تاريخ الإضافة : 18.02.2013 20:16

المغرب العربي بين سندان الاستبداد ومطرقة الربيع العربي

 عبد الله الحاج كاتب موريتاني مقيم بالدوحة. elhaj1211@gmail.com

عبد الله الحاج كاتب موريتاني مقيم بالدوحة. elhaj1211@gmail.com

اختتمت يوم أمس الندوة التي نظمها مركز الجزيرة للدراسات في الدوحة مابين 16، و17 فبراير 2013 حول التحولات السياسية في المغرب العربي.
وقد شارك فيها رؤساء حكومات سابقون في عدة دول مغاربية بالإضافة إلي مسؤولين و صناع قرار و مثقفين من المغرب العربي.
لقد بدا واضحا من خلال المشاركات والمناقشات التي شهدتها الندوة أن الكل متفق على أن اتحاد المغرب العربي ولد ميتا، كما بدا واضحا امتلاك الجميع لروح الحماس من أجل إحياء هذا لا تحاد.
تعددت الوجوه والمحاضرات والمداخلات والرأي واحد، علت الأصوات المنادية باتحاد مغاربي لكن هل من مجيب؟
يبدو ألا حل في الأفق يلوح في السماء المغاربي وكأن المشاركين نجحوا فيما لم تنجح فيه دول الاتحاد، نجحوا في تجاوز العقبة السياسية والخلافات الحدودية، إلى عرض اقتصاديات هذه الدول ودورها التكاملي في التنمية وعلاقاتها الآمريكية والأوربية وحتى الصينية، وإن اتفقوا على أن الحلقة الأضعف في مقابل آمريكا وفرنسا هو اتحاد المغرب العربي.

نجحوا في التعبير عن هذا الآراء ومحاولة الموازنة بين ما قبل وما بعد الثورة.

ونجح مركز الدراسات في جمع ما فرقته السياسية.

وهنا سأحاول أن نقف معا على المشاركة الموريتانية التي كانت حاضرة، وبقوة في هذه الندوة، حيث تمثلت في مشاركا ت شخصيات موريتانية سياسية وأكاديمية وإعلامية، من بينها د/يحي ولد أحمد الوقف الوزير الأول السابق ورئيس حزب"عادل"، والأستاذ محمد جميل منصور رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية"تواصل" ، و د/ محمد الأمين ولد كتاب الأكاديمي والدبلوماسي السابق. و د /خيرة بنت شيخاني الأمينة التفيذية لحزب الإتحاد من أجل الجمهورية. والإعلامي : محمد مالكيف الحسن رئيس مجموعة الطواري للاتصال والخدمات إضافة إلى نخبة من الإعلاميين العاملين بشبكة الجزيرة.

وأعتقد أن كل المداخلات وإن أمكننا وصفها بالتكمالية ، حيث شملت الاقتصاد والأمن والوضع الراهن للإسلامين والشباب خاصة، إلا أنها كانت أقرب إلى إعطاء تصور عن الوضع الراهن للمنطقة وجعله على المحك من أجل حلول مستقبلية لمعوقات التنمية فيه، وهو ما يعني أننا ما زلنا نسير في طريق شائك تحفه المعوقات الداخلية والخارجية من كل الجوانب.

ولد الوقف اعتبر أن الثورات والانتفاضات في أعقاب اندلاع الثورة التونسية - وضعت حدا لنموذج الحكامة السلطوية الذي ساد العالم العربي لأكثر من خمسين سنة.

وهو ما ولد لدينا أسئلة هامة تتعلق بالأسباب الموضوعية لهذه الثورات، وبإنجازاتها الفعلية على مستوى كل بلد على حدة، وبحظوظها في النجاح في منطقة المغرب العربي، باعتبارها جزءا لا يتجزأ من السياق العربي المتميز بعدم الاستقرار السياسي، وبتضافر الظروف التي تنتج تشديد وطأة الفوضى وانعدام الاستقرار.

والمغرب العربي كذلك جزء من عالم شمولي قلصته تقنيات الإعلام الجديد إلى "قرية كونية"، حيث تتقدم حركة التنميط وتنمو بسرعة غير معقولة، وحيث يتعزز التعدد القطبي يوما بعد يوم، ويكون "التنافس" هو الكلمة الفصل.
ومما لا شك فيه أن العديد من المراقبين يتعطش اليوم لتجربة ما بعد الثورة خاصة حين يتعلق الأمر بصعود الإسلاميين من السجن إلى الحكم فهل سينجح الإسلاميون في استعياب غيرهم ورأب الصدع فيما بينهم بعد أن أصبحوا على المحك؟

محمد جميل ولد منصور يرى أن الإسلاميين اليوم في موريتانيا يشكلون قوة رئيسية في المشهد السياسي منذ صعودهم في 2005.

وأنه " بعد الربيع العربي برز الإسلاميون قوة صاعدة أثناء و بعد هذه الأحداث، مما جعلهم من أهم مكونات مشهد ما بعد الربيع : كما في تونس والمغرب ، و ليبيا... و ظهر صوتهم بارزا في موريتانيا، و كانت انتخابات الجزائر استثناء، فلا ثورة ثم والتكيف محدود أو غائب والإسلاميون منقسمون و سنوات الأزمة لها حكمها و أثرها ".
ورغم أن ولد منصور قال إن فلسفة الاعتراف المتبادل و منطق التعايش الإيجابي مطلب يتوجه للجميع، و يستحق التنازل من الجميع و سيجد حصاده الجميع، و سيتضرر من غيابه الجميع " إلا أن أذلك لم يمنع من أسئلة يراها تفرض نفسها في سبيل صعود الإسلاميين وهي:

كيف التعامل مع التيارات السلفية التي تميل للعنف ؟، و متى تكون السلفية رأيا و اختيارا يستحق كامل الحقوق مثل غيره؟، ومتى تكون عنفا أو تحريضا ينبغي التعامل معه بصرامة القانون؟، و كيف التعامل مع ما يدعى الحرب على الإرهاب؟..، و ما أنجع الأساليب لمواجهة مجموعات العنف التي أصبحت خطرا على أمن المنطقة و صورة الإسلام ."

وإذا كان لللاسلاميين حضور في الربيع العربي فإن الشباب بصفة خاصة كان بمثابة وقودها كما يصفه بذلك بعض الدارسين، تقول الدكتورة خيرة بنت الشيخاني صحيح أنه "يحلو للكثيرين وصف الشباب بوقود الثورة وأحسب أنه مثَّل أكثر من دور الوقود بل كان العربة والوقود في نفس الوقت، ولذلك أرى أن على كل ثورة دينا توفيه وثورات الربيع المغاربي خصوصا عليها ديون من أهمها دين الشباب.

لكن واقع الشباب المغاربي اليوم هو واقع غير جيد يتناسق مع الواقع العام للشعوب المغاربية بل هو أسوأها نظرا للفرص الضائعة عبر إهمال هذه الطاقات الفياضة، وذلك راجع من ضمن أمور أخرى إلي حصاد عقود من تقصير الأنظمة السياسية الماضية التي عملت علي تنويم الشباب وتحييده حتى تأمن فوراته وثوراته لكن السحر انقلب علي الساحر وبدأت " صحوة مدنية" آيتها أن الشباب المغاربي كان مفجر ثورات الربيع العربي".

ولا شك أن للحرب على دولة ما لي المجاورة تأثيرات وانعكاسات على منطقة المغرب العربي خاصة عند ما يتعلق الأمر بالتنافس الدولي على المنطقة يقول د/ محمد الأمين ولد الكتاب: إن مفعول الليبرالية الاقتصادية المتوحشة ووقع العولمة الزاحفة، وتأثير عودة الثنائية القطبية إلى المشهد الدولي، كلها أسباب أفضت مجتمعة إلى حدوث تحولات إقليمية ملحوظة.

وإذا كان للتحولات التي عرفتها بلدان المغرب العربي انعكاسات ملحوظة على الأزمة المستشرية في إقليم أزواد، نظرا للروابط القائمة بين ساكنة هذا الإقليم والشعوب المغاربية، فإن من المتوقع - ولذات الأسباب- أن تكون لهذه الأزمة تداعيات متعددة الأبعاد والتجليات على كل الفضاء المغاربي.

وعلى العموم فإن اتحاد المغرب العربي ليس إلا جزء من المنظومة العربية، التي يبدو أنها ما زالت تعول على الغرب ، في سياساتها واقتصاداتها وحتى في استراتيجياتها المستقبلية.

انتهت الندوة وبقيت أسئلة عديدة مشروعة، فهل كانت للربيع العربي أسباب؟ وهل وجه بعد انطلاقته ؟ ثم هل يستطيع أن يأتي بما لم تأت به الأوائل؟ هل سيحيي اتحاد المغرب العربي بعد إجهاضه؟ اليوم المقبلة وحدها كفيلة بالإجابة على هذه الأسئلة وغيرها مما لم تتنبأ به التحليلات ولا الكتابات.

الرياضة

شكاوي

وكالة أنباء الأخبار المستقلة © 2003-2025