تاريخ الإضافة : 28.05.2012 16:33

لماذا أنت وطني حتى النخاع أيها العبد "لمجمبر"؟

الأستاذ / الحسن ولد محمد

الأستاذ / الحسن ولد محمد

انتظرت كغيري من الموريتانيين بفارغ الصبر الحلقة الماضية في التلفزة الوطنية من الحوار حيث شكلت هذه الحلقة؛ من تاريخ هذا البلد بحقائقها وبتصحيحاتها للكثير من المغالطات الصحفية وبأسلوبها الشامل الذي توزع بعدالة على كل الموريتانيين بمختلف -مستوياتهم وتوجهاتهم ومشاربهم.

وقد وجدت نفسي فور اكتمال هذه الحلقة مرغما للخروج بالملاحظات التالية:
- إن هذه الحلقة هي عبارة عن نفحة عطرة لانبلاج فجر غد جديد استنشق عبره المحرومين واليائسين نسيم الأمل الواعد ولا ضير فالرجل لملم في فلكه الرحب الماضي بجراحه والحاضر بتحدياته والمستقبل بآفاقه والوطنية بإخلاصها والليل بهمومه والنهار بتجلياته والصدق بنبله والصبر بمرارته؛

- لقد تأملته بشكل دقيق بحركاته وملامح وجهه وبنظراته حيث لاحظت أنك تستمع من خلال نبرات صوته وبصواتم لفظه كنه الصدق في نقائه بسبب ذلك التلاقي النفسي بين انسيابية العبارات وملامح الوجه وذلك التأثير المتناغم بين نبض القلب ومخارج النطق وكيف أن الرجل يؤثر ويتأثر بما يقول وما يصدر عنه للمتلقي ولن يحتاج المتلقي إلى الكثير من التقييم حتى يجد نفسه يندمج مع الحقيقة بشكل لا إرادي.

- وهذا هو الفرق بين الإنسان الصدوق والإنسان الكذوب فإذا كانت حركة الأعضاء وملامح الوجه ونبرة الصوت وتحدقة العينين كلها تعبر عن مدى صدق أو كذب المتحدث فاللسان ليس وحده الكائن الوحيد الذي ينطق الكذب أو الصدق وإنما تشاركه باقي الأعضاء الأخرى في هذه المهمة كالضحك وغيره.


- وللخروج بهذه الحقيقة فإن الرئيس مسعود هو رجل صادق قبل أن يكون سياسي ويشهد على ذلك العدو قبل الصديق فكيف لمسعود مثلا أن يتحدث عن حقائق قد لا تكون في صالحه لو حسبناها بالمعيار السياسي فعندما يقول مثلا أنا طردت من السنة السادسة بسبب قلة الفائدة.

- فالرجل تعايش مع قول الحق إذ أصبح جزء لا يتجزأ من حياته العادية لا يجد عناء ولا تكلفا حين ينضح بقول الحق.

فهل يجرأ أي سياسي في هذا البلد أن يتحدث عن نفسه بهذه الطريقة الصريحة العفوية؟.

كيف لشخص أن يتحدث عن نفسه قائلا أنا (عبد امجمبر) وهي أدنى مراتب المجتمع في هذا البلد وهذه هي ميزة مسعود عن السياسيين الآخرين.

وإن كانت هذه المفاهيم وغيرها هي التي أعطت لشريحة "لحراطين" شخصية الخصوصية والرضى بالمكانة التي منحهم الله إياها حتى وإن كانت دونية بنظر البعض حيث عاشت هذه الشريحة وهي ترزح تحت إرهاب مادي ومعنوي وروحي أحيانا بمساواتها عند السيد بمتاعه وبملكيته الخاصة، فالعبد هو (مال وخول لسيده، والرقيق الآبق الذي خلع من عنقه ربقة السيد يبيت في غضب الله).

لقد تعلمت هذه الشريحة من مسعود ولد بلخير أن الحرطاني هو بشر محترم بإمكانه أن يتفوق ويتطور ويقود إذ المعيارية بالنسبة له هي الميثالية بالفعل والقول.

أيها العبد لمجمبر؟ لقد رفعت العتب وأزلت الهواجس التي خلفتها صحافة المعارضة في عقلية الرأي العام عندما قلت "أنك لا تباع ولا تشترى" و"أنك لست بضاعة للمتاجرة والمرابحة، أنت بضاعة النبل والإخلاص" لهذا الوطن، ففضحت هذه الصحافة التي استغلت غيابك عن وسائل الإعلام فنفثت سمومها بإيعاز من خصومك السياسيين، أحسنت عندما كشفت النقابة عن حقيقة دعمك للمرشح سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله وعريت فرية مقولة "الصفقة السرية المتضمنة لشك على بياض".

لن ينسى لك الموريتانيين موقفك النبيل من الفوضى ونهجك السلم والحوار.

وكيف أنك أكبر من أن يحتضنك الرئيس محمد ولد عبد العزيز أو غيره.

أيها العبد: لما ذا أنت وطني حتى النخاع؟ ولما ذا أنت تعشق هذا البلد من الأعماق؟ ولما ذا أنت صبور؟ وأنت العبد المغلوب على أمره القادم من حفر الجمر الحارقة التي تمرغ عليها أبناء جلدتك.

السيد الرئيس: هل أنت هبة من الله حبا الله بها مجتمع ما زالت غالبيته تنشد الانعتاق من قيود العبودية والتبعية، ما هذا التحمل أيها العبد الصبور؟ ألست أنت الذي عاش الحيف والإذلال وأنت طفل يافع وأنت شاب منفرد وحيد تشكو الطبيعة همومك ومع ذلك كنت شجاعا جسورا على تحدي الصعاب، ألست أنت الذي حدثوك باستعلاء قائلين من أنت؟ فتجيب أنا العبد الذي نزعت قيودي وقهرت جبروتكم؟ فلماذا بعد كل هذا القهر أنت وطني حتى النخاع؟ ألست أنت الذي أوقدت شمعة الانعتاق والانبثاق ميلاد الحرية المستحيلة.

أحقا أنت ضحية المتسترين على اضطهادهم كالنعامة التي تدس رأسها في الرمل حتى لا ترى خطره.

أحقا أنت العبد لسيد مقدود قلبه من حجر لكنك مع ذلك سامحته وحدثته قائلا هيا بنا إلى زمن العناق الحار.

ألست أنت المتجاوز لقرون بائسة كان الآخرون يدوسون فيها بأظلافهم ومناسمهم رقاب الأرقاء ويمنعونهم من التمتع بأبسط مقومات الآدمية.

هل صدقني القول من قال بأن نساؤهم يقرن في بيوتهن يرتمين اللحوم والشحوم والألبان، وكانت نساؤك تدلك لهن عصائد العيش الصالح وتدلك لهن أجسادهن اللينة، يالك من متحمل.

أحقا كانت نساؤك تتخذن سراري ومحظيات باعتداء جنسي على جسد أمة لا حول لها ولا قوة، إذ يأتيها سيد عبد لنزواته الشيطانية كما يأتي المرء طعامه وشرابه بدم بارد، ومع ذلك أنت تنشد الوحدة الوطنية في أبهى حللها، لماذا هذا العشق الجنوني وهذا الزواج الكاتولوكي للوطن وبالوطن؟ أيها القمر المضيء لقد غلبتنا على أمرنا ورفعت تلك الرؤوس المنحطة فاسمع منا هذا الاعتراف لن نغار بعدك من الولايات المتحدة الأمريكية لأن الله حباهم بمناضل اسمه "مارتن لوثركينغ" ولا من جنوب افريقيا لأن الله منحهم مناضل اسمه "نيلسون مانديلا" ولا من الجزائر لأن الله حباهم بمقاوم اسمه "بن باديس"، لأننا رزقنا مناضل اسمه "مسعود ولد بلخير" فهو نعمة عوضنا الله بها عن مآسي ومعاناة عشناها في كنف سنين عجاف من زمننا الحزين.

الرياضة

الثقافة والفن

وكالة أنباء الأخبار المستقلة © 2003-2025