تاريخ الإضافة : 25.02.2013 13:31

الموالاة والمعارضة في موريتانيا......

التراد الشيخ سيد الأمين

التراد الشيخ سيد الأمين

((بين من يقدم الأفضل وفق رؤيته ومن يرى الثغرات أكثر في برامج الآخر))
منذ أن ترعرعت وأحسست أن بداخلي نضجا،وأنا أسمع دائمافي المجتمع ،من يتحدثون عن الموالاة والمعارضة، ساعتها وأنا أردد بداخلي تلك الكلمات، لم يكن بمقدوري أن أميز مابين المفهومين، تمييزا واضحا، أوحتي فهم المقصود بهما، كل ماأدركه أن الموالاة تعني مساندة الحاكم أو الرئيس مهما فعل، وعدم تحميله أي وزر، أي أنني في تلك الفترة، لم يكن بإستطاعتي أن أعبر بمثل هذا التعبير،عن مايدور في خلجات نفسي، وهذا ربما ناتج عن صغر سني وعدم نضجي ساعتها، أما المعارضة فكانت لا تعني لي شيئا، يعني أن المعارضة في نظري ،هي مجرد ثلة قليلة من الناس، حرموا من المناصب في الدولة أو لم يساعدهم القدرلتبوء تلك المناصب، وبا التالي أصبحوا يثرثرون ويتكلمون، ويخالفون النظام ليس لأنهم مواطنون أوفياء ،وإنما قناعة منهم بمفهوم ((خالف تعرف))، هذا هو تصوري وأنا في تلك المرحلة من عمري، ربما كنت أعتبر فيها نفسي ناضجا، أو علي الأقل أعتبرني فيها ذاأهمية، وأنني أفكر تفكير الكبار، لكنه وبا الرغم من هذا التصور الذي كنت أظنه صحيحا ،تأكدت أن تصوري كان خاطئا،فأصبحت تتغير الأفكار عندي تدريجيا حتي المفاهيم ،وأدركت أن المفاهيم كانت متشابهة عندي وغامضة، وبعيدا عن شخصي ،وعما يدور فيه ،ولكي نقترب أكثر من الموضوع ،إذا أمعنا النظر في مفهوم الموالاة السياسية، في عصرنا الحديث،بعيدا عن مفهومها العام ،في العصور القديمة، سنجد أن معنى الموالاة، هو أن تقوم مجموعة سياسية أو أفراد، بمناصرة ومؤازرة حكومة ما ،كي تؤمّن لها تمرير القوانين. فمثلاًداخل مجلس النواب في البلدان الديمقراطية، فإن أي حكومة لا تستطيع أن تمرر أي قانون، ما لم تضمن أغلبية في هذا المجلس، من خلال أعضاء الموالاة، كما لا تستطيع أي حكومة، أن تمارس مهامها، ما لم تؤمّن الأغلبية في البرلمان، أثناء التصويت على منح الثقة. فاالموالاة للنظام،تعني أن يكون أيُّ نظامٍ سياسيّ مرضياً ،عنه شعبياً وسياسياً حتى يستمر في الحكم..
أمامصطلح "المعارضة" في السياسة، ، يعني أية جماعة أو مجموعة أفراد، يختلفون مع الحكومة – على أساس ثابت وطويل الأمد عادة. ويمكن لهذا المصطلح أن يصف المعارضة ،المتعلقة بالقضايا، في إطار تشريع واحد أو اقتراح سياسة معينة . ويطبق المصطلح على نحو أكثر تحديداً، مع الأحزاب التي تختلف مع الحكومة، داخل قبة البرلمان، وترغب في الحلول محلّها ،وغالباً ما تمارس المعارضة في الإطار الشرعي، وضمن المؤسسات الثابتة. غير أن المعارضة ،قد ترفض أحياناً النظام السياسي القائم، فتتمرد عليه مما يضفي عليها طابع التطرف. ،وتضم المعارضة الأشخاص والجماعات والأحزاب، التي تكون مناوئة، كلياً أو جزئياً، لسياسة الحكومة. في بعض البلدان، وخاصة في العالم الثالث ،وإذا نظرنا إلي حكومة الوزير الأول الدكتور ملاي ولد محمد الأغظف الحالية، وافترضنا جدلا،أنها قد تجاوبت إلى حد معقول،مع مطالب الشارع بمحاربة الفساد،والإصلاح السياسي،وأنها تسير بخطىً ثابتة،نحو تحقيق مزيد من المطالب الحقة،بتوجيه من رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز،فإننا نجد كذالك ملفات مازالت عالقة، لم تستطع الحكومة حلها كارتفاع البطالة،وارتفاع الأسعار،من هنا أصبح مطلوبا،من الحكومة الجرأة والثبات،في اتخاذ القرارات،وذالك با الحد من البطالة، وليس القضاء عليها،لأن البطالة ستبقي موجودة،حتي في الدول المتقدمة،نجد البطالة بمافي ذالك الولايات المتحدة الأمريكية،والدول الأوروبية،إلا أنه ومع هذا كله ،يجب الحد منها،كماأنه أصبح لزاما علي الدولة، أن تحافظ علي السلم والأمن الإجتماعيين،بين مكونات الشعب الواحد،وهو كذالك من مسؤولية النخبة السياسية،والنخبة المثقفة الموريتانية ،خاصة الشابة منها ،لأنه في الآونه الأخيرة ،أصبحت هناك اتهامات،وتحركات في مجال حقوق الإنسان، واتهام بعض شرائح المجتمع، للبعض الآخر بما يسمي با العبودية،وما شابه ذالك ومهما يكن ،فاللأهم من هذا كله،أنه اصبح لزاما علينا،سواء كنا موالاةأومعارضة ،معالجة جميع المشاكل،بعقل وإرادة وتدبيرجيدين،وأن نعي جيدا،أن هذه المشاكل،هي مشاكلناجميعا،ويجب أن تحل،بغض النظر عن من ارتكبها،أومن تصرف تصرفا غير لائق ،لأنه يجب أن يكون هدفنا جميعا،هوالتآخي والمحبة،وليس التباعد والتنافر،وتجسيد العنصريةوالتفرقة بين اعراقنا،نحن لا نريد موالاة تقدس الفرد،أكثر من مما تقدس المصلحة العامة ،نريد موالاة تسعي دائما إلي العمل،من أجل بناء وطن ،ينعم فيه الجميع با العدالة الإجتماعية والمساواة... (( فهناك أمر لا يجب أن نختلف عليه وهو أن رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية هو رئيس الجميع بغض النظر عن من دعمه أو من وقف ضده ))،لانريد موالاة ،تعتبرأن كل مايصدر من الحكومة،لا يأتيه الباطل من بين يديه،ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، فا الحاكم والمحكوم ،كلهم بشر وهم معرضون للخطأ، وبا التالي يجب أن نسعي دائما إلي تقديم ماهو أفضل،من أجل بناء وطننا الغالي، دون مديح مبالغ فيه،أو ذم مبالغ فيه،أما المعارضة في موريتانيا،فأقول لها إن أردتم حلا سريعا،لإنهاء الأزمة ،بأسرع وقت ممكن،فيجب عليكم أن تقتنعوا أنكم معارضة، ليس من أجل تبيان مدي تقصير العمل الحكومي، ومراقبته فحسب،وإنما من أجل مصلحة هذا البلد،الذي هو أمانة في أعناقنا جميعا،وأن تتخلو عن شعار ((إما نحن أو نحرق البلد )) .وبا التالي يجب عليكم كمعارضة ،أن تكونوا في المستوي المطلوب،وأن تفعلوا وتطوروامن خطاباتكم السياسية ،لإقناع الرأي العام أكثر،وهذا ليس عتابا لكم ،ولا ميلا علي الموالاة، وإنماهو مجرد نصيحة، وسعيا منا إلي إيجاد حلول سريعة، ترضي جميع الأطراف،ومع هذا كله ،فسواء حدث توافق بين المعارضة و الموالاة، أم لم يحدث ، جرى حوار جاد أو لم يجري ، فإن من يكتوي أولا وأخيرا،بنارذالك الصراع، أكيد هو المواطن الموريتاني البسيط ،الذي لا ناقة له ولاجمل، في ذالك الصراع ،همه الوحيد،هوأن ينعم بأبسط مقومات الحياة، داخل وطنه الأم ،دونما ظلم أو تعد علي حقوقة، هذا فقط مايريده المواطنون الموريتانيون، البسطاء كما أنه مطلوب من أحزاب المعارضة، أن تعطي الحكومة فرصة لإكمال مسيرتها،وتنتظر النتائج، ومع هذا كله، تبقى حقيقة أن المعارضة والموالاة، تتبدل وتتغير حسب الظروف السياسية، السائدة في البلد، فتنتقل من معسكرٍ إلى آخر،في مرحلة من المراحل،وفقاً لاتفاق المصالح أو تعارضها مع الحكومة، فمن كان يوماً معارضاً،كان يوماً ًموالياً، ومن كان يوماً موالياً نراه اليوم معارضاً.
نخلص من كل ذلك،إلى أن هناك مفاهيم خاطئة،عن مفهومي الموالاة والمعارضة، تم استغلالها من كلا الطرفين، حتى قارب الأمر أن يصل بنا الحال إلى انشطار بلدنا موريتانيا إلي قسمين متنافرين ، كل قسمٍ يرى أن الآخر على خطأ بيِّنٍ؛ حتى تعدّى التصنيف العام، إلى تصنيف أكثر خصوصية ،فهذا معارض وطني،وهذا موال غير وطني أوالعكس.
إن الموالاة والمعارضة، قد تغدو كنايةً عن ثنائية متطابقة غير متنافرة، أي وجهان لعملة واحدة،عندما يؤدي التطرف والمغالاة ،في تبني أيٍّ منها إلى خراب البلد، حيث يدخل مفهوم المعاداة بينها،ليمثل ثلاثية فتاكة، تعبث بالوحدة الوطنية وبالاستقرار السياسي. والبديل يكون بالحوار وإيجاد منطقة مشتركة،وسطى بين الطرفين،هي حب الوطن،والإصلاح السياسي،والاقتصادي،دون اللهاث لتسجيل نقاط انتصار، لفئة على حساب فئة أخرى. فالأمر يتعدى السباق،والصراع السياسي،إلى تصحيح المسار،وسلوك طريق ثالث،يصل بنا معاً،موالاة ومعارضة،نحو تحقيق مصلحة الوطن العليا،ويبقي المواطن الموريتاني، في ظل هذا الصراع، مابين الموالاة والمعارضة، متفرجا علي ذالك الصراع ،من دون أن تكون له القدرة،علي أن يحرك ساكنا،فأصبح لا حول وله ولا قوة، وكأني به يقول، ماقاله الشاعر زهير ابن أبي سلمي:
سئمت تكاليف الحياة ومن يعـــــــــــش
ثمانين حولاً، لا أبالك، يســــــــــــــأم
واعلم ما في اليوم، والأمس قبلـــــــــه
ولكنني عن علم ما في غد عمــــــــي

الجاليات

الثقافة والفن

وكالة أنباء الأخبار المستقلة © 2003-2025