تاريخ الإضافة : 28.11.2012 18:40

للإصلاح كلمة تتعلق بحداد اللغة العربية في عيد الاستقلال

محمدو ولد البار

محمدو ولد البار

كلمة الإصلاح هذه المرة تدعو جميع الموريتانيين الخيرين المهتمين بالشؤون الإنسانية لحضور الذكرى الثانية والخمسين لدخول اللغة العربية في حدادها التي تعتاد الدخول فيه كل عيد تسمية موريتانيا بعيد الاستقلال وتسميه اللغة العربية عيد الخذلان والاستعمار الثقافي من طرف الأبناء الموصوفين بالعقوق للدين والأجداد إلى أبعد الحدود .
واللغة العربية في هذه السنة تسمى حدادها بحداد المتوفى عنها سدنتها ومن كانت تعول عليهم في إنقاذها من الإهمال المميت ،
ومدة هذا الحداد الله أعلم بنهايتها .
ففي السنوات الماضية كانت أقلام وندوات وتجمعات تتحرك هنا وهناك تتكلم في الصالونات وتنادي في الندوات والتجمعات بوجوب العمل باللغة العربية في الإدارات الرسمية للدولة ، وتنادى بإزالة هذا العار المشين المسجل على جبين كل من ينطق بالعربية سليقة قبل تعلمها بالكتابة بل ذهب هؤلاء إلى طلب ترخيص على هذا النشاط المتعلق بنصرة اللغة العربية والرفع من مستواها .

وبالرغم من أن طلب هذا الترخيص هو ركوع وسجود ساعة حرمة الركوع والسجود من طالبه وخيانة وجهالة لمن استجاب للطلب إلا أنه يظهر أنه ولد ميتا تحت نظر الطالب وتحت أقدام المطلوب له .

فمن قدم هذا الطلب فعليه أن يقدم معه أيضا طلبا لترخيص اعتناقه للإسلام وصلاته وصومه وجميع الشعائر المتأصلة في هذا البلد قبل أن يتحكم فيه من لا تعينهم الأصالة ولا يهمهم التاريخ الراسخ لهذا البلد ، وعلى من استجاب للترخيص لنصرة اللغة العربية في موريتانيا أن يستجيب أيضا للترخيص لأداء الشعائر الدينية فوق الأراضي الموريتانية .

وعلى كل حال فكان على الطالبين للترخيص لنصرة اللغة العربية بكتابتها في الإدارة أن لا يبرحوا مكان الترخيص حتى يلتزم لهم المرخص أنه سوف ينصر اللغة العربية ويرفع من مستواها فهو المتجاهل لها وهو من رماها وراء ظهره فالمرخص هو جزء من السلطة التنفيذية.

وهذه السلطة جميعها برئيسها ووزرائها ومدارائها هم من دفن العربية في مكاتبهم من غير تغسيل لها ولا صلاة عليها وهم من أصر منذ 52 سنة على إبدالها بلغة أجنبية لا علاقة بين أصول أهلها وأصول جميع أنواع ساكنة الأراضي الموريتانية لا لغة ولا دينا ولا مروءة ولا سلوكا ولا غير ذلك .

فالسلطة التنفيذية في موريتانيا متمسكة بكتابة الحروف اللاتينية فوق الأوراق الموريتانية داخل المكاتب الموريتانية وهم بذلك يصرون على كتابة تسيير الشأن الموريتاني بلغة لا تكتب إلا على الشمال وهم يعرفون أن الإسلام حرم العمل بالشمال إلا في القاذورات كما قال صلى الله عليه وسلم أيمانكم لأطهاركم ويساركم لأقذاركم .
ألا يخاف هؤلاء من ما وقع لمن رآه النبي صلى الله عليه وسلم يأكل بشماله فقال له : كل بيمينك فقال لا أستطيع فقال له النبي صلى الله عليه وسلم لا استطعت فيـبست يده ولم يستطع أن يرفعها إلى فيه وقال الرسول صلى الله عليه وسلم إثر ذلك ما منعه إلا الكبر فكذلك السلطة التنفيذية الموريتانية ما منعها من الكتابة للشؤون الموريتانية في مكاتبها باللغة العربية إلا الكبر والضعف والخور وقلة الحياء من الله والمواطنين .

وإلا فماذا يضر وزيرا أو مديرا أن يكتب رسالة صادرة منه أو مذكرة عمل أو إنذار أو توبيخ لأي عامل أو قرار من أي قرارات يتخذها لصالح العمل ماذا يضره أن يصدر كل ذلك بالعربية فالجميع يعلم أن 50% من موظفي وعقدوي الإدارة هم العاملون الآن في الأسلاك أ، ب،ج من غير حاملي أي شهادة اللهم إلا إذا كان نجح في المسابقة الابتدائية ويعملون بلغة أجنبية غير مذكورة في الدستور .

ومن المعلوم أنه يوجد الآن كثير من حاملي الشهادات من الابتدائية إلى متريز باللغة العربية عاطلين عن العمل ويتقنون العمل في الإدارة بهذه الأسلاك بلغة وطنهم المقننة فيدستوره ، فهذا البحث المعلن عن توظيف الأيادي العاطلة لا يبحث عنه في مكان يشغل الأيادي العربية العاطلة .

فجميع الشركات والمؤسسات الحرة مثل عياداة الأطباء وغيرها من المؤسسات الحرة وجميع الشرائك لا تعمل فيإدارتها باللغة العربية مع أن كل عملها الإداري لا يتطلب عملا فنيا مع أن اللغة العربية غير عاجزة عن كتابة الأشياء الفنية إذا سمح لها بذلك .

فكان على من رخص لهم لنصرة اللغة العربية أن يقومو بنشاط تستحقه هذه النصرة وأول ذلك النشاط هو أن يكتبوا المادة السادسة من الدستور التي تقول : اللغات الوطنية هي العربية والبلارية والسونكية والولفية :اللغة الرسمية هي العربية } ولا ذكر في الدستور لأي لغة أخري .

ويقومون بتكثير هذه المادة وتعليقها على جميع المكاتب الإدارية ويوجهون طلبا رسميا للبرلمان يطلبون فيه مساءلة كل وزير يصدر من مكتبه وثيقة رسمية مكتوبة بغير العربية ويقدمون كذلك طلبا لجميع الصحف العربية بجعل هذه المادة مكتوبا ثابتا على الصفحة الأولى مثل مساجين موريتانيا في اكواتناموا .

فالعربية لا معنى لوجود رسميتها في الدستور إلا احترام كتابتها في كل وثيقة تصدر من الإدارة ويوقع عليها وزير أو مدير أو قاض أو أي مسؤول يعطيه القانون حصانة في عمله .

ولكن الموظفين السامين في موريتانيا من عند السيد الرئيس والسادة الوزراء وغيرهم من الإداريين يتعاملون مع اللغة العربية مثل تعامل طباخي الحقبة الاستعمارية مع اللغة الفرنسية فكل طباخ يعرف الكلام باللغة الفرنسية وبعضهم يحسنه ولكنهم جميعا لا يستطيعون كتابتها فكذلك السادة الوزراء وأمناؤهم العامون وغيرهم من الأطر يتكلمون اللغة العربية بطلاقة في خطاباتهم ومهرجاناتهم ولكن لا يرى لها أثر في مكاتبهم ولا تكتب لهم إلا لاستعمالها خارج المكاتب
فالنخب الأوائل من هؤلاء المتفرنسين كان يقال لهم ( إما لزن ) أما النخب الحالية فعلى المجتمع الموريتاني أن يسميها طباخي الاستعمار للشبه أعلاه .

فنحن الآن على أبواب عيد الاستقلال الذي لا يعنى اللغة العربية لأنه عيد حداد لها وسوف بإذن الله نسمع فيه من الشبه الكامل بالطباخين الموريتانيين لحكام الاستعمار ما يؤكد التطابق الكامل بما يفعله هؤلاء الأطر المسؤولون الموريتانيون بكلامهم باللغة العربية الفصحى وعدم وجودها في أي مكتب لهم كما هو حال الطباخين يتكلمون الفرنسية ولكن لا يكتبونها .

فسيقوم رئيس الدولة يوم عيد الاستقلال بخطابه باللغة العربية الفصحى وعندما تزور ديوانه والملفات التي عليها توجيهاته فستجد الجميع من أصحاب الكتابة على الشمال وستسمع في تدشينات الوزراء خطابات رنانة يخاطبون فيها الشعب ويتكلمون فيها عن إنجازاتهم وعندما تعود إلى مكاتبهم فسوف تقسم بالله أنهم لم يأتوا منها ولم يعودوا إليها لأنك سوف تجد المكاتب كلها فرنسية و تدخل مكاتب في مدينة " نيس " الفرنسية وستجد جميع القرارات والتوجيهات المدونة على المكاتب والملفات كلها مكتوبة من أصحاب الشمال ،وسوف لا تجد للعربية إلا عناوين على الشكليات تمثل مواطنين رمتهم مظلات على أرض أجنبية لا صلة لهم بها

ألا يخاف هؤلاء يوم القيامة أن تعطي لهم كتبهم بشمالهم فيقول كل واحد منهم {{ ياليتني لم أوت كتابيه ولم أدر ما حسابيه يا ليتها كانت القاضية ما أغنى عني ماليه هلك عني سلطانيه}} إلى آخر الآيات .

فمن المزعج أن هؤلاء الأطر المسؤولون لا يدركون أن تعلم اللغة العربية وكتابتها والحث على تعلمها هو جزء من هذا الدين فالإسلام ينهى عن الكلام بالرطانة لمن يستطيع الكلام بالعربية .

فأين المفر لمن يقدم الكلام والكتابة بالرطانة على كلام الله وعن اللغة العربية التي اختارها الله وعاء لكلامه كما قال تعالى وإنه { أي القرآننزل باللغة العربية التي نقرؤه نحن بها اليوم} لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين {غير مترجم له بل بنفس اللغة} على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين .....
...
أما حان لهؤلاء المسؤولين أن يدركوا أن قضية اللغة العربية في الإدارة هي قضية سيادة فمـن المضحك المبكي أن يشاهد الموريتاني في التلفزة ويسمع في الإذاعات الموريتانية الكثيرة حالا ويقرأ على صفحات الجرائد خطابا موجها إلى الشعب باللغة العربية ، ويسمع كذلك الوزراء عندما يخاطبون الشعب ليشرحوا له المشاكل المتعلقة به كل هذا يقع بالعربية بمعنى أن الأجواء ممتلئة باللغة العربية وذلك بفرض طبيعة أصالة هذا الشعب وعلاقته بهذه اللغة ومع هذا كله فإن إدارة هذا الشعب مكتوبة له جميعا على الشمال .

ونحن نتذكر أيضا أنه من المبكي غير المضحك بل يقـتل غما أنه في السنة الماضية عندما تشجع الوزير الأول وأصدر أمرا خجولا بتعريب الإدارة طار شعاع من عدم الوطنية وأحرق ذلك الأمر وكأنه سرقة ضبط صاحبها متلبسا بجريمة فلم يستطع الوزير الأول الدفاع لا عن أمره ولا عن لغة شعبه ودينه بل استسلم استسلاما لا نعرف من أين رضعه ،

وهذا الشعاع لم يطر من شريحة واحدة بل طار ممن لا يزن السيادة بميزانها .

فاستسلم الجميع لبقاء اللغة الفرنسيةفي حمأه الإدارة الفرنسية التي لا أصل لها ولا فرع في هذا الوطن .

وإنه كان أضعف الإيمان عند الوزير الأول أن يقول لكل من يستطيع قراءة اللغة العربية أن عليه أن لا يصدر شيئا من مكتبه إلا باللغة العربية فالكتاب هم المحررون لجميع الكتابة في الإدارة فإذا كان الوزير أو المدير يفهم اللغة العربية فليوقع على أوامره المكتوبة له بلغته العربية وإذا كان لا يفهم اللغة العربية فليرخص له بالكتابة بالفرنسية في إدارته وسيكون هؤلاء أقلية في الإدارة وليس بعد هذا من الوطنية حبة خردل .

ولا أظن بعد هذا الرخيص أن يعترض أي مواطن على هذا الإجراء المنسجم في غالبه مع الدستور والواقع والديمقراطية .

وفي الأخير فإني أنبه الشعب أنه برجوع الرئيس صباح الغد بإذن الله فسيستمع إلى كثير من الشعارات المرحبة به والمتمنية له الشفاء العاجل والذاكرة له كثيرا من الإنجازات التي أنجزها ولكن قطعا ليس فيها إنجازات ترسيم اللغة العربية ، وهذا هو السرطان المزمن في إدارة هذا البلد الذي يدعى أنه عربي بدون وجوب اللغة العربية في إدارته .

وسيقوم الوزراء كل على حدة بذكر إنجازاته وسيذيعها باللغة العربية ولكن قطعا ليس من بينها ترسيم اللغة العربية ووجودها في مكتبه .

وهكذا فإننا في العيد الاستـقلالي الثاني والخمسين ما زلنا نتجاهل سيادتنا ونخذل لغتـنا ونحقر شعبنا ونكتب له الإدارة بشمالنا وبذلك نقول نحن لمسؤولينا :
( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون )

الجاليات

الصحة

وكالة أنباء الأخبار المستقلة © 2003-2025