تاريخ الإضافة : 19.10.2013 12:14
للإصلاح كلمة: تتعلق بالأهلة
كلمة الاصلاح هذه المرة ستتوجه الي لجنة مراقبة الاهلة بمناسبة ما وقع هذه السنة في شأن قضية رؤية ذي الحجة حيث فات علي كثير من المسلمين صوم يوم عرفة الذي في الحديث الصحيح أنه يكفر السنة الماضية و السنة المقبلة حيث استنتج منه بعض المحققين ان من وفقه الله لصومه سيحفظ له عمره في تلك السنة المقبلة كما صام فيه بعض المسلمين يوم العيد المحرم صومه مقتدين بلجنة الأهلة والعلماء المحترمين الذين استضافتهم الإذاعة لشرح أحكام رؤية الأهلة و مايترتب علي تلك الأحكام من عمل.
وبناء علي هذه المقدمة المستهدف التعليق عليها فإن هذه الكلمة تطلب من كل من قرأها أن يدلي بدلوه في هذين الموضوعين اللذين أوجبا هذه الأيام علي كل مسلم بذل كل ما في وسعه لمناقشتهما حتى تنتج هذه المناقشة ما يرضي الله من فعل شعب مسلم مثلنا.
والموضوعان هما :
أولا: عمل اللجنة الوطنية لمراقبة الأهلة.
ثانيا: مناقشة ما علي المسلم أن يفعله عندما يري الهلال في قطر غير بعيد من وطنه.
أما الموضوع الأول وهو عمل اللجنة الوطنية للأهلة فإننا نحن الموريتانيين ندرك أن هذه اللجنة أناطت بها الدولة العمل المتضمن حكم فعل المكلف من وجوب وحرام ومندوب ومكروه و مباح ، فالأهلة جعلها الله مواقيت للناس في كل ما يتعلق بالدين من مواقيت مثل الصوم و الفطر و غير ذلك من الأحكام التي أناطها الإسلام بالأشهر القمرية ، وهذه المهمة العظمي كان علي اللجنة (ولاسيما عند انتشار وسائل الاتصال )أن تحسن من خدمة هذه الرؤية حتى لا يبقي شك ولا ريبة ولا مغمز لأي مواطن في ما يصدر عنها .
فاللجنة أصبحت تابعة لوزارة عندها كثير من الإمكانيات و أذرعها اصبحت ممتدة علي جميع التراب الوطني ومع ذلك كله فما زالت موريتانيا في شأن الرؤية علي حالتها الأصلية وهي عدم اهتمامها بالرؤية العامة للأشهر غير شهري رمضان و شوال وهذان الشهران رؤيتهما ما زالت مثبتة علي نسق واحد منذ عقود حتى الآن وهو كمال شهر شعبان ثلاثين يوما و قصر شهر رمضان علي تسعة و عشرين يوما ، أما الأشهر الأخرى فلم تطلب اللجنة من المواطنين الاهتمام برؤيتها مع أن رؤيتها مطلوبة لمعرفة كمال ونقص الأشهر حتى يتوصل إلي الأشهر الأخرى ، كما أن اللجنة الوطنية للأهلة دأبت علي طلب رؤية الهلال في الشهرين المذكورين أعلاه عن طريق جهاز وزارة الداخلية و المواصلات مع أن الإداريين دائما يأمرون المشرفين علي الأجهزة ان يفتحوها و يستقبلوا كل من أراد أن يبلغ عن رؤيته من غير الاهتمام بتوجيه المواطنين بالنظر إلي جهة الهلال لرؤيته .
والآن كل مواطن يعرف أن المواصلات أصبحت متوفرة عند كل وزارة ويمكن لوزارة الشؤون الإسلامية أن تطلب من جميع الأئمة في الوطن أن يحثوا المواطنين في الصلاة النهارية في التاسع و العشرين من كل شهر علي النظر إلي جهة الهلال وفي هذه الليلة تجتمع اللجنة الوطنية في مباني الوزارة لتلقي الرؤية عن طريق الهاتف المحمول و هكذا حتى تكون هذه الرؤية التي يترتب عليها الكثير من مطالب الشرع الملزمة لكل مسلم اتباعها مضبوطة و متميزة حسب ما تستحق من الأهمية في الإسلام ، فعلي اللجنة الوطنية ان يكون اهتمامها بالرؤية مثل اهتمام وزارة الداخلية سابقا ولجنة الانتخابات لاحقا في تحضير الإنتخابات ، فقبل الساعة السابعة صباحا يكون كل ما يتطلبه الإنتخاب جاهزا من صناديق و أشخاص المكاتب و الحراسة وغير ذلك و عند الانتهاء تأتي النتيجة فورا للوزارة من كامل الوطن .
أما الموضوع الثاني: وهو ما وقع في هذه السنة من الاختلاف في الرؤية مع السعودية من ما جعل بعض المواطنين يصوم يوما يسميه عرفة من غير ان يكون فيه وقوف بعرصات عرفة ويصوم يوما يمكن أن يكون يوم عيد الأضحى المحرم صومه وذلك نتيجة فتاوي العلماء الذين ناقشوا الموضوع عن طريق الإذاعة و التلفزة ، ومع اعترافنا بوسع الباع في العلم و الاطلاع الواسع الذي لا نظير له عندنا في العالم لأولئك العلماء ولمعرفتنا الدقيقة بورعهم و استنتاجاتهم العلمية الإسلامية فإننا لاحظنا أن بعضا من استدلالاتهم علي اختلاف الرؤية مع السعودية لم يلاحظوا فيه تحقيق المناط في القضية الذي هو أهم كل شيء يثبت عليه الحكم في الموضوع ، فهم ذكروا أنه بما أننا نختلف معهم في أوقات الصلاة فلا يمكن التوحد معهم في الرؤية حتى قال بعضهم أننا إذا اقتدينا معهم في الرؤية فعلينا أن نقتدي بهم في وقت الصلاة فنصلي العصر عندما يصلون العصر و هكذا ، و أظن ان كل أحد يدرك دون استعمال أي فكر أن أوقات الصلاة المحددة للأوقات و المجزأة علي أربع و عشرين ساعة ـ اثني عشر منها حسب سير الشمس من المشرق إلي المغرب و اثني عشر منها حسب سير الأفلاك علي طول الكرة الأرضية ـ لا تتحد مع وسع القطر الذي يضمه وحدة رؤية الهلال ان رئي في السماء لأي راء يعتد شرعا برؤيته .
فقول النبي صلي الله عليه وسلم صوموا لرؤيته و أفطروا لرؤيته ، فالخطاب هنا ليس للموريتانيين ولا لأي دولة عن دولة و إنما هو للمسلمين جميعا فلم يبق إلا أنه علي العلماء الفلكيين خاصة وليس علي العلماء النظريين تحديد انتهاء الحيز المكاني الذي تشمله شرعا تلك الرؤية بمعني أنه إذا رئي قطعا من طرف عدول في سماء السعودية و المعلوم أنه ببيننا وبينها ثلاث ساعات فلكية فقط ، هل ذلك الهلال سيكون بعد ثلاث ساعات فوق سماء موريتانيا حتى ولو لم يره الموريتانيون في مغرب تلك الليلة بعد 3 ساعات من رؤية السعوديين له فنحن الموريتانيين نعلم أن رؤيته في فصالة الموريتانية عند غروب الشمس لا يمكن لأهل نواكشوط رؤيته في وقت واحد مع فصالة لأنه بين فصالة و نواكشوط ما يقرب من ألف و ثلاثمائة كلم أرضية و ما يقرب من 40 إلي 50 دقيقة فلكية ولا يمكن للموريتانيين صلاة الأوقات في المكانيين في وقت واحد مراعاة لفارق التوقيت الفلكي و الشيخ خليل يقول : ورؤيته نهارا للقابلة أي الليلة القابلة بعد النهار .
وهذا معناه أن يراه العدول عند غروب الشمس في مكان ما زال النهار موجودا في مكان اخر سيصله الليل بعد ساعات تقل او تكثر و يكون هو نفس الليل الذي رؤي فيه الهلال رأوه أهل المكان الواصل إليه أو لم يروه.
بمعني أن حكم ثبوت رؤية الأهلة و عدم ثبوته شيء يرجع إلي العلماء النظريين و ما يقوله الشرع في ذلك، أما حيز المكان الذي يشمله حكم هذه الرؤية فيسأل عنه العلماء الفلكيون العارفون بخطوط الطول والعرض وسير المنازل و الشمس و القمر و النجوم في أفلاكها علي الأرض من باب وسئل النساء . أي أن كل اختصاص يسأل أهله عن حقيقته العلمية فيحكم العلماء النظريون استنادا علي ذلك بالحقيقة الشرعية وتحديد البعد البعد الذي يفصل بين الأقطار في الأحكام أشار اليه الشيخ خليل بقوله : إلا أن يبعد جدا ومثل له بخراسان من الأندلس ‘ و معلوم أن الأندلس في أوربا وهي غربنا وبيننا معها ثلاث ساعات فلكية و خراسان شرقنا في شرق دولة إيران وبيننا معها أربع ساعات فلكية ونحن بين هذه الحدود شبه المنتصف بينها ‘ ألا يمكن أن يشملنا وحدة الرؤية في هذا الحيز المكاني القليل بالنسبة لسير السيارات الفلكية .
فالمعلوم أن الشمس واحدة والقمر واحد كما جاء ذكرهما في القرْءان بأحاديتهما فالهلال جزء من القمر وعودته من كماله إلي شبه العرجون القديم لا تتعارض مع سرعة سيره الفلكية المعتادة لأن أجزاءه التي لا تري للبشر لتغطية الشمس لها كما يقول الفلكيون لا تجعله غير موجود يسير نفس سيره عند تمامه .
والآن أصبح في الإمكان عندما يظهر في سماء السعودية ليلة الثالثة أو الرابعة عشرة ويخبرنا أهل السعودية بذلك فبعد ثلاث ساعات أو أربعة سيظهر في سماء موريتانيا فهل يمكن أن نقول هذا الذي علينا ليس هو القمر الذي ظهر علي السعودية قبل ثلاث ساعات وإذا كان هلالا ورئي في السعودية وبعد وصول هذا الليل الذي رأوه فيه السعوديون إلينا بعد ثلاث ساعات أو أربعة فهل يجوز للعلماء النظريين أن يقولوا أن الهلال الذي رأوه السعوديون عند بداية ليلتهم تلك لا يمر بسمائنا نحن حتى تمر عليه أربع وعشرون ساعة ‘ فكيف استخرج العلم النظري هذه المعلومة النظرية ؟
فرؤية الهلال أمر مادي يقوم به العدول لشيء مادي له خصوصية وهي أن يطلعه الله علي أهل الدنيا من شرقها ويسيره بمنازل سيارة إلي غربها وجعله مواقيت للناس في جميع شؤونها ولتعلم به عدد السنين و الحساب ‘ فعلي جميع المسلمين من شرق أهل الدنيا إلي غربها أن يحددوا أوقاتهم حسب مروره بهم من طلوعه إلي غروبه ‘ وهذا التحديد لا يمكن أن تتدخل فيه السلطة لتفصل بتدخلها بين وحدة أقطار المسلمين في الرؤية لأن الحق هنا لله وليس للسلطة وإنما علي السلطة أن تأمر و تساعد علي البحث عن هذه الرؤية وتعميمها علي من لم يرها للعلم بها ‘ ولذا قال خليل : وعم إن نقل بهما عنهما أي عمت نتيجة رؤية العدلين للهلال أو بالعدول الذين نقلوها عن العدول سائر أقطار المسلمين ومن هنا لا مجال لوقوف هذه الرؤية عند الحدود الأرضية التي صنعها أهل الأرض بين المسلمين لأن الأهلة في السماء تسير آلاف الكيلومترات في ساعة واحدة ‘ فالمنفرد برؤية هلال رمضان إذا لم يحكم السلطان برؤيته كما هو الحكم إلا أنه هو في نفسه إذا أفطر يكفر عن فطره ولا يجوز له أن يستجيب للسلطان إذا أمره بالفطر لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق فالسلطان يحرم الافتيات عليه في سلطانه ولكن ذلك خاص بتنفيذ الأحكام العامة بين المسلمين وليست الأحكام الخاصة بكل فرد .
وخلاصة هذه الكلمة :
أولا: أن واقع المسلمين الآن في قضية الرؤية يؤسف له وكان علي العلماء مكافحته مادامت أقطار المسلمين بينها التعاون في الشؤون الإسلامية من تعليم وتوجيه ‘ فالتعاون في رؤية الهلال أحسن و أصوب من أي تعاون آخر .
فصوم سكان رورصو موريتاينا وفطر سكان روصو سينغال وبينهما أقل من مائتي متر يؤدي إلي خور وضعف في دين السلطة الحاكمة في البلدين في هذه النقطة الإسلامية وهكذا الجزائر وموريتانيا و المغرب وموريتانيا إلي آخر أقطار المسلمين .
ثانيا: البحث في قضية ما تشمله الرؤية في قوله صلي الله عليه وسلم : صوموا لرؤيته و أفطروا لرؤيته ‘ لا يمكن تحديد ما ينطبق عليه هذا الأمر للمسلمين المتجاورين إلا بالعلماء الفلكيين حتى يقدروا لكل قطر متى يدخل الهلال سماؤه إذا رءاه من هو شرقهم من المسلمين .
ثالثا: أظن أنه من البديهي أن يوم عرفة تقال للوقوف يوم عرفة وأن مندوبية صومه لغير الحاج تضامنا إيمانيا في العبادة بين الواقفين وغيرهم من المسلمين فإذا كان يوم لا وقوف فيه بعرفة فصومه لا يقال له يوم عرفة ولكن صوم يوم من ذي الحجة فإذا كان عند الله يوم عيد يحرم صومه لأن المسافة بيننا و بين السعودية قطعا هي جزء قليل من يوم وليست يوما كاملا ولذا عندما يصلون الجمعة في الثانية عشر زوالا عندهم تكون الساعة 9 صباحا عندنا ‘ وعلي كل حال فإن الله جعل الشمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم فهذا التقدير علي المسلمين أن يقوموا به ومن هنا أطرح هذا السؤال علي فضيلة العلماء النظريين:
إذا شاهد عدول من قنصلية موريتانيا في جدة هلال رمضان وقاموا بالاتصال مباشرة بلجنة الأهلة و أخبروهم أنهم يرون الهلال في تلك الدقيقة فهل يجوز لموريتانيا فطر اليوم الذي يلي تلك الرؤية
وأخيرا أتمني كل الخير لجميع الموريتانيين و المسلمين جميعا و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وبناء علي هذه المقدمة المستهدف التعليق عليها فإن هذه الكلمة تطلب من كل من قرأها أن يدلي بدلوه في هذين الموضوعين اللذين أوجبا هذه الأيام علي كل مسلم بذل كل ما في وسعه لمناقشتهما حتى تنتج هذه المناقشة ما يرضي الله من فعل شعب مسلم مثلنا.
والموضوعان هما :
أولا: عمل اللجنة الوطنية لمراقبة الأهلة.
ثانيا: مناقشة ما علي المسلم أن يفعله عندما يري الهلال في قطر غير بعيد من وطنه.
أما الموضوع الأول وهو عمل اللجنة الوطنية للأهلة فإننا نحن الموريتانيين ندرك أن هذه اللجنة أناطت بها الدولة العمل المتضمن حكم فعل المكلف من وجوب وحرام ومندوب ومكروه و مباح ، فالأهلة جعلها الله مواقيت للناس في كل ما يتعلق بالدين من مواقيت مثل الصوم و الفطر و غير ذلك من الأحكام التي أناطها الإسلام بالأشهر القمرية ، وهذه المهمة العظمي كان علي اللجنة (ولاسيما عند انتشار وسائل الاتصال )أن تحسن من خدمة هذه الرؤية حتى لا يبقي شك ولا ريبة ولا مغمز لأي مواطن في ما يصدر عنها .
فاللجنة أصبحت تابعة لوزارة عندها كثير من الإمكانيات و أذرعها اصبحت ممتدة علي جميع التراب الوطني ومع ذلك كله فما زالت موريتانيا في شأن الرؤية علي حالتها الأصلية وهي عدم اهتمامها بالرؤية العامة للأشهر غير شهري رمضان و شوال وهذان الشهران رؤيتهما ما زالت مثبتة علي نسق واحد منذ عقود حتى الآن وهو كمال شهر شعبان ثلاثين يوما و قصر شهر رمضان علي تسعة و عشرين يوما ، أما الأشهر الأخرى فلم تطلب اللجنة من المواطنين الاهتمام برؤيتها مع أن رؤيتها مطلوبة لمعرفة كمال ونقص الأشهر حتى يتوصل إلي الأشهر الأخرى ، كما أن اللجنة الوطنية للأهلة دأبت علي طلب رؤية الهلال في الشهرين المذكورين أعلاه عن طريق جهاز وزارة الداخلية و المواصلات مع أن الإداريين دائما يأمرون المشرفين علي الأجهزة ان يفتحوها و يستقبلوا كل من أراد أن يبلغ عن رؤيته من غير الاهتمام بتوجيه المواطنين بالنظر إلي جهة الهلال لرؤيته .
والآن كل مواطن يعرف أن المواصلات أصبحت متوفرة عند كل وزارة ويمكن لوزارة الشؤون الإسلامية أن تطلب من جميع الأئمة في الوطن أن يحثوا المواطنين في الصلاة النهارية في التاسع و العشرين من كل شهر علي النظر إلي جهة الهلال وفي هذه الليلة تجتمع اللجنة الوطنية في مباني الوزارة لتلقي الرؤية عن طريق الهاتف المحمول و هكذا حتى تكون هذه الرؤية التي يترتب عليها الكثير من مطالب الشرع الملزمة لكل مسلم اتباعها مضبوطة و متميزة حسب ما تستحق من الأهمية في الإسلام ، فعلي اللجنة الوطنية ان يكون اهتمامها بالرؤية مثل اهتمام وزارة الداخلية سابقا ولجنة الانتخابات لاحقا في تحضير الإنتخابات ، فقبل الساعة السابعة صباحا يكون كل ما يتطلبه الإنتخاب جاهزا من صناديق و أشخاص المكاتب و الحراسة وغير ذلك و عند الانتهاء تأتي النتيجة فورا للوزارة من كامل الوطن .
أما الموضوع الثاني: وهو ما وقع في هذه السنة من الاختلاف في الرؤية مع السعودية من ما جعل بعض المواطنين يصوم يوما يسميه عرفة من غير ان يكون فيه وقوف بعرصات عرفة ويصوم يوما يمكن أن يكون يوم عيد الأضحى المحرم صومه وذلك نتيجة فتاوي العلماء الذين ناقشوا الموضوع عن طريق الإذاعة و التلفزة ، ومع اعترافنا بوسع الباع في العلم و الاطلاع الواسع الذي لا نظير له عندنا في العالم لأولئك العلماء ولمعرفتنا الدقيقة بورعهم و استنتاجاتهم العلمية الإسلامية فإننا لاحظنا أن بعضا من استدلالاتهم علي اختلاف الرؤية مع السعودية لم يلاحظوا فيه تحقيق المناط في القضية الذي هو أهم كل شيء يثبت عليه الحكم في الموضوع ، فهم ذكروا أنه بما أننا نختلف معهم في أوقات الصلاة فلا يمكن التوحد معهم في الرؤية حتى قال بعضهم أننا إذا اقتدينا معهم في الرؤية فعلينا أن نقتدي بهم في وقت الصلاة فنصلي العصر عندما يصلون العصر و هكذا ، و أظن ان كل أحد يدرك دون استعمال أي فكر أن أوقات الصلاة المحددة للأوقات و المجزأة علي أربع و عشرين ساعة ـ اثني عشر منها حسب سير الشمس من المشرق إلي المغرب و اثني عشر منها حسب سير الأفلاك علي طول الكرة الأرضية ـ لا تتحد مع وسع القطر الذي يضمه وحدة رؤية الهلال ان رئي في السماء لأي راء يعتد شرعا برؤيته .
فقول النبي صلي الله عليه وسلم صوموا لرؤيته و أفطروا لرؤيته ، فالخطاب هنا ليس للموريتانيين ولا لأي دولة عن دولة و إنما هو للمسلمين جميعا فلم يبق إلا أنه علي العلماء الفلكيين خاصة وليس علي العلماء النظريين تحديد انتهاء الحيز المكاني الذي تشمله شرعا تلك الرؤية بمعني أنه إذا رئي قطعا من طرف عدول في سماء السعودية و المعلوم أنه ببيننا وبينها ثلاث ساعات فلكية فقط ، هل ذلك الهلال سيكون بعد ثلاث ساعات فوق سماء موريتانيا حتى ولو لم يره الموريتانيون في مغرب تلك الليلة بعد 3 ساعات من رؤية السعوديين له فنحن الموريتانيين نعلم أن رؤيته في فصالة الموريتانية عند غروب الشمس لا يمكن لأهل نواكشوط رؤيته في وقت واحد مع فصالة لأنه بين فصالة و نواكشوط ما يقرب من ألف و ثلاثمائة كلم أرضية و ما يقرب من 40 إلي 50 دقيقة فلكية ولا يمكن للموريتانيين صلاة الأوقات في المكانيين في وقت واحد مراعاة لفارق التوقيت الفلكي و الشيخ خليل يقول : ورؤيته نهارا للقابلة أي الليلة القابلة بعد النهار .
وهذا معناه أن يراه العدول عند غروب الشمس في مكان ما زال النهار موجودا في مكان اخر سيصله الليل بعد ساعات تقل او تكثر و يكون هو نفس الليل الذي رؤي فيه الهلال رأوه أهل المكان الواصل إليه أو لم يروه.
بمعني أن حكم ثبوت رؤية الأهلة و عدم ثبوته شيء يرجع إلي العلماء النظريين و ما يقوله الشرع في ذلك، أما حيز المكان الذي يشمله حكم هذه الرؤية فيسأل عنه العلماء الفلكيون العارفون بخطوط الطول والعرض وسير المنازل و الشمس و القمر و النجوم في أفلاكها علي الأرض من باب وسئل النساء . أي أن كل اختصاص يسأل أهله عن حقيقته العلمية فيحكم العلماء النظريون استنادا علي ذلك بالحقيقة الشرعية وتحديد البعد البعد الذي يفصل بين الأقطار في الأحكام أشار اليه الشيخ خليل بقوله : إلا أن يبعد جدا ومثل له بخراسان من الأندلس ‘ و معلوم أن الأندلس في أوربا وهي غربنا وبيننا معها ثلاث ساعات فلكية و خراسان شرقنا في شرق دولة إيران وبيننا معها أربع ساعات فلكية ونحن بين هذه الحدود شبه المنتصف بينها ‘ ألا يمكن أن يشملنا وحدة الرؤية في هذا الحيز المكاني القليل بالنسبة لسير السيارات الفلكية .
فالمعلوم أن الشمس واحدة والقمر واحد كما جاء ذكرهما في القرْءان بأحاديتهما فالهلال جزء من القمر وعودته من كماله إلي شبه العرجون القديم لا تتعارض مع سرعة سيره الفلكية المعتادة لأن أجزاءه التي لا تري للبشر لتغطية الشمس لها كما يقول الفلكيون لا تجعله غير موجود يسير نفس سيره عند تمامه .
والآن أصبح في الإمكان عندما يظهر في سماء السعودية ليلة الثالثة أو الرابعة عشرة ويخبرنا أهل السعودية بذلك فبعد ثلاث ساعات أو أربعة سيظهر في سماء موريتانيا فهل يمكن أن نقول هذا الذي علينا ليس هو القمر الذي ظهر علي السعودية قبل ثلاث ساعات وإذا كان هلالا ورئي في السعودية وبعد وصول هذا الليل الذي رأوه فيه السعوديون إلينا بعد ثلاث ساعات أو أربعة فهل يجوز للعلماء النظريين أن يقولوا أن الهلال الذي رأوه السعوديون عند بداية ليلتهم تلك لا يمر بسمائنا نحن حتى تمر عليه أربع وعشرون ساعة ‘ فكيف استخرج العلم النظري هذه المعلومة النظرية ؟
فرؤية الهلال أمر مادي يقوم به العدول لشيء مادي له خصوصية وهي أن يطلعه الله علي أهل الدنيا من شرقها ويسيره بمنازل سيارة إلي غربها وجعله مواقيت للناس في جميع شؤونها ولتعلم به عدد السنين و الحساب ‘ فعلي جميع المسلمين من شرق أهل الدنيا إلي غربها أن يحددوا أوقاتهم حسب مروره بهم من طلوعه إلي غروبه ‘ وهذا التحديد لا يمكن أن تتدخل فيه السلطة لتفصل بتدخلها بين وحدة أقطار المسلمين في الرؤية لأن الحق هنا لله وليس للسلطة وإنما علي السلطة أن تأمر و تساعد علي البحث عن هذه الرؤية وتعميمها علي من لم يرها للعلم بها ‘ ولذا قال خليل : وعم إن نقل بهما عنهما أي عمت نتيجة رؤية العدلين للهلال أو بالعدول الذين نقلوها عن العدول سائر أقطار المسلمين ومن هنا لا مجال لوقوف هذه الرؤية عند الحدود الأرضية التي صنعها أهل الأرض بين المسلمين لأن الأهلة في السماء تسير آلاف الكيلومترات في ساعة واحدة ‘ فالمنفرد برؤية هلال رمضان إذا لم يحكم السلطان برؤيته كما هو الحكم إلا أنه هو في نفسه إذا أفطر يكفر عن فطره ولا يجوز له أن يستجيب للسلطان إذا أمره بالفطر لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق فالسلطان يحرم الافتيات عليه في سلطانه ولكن ذلك خاص بتنفيذ الأحكام العامة بين المسلمين وليست الأحكام الخاصة بكل فرد .
وخلاصة هذه الكلمة :
أولا: أن واقع المسلمين الآن في قضية الرؤية يؤسف له وكان علي العلماء مكافحته مادامت أقطار المسلمين بينها التعاون في الشؤون الإسلامية من تعليم وتوجيه ‘ فالتعاون في رؤية الهلال أحسن و أصوب من أي تعاون آخر .
فصوم سكان رورصو موريتاينا وفطر سكان روصو سينغال وبينهما أقل من مائتي متر يؤدي إلي خور وضعف في دين السلطة الحاكمة في البلدين في هذه النقطة الإسلامية وهكذا الجزائر وموريتانيا و المغرب وموريتانيا إلي آخر أقطار المسلمين .
ثانيا: البحث في قضية ما تشمله الرؤية في قوله صلي الله عليه وسلم : صوموا لرؤيته و أفطروا لرؤيته ‘ لا يمكن تحديد ما ينطبق عليه هذا الأمر للمسلمين المتجاورين إلا بالعلماء الفلكيين حتى يقدروا لكل قطر متى يدخل الهلال سماؤه إذا رءاه من هو شرقهم من المسلمين .
ثالثا: أظن أنه من البديهي أن يوم عرفة تقال للوقوف يوم عرفة وأن مندوبية صومه لغير الحاج تضامنا إيمانيا في العبادة بين الواقفين وغيرهم من المسلمين فإذا كان يوم لا وقوف فيه بعرفة فصومه لا يقال له يوم عرفة ولكن صوم يوم من ذي الحجة فإذا كان عند الله يوم عيد يحرم صومه لأن المسافة بيننا و بين السعودية قطعا هي جزء قليل من يوم وليست يوما كاملا ولذا عندما يصلون الجمعة في الثانية عشر زوالا عندهم تكون الساعة 9 صباحا عندنا ‘ وعلي كل حال فإن الله جعل الشمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم فهذا التقدير علي المسلمين أن يقوموا به ومن هنا أطرح هذا السؤال علي فضيلة العلماء النظريين:
إذا شاهد عدول من قنصلية موريتانيا في جدة هلال رمضان وقاموا بالاتصال مباشرة بلجنة الأهلة و أخبروهم أنهم يرون الهلال في تلك الدقيقة فهل يجوز لموريتانيا فطر اليوم الذي يلي تلك الرؤية
وأخيرا أتمني كل الخير لجميع الموريتانيين و المسلمين جميعا و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.