تاريخ الإضافة : 10.01.2012 18:19

المعهد العالي "تحت التصفية"

المختار بن نافع moktarnava@gmail.com

المختار بن نافع moktarnava@gmail.com

يخوض طلبة المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية هذه الأيام معركة مصيرية في مستقبل هذا الصرح الإسلامي ومستقبل هوية البلد وثقافته وخصوصيته الحضارية، والعجيب في هذه المعركة التي وصلت أوجها اليوم ليس من يقف ضد الطلبة فيها فمواجهة شرطة خلقت للقمع والركل والرسف لشباب حر صاحب قضية ليس أمرا جديدا، وإصرار نظام مستبد على قرار ارتجالي بان زيفه وترديده للمقولة الفرعونية؛ ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد: ليس بدعا مما عهدناه من هذه الأنظمة، وقبول إدارة مدارة لأن يتخذ منها "ولي نعمتها" واجهة لتمرير سفاهته، هو كذلك مما عهد من هؤلاء.

الغريب إذن ليس أن يقف هؤلاء ضد الطلبة، وإنما الغريب أن تقف الأطراف الحية في المجتمع متفرجة على هذه المعركة، وكأنها تنظر إليها على أنها مثل قضايا الطلاب "العادية" التي يستسيغ هؤلاء –بمنطقهم لا بالمنطق الصحيح- أن يتفرجوا على كفاح الطلاب فيها، ولا ينظرون إليها على أنها توقيف بمجرد جرة قلم –أو جرة لسان - لمؤسسة احتضنت إرثنا الحضاري، وكانت البوتقة التي انتقلت عبرها المحظرة الشنقيطية إلى حاضر دولتنا الوطنية.

لم نسمع أي معارضة لهذا القرار/الخطيئة للمسؤولين السامين في الدولة من خريجي المعهد، وهم كثر وفي مواقع مهمة في القضاء والإدارة والإعلام والبرلمان

لم نر بيانات للأحزاب السياسية وهي التي تصدر بيانات في قضايا أقل أهمية من هذا القضية.

حتى نواب البرلمان لم يتطرقوا لقرار "تصفية" المعهد العالي رغم أن من بينهم –معارضة وموالاة- من غذوا بعلومه وناضلوا في سوحه.

على أنه لا بد من استثناء ذلك الموقف الأصيل الذي عبر عنه السيد نقيب المحامين بتنديده بقرار تصفية هذه القلعة العلمية بمجرد نزوة عابرة، وهو الذي أنشأ بقرار قانوني عالي المستوى.

وإن تعجب فعجب أن ما لقيه قرار افتتاح جامعة إسلامية في العيون من الاستنكار أكثر مما لقيه قرار إغلاق المعهد.

وأود أن أنبه هنا على انه لا تلازم بين افتتاح الجامعة الإسلامية وإغلاق المعهد العالي فحاجة البلد من المؤسسات التعليمية كبيرة جدا، والهدف الذي أنشأ من اجله المعهد لا تلبيه الجامعة، لأنه أنشأ ليدلف منه طلبة المحاظر إلى تعليم نظامي يمكنهم من الحصول على الشهادة، عبر المسابقات، وهذا ما لا يصح في الجامعة لأن الجامعات لا تولج عبر المسابقات.

هي إذن معركة هوية بامتياز يقف فيها طلاب المعهد دفاعا عن قلعة من قلاع البلد وصروحه الشامخة، يواجهون فيها خذلان القوى الحية، وعدوان "القوى الميتة" وإني لمتأكد أن عدوان هؤلاء أخف عليهم من خذلان أولئك.

الجاليات

الصحة

وكالة أنباء الأخبار المستقلة © 2003-2025