يرفض سلوك النفاق حين تراه يقول:
أهذي بلادي بلاد المروءة والعلم والمؤمنين
ومأوى المساجد
بلاد التصوف والمكرمات
بلاد الحضارة والمعجزات
ويصل ولد إدوم إلى ذروة التأذي من السلوك العام في مجتمعه عند قوله الساخط واصفا أرضه بأنها:
"بلاد التفنن في المنكرات" !!
بهذا التعبير تفهم حجم الإحساس الذي يلفح قلب الشاعر الوطني تجاه ذاته وقضاياه. ولك هنا أيها القارئ أن تتذكر "غضب نزار قباني في بائيته" أو يكفيك غضب ولد إدوم هذا الصاعق إنه جرعة من الثورة الحقيقية.
على بعد ورقة من قصيدة "مليون منافق" يعيش قارئ الديوان مع قصيدة "إلى امرأة واحدة" فيها أدب، هي أولى غرامية حجزت مكانها في الديوان قبل أن تتوافد غراميات أخر مثل قصيدة "إلى فاتنة من اليمن" و قصيدة " حكاية طفل كبير" تقول القصيدة:
"من البدء كنت وكانت تحج إليك البدايات في كل شيء وتغرب فيك النهايات"
وفي أجواء الديوان عموما يظل نسيم الاهتمام بالشعب والأرض طوعا لأنفاسك فلك وقفة مع " شيء من التفاؤل" يظهر فيه ولد إدوم مغضبا لما ذا هو مغضب أيها القارئ؟ اقرأ قوله:
أرض العروبة وقعوا عنها صكوك تنازل!
أضحت تضيق بصحبتي حيفا ببوح بلابلي
وربى العراق تصدني كي لا تجيب رسائلي
بيروت ترفض أن ترا ني أو تفك حبائلي
حتى ودان دعوتها فاستمتعت بتجاهلي!
من هنا تعرف جواب لما ذا هو مغضب.
غير أنه يصر على التفاؤل الذي سرعان ما يكفر به وهو يغلق باب القصيدة " هل أنتشي متفائلا لا بل أضيع تفائلي"
لك انتباهة كذلك في هذا السياق إلى قصيدة " جسر" قصيدة تناغي الجسر الذي يود ولد إدوم لو مد بين العصر الحاضر وعصر الماضي المجيد لأمة الإسلام. فيها كان الشاعر ناقدا اجتماعيا عكست عدسة كاميراه فيها " مشاكل العرافة والخرافة" ولم يسلم التصوف الذي هو مصطلح غير غريب على الشاعر من إقحام لبعض مفاهيمه الميدانية، " شيخ الطريقة" كان له ذكر في القصيدة " ويقرأ شيخ الطريقة بعد الصلاة بنود الوصايا.." .
الموبقات السبع:
لم يقف الشاعر طويلا على ضفة التفاؤل، دقات قلبه تحمله هذه المرة على التشنيع والتهويل والتوتر الشديد عنون القصيدة ب"اعترافات ليل عربي" فيقول:
" متدثرا بهواجسي .. ويد بست أصابع عطشى لأنهار الدماء .. أنا لا أحس بما جرى .. الموبقات السبع بعض مساوئي .. والصمت ثامنة الأثافي..."
في كل هذه الجمل تضخم إحساس الشاعر بقدر الجرح، اليد التي تجرح الشاعر غير طبيعية لها "ست أصابع" إنه التهويل! (كأننا نشاهد أفلاما تعرض الجن) رغم ذلك هو " لا يحس بما جرى" " أنا لا أحس بما جرى" لازمة يعزفها الشاعر في مقاطع النص عزفا مراوحا بها بين جرعات هذا الانزعاج الذي يبثه. مستوى المبالغة في هذا القصيدة تلحظه في قوله "الموبقات السبع بعض مساوئي" لماذا محمد مغضب على الوضع الاجتماعي؟ هو يبرر كل ذلك وتكاد المبالغة تنفجر عند قوله "ثامنة الأثافي" فهي في الأصل ثالثة الأثافي إلا أن محمد رأى الواقع أكبر من التعبير العادي لأنه غير عادي!
قصائد بارزة:
بعد أن مثلنا من نصوص الديوان ـ في الحديث السابق ـ للعناصر الأربعة المحددة لإيديولوجية مضمونه مختصرة في " الوطنية ، تقديس الشعر ،الاهتمام بشأن الأمة، الغرام"، سنقف ها هنا مع بعض القصائد البارزة:
قصيدة: السيرة الذاتية لمدينة شنقيط
يقول فيها باسم المدينة:
قيثارة الفن تستهدي بألحاني وهامة المجد تستلقي بأحضاني
مدائن الفقه والفرقان أسكنها وشارع الشعر والالهام عنواني
أمي المحبة والسلم الجميل أبي والكبرياء ونور العدل إخواني
وكل ساجة لله مرضعتي وأهل مكة والفردوس جيراني
وكنت أكبر كالأحلام في بلدي كالنخل سامقة خفاقة الشان
الشيخ مالك يفتي الناس في كنفي وللفرزدق جولات بميداني
بانت سعاد لدى هذا يرددها وذا يردد في لوح "ألم يان"
هنا يتذكر القارئ نونية ولد الشيخ سيديا.
وفي الأخير بعد أن ذكر تاريخ المدينة المجيد ختم:
واليوم عق بنوها حقها وأبوا رد الجميل بإحسان وعرفان
قصيدة: كشف
يقول فيها:
ملاكي! تمادي في احتضان تمايلي على لحظة الكشف العصي مثوله
ترنح في عينيك لحظة كشفنا حضور تلاشى في الضياع حلوله
صبئت وهذا الحب في الدين ملتي أصدق ما يلي علي رسوله
وقد وصل فيها إلى مدى من الجمال "صعب وصوله".
ملاحظات على الديوان:
من الناحية الفنية:
1- الديوان غير رمزي؛ مكشوف الدلالة: مثلا في قصيدة "مليون منافق" يقول: "أهذي بلادي بلاد المروءة والعلم والدين بلاد التميز والمبدعين بلاد التصوف والمكرمات.." وهذا هو الطابع العام للديوان.
2- استخدام تصوير حديث باللغة مثل " وأشعلت في جسمي تعاويذ ثورة" "من الأفراح ناضبة حياضي"
3- لغة شعرية طبيعية تستعصي على التصنيف " إني لأعجز عن تدوين خاطرتي" "لملم شتاتك عد فالشعر مشتاق"
4- أغلبه عمودي وللتفعلة حجز مقاعد، وقدم قصيدة رثائية لدرويش فيها تصوير جمالي نادر لعلها أجمل قصيدة في الديوان. يقول فيها " فهنا يرتلنا حضورك في الغياب" و..
5- لم يهتم الشاعر بإظهار نوع ثقافته عن طريق الديوان، فلم يستخدم ثقافته الغربية وحتى الميدانية،في أغلبه شعر عربي خالص.
أما الديوان من ناحية مضوعاته الشعرية فقد ذكرنا شأنه، هناك قصائد رثائية لكنها تندرج دائما في القضايا العامة. وهناك ذاتية لا تعدو كونها كذلك.







