تاريخ الإضافة : 20.02.2012 11:53

رحلة طالب إلى الرباط!!

الطالب: صلاح الدين ولد سيدي محمد

الطالب: صلاح الدين ولد سيدي محمد

يحس المرء في أول رحلة خارج أرض الوطن كأنه انتقل من عالم إلى عالم آخر خصوصا إذا كان الوطن هو موريتانيا وكانت الرحلة نحو الشمال حيث كل شيء مختلف ..

اللهم إلا ما لمسته في أهل المغرب من أخوة ومحبة، وأواصر الدين والقربى والتاريخ التي تجمعنا، لكن كل شيء هنا يختلف عن ما كنت أشاهد في أرض الوطـــن فالشوارع نظيفة في غالبها والطرقات مهيئة بكل لوازمها من إشارات مرور، ومن شرطة تقف عند كل ملتقى من ملتقياتها لإرشاد المارة وإدارة المرور، وكل شيء جميل لولا ما يعكر صفو تلك المشاهد من فتيات شبه عاريات... ونساء يصافحن الرجال في مشاهد لم أعتدها في بلادي، كل المشاهد المتناقضة يمكن أن تشاهدها في الرباط... فالمساجد مكتظة بالمصلين، وعند أبوابها يكمن بعض الباعة للمصلين فما إن يتلفظ الإمام بالسلام حتى تنطلق صرخاتهم مدوية.. كل ينادي ويسبح باسم بضاعته، أما الصلوات الخمس، فمضبوطة بأجل ووقت مسمى، لا تتخلف عنه، بقليل ولا كثير..

أئمة الرباط مثل أئمة نواكشوط.. فمنهم مقتصد ومنهم سابق.. ومنهم الصريح في الولاء ومنهم المتحفظ.. ولــلأندية والجمعيات الثقافية والدعوية أنشطتها وأماسيها في الرباط – أيضا – حيث تتلقاك إعلاناتها على أبواب المساجد وفي الأماكن العامة.

في سفارة بلادي..

وجوه شاحبة ينقصها الأمل ويعتريها الإرهاق من طول الانتظار.. عفوا أنت لست في قاعة الانتظار في إحدى الوزارات بنواكشوط، ولا في انتظار مجيء المدير في
إحدى الإدارات المحلية ببلدك... بل أنت في سفارة الجمهورية الإسلامية الموريتانية في الربــــــــــــاط!!.

جلسنا ننتظر من الساعة الثامنة صباحا... إلى أن انتصف النهار ... وأخيرا جاء الملحق الثقافي.. الذي ينتظره الجميع (هذه الأيام) رغبة في الحصول على تسجيل
بجامعة ما من الجامعات المغربية الكثيرة... فقد ضاقت الجامعة الموريتانية اليتيمة عن أن تسع طلابها... لكن الملحق الثقافي صرخ في وجوه الجميع: لا إمكانية للحصول على تسجيل.. عندها أشهر كل سلاحه المعتاد في مثل هذه المواقف تماما مثل ما يفعل الناس في بلاد السيبة -موريتانيا - فمنهم من يتوسط له الوزير الأول... ومنهم من يوسط وزيرا.. مديرا... مسؤولا... عقيدا في الجيش... حتى!... أو صديقا أو قريبا للملحق الثقافي... وآخرون لهم قرباء نافذون من أهل السلطة أو المال أو الجاه أو هي جميعا... وآخرون من دونهم مساكين لا ناصر لهم ولا معين يشاهدون ما يجري أمامهم ويعتصرون ألما.. بعضهم قرر العودة للوطن وأكثرهم اختاروا مرغمين أن يبحثوا هم أيضا عن وساطات أو قرابات تنفعهم.. وتستمر المأساة... التي تذبح فيها آمـــال الناس... وتقتل بها طموحاتهم الدراسية.

وفي دار الطلبة
يتوجه معظم الطلاب الذين يرغبون في الدراسة على حسابهم الخاص، أو الذين حصلوا على منحة، ولم تكتمل إجراءاتهم إلى المقار التي يعدها الاتحاد الوطني لطلبة موريتانيا خصوصا تلك الموجودة في الرباط؛ حيث مقار السفارة وإجراءات الأجانب، لكنك تتفاجأ عندما تعلم أنه لا يوجد دعم يستحق الذكر يتم تقديمه من السلطات لاتحاد الطلبة بل إن ميلاد اتحاد الطلبة أصلا كان نتيجة مباشرة لعدم قيام السلطات المعنية بدورها في خدمة الطلبة..

كل شيء هنا في دار الطلبة يوحي بأنك في نواكشوط.. لكن الحقيقة غير ذلك..، والطلاب يتجمهرون في إحدى القاعات حول الامين العام للإتحاد، منهم من يسأل عن إجراءات السفر.. الإقامة.. التسجيل.. وما هنالك.. هواتف الأمين العام والأعضاء لا تكف عن الرنين.. فهناك مجموعة من الطلبة عالقون في المطار؛ حيث كان من المفترض أن تستقبلهم السفارة.. لكن ذلك لم يحصل.. هذا اتصال من أحد الطلاب الممنوحين لإحدى الجامعات المغربية لكنها اعتذرت بعدم توفر مقعد شاغر.. وذاك طالب آخر جاء لتوه من نواكشوط وليست لديه أية معلومات عن العالم الذي ينتظره... وهكذا عشرات من القصص والمشاكل التي يتصدى لها شباب الاتحاد بكل قوة
وحزم ومرونة فائقة وليس ذلك بغريب عليهم فقد دربتهم مشاكل وعراقيل جامعة نواكشوط، الأكثر تعقيدا، وصعوبة.. وفي الحقيقة إنهم أناس عظماء لا يعيشون
لأنفسهم فقط وطوبى لهم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (خير الناس أنفعهم للناس).

الجاليات

الصحة

وكالة أنباء الأخبار المستقلة © 2003-2025