تاريخ الإضافة : 17.02.2012 13:58
الرّبيع العربي.. وموسم حرْق الذات
ما إن ابعثت ألسنة اللهب من جسد البوعزيزي حتى كانت رياح التغيير والتحرر تشق طريقها من مدينة سيدي بو زيد التونسية إلى أقطار وشعوب عربية طال ما حلمت بها، وطال ما أحيل بينها وبينها من قبل حكام مستبدين، لتدرك الشعوب العربية حينها أن أول عتبة من عتبات التحرر والانعتاق من ربقة المستبدين هي كسر حاجز الخوف، والتضحية في سبيل غد أفضل، لكن وسيلة البوعزيزي في التعبير عن ظلم تعرض له بحرق ذاته مع إتيانها لؤكلها في حينها ـ وإن كانت غير مبررة شرعا ـ ينبغي أن لا تجعل شبابنا العربي يختصر وسائل التعبير عن الحيف والظلم من قبل حكامهم في وسيلة واحدة هي حرق الذات.
وهنا تتبادر إلى الذهن أسئلة من قبيل، ما الفرق بين ما قام به البوعزيزي وما قام به غيره من الشباب العربي؟ وهل حرق الشباب لذواتهم يخدم بقاء الطغاة في مناصبهم؟
إن الفرق بين ما قام به البوعزيزي وما قام به غيره من الناحية الشكلية ـ على الأقل ـ هو الفرق بين الإبداع والتقليد، فشتان ما بين الاثنين، فوسيلة البوعزيزي في التعبير كانت ردة فعل مبتكرة أبهرت المشاهد ودفعته إلى التعاطف مع صاحبها، في وقت كان الخنوع فيه هو السمة المسيطرة على المشهد العربي، وبالتالي أية وسيلة تعبيرية في الخروج عن سلطان الدكتاتورية والقهر مهما كان نوعها ستكون مقبولة لدى المشاهد، ينضاف إلى ذلك أن الدوافع التي دفعته إلى تعبير كهذا من ضيق في العيش، ودوْس على الكرامة، قد لا يتوفر عليها غيره ممن أحرقوا أنفسهم في مصر أو موريتانيا أو غيرهما ـ طبعا مع آمالهم ـ لأن المشاهد البسيط قد يتفهم الدوافع التي تقف وراء ما أقدم عليه البوعزيزي ويجد له مخرجا قد لا يجده لغيره ممن أحرقوا ذواتهم في وقت يمتلكون فيه السيارات والعمارات والمرتبات الشهرية ـ وهذا لا يعني الشماتة بمن فعلوا ذلك ـ أسأل الله أن يتغمدهم برحمته وأن يسكنهم فسيح جناته، لكنها الحقيقة، فينبغي أن تكون تصرفات شبابنا منطلقة من الشرع ومن العقل والمنطق، وتتم فيها مراعاة مآلات الأمور.
صحيح أن شعوبنا العربية تعيش تحت وطأة الظلم والجور والدكتاتورية، لكن إغاظة المستبدين لنا وتضييقهم الخناق علينا ونهبهم لخيرات بلادنا، وثرواتها ينبغي أن لا يدفعنا ذلك كله إلى حرق ذواتنا وترك الفرصة للمستبدين للرقص على أشلائنا، وهنا يأتي جواب السؤال الثاني، وهو أن من يحرقون أنفسهم في عالمنا العربي
يخدمون الطغاة المستبدين من حيث لا يشعرون، وذلك باستغلال الطغاة لقضيتهم، خصوصا إذا كان الذين أحرقوا أنفسهم في سعة من العيش ولو كانت محدودة، ولعلكم تابعتم ما قاله الجنرال محمد ولد عبد العزيز أيام حرق ولد دحود لنفسه: "ما بيه بعد الفقر".
ثم إن مجتمعاتنا مجتمعات إسلامية، والإسلام يحرّم قتل النفس قال جل من قائل: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)، وقال: (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما). صدق الله العظيم. ولذلك يجد الإنسان الذي يقدم على أمر كهذا نفسه منبوذا في المجتمع من حيث لا يدري، ويخدم الطغاة المستبدين من حيث لا يشعر.
ختاما تجدر الإشارة إلى أن الشرارة التي أطلق البوعزيزي ستحترق بها كل الأنظمة الدكتاتورية الجاثمة على صدور شعوبنا العربية، وإننا كشباب عربي مسلم لنا كامل الحق في التعبير عن الظلم والقهر والجور الذي تعاني منه أمتنا ـ بل يجب علينا ذلك ـ لكن ليس بحرق أنفسنا والإساءة إلى ديننا، فينبغي أن تكون تصرفاتنا مضبوطة بالشرع وبالعقل، فلندفع الطغاة إلى أن يحترقوا أمام أعيننا، لا أن نحترق نحن ليتفرجوا هم علينا.
وهنا تتبادر إلى الذهن أسئلة من قبيل، ما الفرق بين ما قام به البوعزيزي وما قام به غيره من الشباب العربي؟ وهل حرق الشباب لذواتهم يخدم بقاء الطغاة في مناصبهم؟
إن الفرق بين ما قام به البوعزيزي وما قام به غيره من الناحية الشكلية ـ على الأقل ـ هو الفرق بين الإبداع والتقليد، فشتان ما بين الاثنين، فوسيلة البوعزيزي في التعبير كانت ردة فعل مبتكرة أبهرت المشاهد ودفعته إلى التعاطف مع صاحبها، في وقت كان الخنوع فيه هو السمة المسيطرة على المشهد العربي، وبالتالي أية وسيلة تعبيرية في الخروج عن سلطان الدكتاتورية والقهر مهما كان نوعها ستكون مقبولة لدى المشاهد، ينضاف إلى ذلك أن الدوافع التي دفعته إلى تعبير كهذا من ضيق في العيش، ودوْس على الكرامة، قد لا يتوفر عليها غيره ممن أحرقوا أنفسهم في مصر أو موريتانيا أو غيرهما ـ طبعا مع آمالهم ـ لأن المشاهد البسيط قد يتفهم الدوافع التي تقف وراء ما أقدم عليه البوعزيزي ويجد له مخرجا قد لا يجده لغيره ممن أحرقوا ذواتهم في وقت يمتلكون فيه السيارات والعمارات والمرتبات الشهرية ـ وهذا لا يعني الشماتة بمن فعلوا ذلك ـ أسأل الله أن يتغمدهم برحمته وأن يسكنهم فسيح جناته، لكنها الحقيقة، فينبغي أن تكون تصرفات شبابنا منطلقة من الشرع ومن العقل والمنطق، وتتم فيها مراعاة مآلات الأمور.
صحيح أن شعوبنا العربية تعيش تحت وطأة الظلم والجور والدكتاتورية، لكن إغاظة المستبدين لنا وتضييقهم الخناق علينا ونهبهم لخيرات بلادنا، وثرواتها ينبغي أن لا يدفعنا ذلك كله إلى حرق ذواتنا وترك الفرصة للمستبدين للرقص على أشلائنا، وهنا يأتي جواب السؤال الثاني، وهو أن من يحرقون أنفسهم في عالمنا العربي
يخدمون الطغاة المستبدين من حيث لا يشعرون، وذلك باستغلال الطغاة لقضيتهم، خصوصا إذا كان الذين أحرقوا أنفسهم في سعة من العيش ولو كانت محدودة، ولعلكم تابعتم ما قاله الجنرال محمد ولد عبد العزيز أيام حرق ولد دحود لنفسه: "ما بيه بعد الفقر".
ثم إن مجتمعاتنا مجتمعات إسلامية، والإسلام يحرّم قتل النفس قال جل من قائل: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)، وقال: (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما). صدق الله العظيم. ولذلك يجد الإنسان الذي يقدم على أمر كهذا نفسه منبوذا في المجتمع من حيث لا يدري، ويخدم الطغاة المستبدين من حيث لا يشعر.
ختاما تجدر الإشارة إلى أن الشرارة التي أطلق البوعزيزي ستحترق بها كل الأنظمة الدكتاتورية الجاثمة على صدور شعوبنا العربية، وإننا كشباب عربي مسلم لنا كامل الحق في التعبير عن الظلم والقهر والجور الذي تعاني منه أمتنا ـ بل يجب علينا ذلك ـ لكن ليس بحرق أنفسنا والإساءة إلى ديننا، فينبغي أن تكون تصرفاتنا مضبوطة بالشرع وبالعقل، فلندفع الطغاة إلى أن يحترقوا أمام أعيننا، لا أن نحترق نحن ليتفرجوا هم علينا.







