تاريخ الإضافة : 11.02.2013 14:20

قـــول علي قــــول في التعلــــــــيم!!

عبد الله المختار وداد

عبد الله المختار وداد

في بلاد المنارة والرباط يعيش التعليم حالة موت سريري..هذا لعمرك استهلال مخجل وخبر محزن،،نعالجه بما يقتضيه المقام من تذكير القوم بماضيهم المشرف ..
وما يمليه الحال من تنبيه علي واقعهم المر..كل ذلك علي ضوء أقوال ثلاثة:
يقول التاريخ إن التعليم هو سر تقدم الأمم ومفتاح رقيها،ولا مكان لأمة علي صفحاتي إلا بقدر ما حققت من تعليم وأنجزت من ابتكار...قلنا له:ذلك قول فصل وما هو بالهزل...

يقول الوزير الأول مولاي ولد محمد الأغظف:إن التعليم في موريتانيا فاقد للمصداقية وعاجز عن القيام بمهامه الأساسية..قلنا له:ذلكم بما كسبت أيديكم..ورغم ذلك فقولك ينطلق من الواقع ويوحي بشيئ- نادر- من الصراحة مع الذات..

يقول وزير الدولة للتهذيب ولد باهية_صاحب القطاع والمعني بشأنه إن التعليم شهد تحسنا في الآونة الأخيرة ويعيش ازدهارا غير مسبوق..قلنا له إذا لم تستح فقل ماشئت..ذلك قول يحمل في طياته مغالطة تشي بمكابرة في غير وقتها..

قال التاريخ قولته فوعاها عنه الألي صنعوا لموريتانيا أمجادها وأسسوا لشنقيط حضارتها..فنهلوا من علوم عصرهم حتي كانوا مفاتيح مكنونها وتضلعوا في ثقافة قومهم حتي صاروا حماة بيضتها..فمن مقتضيات واقعهم انطلقوا،وبحسب بيئتهم استنبطوا،وبما تمليه المستجدات استحدثوا..وبذلك نشروا الدين فانقادت لهم الدنيا..حتي كان المغادرون لهذه الديار لايحملون من الوثائق الثبوتية سوي ما يجيبون به المتسائل عنهم من أنتم؟؟قائلين:نحن أبناء المرابطين،ونحن حفدة الفاتحين..و..و..
ونحن ركب من الأشراف منتظم أجل ذا العصر قدرا دون أدنانــــــــا
قد اتخذنا ظهور العيس مدرســـة بهـــا نبين دين الله تبيـــــــــــانــــــا
وتلك أمة_وا أسفا_قد خلت لها ما كسبت أجرا وفخرا ومثوبة،ولنا ما أنجزت مجدا وتاريخا وهوية...وقد خلف من بعدهم خلف بدأ رصيده من تلك القيم الرفيعة ينفد وبدت صورة الأمس المشرقة وقد اعتراها من عاديات الزمن ما جعلها"باهتة"كأنما تتخفي خلف ستار من ضباب أو وراء حجاب من غبار..

راجعوا معي إن شئتم بطاقة التعريف الجديدة- طبعا- واشكروا نيابة عني القائمين علي إنجازها لمحاولتهم محاكاة الواقع..واقع بدلت فيه الأرض غير الأرض،والأمة غير الأمة وما ذاك إلا بسبب عدم استيعاب مقولة التاريخ وارتباك النظرة الرسمية لموضوع التعليم وتكوين الأجيال وإعداد النشء...

يتجلي ذلك في البون الشاسع في تشخيص المشكل المنعكس بطبيعة الحال علي آلية العلاج..فحين يدرك الغرق معالي الوزير الأول فيقول:آمنت أنه لامصداقية للتعليم ويعتبره عاجزا عن أداء مهامه الأساسية..وهو العارف قبل التصريح وبعده بما ترصده حكومة معاليه من ميزانية للتعليم لاتتجاوز في شقه العالي نسبة5.0%من إجمالي الميزانية العامة..يخالط بعض الكبرياء وزيره المكلف بالقطاع والمطلع علي خفاياه السيد:أحمد ولد باهية: فيتحدث عن تحسن وازدهار في التعليم غير مسبوقين!!

من فضلك عزيزي القارئ:حاول الجمع بين الروايتين إن أمكن ذلك فالإعمال أولي من الإهمال...
وعلي ضوء إعمال الروايتين يظهر تضارب في وجهات النظر الرسمية وتباين تقييمها للوضعية التي علي أساسها انعقد ما سمي دعائيا بالأيام التشاورية حول التعليم..وشارك فيها من شارك من النخبة – إن سلم القصد- من باب الإحساس بالمسؤولية وإدراك الواقع المتردي لمنظومتنا التربوية..وقاطعها من قاطعها من الصفوة-إن صحت النية-من باب الإيمان بالوطن وإدراك أن القضية أكبر من جلسات"استعراضية"علي طريقة:شاوروهم وخالفوهم..
وأيا كانت دوافع الانعقاد ونتائج المشاركة أو دواعي الغياب وحصيلة المقاطعة،،وبغض النظر عن قياس المسافة الدلالية ما بين"انعدام المصداقية"و"الإزدهار غير المسبوق"..
فمن وجهة نظري- المتواضعة- أن أي علاج فعال للداء،أو إصلاح جاد للإشكال لابد له من منطلق يستند عليه أوركن يأوي إليه وهو في حالتنا لكي "لا تنعدم مصداقيته"لا بدأن ينطلق من الإسلام كمصدر وحدة،ومن الوطن كموضع اجتماع،ومن الثقافة كآلية تنوع..فإذا ما راعينا هذا الثلاثي تأصيلا للتربية، وترسيخا للانتماء، واحتفاظا بالهوية، أمكننا بعد ذلك الحديث عن المنظومة نقدا، وتصحيحها استدراكا، وبعد ذلك التعامل مع العنصر البشري بالنظر إلي التلميذ تشجيعا،وإلي الطالب تقديرا،وإلي المعلم إكبارا،و إلي الاستاذ إجلالا..وما يمت إلي ذلك بصلة من "تحسن" في الظروف و"ازدهار" في الرواتب..
وعلي كل حال تبقي قضية التعليم وإصلاح مشكل منظومته التربوية وأسسه المنهجية،قضية أعمق من أن تكون نبتة"الكمون"التي "تتحسن"بالوعود و"تزدهر"بالتسويف والمماطلة..كما أنها أيضا مسألة أكبر وأشد تعقيدا من أن تكفيها جلسات أيام معدودات لإصلاح ما انعدمت مصداقيته في أيام معلومات!!..

ويظل موضوعه أهم من أن تجعل منه الأنظمة ميدانا لتسجيل نقاط اهتمام لايترجم إلي حل يعالج اللب وإنما يكرس مزيدا من" اتساع الخرق علي الراقع" كما يقال..

وكنت سأتحدث عن درة تاج عز الشناقطة ومصدر فخرهم أقصد: التعليم المحظري وما يعانيه هو الآخر من ركود وما يعرفه أداؤه من تراجع..

إلا أن "التعليب"النظامي وما يحتاجه من تقويم غلبا علي الموضوع..عفوا..هل قلت:التعليب النظامي؟اعذروني فقد تقلب" الميم ""باء" خصوصا إذا غلبت علي حاسة"الشم"بعض الروائح النتنة كالتي تفوح من قطاع التعليم في بلادنا مما يؤدي بطبيعة الحال إلي انسداد في مخارج الحروف، تماما كانسداد آفاق المستقبل أمام نتاج الوضعية التعليمية الراهنة.

الرياضة

الثقافة والفن

وكالة أنباء الأخبار المستقلة © 2003-2025