تاريخ الإضافة : 31.01.2013 10:04

ملاحظات حرة ...على المنطقة الحرة

محمد ولد جبريل

محمد ولد جبريل

استبشر العديد من ساكنة نواذيبو بإعلان مجلس الوزراء في 25من نوفمبر 2012 مدينة نواذيبو منطقة تجارية حرة ،ورغم ضبابية القرار المتمثلة في عدم تحديد حدود تلك المنطقة بالإضافة إلى استثناء المواد الاستهلاكية الأساسية ،إلا أن الكثير من المهتمين بالشأن المحلي للولاية تمادوا في التأطير للقرار والدعوة إلى الاصطفاف خلفه والتعبئة له وخاصة الأطر المحسوبين على النظام .

ذلكم الحماس الهادر الذي جعل أقلاما ،أكن لها الكثير من الاحترام والتقدير ولا أشك في نشدانها الخير والازدهار لمدينتنا الحبيبة للوقوع في بعض المغالطات ،جعلتني اسطر هذا الكلمات لأبسط بين يدي الجميع ملاحظات جوهرية لا ينبغي التغاضى عنها أو تجاهلها من قبل المهتمين والباحثين حتى تكتمل الصورة ويتم بالتالي تقييم قرار المنطقة الحرة تقييما علميا وواعيا بعيدا عن المزايدات وتسجيل النقاط .

أولى هذه الملاحظات هي أن الدارسين لتطور ونشأة المناطق الحرة في العالم يؤكدون أن الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي هو صمام الأمان لنجاح أي منطقة تجارية حرة والسؤال البديهي هو هل تنعم مدينة نواذيبو بهذا المعيار ؟.

من باب التمني والعاطفة نتمنى ذلك ولكن وكما يقال "إن الرائد لا يكذب أهله" فإن واقع مدينة نواذيبو الاقتصادي غير مستقر فقد شهد قطاع الصيد أيقونة الحراك الاقتصادي للمدينة ولا يزال عدة اضطرابات تمثلت في الاعتصامات والتظاهرات والمسيرات التي تكاد تكون يوميا وذلك بسبب استفحال المشاكل وتقاعس السلطات في الحل الجذري للمطالب والحقوق التي يرفعها العاملون والمستثمرون في القطاع الأكثر تأثيرا في حياة ساكنة الولاية .

أما فيما يخص الواقع السياسي فيتسم هو الآخر بعدم الاستقرار فرغم أن النظام الحاكم يمتلك مخزونا انتخابيا توجه بفوز تاريخي في الولاية لأول مرة إلا أن الإدارة السيئة للحزب على مستوى المدينة جعلت ذلك الرصيد يأخذ في التآكل بل وحتى التلاشي .

هذا علاوة على التجاذب والتصادم بين النظام ومعارضيه وخصوصا منسقية المعارضة الديمقراطية التي ترتكز في تعبئتها للحملة المضادة للحزب الحاكم في تسليط الضوء على بعض القرارات الفاشلة التي اتخذتها السلطات المحلية بمباركة النظام وكذلك المشاريع العالقة وذات الآثار العكسية (هوندونغ ومستشفى خيرية اسنيم وهدم حي الجديدة ).

وفي المجال الاجتماعي فقد شكلت قضية ربيعة وأخواتها اللواتي كن في حالة استرقاق صدمة لساكنة المدينة وقتها ومما زاد الطين بله هو النهاية الضبابية للملف وإن كان بعض المتتبعين للملف يتفهمون المسار الذي أخذه نتيجة الصراع الذي نشب بين "إيرا " ومنظمة نجدة العبيد حيث كانت الأخيرة الأقرب إلى التهدئة ولأسباب معروفة .

وخطورة الواقع الاجتماعي تكمن في التفاوت الطبقي بين السكان ، أثرياء لهم أحياؤهم ومؤسساتهم وفقراء يقبعون في أحياء تم اختيارها لهم بعناية فموقع الترحيل نموذج على ما أقول فقد دفع الموقع الذي اختارته الدولة لسكان الترحيل أحدهم للتندر بالقول " أحياء الترحيل بين أكبر سجن في المدينة وأكبر مقبرة فيها " والرسالة واضحة !

هذا بالإضافة إلى التصريحات التي تظهر بين الفينة والأخرى والتي تتحدث على لسان السكان المحليين الذين بدئوا يتململون من جراء ما تصفه بعض البيانات المتضاربة أحيانا والمجهولة المصدر أحيانا أخرى بالتهميش والإقصاء .

إذن فالمعطى الاقتصادي والسياسي والاجتماعي لا ينبئ بالاستقرار الضابط الرئيس لنجاح أي منطقة تجارية حرة كما يرى مختصون .

ثاني هذه الملاحظات هي أن التطور العمراني للمدينة من حيث البنى التحتية والمواصلات والوسائط الإعلامية والشبكات الكهربائية ، تعتبر المنطلق الأساسي للمناطق الحرة في العالم وهذا ما تفتقده مدينة نواذيبو حيث البنى التحتية رديئة مهترئة والخدمات الكهربائية ورغم محاولات السلطة لتحسينها 115 وات إلا أن الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي ترسل رسائل خاطئة للمستثمرين وملاك المصانع الذين تهدف الدولة بإعلانها نواذيبو منطقة حرة جذبهم .

كل هذه العوامل تبين أن اتخاذ القرار كان عربونا انتخابيا بامتياز ولم يتم بتجرد وعن تخطيط وتأتي الدعايات المتسرعة لأطر ومناضلي الحزب الحاكم للقرار لتؤكد ما ذهبت إليه في أن القرار كان عربونا انتخابيا لا أقل ولا أكثر.

فالبنى التحتية للمدينة لا ترقى إلى المستوى الذي يؤهلها للعب الدور الحقيقي للمنطقة الحرة في جلب الاستثمارات وخلق فرص عمل وبالتالي امتصاص جيوش البطالة التي تمخر بها دهاليز وساحات المدينة .

وثالث هذه الملاحظات فهي تتمثل في تخوف الكثيرين من أن يكون قرار اعلان نواذيبو منطقة حرة سيعود بالفائدة فقط على الفئة المهيمنة على المال في المدينة وبالتالي فوات الفرصة على الطامحين في الثراء والتحسين من ظروفهم المعيشية من جراء القرار وبالتالي الفشل في خلق طبقة مالية جديدة ورفاه ينعكس على الساكنة .

كما يمثل استثناء المواد الاستهلاكية التي لها تأثير على الحياة اليومية للسكان عنصرا مميتا لقرار إعلان المنطقة الحرة بنواذيبو أو على الأقل يفقد القرار تلك الهالة التي حاول الممجدون له إضفاءها عليه منذ اتخاذه في اجتماع مجلس الوزراء في 25 من نوفمبر 2012 .

تلك ملاحظات حرة على إعلان مدينة نواذيبو منطقة حرة ،يجب في رأيي على الجهات المعنية ومنوري الرأي العام الوطني والمحلي الانتباه لها والابتعاد عن المزايدات فالرائد لا يكذب أهله ؟

الرياضة

شكاوي

وكالة أنباء الأخبار المستقلة © 2003-2025