تاريخ الإضافة : 26.09.2010 12:51

المداحة تسلم: الصوت غير الجميل يضحك الرسول، والصوت الجميل يطربه

المداحة تسلم بنت اجديد

المداحة تسلم بنت اجديد

في مقابلة مع المداحة تسلم منت اجديد الحاصلة على المرتبة الثالثة في مسابقة المداح الموريتانية التي اختتمت قبل أسبوع، تجيب المداحة عن العديد من الأسئلة المتعلقة بفن المدح ومسيرتها الإبداعية فيه. تحدثت المداحة عن البدايات وعن علاقة والديها بهذا الفن وعن دارهم في السبخة التي يمدحون فيها منذ السبعينات. وقالت إن صاحب الصوت غير الجميل يضحك الرسول "وما يضحك الرسول نحن بحاجة إليه" محفزة إلى مدح الرسول عليه الصلاة والسلام.

الأخبار: بسم الله الرحمن الرحيم، نرحب بك السيدة تسلم ونهنئك على فوزك بالرتبة الثالثة في مسابقة المداح الأخيرة. سؤالنا الأول هو:

متى بدأت تمدحين النبي عليه الصلاة والسلام، وما ذا تذكرين من فترة البداية في هذا المشوار؟

تسلم: تعني بدايتي مع مسابقة المداح وأيامها الأولى؟

الأخبار: لا! لا! نقصد بدايتك مع فن المدح منذ القديم؟

تسلم: أوه! فتبارك الله وما شاء الله لا قوة إلا بالله من الثمانينات عندما كنت صغيرة في السنة الثانية من الابتدائية وعمري إذا ذاك 14 سنة كنت أمدح النبي صلى الله عليه وسلم. بدأت الغناء بمدح النبي عن سائر المواضيع الأخرى، وقد أخذت هذا الفن عن والدي الذين مازالوا أحياء في مقاطعة السبخة. لقد أحببت مدح المصطفى لأني محبة للمصطفى أعمق الحب فاستمريت في مدحه إلى ما لا نهاية.

الأخبار: ما ذا تتذكرين من ذاك الزمن عندما كنت تلميذة في الابتدائية مع والديك في داركم بالسبخة؟

تسلم: لقد كان ذلك الزمن ذهبيا عندي كم كنت أمدح النبي، أردد دائما "شفيعي تلقيني وإياه.." و " النبي لعدو ليامه" إلى غير هذا من المدحات (الأغنيات المديحية) الخفيفة والسهلة.

الأخبار: من هو ناظم هذه "المدحات" التي قلت إنك كنت تلهجين بها؟

تسلم: بالنسبة لي أنا، وجدت هذه المدحات عند والدي منذ أن عقلت. وعقلت على دارنا في السبخة معروفة ومشهورة بأنها مكان للمدح ففي كل ليلة خميس وليلة جمعة يجتمع عندنا الناس لنمدح لهم النبي صلى الله عليه وسلم بحناجرنا وعلى طريقتنا. فكنا معروفين ويقال لنا مداحة رسول الله.

الأخبار: لكن نود أن نعرف ما الذي جعلك تحبين هذا المدح وتختطين فيه مسيرتك الإبداعية؟

تسلم: هذا الفن أنا أحبه كثيرا لأني وجدت والدي يحبونه كثيرا. لقد كان مدح النبي صلى الله عليه وسلم شيئا غاليا على والدي، وثانيا أضفت أنا للمدح الذي وجدت عند والدي فن "بنج" (طريقة غنائية) لأني أعرف والدتي تعمل شيئا من هذا الفن خاصا لأشخاص محددين عندها. وأصبحت أنا متخذة ذاك النوع من الغناء الذي كنت ألعب به مع صاحباتي طريقة أمرر من خلالها مدح النبي صلى الله عليه وسلم. فأخلط "بنج" بالمدح وأحيانا آتي إلى حفلات زفاف ومناسبات مماثلة فأمدح لهم النبي صلى الله عليه وسلم على "الأشوار" (ضربات موسيقية) التقليدية العادية التي أحبها واستهواني هذا الإنشاد وتقدمت في حب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنا محبة له إلى أقصى حد لأن من مدح الرسول رابح في الدنيا والآخرة.

الأخبارة: تسلم هناك سؤال مهم عندنا، وهو هل يختلف أداء فن المدح عن أداء الهول (الغناء) الذي نرى عند "يكاون" (المغنون الموريتانيون)؟

تسلم: والله إنه ليختلف

الأخبار: يختلف من حيث ماذا؟

تسلم: أحدهما عصري والآخر تقليدي ، فغناء "يكاون" عصري، وغناءنا نحن تقليدي فأدائي أنا مثلا تقليدي أحب أن أناول الدف لأمدح عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وإذا لم أعط الدف وعزفوا لي في الموسيقى فإني أفهمها وأميزها وبإمكاني مباشرة أن ألحن بتناسق مع أي بحر ضربوا لي فيه لا أخاف. إلا أن الأصيل عندي أن أمدح على وقع الدف وسط مجموعة من "الشدادة" ( الشدادة في الثقافة الشعبية: هم الذين يجأرون بالكلمات الأخيرة من الأغنية عندما ينهيها المغنى الرسمي ليتفاعل مع نطقهم بها وينطلق من جديد) أما أهل الموسيقى فهم لا يشبهوننا لديهم آلاتهم وطريقتهم، ول"بنجه" طريقتها. فأنا عقلت على والدي عنده ذاك الدف وما زال عنده إلى الآن.

الأخبار: ذاك الدف يضربه والدكم؟

تسلم: والله يضربه هو ونضربه نحن أبناؤه أيضا وأمنا. وتأتينا الناس نمدح لهم الرسول بدون أي مزمار. أما حين أصبح المزمار مستعملا فأنا متعودة أني أمدح بعيدا عن المزمار ومقامات العزف وتلك سنة أهلي أيضا.

الأخبار: إذن أنتم متحررون من آلات الغناء هذه تفضلون البساطة؟

تسلم: صحيح جدا نريد أن نغني ما جاءني من المدح بطريقتنا العفوية المريحة لنا.

الأخبار: تسلم، من أراد أن يكون مداحا هل يكفيه أن يكون صوته حسنا محبا للنبي أو يحتاج مؤهلات أخرى؟

تسلم: قد لا يكون المادح صاحب صوت جميل. أنا لا يهمني ذلك لأن المهم عندي هو أن يتم مدح الرسول. من يعرف المدح عليه أن يلهج به ولا يحتسب أن صوته حسن أو غير حسن. هو قطعا صوته حسن في النهاية لأنه يمدح رسول الله.

الأخبار: لأن هناك نجوما في المدح "مداحة" معروفين ظننا أنه فن يحتاج إلى مقومات؟

تسلم: رسول الله لا يمدح بحسن صوت المادح والله حقيقة من كان صوته حسنا فذلك جميل لكن من لم يرزقه الله حسن الصوت عليه أن يمدح رسول الله ولا يكون ذلك حاجزا بينه وبين المدح هذا الفن الشريف. وهو قطعا سيكون صوته متقبلا عند الناس ومحببا لأنه يمدح أشرف المخلوقات. من مدح رسول الله هو الفائز فائز بأن صوته حسن وفائز بأنه مادح رسول الله والنبي قال إن صاحب الصوت غير الحسن في المدح يضحكه وصاحب الصوت الحسن يطربه. إذن في النهاية الفائز هو من مدح رسول الله ونحن نحب ما يضحك رسول الله ولا نستغني عن ما يضحكه ويدخل عليه البسمة " بيه إل امدحنا ارسول ولاه انكول النبي اخيارهم اطلع لله وسبب مدحي للرسول كل شيءله سبب"

الأخبار: الآن نود أن نعرف بمن تأثرت من المداحة في مسيرتك داخل هذا الفن؟

تسلم: ما شاء الله لقد أعجبت بالعديد من المداحة لأنهم يمدحون رسول الله وأكن لهم الكثير من التقدير والإعجاب بهم. فأنا محبة للرسول وأي أحد دعاني لمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني ألبي دعوته فرحة لأن هذا الشخص الذي يستدعيني للمدح حبب إلي نفسه باهتمامه بالمديح وأجمل شيء عندي هو هذه المسابقة التي مدح فيها الرسول صلى الله عليه وسلم ومما يزيد ذلك قيمة عندي أنها كانت في فترة رمضان فمدح الرسول أمر عظيم وإذا كان في رمضان فذلك يزيده عظمة.
الأخبار: لكن من أين تأخذ تسلم هذه المدحات التي تنشدها؟

تسلم: والله سأجيبكم عن هذا السؤال كل المدحات التي قدمتها في مسابقة المداح في شهر رمضان الأخير أخذتها عن والدي ودائما أروي مدحاتي عن والدي فهو
مصدري فيها.

الأخبار: ومن أين أخذ والدك هذه المدحات؟

تسلم: لقد حدثني والدي عن قصته مع المدح فقال لي إنه كان راعيا في مدينة إنشيري يسوق إبلا وبينما هو ذات يوم يحدو الإبل إذا به ينزل عليه المدح ويمدح الرسول بتفاني.

الأخبار: والدك هو الذي ينظم هذا المدح الذي يتغنى به؟

تسلم: أظن أنه ليس هو ناظم هذا المدح وإنما يقوله له شعراء ثم يتغنى به هو.

الأخبار: منهم هؤلاء الشعراء الذين كان يأخذ والدك عنهم فيغنى ومنهم الشعراء الذين عرفوا بكتابة المدحات لكم أو الذين تغنون لهم ما قرضوه؟

تسلم: الله أعلم لا أعرف عن هؤلاء شيئا.

الأخبار: هل هناك "مدحات" مشهورة في موريتانيا يغنيها المداحة جميعا وتتداول عندهم؟

تسلم: والله توجد مدحات مشهورة في ثقافة المداحة غير أننا لا نعرف قائل هذه المدحات ولا نعرف ناظمها أو على الأقل بالنسبة لي أنا لا أعرف قائلها وقد يكون في

الأجيال التي تكبرنا من يعرف قائلها ومصدرها.

الأخبار: إذن أنتم المداحة الحاليون أصحاب الجيل الأخير لا تهتمون بمن قال المدحة ولا يهمكم؟

تسلم: لإجابتك أنا قطعا عندي مدحات أعرف أن والدي هو ناظمها من دون شك في ذلك فهو يقرض الشعر الشعبي وبارع في صياغته.

الأخبار: المدحات التي تنشدونها أنتم المداحة موزونة وفقا لمعايير الشعر؟

تسلم: والله الكثير منه موزون وهناك مدحات تحصل منها مقاطع موزونة من هنا وهناك في أبحر شعرية مختلفة داخل المدحة الواحدة.

الأخبار: وما قدم في مسابقة المداح الأخيرة كان موزونا؟

تسلم: بالنسبة لي أنا شخصيا لم أقدم إلا مدحا موزونا ولم يحصل أن أخذ علي أني تسابقت بشعر غير موزون، أما زملائي فمنهم من كان يقدم مدحا غير موزون.

الأخبار: قبل المسابقة الأخيرة هل كان هناك نقد أدبي معروف تجاه ممارساتكم الفنية؟

تسلم: والله كان موجودا، فأنا قبل المسابقة، هذه الخمسة والثلاثين رجلا التي شاركت معنا في المسابقة كنت أدري أن فيها مداحة عظاما جدا، فكنا نميز بين المداح البارع وغير البارع فهو فن يتقنه من يتقنه وينجح فيه نجوم يشتهرون ويعجبون الناس.

الأخبار: لما ذا المدح أكثر في البداية منه في العاصمة؟

تسلم: لا تنسى أنه هو فن تقليدي والعاصمة يوجد فيها فنحن دارنا في السبخة قلت لك إنني منذ عقلت وهي مسرح للمدح في كل ليلة خميس وليلة جمعة من الأسبوع هذا بالنسبة لدارنا نحن وما زلنا بنفس الطريقة وهناك أسر في نواكشوط مثلنا تنظم المدح ومشهورة به. صحيح قد تكون البادية مكان المدح الأول لعدم انشغال الناس فيها ولمواتاة الجو.

الأخبار: ما هو أطرف ما واجهته خلال تأديتك لمدحاتك؟

تسلم: أتذكر أني سمعت بعضهم مرة خلال تأديتي لمدحة يقول هذه صوتها ليس جميلا، ومثل هذا. لكني أنا لا أهتم أثناء مدحي إلا بالتفاني في المدح والجدية وقد يفوتني الكثير مما يعنيني لأني منشغلة برسول الله ولا أفكر فيما سواه ولست مستعدة للملاحظة والتفطن لما يحصل فأنا في موقف عظيم.

الأخبار: كيف تقيمين الأجواء التي جرت فيها مسابقتكم الأخيرة مسابقة المداح؟

تسلم: ما شاء الله لقد حدثت مسابقة المداح في أجواء رائعة من الشفافية التامة المطلقة فلم نأخذ عليها أي مطعن وهو ما يحمد لمنظميها وللجنة التحكيم. وأنا راضية بنتيجتي الدرجة الثالثة رغم أني كنت هي الأولى حسب ترتيب اللجنة ولكن التصويت قلب الترتيب والمنظمون أعتقد أنهم نقلوا نتائج التصويت بأمانة تامة فتفوق "ابرور" فيه ونال اللقب وأنا أهنئه كما أهنئ الوصيف الذي جاء في الدرجة الثانية السيد ولد بدن، وأهنئ نفسي بالدرجة الثالثة وأظن أننا نحن الثلاثة أنا وابرور والسيد نكون لقب
المداح باجتماعنا فالمداح هو نحن الثلاثة.

بقي أن أقول لك إن المسابقة كانت مدرسة ناجحة ستخلصنا من كثير من الأخطاء كنا نقع فيها خصوصا في الناحية العقدية فالمدح الذي كنا ننشده تبين لنا من خلال النقاد أن فيه أشياء وتعابير غير موافقة لعقيدة الاسلام الصحيحة وسنتجنبها فنحن هدفنا هو الطاعة والله لا يعبد إلا بما شرع وما دامت هذه الأمور توقعنا في مخالفة فنحن تائبون منها وأنا شخصيا توجهت وجهة جديدة تمدح النبي بالمدح الإسلامي الصحيح من دون شوائب تخرج على قوانين العقيدة الإسلامية.


الجاليات

شكاوي

وكالة أنباء الأخبار المستقلة © 2003-2025