تاريخ الإضافة : 08.02.2013 10:12

للإصلاح كلمة تتعلق بمنتديات التعليم

الأستاذ / محمدو ولد البار

الأستاذ / محمدو ولد البار

كلمة الإصلاح هذه المرة ستتوجه إلى المنتديات التعليمية الوشيكة على الانتهاء من عملها وتقدم حصيلة ذلك العمل إلى الإدارة العليا في الدولة لتطبيقه.

وبناء على ذلك فإني أود أن أخاطبهم هم والدولة أثر ذلك السواد الذي لا شك أنهم اتبعوا الدولة في دوام إسباغه على هذا الوطن المستباح دائما حريمه في لغة وطنه ودينه ــ وذلك لأقول للجميع.

أيها الموريتانيون نسبا ووطنا الفرنسيون لغة واستعظاما واعتبارا، العربيون اسما وانتهازا واستهجانا واحتـقارا أما آن لكم جميعا أن تفيقوا وتتداركوا وتعلموا أنكم دائما في حالة جريمة تـلبس في حق لغة بين مواطنيها وفي أرض دينها ولا ذنب لها إلا أنها عميقة في المعنى والمبنى وأنها لغة تحمل من بين حروف اسمها الإفصاح والإعراب عن كل ما يريد الإنسان أن يقوله أو يفعله.

ولو كنا نستطيع اكتـشاف علم الغيب وقراءة ما في الصدور لكنا اكتـشفنا للشعب الموريتاني عن ما دار في أفكار مهندسي تلك المنتديات التعليمية ساعة مناقشتهم لصلاحية أو عدم صلاحية اللغة العربية لإيصال المواد العلمية إلى كل من ألقى إليها السمع وهو شهيد.

فالمعطيات المعمول بها بين المـثـقفين المزدوجين الموريتانيين توحي بأنهم قرروا أن الأولى للغة العربية الدخول إليه هو غرفة الإنعاش وليس مدرج الجامعات التعليمية.

والله إنه لسحر عجيـب وإحباط قاتل ذلك المرض السرطاني الداخل في قلب وفكر المثـقف الموريتاني الذي يحول بينه وبين لغته التي اختارها الله لتكون الوسيلة الأخيرة بينه وبين البشرية حيث أودعها النور المحفوظ بين البشرية ليكون بواسطة هذه اللغة نذير للعالمين.

إن المستمع للمقابلة التي أجراها رئيس المنتديات مع صحفي التلفزة حيث صال وجال بكل بساطة وفصاحة وانسياب غير متكلف بهذه اللغة العتيدة ــ ليتعجب أن هذا الشخص نفسه سوف يكون تركها في ملفاته المنتدياتية وهي تتخبط في دمها وتذرى دمعها من تلك الطعنات والانتفاضات التي لاشك أن أبناءها وجهوها لها في النقاش حتى ألبسوا في شأنها الحق بالباطل وكتـبوا أنها عاجزة عن مسايرة العصر ومصابة بالعجز الكلوي عن نقل المواد العلمية كما هي إلى قلب طالب ذلك، ورموها بذلك بهتانا وزورا وإنما المصاب بالعجز الكلوي الوطني هم معتقدوا ذلك وليست اللغة العربية.

تلك اللغة العربية المحصنة من كل رمية ترميها بالعقم أو الضعف أو التـقصير عن حمل المعلومات وأدائها كما هي واضحة ومبينة وسهلة على كل من لم تستغرب فكرته أو تذوب شخصيته أو تـنمحي نخوته.

وإنني هنا قبل فوات الأوان أوصي كل موريتاني يعتـز بوطنه ودينه أن يأخذ حقنة مناعة تـقيه من الانهيار النفسي ساعة ظهور نتائج ما أعطته تلك المنتديات للغة وطنها ودينها من نصيب الهر في التعليم الوطني الموريتاني.

ولا شك أن القارئ سيتعجب من هذا التشاؤم من تصرف أولئك الوطنيين المفروض منهم النخوة الدينية والإحساس الوطني إلا أني أقول لذلك المتعجب أن المواطن الشريف الموريتاني يعيش دائما على أعصابه وهو يري ويسمع داخل هذا الوطن من إهانة واستهزاء في الإدارة وفي جميع الحياة النشطة لهذه اللغة ولحامل شهادة هذه اللغة.

فعندما يدخل المواطن الشريف أي إدارة فسوف يشاهد ما يسوءه في لغته هذه.

فمثلا إذا دخل مواطن وزارة الإسكان فسيرى المواطنين خلية نحل أمام المكاتب كل واحد قادم بورقة أو ذاهب بواحدة وهؤلاء المواطنون ما بين متعلم أو شبه متعلم ولكن بلغة وطنه ودينه ولكن لا تجد أحدا منهم يستطيع قراءة وفهم ما في يده بل الجميع مكتوب على الشمال من أصحاب الكاتبين على الشمال من درجة فوق الأمية بقليل باللغة الأجنبية ولكن هم الموظفون وحدهم المتحكمون في مصير ذلك السواد الأعظم من المواطنين.

وعليك أيها القارئ الكريم أن تـقيس جميع الوزارات على وزارة الإسكان تلك، وأيضا فإن جميع المؤسسات عندما تعلن اكتتابا للموظفين فإن على حاملي الشهادات العربية ولو كانت دكتوراه علمية فالحال يقول لهم لا تـتعبوا أنفسكم في طرح ملفاتكم فأنتم تكتبون على اليمين ولا مقام لكم فارجعوا.

فشهاداتهم تعتبر في نظر المؤسسات سواء كانت عمومية أو خصوصية فيروسات يجب استعمال المضاد للفيروسات عند ظهور نتائج الامتحان ولأن مضاد الفيروسات قد قضى مبكرا على تـلك الشهادات قبل تـفعيلها.

وعما قـليل سوف تـنبئـنا عن ذلك مؤسسة البنك المركزي التي سوف تعلن أو أعلنت الاكتــتاب عما قريب كما عملت بذلك قبل قـليل مؤسسة اسنيم.

فلو كان عند اللغة العربية أبسط محامي لسهل عليه ببساطة الحكم على جميع هذه المؤسسات التي لا تعتبر العمل باللغة العربية من سيادة الوطن.

ففي البنك المركزي إذا كان صاحب الشهادة العربية التـقنية يعرف مهنته الخاصة بالبنوك فما هي ميزة المتفرنسين عليه اللهم إلا إذا كان في أغلب الأحوال عدم تأنيب الضمير في الاختلاس المادي أو الوقـتي.

وبهذه المناسبة فإن على الأطباء الموريتانيين أن يحتجوا على الدولة التي اكتـتـبت أطباء عرب غير موريتانيين وذلك احتجاجا منها على عدم قيام الأطباء الوطنيين بوظائفهم في مكاتبهم الحكومية كما ينبغي من خدمة المواطن لوطنه في مهنته.

فعلى الأطباء أن يردوا على الحكومة بأن عدم الوطنية هذه هو مرض مزمن في موريتانيا من يوم استــلم الجيش قيادتها سنة 1978 حتى يومنا هذا.

فكل وزير الآن لا يعرف أو يتجاهل أن الدستور لم يذكر اللغة الفرنسية وبتجاهله لها يجب أن لا يسمح بالعمل بها في الدوائر الحكومية، ومع ذلك فإن أعلى سلطة في الدولة إلى أسفل سلطة فيها لا تخط إلا على شمالها باستـثناء قـليل لا يفسد التعميم.

ومن المتناقضات أن الشعب لا يسمع خارج المكاتب من أي رئيس ولا وزير ولا مدير إلى آخره إلا العربية ولا يرى في داخل المكاتب إلا الفرنسية.

أو لم تعلم هذه السلطة التـنـفيذية أن موريتانيا أضافت نفسها إلى منطقة إقليمية أحسن منها معرفة باللغة الفرنسية في جميع المجالات وأكثر منها سكانا أعاجم لا ينطقون العربية إلا في مكاتب الدولة، إلا أن تلك الدول عندها من النخوة والموضوعية ما تفرق به بين ما هو سيادي تجب كتابته باللغة العربية الوطنية وما هو خارج عن السيادة يكتب بأي لغة يعرفها القائم به فمثلا جميع الإدارة من الرسائل والقرارات والمراسيم وبمعنى أوضح كل ما يسلم للمواطن للاحتـفاظ به يكون بلغة الوطن.

وكل ما هو داخلي في الدولة لا علاقة للمواطن به يكتب بأي لغة حسب الظروف بمعنى أن ما تعمله موريتانيا في الإذاعة والمؤتمرات وحدها دون مكاتبها تعممه تلك الدول على جميع العلاقات بين المكاتب والمواطنين.

هذا وإن الدليل الأكبر على مصداق ما جاء في كلمة الإصلاح هذه هو أن هناك فضيحة أو تجاهل واقع في ظل حكم الجيش بعد توليه للحكم وهي فرضه للدراسة باللغة العربية على جميع الناطقين بها أمومة، وبعد عشرين سنة من هذه الدراسة وحصولهم على جميع أنواع الشهادات بها ارتفع العمل بها مثل مائدة بني إسرائيل وبقي المتخرجون في تلك الحقبة كأنهم لاجئون لا ينتمون إلى وطن بسبب شهادتهم هذه.

فكان على الدولة أن تسجل قضيتهم كإرث إنساني وتعوض لهم حياتهم المهنية، فهم الآن لا تقبلهم أي مؤسسة بل إن بعض المؤسسات تكشف عن وجهها دون خجل وتقول إنها لا تكتــتب خريج جامعة نواكشوط وعند المؤسسات الخصوصية الخبر اليقين في ذلك.

إن ما عملته الدولة في النظام الحالي مع الموظفين غير الدائمين الذين اكتـتـبوا في عهد الظلام من حصرهم من الزيادة حيث ينقصون ولا يزيدون حتى يموتوا أو يتقاعدوا يمكن أن يعمل لأصحاب الشهادات العربية في عهد العسكريين.

وبناء على هذا التصرف فما هو الفائدة من وزارة الدولة للتهذيب الوطني إذا كان المآل في الدراسة الثانوية هي جامعة نواكشوط وجامعة نواكشوط لا يقبل خريجوها فعلي الدولة إذن أن ترد للشعب ما أنفقـتـه من أمواله على وزارة لا تــلد إلا البغــل.

ومن جهة متصلة بالموضوع فلا شك أن الشعب يستمع إلى الوزراء في كل مناسبة يشيدون بما قاموا به في ظل النظام الجديد ومن توجيهات سامية للرئيس كما يقولون ولا شك أن أكثرها صحيح في مجالات معينة ولكن الشيء الذي لا يمكن أن يدعيه أي وزير هو أنه لم يطرأ أي تقدم في قضية تعريب الإدارة في الدولة ولا حفظ الأمن في المدن ولا سيما نواكشوط فهاتان المسألتان الحيويتان لصالح الشعب لا يمكن لهذا النظام وأعوانه ادعائهما.

وخلاصة كلمة الإصلاح هذه أن الشعب الموريتاني ينـتـظر بكامل الأسف جفاف وجفاء ما سوف تتمخض عنه نتائج المنتديات التعليمية في شأن اللغة الوطنية الرسمية العربية.

وبتـلك المناسبة فنعزي أنفسنا ونعزي الشعب الموريتاني ونقول كما أمرنا الله أن نقول (الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون) ونرجو من الله أن يوفـينا وعده في آخر الآية.

الرياضة

شكاوي

وكالة أنباء الأخبار المستقلة © 2003-2025