تاريخ الإضافة : 23.02.2012 10:54

الشعب الموريتاني يناشد تنظيم القاعدة إطلاق سراح الدركي أعلي ولد المختار

 المهندس فضيلي ولد الزين

المهندس فضيلي ولد الزين

القرآن أوصى بالتسامح إلى أقصى حدّ وقد قال سبحانه وتعالى : ((فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأمْرِ))، جاء في الآيات السابقة لهذه الآية أنّ طوائف من المؤمنين والمنافقين خالفوا أمر الرسول، فعفا الله عنهم فيما صنعوا، كما أبرزت الآيات السابقة مظاهر كثيرة من لين الرسول صلى الله عليه وسلم للمسلمين حيث استشارهم في الخروج، وحيث لم يثريهم على ما صنعوا من مغادرة مراكزهم، ولما كان عفو الله عنهم يُعرف في معاملة الرسول إياهم،ألاَنَ الله الهم الرسول تحقيقا لرحمته وعفوه، فكان المعنى: ولقد عفا الله عنهم برحمته فلان لهم الرسول بإذن الله وتكوينه إيّاه راحما، قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ).

واللّين في هذه الآية هو مجاز في سِعَةِ الخُلق مع أمّة محمّد والمسلمين، وفي الصّفح عن جفاء المشركين، وإقالة العثرات، ودلّ فعل المُضيّ في قوله تعالى : (( لِنْتَ )) على أنّ ذلك وصفٌ تقرّر وعُرف من خُلقه، وأنّ فطرته على ذلك برحمة من الله إذ خلقه كذلك. والرسول أيضا هو مأمور بسياسة أمّته بتلك الشريعة السّمحة وتنفيذها فيهم، وهذا عمل له ارتباط قويّ بمناسبة خُلق الرسول لطباع أمّته حتى يُلائم خلقه الوسائل المُتوسّل بها لحمْل أُمّته على الشريعة الناجحة للبلوغ بهم إلى مراد الله تعالى منهم. فقد أُرسل محمّد (صلى الله عليه وسلّم) مفطورا على الرحمة ، وهو يؤذن بأنّهم حوله أي متّبعون له.وقوله تعالى : ((ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)).

في هذه الآية إشارة إلى تذكير قوم موسى عليه السلام بعفو الله عن جرمهم العظيم المتمثّل في عبادتهم للعجل اقتداء بما فعله سَلفهم،فالعفو عن السلف المتمثّل في الآباء هو منّة عليهم وعلى أبنائهم، في سورة البقرة.وقوله تعالى:((فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )).في هذه الآية يأمر الله المسلمين بالعفو والصفح عن أهل الكتاب، لأنّ ما حُكي عنهم يُثير غضب المسلمين الذين عُرف عنهم شدّة كراهيتهم للكفر.

ولعلّ في قوله تعالى ((إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) تعليما للمسلمين فضيلة العفو أي فإن الله على كل شيء قدير، وهو يعفو ويصفح، وفي الحديث الصحيح : { لا أحد أصبر على أذى يسمعه من الله عزّ وجلّ يدعون له ندّا وهو يرزقهم } و إنه تعالى على كل شيء قدير، فلو شاء لأهلكهم الآن ولكنّه لحكمته أمر المسلمين بالعفو عنهم وكل ذلك يرجع إلى الإئتساء بصنع الله تعالى، وقد قيل : إنّ الحكمة كلها هي التشبّه بالخالق بقدر الطاقة البشرية.

وقوله تعالى : (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ). وقوله تعالى:( إِلا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) وقوله تعالى :((وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا)).

هذه الآية تتضمّن آخر دُعاء مَحْكيّ من قول المؤمنين الذين قالوا :(سمعنا وأطعنا) بأن اتبعوا القبول والرضا، فتوجّهوا إلى طلب الجزاء ومناجاة الله، ويمكن أن يكون هذا الدعاء تلقينا من جانب الله تعالى إياهم بأن يقولوا هذا الدعاء مثل ما لقنوا التحميد في سورة الفاتحة فيكون التقدير، قولوا : ( ربنا لا تؤاخذنا ) إلى آخر السورة. أما قوله تعالى :( واعف عنا واغفر لنا ) فقد جاء أنّ أصل العفو هو عدم المؤاخذة، والمغفرة أصل لرفع المشقّة، والرحمة أصل لعدم العقوبة الدنيوية والأخروية، فلما كان تعميمًا بعد تخصيص، كان كأنه دعاء واحد. وقوله : ( أنت مولانا ) جاءت هذه كالعلّة للدعوات الماضية : أي دعوناك ورجونا منك ذلك لأنّك مولانا، ومن شأن المولى الرفقُ بالمملوك (أي الإنسان).

وقوله تعالى:( وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).هذه الآية أبرزت صفتين من الصفات وهما : الكاظمين الغيظ. والعافين عن الناس وقوله تعالى : ( ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ).

فالصِّرفة في هذه الآية جاءت لتدلّ على أنّ ذلك الصِّرف بإذن الله وتقديره، كما كان القتل بإذن الله وأنّ حكمته الابتلاء ليظهر للرسول وللناس من ثبت على الإيمان من غيره، ولأنّ في الابتلاء أسرارا عظيمة في المحاسبة بين العبد وربّه سبحانه وقد أجمل هذا الابتلاء هنا وسيُبيّنه.

وعُقب هذا الملام بقوله : ( ولقد عفا عنكم ) تسكينا لخواطرهم، وفي ذلك تلطّف معهم على عادة القرآن في تقريع المؤمنين،وأعظم من ذلك تقديم العفو على الكلام في ملام الرسول (عليه السلام ) في قوله تعالى : (عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ) فتلك رتبة أشرف من رتبة تعقيب الملام بذكر العفو، وفيه أيضا دلالة على صدق إيمانهم إذ عجّل لهم الإعلام بالعفو لكيلا تطير نفوسهم رهبة وخوفا من غضب الله تعالى.وقوله تعالى : (فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً).


وقوله تعالى :( إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً) والعفو عن السوء بالصّفح وترك المجازاة هو من التسامح المشروع الذي جاء به الدين الإسلامي. وجملة : (فإن الله كان عفوا قديرا. واستكمالا لموجبات العفو عن السيئات فإنه صلى الله عليه وسلم قال : (واتّبع السيئةَ الحسنةَ تمحُها وفي الحديث النبويّ : ( أن تعفو عمّن ظلمك وتُعطي من حرمَكَ وتَصِلَ من قَطعك).


وفي قوله تعالى : ( ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَاناً مُبِيناً)..وقوله تعالى:(فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المحسنين ). هذه الآية تتحدّث عن يهود المدينة الذين نقضوا عهدهم مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) والمسلمين فظاهروا المشركين في وقعة الأحزاب.وأمر العفو عنهم والصفح هو حملٌٌ على مكارم الأخلاق، وقوله تعالى :(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ). وقوله تعالى:(خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) و قوله تعالى :(وَيَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ).


ونظرا لكل الآيات التي تقدم الذي ذكرها فإننا باسم الشعب الموريتناني نطالب بإطلاق الدركي أعلي ولد المختار الذي لا ذنب له سوى أنه كان يحمل البزة العسكرية ونرجو من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي نظرا لأنه لديه والدة مسكينة وأسرة معيلها.

المناخ

الصحة

وكالة أنباء الأخبار المستقلة © 2003-2025