كنت قد نشرت في حلقات من موضوع نواذيب المدينة الصابرة رؤية موضوعية لهموم هذه المدينة الشاطئية الوديعة , و قد تباشرت مثل غيري من أبناء المدينة بجهود الدولة الرامية إلى إحداث نقلة نوعية في تسيير و إدارة شؤون الولاية , و إزاء عجز الكثير من أطرها عن هذه المهمة كان من المناسب وضعها تحت الانتداب , وهو الإجراء الذي يفهمه اطر الولاية المتخندقون ضد بعضهم المنهمكون أكثر من غيرهم في الصراعات الجانبية والثراء وتنمية الذات أكثر من الولاية التي احتضنتهم و أرضعتهم لبناً سائغا قبل أن يتنكروا لها و يقلبون لها ظهر المجن .

إن تعيين إسماعيل ولد الشيخ سيديا علي رأس المنطقة الحرة وهو المنحدر من مقاطعة ابي تلميت يذكر أبناء الولاية وخاصة أطرها بصراعات الزمن الماضي حيث أُديرت بلديتهم من قبل احد أبناء مقاطعة ابي تلميت في تدخل من السلطة لوضع حد لصراع الأشخاص القبائل وهو لفظ للدلالة علي ثلة من الناس تحكموا في أرزاق قبائلهم وتكلموا بدون تفويض نيابة عنها و ادخلوها الصراعات لإشباع رغباتهم الخاصة بل و الإبقاء عليهم كزبد رابي ترسب فوق رؤوس مئات العاطلين و الفقراء و الضائعين .

وخيرا فعل الرئيس ولد عبد العزيز بإعادة سيناريو الوصاية لطفا بهذه المدينة التي لا يعرفها أطرها إلا حين يعلن القصر عن زيارة للمدينة فيتفاوتون عليها يحملون كل شيء من نمارق و سيارات و أموال وكل شيئ إلا الولاء لمدينتهم فهو أصلا منعدم استأصلوه بعيدا في لاس بلماس و مدريد وذهب بعضهم ابعد من ذلك فستأصل ولائه في كوبا لم يعد لهم ولاء لمدينتهم الصابرة .

إن الولاية تحتاج الي منقذ من البطالة و الغلاء و رداءة خدمات الماء و الكهرباء و التعليم و الصحة و البني التحتية , لا شيء في المدينة غير رمادية التربة و عفن الأسماك و دخان السيارات المتهالكة و خراب البنايات و القمامة , إنها أيضا تحتاج وبإلحاح الي تجديد الطبقة السياسية لا إعادة إخراجها فهولاء اثبتوا عجزهم و قلة حيلتهم إزاء مأساة المدينة فالمدينة تعج بالكفاءات المغيبة بل المركعة بفعل الحاجة و العوز .

لا يمكن أن تلتمس للرئيس محمد ولد عبد العزيز العذر في تعيين محفوظ ولد محمد عالي مفتشا عاما للدولة إذ أن الرجل المحسوب علي ولاية داخلت نواذيب لم يقدم لهذه الولاية ابسط خدمة و لم يدافع عنها في محنتها العاصفة وهو من كان عمدة لها قبل ان يكون محافظا للبنك المركزي و وزيرا للمالية و ناشطا في أحزاب السلطة المتعاقبة و المدينة لم تعرفه إلا في الإعلام و لم تستطع أيادي البؤساء ولا حتى حناجرهم المبحوحة أن تصل إليه لتخبره عن مدينة الأشباح , عن إدمان الشباب , عن تعطل المواني , عن الغلاء , عن الفساد , عن التهميش عن أي شيء .

علي الرئيس أن ينظر من زاوية أخري غير تلك التي تطل علي القائمة الرتيبة التي تتبادل المناصب و العناوين و الواجهات من المدراء و الوزراء و الندماء وان يجد لمدينتنا من يتبناها و يعتز بتمثيلها ويعمل علي إيصال ألامها وهمومها إلى أولي الأمر و الحرص على انتشالها من مخالب البرجوازية الكلاسيكية .

إن سيناريو العجز حتى عن تمثيل الولاية بدأ يتكرر و بأبشع الصور و التجليات في التعيينات الأخير في سلك الأطر التقليديين المنحدرين من الولاية وهو نفس السيناريو الذي عاشته الولاية منذ تعيين حمدي ولد محجوب و الناه بنت مكناس وزيران في حكومة واحدة دون أن يغرسوا في مدينتهم شجرة أو وردة أو يضعوا مقعدا لتلميذ يتيم في مدرسة مهجورة , فماذا يا تري تنتظر المدينة من هؤلاء .؟

إن تنمية مدينة نواذيب تتطلب جهودا مضاعفة علي شتي الأصعدة وبكفاءات مؤمنة بضرورة بناء أو علي الأصح اعمار المدينة وتشغيل الشباب وتحسين أداء المرافق الصحية و التعليمية وتنمية السياحة الشاطئية و الصيد بما يعود علي الساكنة بحياة كريمة و مساعدة أهل القرية علي الإيمان بأهمية المدينة الصابرة وزرع الود بين مكونات الاجتماعية للولاية و نبذ الفرقة و الشقاق و تهيئتهم لتسيير شؤونهم البلدية و إنهاء الانتداب و الوصاية و إحالة الممثلين الحاليين الي التقاعد و بذلك تكون الحكومة قد حاولت إنصاف سكان الولاية الصابرة و إعادة الأمل من جديد ......... يتواصل