تاريخ الإضافة : 27.07.2011 12:15

المتعاونات في جامعة نواكشوط يشتكين وضعهن للرئيس

رسالة مفتوحة إلى فخامة السيد رئيس الجمهورية

تحية تقدير واحترام
سيدي الرئيس، نحن مجموعة من النساء المتعلمات حصلنا على شهادات عليا تتراوح ما بين دكتوراه سلك ثالث، ودكتوراه جامعية، دكتوراه دولة، من مختلف التخصصات، ومن أجل أن نحصل على هذه الشهادات عانينا من الغربة وصعوبة الظروف المادية وتواضعها وليكن في علمكم أن معظمنا درسن على حسابهن، أملا منا أن نكون قدوة للنساء الموريتانيات ونموذجا لكفاح المرأة من أجل الكسب العلمي ومثلا تحتذي به كل موريتانية، ومحاولة منا للرقي بمستوى المرأة العلمي، وشاءت الأقدار أننا تخرجنا في ظروف سياسية تسودها المحسوبية والزبونية والتملق من أجل الحصول على وظيفة، وهذا ما لا يمكن أن نسلكه كطريقة للتوظيف، وفضلنا التعاون مع الجامعة لأجل التدريس الذي هو هوايتنا ورغبتنا، وكان التعويض المادي حينها شبه رمزي (الساعة 400 أوقية) وقد درّس بعضنا منذ 1997 بل قبل ذلك، وتوالت الاكتتابات التي غالبا ما تتم على مقاسات المستهدفين بها، ولم نحظى بالاستفادة من أي اكتتاب وبقينا على التعاون مع الجامعة لأنها أملنا ومبتغانا وهي الحقل العلمي الذي نجد فيه ذواتنا، إلا أننا صدمنا من سلسلة الاكتتابات التي أقصيت فيها كل النساء، فبدأ البعض منا في البحث عن عمل في مسابقات التعليم الثانوي ظنا منه أنها طريقة لدخول الجامعة عن طريق ترقيته إلى مستوى التعليم العالي وهي عملية دأبت الجامعة على فعلها لمعظم الأساتذة المدرسين فيها، تحققت للبعض في نفس الفترة التي كنا نمارس فيها التعاون، واستفاد منها بعض الإداريين والمعلمين وأساتذة التعليم الثانوي عن طريق العدالة وطرق أخرى.

والآن سيدي الرئيس نرفع إليكم ما عانيناه ونعانيه من ظلم وتجاوز لنا طيلة تجربتنا التدريسية في كليات جامعة نواكشوط، والتي أدت إلى أن تجاوز بعضنا سن الاكتتاب ولعل ذلك ما حصل لإحدانا حاصلة على دكتوراه دولة في الأدب ومشهود لها بالكفاءة في تخصصها، والبعض يبحث عن الترقية وأخريات ينتظرن الاكتتاب قبل أن تتجاوزن السن القانوني له.

سيدي الرئيس، أحيطكم علما أن جامعة نواكشوط لا تصل فيها نسبة النساء المدرسات الرسميات إلى 10%، رغم أن المتعاونات ساهمن في تكوين دفعات وأجيال تخرجت من الجامعة وأداؤهن مشهود له بالكفاءة ولكن ذلك لم يشفع لهن. سيدي الرئيس نحن على أبواب اكتتاب ل 60 أستاذ جامعي وحظوظنا في الاكتتاب أو الترقية عن طريقه شبه معدومة، نرفع إليكم وضعيتنا علكم تنصفونا وإنصافكم لنا يعني تقديرا لنا لما بذلناه من جهود من أجل أن تحتل المرأة الموريتانية مكانة علمية تليق بها على غرار نظيراتها في دول العالم والمنطقة، كما أنه يعني إنصافا للمجتمع الذي تمثل نصفه وهو أيضا إعادة اعتبار لقيمة المرأة المتعلمة الباحثة عن مكانتها اللائقة بها.

واعلموا يا سيادة الرئيس أن معظم أقسام جامعة نواكشوط شبه خالية من أستاذات رسميات، مثلا قسم الجغرافيا الذي تمارس فيه أكثر من 5 أستاذات التعاون لم تكتتب فيه منذ نشأته أية امرأة، وليكن في علمكم أن الأستاذات الرسميات في كلية الآداب ككل لا يصلن إلى 10 أستاذات رسميات مقابل 123 أستاذ، ألا يعتبر هذا غبن بيّن مع أن المؤهلات للكل متساوية؟ ، أردت تقديم كلية الآداب كنموذج للتعبير عن حدة الإقصاء الذي تواجهه النساء في مؤسساتنا العلمية.

سيدي الرئيس أملنا كبيير أن تعطوا للمرأة الموريتانية المتعلمة مكانتها العلمية لكي تكون نموذجا تحتذي به غيرها من النساء وأن لا تكون عبرة ودليل على عدم جدوائية نيلها لأعلى الشهادات، ويمكن أن تكون كذلك لا قدر الله إذا ما تم تجاهل وضعيتها وعدم تسويتها.

سيدي الرئيس نحن فعلا ضحية لسياسة وطنية غير متوازنة وغير رشيدة عرفتها البلاد منذ عقود، الصامت فيها والمنتظر للإنصاف والعدالة في نيل حقوقه مصيره الإقصاء الدائم الذي قد يصل به إلى نهايته، وقد شاهدنا ذلك ونحن الآن نطلعكم على حالتنا لكي تنقذونا من مصير مجهول، حاولنا قدر الإمكان أن لا نصل إليه وطرقنا كل الأبواب بدءا بالجامعة مرورا بوزارة التعليم وكتابة الدولة المكلفة بشؤون المرأة، لكن وجدنا الأبواب موصدة أمامنا، فبدأت طموحاتنا وآمالنا تتحطم على أبوابهم. وهذا التحطيم خطورته ليست علينا نحن كأفراد عانينا من التهميش في الوقت الحالي وإنما تتجاوز ذلك لتنعكس سلبياتها على البلد بصفة عامة. ففي العالم اليوم يعتبر مستوى تعلم المرأة أحد أهم مقاييس مؤشرات التنمية وتعلم المرأة والرقي بها ومشاركتها في تنمية أوطانها شعارات رفعتها الأمم المتحدة منذ السبعينيات حيث أعلنت أن عدم إشراك النساء في التنمية هو سر فشل السياسات التنموية في البلدان النامية وطالبت بالمساواة بين المرأة والرجل ولعل هذا ما عبر عنه الهدف الثالث للألفية الذي يطمح إلى تحقيق ذلك في كل المجالات بحلول عام 2015 وموريتانيا من الدول المطالبة بذلك.

ودمج المرأة في التنمية يعني إشراكها في البرامج والخطط الاقتصادية للبلد، وذلك يعني مناصرتها وتشجيعها ودفعها إلى الأمام في كل الميادين سواء أكانت هذه المرأة في الريف الذي له خصوصيته أو في الحضر.

وقد طالبت هيئة الأمم المتحدة من خلال هيئاتها ومؤتمراتها إعطاء المرأة حصة (كوتا) في كل المجالات وحددتها ب 3/1 سواء تعلق الأمر بالمشاركة والتمثيل في المجالات الانتخابية أو الإدارية ومن المعلوم أن إدماج ومناصرة المتعلمات المؤهلات يجب أن تكون أولوية وإلا لماذا ندعوا إلى تمدرس البنات ومقاومة تسربهن من الدراسة وغير ذلك.

كما أننا نرى أنه من أهم أسباب المساعدة في تمدرس البنات هو إنشاء معاهد وجامعات في المناطق النائية فذلك هدف سيؤدي إلى تقريب المؤسسات العلمية من السكان، خاصة إذا علمنا أن الأسر في الداخل يصعب عليها التنقل إلى العاصمة لتدريس بناتها، وهذا سبب في تخلي البعض منهن عن استكمال دراسته العليا. كما أن خلق فرص لتشغيل الكفاءات النسائية عامل أساسي لتحقيق التنمية في المناطق الداخلية وعامل رئيسي لتثبيت السكان في مناطقهم الأصلية، كما يساهم في عملية التوازن الجهوي لعل ذلك ما سيحققه فتح جامعة المرابطين في العيون.

إذن أعود وأكرر آمالنا معلقة عليكم يا سيادة الرئيس في نيلنا لمكانتنا العلمية التي نصبوا إلى الوصول إليها في جامعة انواكشوط وجامعة المرابطون التي تدشنوها الآن في مدينة العيون والتي نرى أنها صرحا علميا جدير بأن تشكروا على إقامته في هذه المدينة. ونطمح أن تكلل كل المبادرات التي تستهدف الرفع من مستوى العلم والمعرفة بالنجاح لأن العلم هو اساس التنمية وقد اثبتت تجارب الشعوب ذلك وأي تقدير له أو استثمار فيه لا بد أن تكون له انعكاسات إيجابية على البلد.

سيدي الرئيس نشكركم على ذلك ونتوقع منكم المزيد وأملنا فيكم كبير على إدماج النساء المؤهلات في مؤسساتنا وجامعاتنا العلمية لأننال نعتز ونفتخر بانضمامنا إلى طاقمها التدريسي والبحثي خدمة لبلدنا ولأجيالنا ولا نرى عن ذلك بديل.


تقبلوا يا سيادة فائق التقدير والاحترام
الأستاذات المتعاونات في جامعة نواكشوط وجامعة المرابطين

الجاليات

شكاوي

وكالة أنباء الأخبار المستقلة © 2003-2025