تاريخ الإضافة : 07.01.2012 14:14

المعهد العالي وفزاعة الإسلاميين

بقلم عبد الله ولد إطول عمر

بقلم عبد الله ولد إطول عمر

كان المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية صرحا علميا ،ينهل منه كل طالب لعلوم الشريعة واللغة العربية ،وينبوعا تتفجر الأنهار من خلاله ،لتصب- في أنحاء المعمورة- كل
مارق وصفا من لغة العرب ،وكل ما عذب واحلولل من الفقه والأصول.

وقد ظل المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية هو الصورة الناصعة لبلاد شنقيط ،والمثال الحي علي غزارة علم أهل هذه المنطقة ،وولعهم الشديد باللغة والشعر،وتشبثهم بالإسلام الوسطي الذي لاإفراط فيه ولا تفريط .

سأعرج-في هذا المقال-علي مرحلتين من تاريخ الحكم الاستبدادي في موريتانيا ،مكتفيا بهما ،لأنهما يحتلان النطاق الأوسع من هذا الزمن المعتم !حيث عانى المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية –الأمـــــــرين.

فترة حكم "ولد الطايع"
في هذه الفترة كشر النظام عن أنيابه ،وأعلن الحرب –جهارا نهارا –علي كل مايمت إلي الدين بصلة ،حيث سعى جاهدا إلي تجفيف المنابع الإسلامية واستئصال شأفتها .فكان أن جعل المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية مخفرا لشرطة المخابرات والتجسس علي كل من ينبس ببنت شفة، أو حتى من حدثته نفسه أن يرفع صوته في وجه النظام ،فكمم الأفواه وأسكت الحناجر ،حيث شرد وسجن الطلبة المناضلين والمناضلات..

وقد كانت شهب الصحوة الإسلامية المباركة يومئذ –تخترق السماء معلنة أن عهد الظلم ولى،وأن عهد الاستبداد مضمحل لامحالة .فبدأ نظام" ولد الطايع"جراء ذالك –يشد الخناق علي كل من حمل مشعل الصحوة الإسلامية ،وبشتى الوسائل ،ملبيا بذالك نداء أربابه الغربيين ،ومتأسيا بأصدقائه المستبدين من حكام العرب ،ومصغيا إلي زبانيته في كل صغيرة وكبيرة ينقلونها إليه.
غير أن تلك القيود الموثقة ووسائل الإرهاب والقمع والإغراءات المادية ،كلها مجتمعة لم تفت في عضد أبناء الصحوة ،ولم تثنهم عن مسعاهم ،بل زادتهم إيمانا قويا بقضيتهم ،وثباتا علي مبادئهم،وإصرارا علي مواصلة الدرب مهما كلفهم ذالك ثمنا غاليا.شعارهم:
لا السوط يجدي لوأد الفكر إن جمحا ولا المخـافر إن بركانه التـــهـبـا
وهناك نكص النظام علي عقبيه ،راجعا بخفي حنين ،خائبا كأسوأ مايكون .


الفترة الراهنة "محمد ولد عبد العزيز"
جاء محمد ولد عبد العزيز –وهو الوجه الآخر لنظام ولد الطايع-ليطل علي الدهماء ،رافعا
شعار محاربة الفساد ،ورئاسة الفقراء ،وحارس الدين ،ورائد العمل الإسلامي ..فانطلت بذالك عليهم الحيلة ،مصدقين ماقاله "عزيز"مصفقين له ومطبلين ،بيد أنه سرعان ماتبين للناس عكس ذالك ،حيث أعلن" محمد ولد عبد العزيز"نفسه عن وأد أعظم صرح علمي إسلامي في موريتانيا ،وذالك باتخاذ الإجراءات اللازمة لتحويله جثة هامدة إلي مدينة" لعيون"،وتركه يموت موتا سريريا في العاصمة "نواكشوط".

ومن بلاهة وبلادة هذا النظام أنه لا يعتبر ولا يتعظ ،يركب رأسه ،لايكترث بأي شيء،غايته القصوى وهدفه الأسمى أن يظل متربعا علي كرسي الرئاسة ،وأن يهتف الناس باسمه كل يوم ،لا يعارضه أحد ولا ينازعه ملكه!.

في الوقت الذي تسقط وتتساقط فيه عروش الاستبداد والظلم ،ويصعد فيه نجم الإسلاميين كخيار للشعوب العربية ،وسند يحتمون به من طغيان المفسدين وظلم ذوي القربى ،وأمل تعلقه هذه الشعوب المطحونة علي الإسلاميين لإخراجهم من بؤر الظلم والتعسف إلي نور العدل والرحمة.و
في الوقت ذاته لايألو نظام "ولد عبد العزيز"جهدا في القضاء علي الحركة الإسلامية أ وحصرها في ممر ضيق لايسمح لها بالانتشار والشيوع ،وذالك بكل الوسائل المتاحة لديه ،سواء تلك المباشرة أو غير المباشرة .والأدلة متواترة ،وأصدقها ماشهده الحرم الجامعي، بالأمس القريب من محاولة للزج بالإسلاميين في أحداث عرقية ،والعمل علي تشويه صورتهم للرأي العام ،وذالك باختلاق التهم الكاذبة والمفترأة .ويشهد المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية-حاليا- رجوعا إلي عهد "ولد الطايع"متمثلا في قمع المعتصمين من الطلبة المناضلين وسجنهم والتفكير في نفيهم إلي الداخل، خشية أن يزعجوا الإدارة أ ويسببوا للنظام المتاعب!لأن المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية ظل قلعة للنضال صامدة وشامخة تأبى الانحناء والركوع .

ومن المفارقة أن هذا النظام الذي يتشدق بالديمقراطية ،ويدعي للعالم أنه يحمي الحريات ويقف مع المظلومين ،هاهو يبطش يمينا ويسارا –لايبالي- بكل من لايشاطره الرأي وبكل من لايقف في صفه.شعاره:"من ليس معي فهو ضدي".

سيدي الرئيس نذكرك "إن الذكرى تنفع المؤمنين"قبل أن تقول "فهمتكم..نعم فهمتكم"أن شجرة الاستبداد لا جذور لها، وأن رياح التغيير لا يستطيع شيء أن يقف في وجهها.

سيدي الرئيس إليك هذه الأبيات إن كنت تفهم الشعر أو تسمعه كي تتضح لك صورتنا جلية لا غبار عليها :
وقفوا علي هام الزمان رجـالا يتوثبون تطلعا ونضــــــــالا
وحي السماء يجيش في أعماقهم ونداءه من فوقه يتــعــــــا

الرياضة

الصحة

وكالة أنباء الأخبار المستقلة © 2003-2025