تاريخ الإضافة : 21.10.2012 10:51

شفاك الله "سيدي الرئيس" فقد كشفت الحادثة الوجه المستور

عبد الرحمن ولد سيدي محمد

عبد الرحمن ولد سيدي محمد

بهذه الحروف التي سطرها قلمي سأكتب لأول مرة عن موضوع له علاقة برئيس الجمهورية، لا خوفا ولا طمعا، بل إحساس راودني فكان لابد لي أن أبوح به.
إن إصابة رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز بطلق ناري : عن طريق الخطأ" وتعددت هنا الروايات لن أدخل في متاهات الإشاعة وما أدريك ما الإشاعة في بلدي موريتانيا، فمعظم زملائي الإعلاميين سامحهم الله، تلقفوا الخبر عن طريق الإشاعات وكم من رواية عن الحادث تلقيناها، وكم من مصدر نقل عنه زملائي تلك الإشاعات، متناسين أن صاحبة الجلالة لا بد لمن أراد أن يكون مقدسا لها أن يطبيق ابسط أبجدياتها التي تعتمد على الدقة والصدق ونقل الخبر من مصادره دون تحريف وتنميق، واحترام المتلقي واعتبار أن الخبر مقدس والتعليق حر، وذلك لن يتأتى إلا عند ما نحترم جميعا بند الضمير الصحفي وأخلاقيات مهنة المتاعب، أعزائي زملاء الصحفيين، فعلينا أن لا نخلط بين الأجناس الصحفية التي تعلمنا أبجدياتها، فالخبر لا يخلط مع التعليق والتعليق لا يمزج مع نتائج التحقيق كي يصنع من ذلك خبرا يتلقفه القارئ، ممزوجا بنتائج تحقيق يصعب تحديد هويته، أما الاستطلاع الذي يراعي رأي الجمهور فقليلا ما نجده في واجهة الاعلام، وهنا لا أعمم بل أحترم وأقدر بعض المؤسسات الصحفية الرائدة التي تعاملت مع الموضوع بحذر رغم شح المصادر، فهنيئا لها دون ذكرها بالاسم. ومهما يكن من إشاعات لسبب إصابة رئيس الجمهورية، فإن هذه الحادثة قلبت كل الموازين وكشفت عن الوجه الحقيقي للشعب الموريتاني وللساسة الموريتانيين، ولولاها لما أزيل الستار عن هذا الوجه الذي من الصعب قراءة تجاعيده وإزالة اللبس عنها،.
فكم كنت خائفا وكم كنت حزينا عندما تلقيت خبر الإصابة، وازداد الخوف والحزن عند ما كثرت الإشاعات ونقل الرئيس شفاه الله خارج البلاد، دون توضيحات رسمية شافية، ولهذا الخوف ما يبرره، فبلادي تشهد صراعا محتدما، وأزمة ثقة كبيرة بين بعض أطياف المعارضة والنظام، فالمعارضة تطالب بالرحيل وعدم الاعتراف ببعض المؤسسات الرئيسية "كالبرلمان" مثلا، والنظام متمسك بشرعيته ويعتبر أن لا شرعية فوق شرعية الانتخابات، كلها هواجس أصبحت تراودني و أن البلاد تتجه لا قدر الله نحو المجهول بفعل الواقع الجديد، لكن كلما ازدادت أيام النقاهة تتلاشى لدي تلك المخاوف بحمد لله وينكشف بعض ذلك الوجه المظلم حتى أزيل الستار عنه بشكل كامل، عندها فهمت أن لموريتانيا شعب وساسة، الوطن بالنسبة لهم فوق كل اعتبار، فكم أنا مسرور بعد هذا الاكتشاف الذي لم يكن ليحصل لولا هذه الضربة، فشفاك الله فهي نافعة ليست ضارة كشفت عن الوجه المستور.
ففي اليوم الأول من نقل رئيس الجمهورية شفاه الله إلى فرنسا لتلقي العلاج أثبتت المعارضة الموريتانية أنها لن تستغل هذا الظرف الخاص من أجل الوصول إلى السلطة، فجمدت كل الأنشطة التي سبق أن أعلنت عنها، وأصدرت البيانات تلو الأخرى، متضامنة ،ومتمنية للرئيس الشفاء والعودة العاجلة إلى أرض الوطن، ولم يصدر عنها حتى كتابتي لهذا المقال أي تصريح سلبي، فشفاك الله فهي نافعة ليست ضارة كشفت عن الوجه المستور.
دون أن أنسى أن رئيس حزب اتحاد قوى التقدم محمد ولد مولود وبعد عودته من العلاج من فرنسا، أشاد بالتعاطي الرسمي معه وخص رئيس الجمهورية أثناء رحلة العلاج تلك، وذلك ما يجعل المواقف الإنسانية أنبل لدى الطيف الموريتاني قمة وقاعدة من الخلافات الضيقة.
واقعة "أطويل" أيضا جعلتني أتيقن أن عهد الانقلابات العسكرية قد ولى ولم يكن مقبولا وأن العسكر مقتنع بذلك بشكل كامل، فقد كان الخوف يراودني كذلك من استغلال بعض الطامعين في السلطة من هؤلاء للظرفية التي مر بها البلد في ظل غياب أعلى هرم للسلطة في فترة علاج خارج الوطن، خصوصا أن تاريخنا حافل باستحواذ العسكر على السلطة، إلا أن هؤلاء الأبناء البررة فهموا أن مهمة الحفاظ على سلامة البلاد وحماية المؤسسات الدستورية هي أنبل مهمة على الإطلاق وعليهم الانشغال في هذه المهمة بعيدا عن ضجيج السياسة.

واقعة "أطويل" يجب أن تغير مسار موريتانيا إلى غير رجعة، فعلى رئيس الجمهورية شفاه الله، أن يتيقن أن هذه الواقعة أزالت اللبس والوجه المستور، وأظهرت أن الجميع شعبا وساسة وعسكرا همهم الأساسي هو سلامة الوطن ومصالح الوطن وأنه مهما يكن من خلاف، فإن بعض الظروف الاستثنائية تجعل الجميع جسدا واحدا إذا أصيب منه عضو تداعى له سائر الجسد ، وأننا بنيانا مرصوصا يشد بعضنا بعضا، وأن يغير السيد الرئيس نظرته لمعارضيه ويفتح معهم حوارا جديدا، يحس فيه كل واحد بمسؤوليته اتجاه وطنه، ويشرك الجميع في بناء هذا الوطن الذي يسع الكل، كما أن على المعارضة أن تتيقن أن الحوار هو الوحيد الذي يمكن لنا أن نجنب من خلاله بلادنا الويلات والصراعات وأن مصلحة هذا الوطن أغلى من الجميع.
أنا شدكم جميعا لا تبددوا أحلامنا في أن نرى يوما بلاد المنارة والرباط، مودعة إلى غير رجعة عهد التمزيق والانحطاط، لترسو سفينة البناء فوق مناء أرض العلماء والصالحين، أرض الشناقطة الفاتحين، أرض الملثمين، أناشدكم أجعلوا من موقعة "أطويل" بداية لعهد جديد عهد التسامح ومراجعة الذات.
فأعود لأقول إن واقعة أطويل، قلبت كل الموازين وكشفت عن الوجه الحقيقي للشعب الموريتاني وللساسة الموريتانيين، ، فشفاك الله فهي نافعة ليست ضارة كشفت عن الوجه المستور
عبد الرحمن ولد سيدي محمد
صحفي موريتاني مقيم في الصين

الرياضة

شكاوي

وكالة أنباء الأخبار المستقلة © 2003-2025