تاريخ الإضافة : 02.12.2012 11:00
موسم العودة إلى الدستور
كشفت الحادثة المؤسفة التي تعرض لها رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز عشية الثالث عشر من أكتوبر النِّقابَ عن حقائق مهمة في مشهدنا السياسي، بعضها يُثْلِجُ الصدر ويبعث الأمل في القلب تجاه مستقبل البلد، وبعضها لا تملك النفسُ تجاهَه إلا الحسرة والأسف.
فقد بينت الحادثة:
*أنه، وبخلاف الرأي السائد بين "المتشائمين"، فإن لدى النخبة السياسية المعارِضة "قدرا" من الوعي والمسؤولية؛ ظهر ذلك من خلال تعاطفها المبكر مع الرئيس وأسرته، وتجميدها لأنشطة كانت مقررة بسبب إصابته، وهو أمر -لا شك- يستحق التثمين والإشادة.
*مدى التعلق الكبير لدى الشعب الموريتاني بمختلف أطيافه وفئاته وطبقاته بفخامة الرئيس، حين تجمع جمهور غفير أمام المستشفى العسكري بُعَيْدَ الإعلان عن الحادثة، ولم تكن عينُ الْمُنْصِفِ لتخطئَ صدقَ القلق والتعاطف والدعاء له بالسلامة والشفاء العاجل.
وكان الاستقبالُ المليوني والعفوي -بشهادة كثير من المراقبين المستقلين، وحتى بعض المواقع المحسوبة على المعارضة- أكبرَ برهان على ذلك التعلق والحب.
*المهنية العالية التي ظهر بها جيشنا الوطني -الذي وُصِفَ كثيرا بأنه "جيش انقلابي"- حين تماسك طيلة أربعين يوما وكان وفيا للدستور وقيم الجمهورية.
وأظهرت الحادثة:
*ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين التي تنتهجها المعارضة المقاطعة؛ حيث تتجاهل الدستورَ حين تطالب رئيسا منتخبا بالرحيل قبل انتهاء مأموريته المنصوص عليها في الدستور، ثم تصرخ مطالبة بتطبيق الدستور ذاته بإعلان شغور منصب الرئاسة بسبب العجز المزعوم للرئيس!
*المفهوم الخاطئ للتداول السلمي على السلطة لدى المعارضة؛ حيث زُيِّنَ الانقلاب في نفسها أثناء غياب الرئيس، وراهنت عليه من خلال التحريض الضِّمني بإطلاق الشائعات والترويج لها.
*كما وضعت الحادثةُ مصداقيةَ المعارضة على المحك طيلة أربعين يومها؛ أغرقت خلالها الشارعَ بسيل من الشائعات عن الوضع الصحي للرئيس؛ تبين لاَحِقًا عدمُ صحتها الْبَتَّةَ.
-2-
يُفرِّق أهل البلاغة بين التّمَنِّي والتّرَجِّي بأن التمني: طلب ما لا طمع فيه، والترجي: طلب ما فيه طمع. وأداة الأول "ليت"، وأداة الثاني "لعل".
ونحن في سِيَاقٍ نحتفل فيه بالذكرى الثانية والخمسين لعيد الاستقلال الوطني، والتي تزامنت مع عودة الرئيس من رحلةِ استشفاءٍ كان من تداعياتها ما ذكرناه آنفا، ليس لنا إلا أن نَتَرَجّى، ولا أقول نتمنى:
*لعلنا نسعى إلى استثمار وتنمية المسؤولية والوعي اللَّذَيْنِ عَبّرَتْ عنهما القوى السياسية خلال مرض الرئيس، من أجل رفع التحديات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي يعاني منها البلد.
*لعل تماسك الأغلبية الرئاسية بمختلف أحزابها وانضباط المعارضة المحاورة بمختلف أطيافها، وما عبرتا عنه من نضج سياسي وسلوك ديمقراطي أصيل؛ إذا أضيفا إلى المهنية والمسؤولية العالية التي تحلى بها جيشنا الوطني من خلال تماسكه ووفائه للرئيس في ظرف عصيب -كالذي مررنا به- تكون بداية لعهد جديد يطبعه التداول السلمي على السلطة، بعيدا عن العنف وشبح الانقلابات.
*لعل المعارضةَ المقاطعة التي تذكرت الدستورَ إِبَّان مرض الرئيس؛ تتذكره الآن بعد أن عاد وتَبَيّنَ أنه بخير، فتحترم الدستور وتلتزم بمقتضياته من خلال احترامها للمأمورية الدستورية.
*لعل المعارضة تعود لرشدها، وتصافح اليدَ التي مُدَّتْ إليها طويلا من أجل حوار تشارك بعده في الانتخابات المقبلة، فتحرز بذلك فضيلة المساهمة في توطيد وتعميق تجربتنا الديمقراطية الفتية.
والكرة الآن في ملعب المعارضة، لاسيما أنها أحرقت أوراقا كثيرةً خلال الأشهر والأسابيع الماضية، مثل:
- المراهنة على ثورةٍ اتّضَحَ أن الرفضَ الشعبيَّ لها كان العاملَ الأَوّلَ في فشلها؛
- المراهنة على عزل الرئيس بسبب عجز مزعوم؛
- المراهنة على انقلاب عسكري كانت هي مَنْ "بَشَّرَ به"؛
- إثارة البلبلة في الشارع من خلال نشر الشائعات المغرضة...
وليس من الحكمة في نظري أن تُصِرَّ المعارضة على شرطها للمشاركة في الانتخابات بتشكيل حكومة انتقالية، فَحَسْبُهَا أن تحصل على الضمانات المعهودة لشفافيتها.
ولعل من المناسب أن نذكر الإخوة في المعارضة بأن اشتراط تلك الحكومة الانتقالية ليس بالضرورة هو الضمان الوحيد لشفافية الانتخابات. وأقرب مثال يتبادر إلى الذهن ما وقع عند جيراننا الشماليين والجنوبيين (المغرب والسنغال)، فقد انتقلت السلطة إلى المعارضة في كِلاَ البلدين دون أن يتوقف ذلك على تشكيل حكومة وحدة وطنية.
*وأخيرا، لعل الأيام القادمةَ، بعد أن أُزيح السِّتار عن الحقائق السابقة، تكون موسم عَوْدَةٍ إلى الدستور التزاما ومرجعية واحْتِكَامًا.
فقد بينت الحادثة:
*أنه، وبخلاف الرأي السائد بين "المتشائمين"، فإن لدى النخبة السياسية المعارِضة "قدرا" من الوعي والمسؤولية؛ ظهر ذلك من خلال تعاطفها المبكر مع الرئيس وأسرته، وتجميدها لأنشطة كانت مقررة بسبب إصابته، وهو أمر -لا شك- يستحق التثمين والإشادة.
*مدى التعلق الكبير لدى الشعب الموريتاني بمختلف أطيافه وفئاته وطبقاته بفخامة الرئيس، حين تجمع جمهور غفير أمام المستشفى العسكري بُعَيْدَ الإعلان عن الحادثة، ولم تكن عينُ الْمُنْصِفِ لتخطئَ صدقَ القلق والتعاطف والدعاء له بالسلامة والشفاء العاجل.
وكان الاستقبالُ المليوني والعفوي -بشهادة كثير من المراقبين المستقلين، وحتى بعض المواقع المحسوبة على المعارضة- أكبرَ برهان على ذلك التعلق والحب.
*المهنية العالية التي ظهر بها جيشنا الوطني -الذي وُصِفَ كثيرا بأنه "جيش انقلابي"- حين تماسك طيلة أربعين يوما وكان وفيا للدستور وقيم الجمهورية.
وأظهرت الحادثة:
*ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين التي تنتهجها المعارضة المقاطعة؛ حيث تتجاهل الدستورَ حين تطالب رئيسا منتخبا بالرحيل قبل انتهاء مأموريته المنصوص عليها في الدستور، ثم تصرخ مطالبة بتطبيق الدستور ذاته بإعلان شغور منصب الرئاسة بسبب العجز المزعوم للرئيس!
*المفهوم الخاطئ للتداول السلمي على السلطة لدى المعارضة؛ حيث زُيِّنَ الانقلاب في نفسها أثناء غياب الرئيس، وراهنت عليه من خلال التحريض الضِّمني بإطلاق الشائعات والترويج لها.
*كما وضعت الحادثةُ مصداقيةَ المعارضة على المحك طيلة أربعين يومها؛ أغرقت خلالها الشارعَ بسيل من الشائعات عن الوضع الصحي للرئيس؛ تبين لاَحِقًا عدمُ صحتها الْبَتَّةَ.
-2-
يُفرِّق أهل البلاغة بين التّمَنِّي والتّرَجِّي بأن التمني: طلب ما لا طمع فيه، والترجي: طلب ما فيه طمع. وأداة الأول "ليت"، وأداة الثاني "لعل".
ونحن في سِيَاقٍ نحتفل فيه بالذكرى الثانية والخمسين لعيد الاستقلال الوطني، والتي تزامنت مع عودة الرئيس من رحلةِ استشفاءٍ كان من تداعياتها ما ذكرناه آنفا، ليس لنا إلا أن نَتَرَجّى، ولا أقول نتمنى:
*لعلنا نسعى إلى استثمار وتنمية المسؤولية والوعي اللَّذَيْنِ عَبّرَتْ عنهما القوى السياسية خلال مرض الرئيس، من أجل رفع التحديات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي يعاني منها البلد.
*لعل تماسك الأغلبية الرئاسية بمختلف أحزابها وانضباط المعارضة المحاورة بمختلف أطيافها، وما عبرتا عنه من نضج سياسي وسلوك ديمقراطي أصيل؛ إذا أضيفا إلى المهنية والمسؤولية العالية التي تحلى بها جيشنا الوطني من خلال تماسكه ووفائه للرئيس في ظرف عصيب -كالذي مررنا به- تكون بداية لعهد جديد يطبعه التداول السلمي على السلطة، بعيدا عن العنف وشبح الانقلابات.
*لعل المعارضةَ المقاطعة التي تذكرت الدستورَ إِبَّان مرض الرئيس؛ تتذكره الآن بعد أن عاد وتَبَيّنَ أنه بخير، فتحترم الدستور وتلتزم بمقتضياته من خلال احترامها للمأمورية الدستورية.
*لعل المعارضة تعود لرشدها، وتصافح اليدَ التي مُدَّتْ إليها طويلا من أجل حوار تشارك بعده في الانتخابات المقبلة، فتحرز بذلك فضيلة المساهمة في توطيد وتعميق تجربتنا الديمقراطية الفتية.
والكرة الآن في ملعب المعارضة، لاسيما أنها أحرقت أوراقا كثيرةً خلال الأشهر والأسابيع الماضية، مثل:
- المراهنة على ثورةٍ اتّضَحَ أن الرفضَ الشعبيَّ لها كان العاملَ الأَوّلَ في فشلها؛
- المراهنة على عزل الرئيس بسبب عجز مزعوم؛
- المراهنة على انقلاب عسكري كانت هي مَنْ "بَشَّرَ به"؛
- إثارة البلبلة في الشارع من خلال نشر الشائعات المغرضة...
وليس من الحكمة في نظري أن تُصِرَّ المعارضة على شرطها للمشاركة في الانتخابات بتشكيل حكومة انتقالية، فَحَسْبُهَا أن تحصل على الضمانات المعهودة لشفافيتها.
ولعل من المناسب أن نذكر الإخوة في المعارضة بأن اشتراط تلك الحكومة الانتقالية ليس بالضرورة هو الضمان الوحيد لشفافية الانتخابات. وأقرب مثال يتبادر إلى الذهن ما وقع عند جيراننا الشماليين والجنوبيين (المغرب والسنغال)، فقد انتقلت السلطة إلى المعارضة في كِلاَ البلدين دون أن يتوقف ذلك على تشكيل حكومة وحدة وطنية.
*وأخيرا، لعل الأيام القادمةَ، بعد أن أُزيح السِّتار عن الحقائق السابقة، تكون موسم عَوْدَةٍ إلى الدستور التزاما ومرجعية واحْتِكَامًا.







