تاريخ الإضافة : 27.11.2012 12:47
..ثورة على العلماء
في بلادنا كل شيء بحاجة إلى مراجعة , فالمتناقضات تعج بها حياتنا اليومية دون ان يكون لذلك مستغرب ولا مندهش، قد تهتز الثوابت على حين غفلة من الناس او تنسى المنطلقات في زحمة إرهاصات واقع لا زال يتشكل ، واقع ترسم اليوم ملامحه إكراهات خارجية و حراك داخلي مشهود، ونتيجة للرغبة العارمة في التموقع فيه او الركوب على أمواجه الصاعدة تضيع منا كإسلاميين أسلحة لازمة للمضي قدما في أي مسار أردناه او نفرط أحيانا في بعض أهم مقوماتنا الباعثة على الحركة والحاضنة للسعي المشكور في هذا السياق.
أجل قد عبرت تنظيمات وتشكيلات حزبية وجمعوية عن تطلعات شعبنا المسلم وطموحاته المشروعة فكانت بذلك الجوهرة الواسطة في العقد الملون تلون الأطياف السياسية التي تحمل هذا الوطن على اكتافها نحو محطات وصول شتى........
وفي هذه الايام لا يعلو صوت فوق أصوات الساحة الإسلامية وهي تطالب بتغيير يطال الرأس والقاعدة ويشمل شؤون الحياة كلها ، ولها الحق في ذلك فموريتانيا لا يجب ان تبقى في معزل عما يجري حولها من ترتيب للبيت الداخلي يأتي على انقاض حقبة طويلة من الظلم والاستبداد ، ترتيب قد لا يتأتى إلا أعقاب ثورة شعبية غير مرغوبة من طرف فصيل عريض يشمل بعض العلماء من أمثال الشيخ عبد الله بن بيه الذي يفضل الاصلاح والتغيير الهادئ والهادف ، وبالتأكيد من طرف بعض الاحزاب التي توصف بكونها إسلامية مثل حزب الفضيلة الذي يقوده العلامة عثمان ولد الشيخ ابو المعالي ومثل حزب الشورى والعدالة والبناء الذي يجري الحديث عن الاعلان عنه من طرف العلامة محمد فاضل ولد محمد الامين إضافة إلي شخصيات إسلامية أخري تعتبر من جيل التأسيس للحركة الاسلامية.
كما أن الثورة على شكل المطالبة بالرحيل والنزول إلى الشارع من وقت إلى آخر مرغوبة من طرف حراك مشهود يحتل حزب "تواصل" فيه مكان الصدارة وبالتأكيد معه تيارات إسلامية أخرى وعلماء ومفكرون .
قد يوصف هذا الحراك بالاندفاع وبالتسرع إلى استنشاق رياح ربيع قبل هبوبها على ربوعنا لكنه استطاع بكفاءة أن يمثل الرقم الصعب في المعادلة القائمة على الأرض.
يتعرض هذا الفصيل الثوري إلى انتقادات كبيرة من طرف خصومه ولعل ذلك دليل على قوة حضوره وتأثيره في الساحة ...وبفعل ما يتحلى به من مصداقية وخبرة في المجال كانت(صوارخه) المضادة للانتقادات بالغة الدقة وعظيمة التأثير.. خاصة وأن كثيرا من تلك الانتقادات خال من الموضوعية أو مدفوع من طرف جهات قد لا يكون الانصاف وتحري الصدق على رأس أولوياتها ناهيك عن السياقات التي ترد فيها غالبا.. فقد تولد من رحم سجال سياسي محتدم ، أو على حلبة تدافع طبيعي بين الاسلاميين وخصومهم ، أو نتيجة لتخوش من مستقبل هذا التيار وزحفه المشهود في الإقليم والمحيط.. ولعل العامل الأخير هو المحرك لأهل الحكم والسلطة يشد على قبضتهم في ذلك بعض القوى الخارجية وبعض أهل التيارات الفكرية التي تقادمت وأصبحت في طريقها إلي الانقراض..هؤلاء وأولئك معنيون بإيجاد "محمية " تحافظ عليهم وتقيهم صولة الإسلاميين في زمن الثورات .
نعم فمن حق الآلة الإعلامية والدعائية لهذا الحراك المتصاعد أن يتصدى لهؤلاء (المتخندقين) وقد فعلت وربما أجادت وأبدعت.. لكن البعض ممن يصول ويجول مندفعا رافعا شعار :"هل من مبارز ؟ هل من مبارز ؟ ربما التبست عليه طائفتان من أهل النقد فطفق مسحا بالسوق والأعناق فتنصب نيرانه الصديقة والعدوة في مصب واحد غافلا او متجاهلا حقيقة النقد البناء والمراجعة الدائمة وضرورة وجود حداة للسائرين ورعاة للمسار ونسي كذالك أو تناسي أن هؤلاء هم من تتحقق بسببهم الانتصارات ، وهؤلاء بالنسبة للإسلاميين هم العلماء الربانيون الذين لم تخدعهم المغريات ولم يشغلهم مشهد اللحظة ولا الرغبة في متاع الدنيا من مناصب وامتيازات، هؤلاء إن أسدوا نصيحة فنعما فعلوا وقد قاموا بواجبهم المطلوب خاصة وقت الزحام وتشعب بنيات الطريف في كل الاتجاهات .. ويتأكد ذلك في ظل ضعف شديد في التربية الإيمانية
وشيوع النفعية وانخفاض منسوب الايمان المشهود لدى البعض مترجما في الخطاب والأفعال على حد سواء ، أسجل هذه الملاحظات وقد شهدت يوم الجمع لنصرة غزة في اليوم الأول من السنة الهجرية الجديدة وهو حشد كبير دعت له بعض الفعاليات الإسلامية في حزب تواصل كعادتها في التفاعل
مع قضايا الأمة.. لكن هذا المهرجان اشتهر ب(القسم) لأن رئيس الحزب اقسم بالله على قرب نهاية الرئيس ولد عبد العزيز وكان
من بين الحضور الشيخ محمد الامين ولد مزيد الذي كان قد أصدر لتوه نصيحة للأخوة في حزب تواصل بين يدي انعقاد مؤتمر الحزب بداية الشهر المقبل ففوجئت ان البعض كان منزعجا من هول النصيحة وممتنا لرئيس الحزب الذي قام بالرد عليها.
رجعت لأقرأ مقالة الشيخ مرة أخري فإذا بها نصيحة طلبية خير ما يعبر عنها هو قوله تعالى :"وافعلوا الخير لعلكم تفلحون " وقفت مع الشيخ جانبا وكان يرد على المنزعجين الذين يمطرونه بالأسئلة عن دوافع ما فعل : إن الله قد قال لنبي- صلي الله عليه وسلم- : يا أيها النبيئ اتق الله .."
فعجبت لهم يسألونه سؤال من لا يعرف الشيخ بعلمه وبكونه من أبرز مؤسسي الحركة الاسلامية في موريتانيا وقادها في مرحلة حساسة من تاريخها فيجبهم بهذه الطريقة المهذبة..
لكن مصدر الانزعاج -فيما يبدو- كان عائدا غلى عاملين اثنين /
الأول : أن البعض كان يريدها صدقة سرية توجه للإخوة في الحزب مباشرة لكن الشيخ أراداها للجميع والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب..
الثاني : ان البعض في غمرة السياسة لم يتعود على خطاب العلماء والاستماع لنصائحهم و وربما لم يستوعب بعد أن صوت العلماء مقدم وان صوت الساسة تابع..
والشيخ في هذه النصيحة قد انطلق من مبدأ دأب عليه وهو إسداء النصيحة لمن يعرف ولمن لا يعرف..
وإني على يقين من أن كبار الأخوة في :(تواصل) في عمومهم مسرورون بهذه النصيحة ومتشوفون لأمثالها في المستقبل ، ولو استقبلوا من أمرهم ما استدبروا لجعلوها "معلقة" تزين بها مداخل الحزب ومطالع المكاتب ولكتبوا فوقها بأحرف من ذهب :(رحم الله من أهدى إلي عيوبي)
يومها لو فعلوا ذلك لتبينت القاعدة سواء السبيل وميزت الخيط الأبيض من الأسود ولتطلعت إلى فجر جديد قوامه العلم الرباني ثم العمل الميداني ، ولعلمت كذلك ان خير زادها في الطريق إلى مؤتمراتها ومواسمها السياسية هو بضاعة العلماء وليس بالضرورة خطاب الساسة وحدهم. فهل نسمح لأنفسنا بالتناقض مع منهجنا أم هي ثورة علي الجميع بمن فيه العلماء..
محمد ولد عيد الرحمن
أجل قد عبرت تنظيمات وتشكيلات حزبية وجمعوية عن تطلعات شعبنا المسلم وطموحاته المشروعة فكانت بذلك الجوهرة الواسطة في العقد الملون تلون الأطياف السياسية التي تحمل هذا الوطن على اكتافها نحو محطات وصول شتى........
وفي هذه الايام لا يعلو صوت فوق أصوات الساحة الإسلامية وهي تطالب بتغيير يطال الرأس والقاعدة ويشمل شؤون الحياة كلها ، ولها الحق في ذلك فموريتانيا لا يجب ان تبقى في معزل عما يجري حولها من ترتيب للبيت الداخلي يأتي على انقاض حقبة طويلة من الظلم والاستبداد ، ترتيب قد لا يتأتى إلا أعقاب ثورة شعبية غير مرغوبة من طرف فصيل عريض يشمل بعض العلماء من أمثال الشيخ عبد الله بن بيه الذي يفضل الاصلاح والتغيير الهادئ والهادف ، وبالتأكيد من طرف بعض الاحزاب التي توصف بكونها إسلامية مثل حزب الفضيلة الذي يقوده العلامة عثمان ولد الشيخ ابو المعالي ومثل حزب الشورى والعدالة والبناء الذي يجري الحديث عن الاعلان عنه من طرف العلامة محمد فاضل ولد محمد الامين إضافة إلي شخصيات إسلامية أخري تعتبر من جيل التأسيس للحركة الاسلامية.
كما أن الثورة على شكل المطالبة بالرحيل والنزول إلى الشارع من وقت إلى آخر مرغوبة من طرف حراك مشهود يحتل حزب "تواصل" فيه مكان الصدارة وبالتأكيد معه تيارات إسلامية أخرى وعلماء ومفكرون .
قد يوصف هذا الحراك بالاندفاع وبالتسرع إلى استنشاق رياح ربيع قبل هبوبها على ربوعنا لكنه استطاع بكفاءة أن يمثل الرقم الصعب في المعادلة القائمة على الأرض.
يتعرض هذا الفصيل الثوري إلى انتقادات كبيرة من طرف خصومه ولعل ذلك دليل على قوة حضوره وتأثيره في الساحة ...وبفعل ما يتحلى به من مصداقية وخبرة في المجال كانت(صوارخه) المضادة للانتقادات بالغة الدقة وعظيمة التأثير.. خاصة وأن كثيرا من تلك الانتقادات خال من الموضوعية أو مدفوع من طرف جهات قد لا يكون الانصاف وتحري الصدق على رأس أولوياتها ناهيك عن السياقات التي ترد فيها غالبا.. فقد تولد من رحم سجال سياسي محتدم ، أو على حلبة تدافع طبيعي بين الاسلاميين وخصومهم ، أو نتيجة لتخوش من مستقبل هذا التيار وزحفه المشهود في الإقليم والمحيط.. ولعل العامل الأخير هو المحرك لأهل الحكم والسلطة يشد على قبضتهم في ذلك بعض القوى الخارجية وبعض أهل التيارات الفكرية التي تقادمت وأصبحت في طريقها إلي الانقراض..هؤلاء وأولئك معنيون بإيجاد "محمية " تحافظ عليهم وتقيهم صولة الإسلاميين في زمن الثورات .
نعم فمن حق الآلة الإعلامية والدعائية لهذا الحراك المتصاعد أن يتصدى لهؤلاء (المتخندقين) وقد فعلت وربما أجادت وأبدعت.. لكن البعض ممن يصول ويجول مندفعا رافعا شعار :"هل من مبارز ؟ هل من مبارز ؟ ربما التبست عليه طائفتان من أهل النقد فطفق مسحا بالسوق والأعناق فتنصب نيرانه الصديقة والعدوة في مصب واحد غافلا او متجاهلا حقيقة النقد البناء والمراجعة الدائمة وضرورة وجود حداة للسائرين ورعاة للمسار ونسي كذالك أو تناسي أن هؤلاء هم من تتحقق بسببهم الانتصارات ، وهؤلاء بالنسبة للإسلاميين هم العلماء الربانيون الذين لم تخدعهم المغريات ولم يشغلهم مشهد اللحظة ولا الرغبة في متاع الدنيا من مناصب وامتيازات، هؤلاء إن أسدوا نصيحة فنعما فعلوا وقد قاموا بواجبهم المطلوب خاصة وقت الزحام وتشعب بنيات الطريف في كل الاتجاهات .. ويتأكد ذلك في ظل ضعف شديد في التربية الإيمانية
وشيوع النفعية وانخفاض منسوب الايمان المشهود لدى البعض مترجما في الخطاب والأفعال على حد سواء ، أسجل هذه الملاحظات وقد شهدت يوم الجمع لنصرة غزة في اليوم الأول من السنة الهجرية الجديدة وهو حشد كبير دعت له بعض الفعاليات الإسلامية في حزب تواصل كعادتها في التفاعل
مع قضايا الأمة.. لكن هذا المهرجان اشتهر ب(القسم) لأن رئيس الحزب اقسم بالله على قرب نهاية الرئيس ولد عبد العزيز وكان
من بين الحضور الشيخ محمد الامين ولد مزيد الذي كان قد أصدر لتوه نصيحة للأخوة في حزب تواصل بين يدي انعقاد مؤتمر الحزب بداية الشهر المقبل ففوجئت ان البعض كان منزعجا من هول النصيحة وممتنا لرئيس الحزب الذي قام بالرد عليها.
رجعت لأقرأ مقالة الشيخ مرة أخري فإذا بها نصيحة طلبية خير ما يعبر عنها هو قوله تعالى :"وافعلوا الخير لعلكم تفلحون " وقفت مع الشيخ جانبا وكان يرد على المنزعجين الذين يمطرونه بالأسئلة عن دوافع ما فعل : إن الله قد قال لنبي- صلي الله عليه وسلم- : يا أيها النبيئ اتق الله .."
فعجبت لهم يسألونه سؤال من لا يعرف الشيخ بعلمه وبكونه من أبرز مؤسسي الحركة الاسلامية في موريتانيا وقادها في مرحلة حساسة من تاريخها فيجبهم بهذه الطريقة المهذبة..
لكن مصدر الانزعاج -فيما يبدو- كان عائدا غلى عاملين اثنين /
الأول : أن البعض كان يريدها صدقة سرية توجه للإخوة في الحزب مباشرة لكن الشيخ أراداها للجميع والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب..
الثاني : ان البعض في غمرة السياسة لم يتعود على خطاب العلماء والاستماع لنصائحهم و وربما لم يستوعب بعد أن صوت العلماء مقدم وان صوت الساسة تابع..
والشيخ في هذه النصيحة قد انطلق من مبدأ دأب عليه وهو إسداء النصيحة لمن يعرف ولمن لا يعرف..
وإني على يقين من أن كبار الأخوة في :(تواصل) في عمومهم مسرورون بهذه النصيحة ومتشوفون لأمثالها في المستقبل ، ولو استقبلوا من أمرهم ما استدبروا لجعلوها "معلقة" تزين بها مداخل الحزب ومطالع المكاتب ولكتبوا فوقها بأحرف من ذهب :(رحم الله من أهدى إلي عيوبي)
يومها لو فعلوا ذلك لتبينت القاعدة سواء السبيل وميزت الخيط الأبيض من الأسود ولتطلعت إلى فجر جديد قوامه العلم الرباني ثم العمل الميداني ، ولعلمت كذلك ان خير زادها في الطريق إلى مؤتمراتها ومواسمها السياسية هو بضاعة العلماء وليس بالضرورة خطاب الساسة وحدهم. فهل نسمح لأنفسنا بالتناقض مع منهجنا أم هي ثورة علي الجميع بمن فيه العلماء..
محمد ولد عيد الرحمن







