تاريخ الإضافة : 06.01.2012 22:49
عادت حليمه لعادتها القديمة
قد ينصف المرء الأستاذ الأديب المتبحر في علم الكلام "الفتى" حمدا ولد التاه، إذا وجه تحذيرا للعلامة الشاب الشيخ محمد الحسن ولد الددو.
فلا إشكال في تحذير شيخ كبير لابنه من عواقب الوحشية التي درج الأمن الموريتاني على التعامل بها مع مخالفي الأنظمة المتعاقبة على الحكم، وإن كان التحذير قد غلف بصيغة خبرية مفادها أن الشرطة "ستجر الأئمة من لحاهم إذا أثاروا الشغب أو دخلوا في أي مشكلات فردية أو عامة".
وأوضح "الفتى" حمدا، في برنامج بثه التلفزيون الرسمي الموريتاني، أنه بدلا من أن يوضع الإمام فيما عبر عنه بمكان الكبش من السيارة، "عليه أن يبتعد عما لا يتناسب مع منصبه الكبير".. انتهى الاستشهاد.
كلام يدرك الجميع عدم ملاءمته لما يجب أن يصدر عن "الفتى" حمدا؛ أحرى أن يكون موجها لعالم تابع لا يخاف في تبيان الحق لومة لائم.
وقد لا يكون من المستغرب أن يعبر السياسي الشهير سيدي محمد ولد الشواف، في ذات البرنامج، عن دعمه ومساندته لنظام محمد ولد عبد العزيز، فذلك حقه الدستوري الذي لا جدال فيه.
أما أن يتحامل الرجلان على الشيخ الددو باسم الدين، ويحاولا تأصيل ما ذهبا إليه في حقه بالكتاب والسنة، فتلك سذاجة أجل "الفتى" حمدا عن عدم إدراك نتائجها العكسية لدى الخاصة والعامة.
ولأن المكفى سعيد؛ كما يقال، فلدي وأمثالي من العامة كامل العذر في عدم التأصيل لصحة النهج الذي يتبعه الشيخ الددو وأمثاله في التعامل مع السلاطين وعلمائهم.
وما دام الأمر كذلك، فسأكتفي بالملاحظات التالية:
1 - أن الله من على هذه الأرض التي تسمى موريتانيا بعودة الشيخ الددو إليها، بعد أن أشرف عطاء كبار العلماء الأتقياء المبينين لشرع الله على التوقف، من أمثال الإمام بداه ولد البوصيري والعلامة محمد سالم ولد عدود.. ليعلم ويرشد، فكان هلاك نظام ولد الطايع؛ الذي نعيش اليوم نتائج حكمه، على يديه.. ومن يدري فقد يُسقط التحامل على الشيخ الددو ما تبقى من هيبة النظام القائم، إن كان بقي منها ما يمكن أن يستجيب لجاذبية الأرض.
2 - أن الشيخ الددو كان من أوائل العلماء المبادرين لنصح الرئيس المنقلب، فكانت ثمرة نصحه أن صدرت أوامر بتخصيص إذاعة للقرآن الكريم، وكتابة مصحف شنقيط، وبناء أكبر جامع على نفقة الدولة.. وللإشارة فإن كل ما رأى النور من تلك الأوامر هو ما لا يحتاج إلى تمويل.
وكان من نصح الشيخ الددو أن أخرج البلد من عنق الزجاجة الذي أدخله الجنرال فيه باعتقال كبار رجال الأعمال.. حينما طالت الانقسامات المؤسسة العسكرية التي لا تتقن غير لغة السلاح.
لكن العلامة الذكي سرعان ما أدرك أنه يبذر في أرض لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فقطع الوصل، وتفرغ لما يعود على الناس بالنفع.
3 - أن ما قام به الأستاذ "الفتى" حمدا ولد التاه، بمساعدة ولد الشواف، ومدير البرنامج التلفزيوني اللاعب لدور الصحفي والضيف، يعتبر سابقة في التعاطي مع الأنظمة، حيث اقتصر دورهم في السابق على التشميت للنظام إذا عطس.. أما أن يأتي التشميت متقدما على العطاس فذلك إبداع في مجال التزلف يستحق التقدير، أرجو أن ترصد له إدارة جائزة نوبل أموالا جديدة باسم "جائزة نوبل لتنوير الدكتاتوريات وتشويه العلماء".
4 - أن "الفتى" حمدا أمن لنفسه، من خلال حديثه في البرنامج التلفزيوني، موقعا متقدما بجوار أول منقلب على نظام ولد عبد العزيز، بالقول إن طاعة
الانقلابيين واجبة في حال نجاح انقلابهم.. في حين انشغل ولد الشواف بتفسير أحاديث الطاعة بما يتلاءم وفقه المرحلة "الانتقالية طبعا".
5 - أن البرنامج المعد للتحامل على الشيخ الددو تم بثه في وقت يستعد التلفزيون الرسمي لتوديع مديره السابق واستقبال المدير المعين قبل ساعات.. فبدا الأمر وكأن أياد خفية في الموالاة أرادت انتهاز الفرصة لتوريط النظام القائم بنفس أسلوب توريط نظام ولد الطايع، الذي عراه اعتقال ومحاولات تشويه الشيخ الددو، ليرحل نظامه غير مأسوف عليه.
وإن كان الاتهام صحيحا فعليكم أن تتذكروا إقدام ولد عبد العزيز على تقليص ميزانية جمعية العلماء الموريتانيين، التي يقودها "الفتى" حمدا، بل وتجفيف منابع دعمها لدى القطاعات الحكومية.
6 - أن صدور مذكرة اعتقال بحق رجل الأعمال والسياسي الموريتاني المصطفى ولد الأمام الشافعي، ومحاولة إنشاء حزب إسلامي يقوده أبوبكر ولد أحمد؛ القيادي الإسلامي السابق العامل تحت إمرة ولد الطايع، بالإضافة إلى محاولات جر التبليغيين إلى الميدان السياسي.. وما قد يترتب عن ذلك من مواجهة التيار الإسلامي الوسطي بشقيه السياسي والدعوي، ممثلا في حزب تواصل والشيخ محمد الحسن ولد الددو.. يعيد إلى الأذهان آخر أيام نظام حكم البلاد لأكثر من عشرين سنة بالحديد والنار، غير أن ذلك النظام أطال أمد حكمه من خلال ربط مصالح الكثيرين به، ومع ذلك أسقطته الظروف التي بدأنا نعيش أول فصولها.
إنني أدعو علماء السلاطين؛ مع احترامي لهم كجنس بشري، إلى إدراك حقيقة أن الشعب الموريتاني؛ كما الشعوب العربية الثائرة، تجاوز مرحلة التضليل باسم الدين، وأصبح يميز غث الفتاوى من سمينها.. ولن يسمح بعد اليوم لمبرري أخطاء الحكام بالتزلف لحكومات ما بعد الربيع العربي تحت ذريعة طاعة أولي الأمر.. وما فقيه برنامج قناة القذافي منا ببعيد.
فلا إشكال في تحذير شيخ كبير لابنه من عواقب الوحشية التي درج الأمن الموريتاني على التعامل بها مع مخالفي الأنظمة المتعاقبة على الحكم، وإن كان التحذير قد غلف بصيغة خبرية مفادها أن الشرطة "ستجر الأئمة من لحاهم إذا أثاروا الشغب أو دخلوا في أي مشكلات فردية أو عامة".
وأوضح "الفتى" حمدا، في برنامج بثه التلفزيون الرسمي الموريتاني، أنه بدلا من أن يوضع الإمام فيما عبر عنه بمكان الكبش من السيارة، "عليه أن يبتعد عما لا يتناسب مع منصبه الكبير".. انتهى الاستشهاد.
كلام يدرك الجميع عدم ملاءمته لما يجب أن يصدر عن "الفتى" حمدا؛ أحرى أن يكون موجها لعالم تابع لا يخاف في تبيان الحق لومة لائم.
وقد لا يكون من المستغرب أن يعبر السياسي الشهير سيدي محمد ولد الشواف، في ذات البرنامج، عن دعمه ومساندته لنظام محمد ولد عبد العزيز، فذلك حقه الدستوري الذي لا جدال فيه.
أما أن يتحامل الرجلان على الشيخ الددو باسم الدين، ويحاولا تأصيل ما ذهبا إليه في حقه بالكتاب والسنة، فتلك سذاجة أجل "الفتى" حمدا عن عدم إدراك نتائجها العكسية لدى الخاصة والعامة.
ولأن المكفى سعيد؛ كما يقال، فلدي وأمثالي من العامة كامل العذر في عدم التأصيل لصحة النهج الذي يتبعه الشيخ الددو وأمثاله في التعامل مع السلاطين وعلمائهم.
وما دام الأمر كذلك، فسأكتفي بالملاحظات التالية:
1 - أن الله من على هذه الأرض التي تسمى موريتانيا بعودة الشيخ الددو إليها، بعد أن أشرف عطاء كبار العلماء الأتقياء المبينين لشرع الله على التوقف، من أمثال الإمام بداه ولد البوصيري والعلامة محمد سالم ولد عدود.. ليعلم ويرشد، فكان هلاك نظام ولد الطايع؛ الذي نعيش اليوم نتائج حكمه، على يديه.. ومن يدري فقد يُسقط التحامل على الشيخ الددو ما تبقى من هيبة النظام القائم، إن كان بقي منها ما يمكن أن يستجيب لجاذبية الأرض.
2 - أن الشيخ الددو كان من أوائل العلماء المبادرين لنصح الرئيس المنقلب، فكانت ثمرة نصحه أن صدرت أوامر بتخصيص إذاعة للقرآن الكريم، وكتابة مصحف شنقيط، وبناء أكبر جامع على نفقة الدولة.. وللإشارة فإن كل ما رأى النور من تلك الأوامر هو ما لا يحتاج إلى تمويل.
وكان من نصح الشيخ الددو أن أخرج البلد من عنق الزجاجة الذي أدخله الجنرال فيه باعتقال كبار رجال الأعمال.. حينما طالت الانقسامات المؤسسة العسكرية التي لا تتقن غير لغة السلاح.
لكن العلامة الذكي سرعان ما أدرك أنه يبذر في أرض لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فقطع الوصل، وتفرغ لما يعود على الناس بالنفع.
3 - أن ما قام به الأستاذ "الفتى" حمدا ولد التاه، بمساعدة ولد الشواف، ومدير البرنامج التلفزيوني اللاعب لدور الصحفي والضيف، يعتبر سابقة في التعاطي مع الأنظمة، حيث اقتصر دورهم في السابق على التشميت للنظام إذا عطس.. أما أن يأتي التشميت متقدما على العطاس فذلك إبداع في مجال التزلف يستحق التقدير، أرجو أن ترصد له إدارة جائزة نوبل أموالا جديدة باسم "جائزة نوبل لتنوير الدكتاتوريات وتشويه العلماء".
4 - أن "الفتى" حمدا أمن لنفسه، من خلال حديثه في البرنامج التلفزيوني، موقعا متقدما بجوار أول منقلب على نظام ولد عبد العزيز، بالقول إن طاعة
الانقلابيين واجبة في حال نجاح انقلابهم.. في حين انشغل ولد الشواف بتفسير أحاديث الطاعة بما يتلاءم وفقه المرحلة "الانتقالية طبعا".
5 - أن البرنامج المعد للتحامل على الشيخ الددو تم بثه في وقت يستعد التلفزيون الرسمي لتوديع مديره السابق واستقبال المدير المعين قبل ساعات.. فبدا الأمر وكأن أياد خفية في الموالاة أرادت انتهاز الفرصة لتوريط النظام القائم بنفس أسلوب توريط نظام ولد الطايع، الذي عراه اعتقال ومحاولات تشويه الشيخ الددو، ليرحل نظامه غير مأسوف عليه.
وإن كان الاتهام صحيحا فعليكم أن تتذكروا إقدام ولد عبد العزيز على تقليص ميزانية جمعية العلماء الموريتانيين، التي يقودها "الفتى" حمدا، بل وتجفيف منابع دعمها لدى القطاعات الحكومية.
6 - أن صدور مذكرة اعتقال بحق رجل الأعمال والسياسي الموريتاني المصطفى ولد الأمام الشافعي، ومحاولة إنشاء حزب إسلامي يقوده أبوبكر ولد أحمد؛ القيادي الإسلامي السابق العامل تحت إمرة ولد الطايع، بالإضافة إلى محاولات جر التبليغيين إلى الميدان السياسي.. وما قد يترتب عن ذلك من مواجهة التيار الإسلامي الوسطي بشقيه السياسي والدعوي، ممثلا في حزب تواصل والشيخ محمد الحسن ولد الددو.. يعيد إلى الأذهان آخر أيام نظام حكم البلاد لأكثر من عشرين سنة بالحديد والنار، غير أن ذلك النظام أطال أمد حكمه من خلال ربط مصالح الكثيرين به، ومع ذلك أسقطته الظروف التي بدأنا نعيش أول فصولها.
إنني أدعو علماء السلاطين؛ مع احترامي لهم كجنس بشري، إلى إدراك حقيقة أن الشعب الموريتاني؛ كما الشعوب العربية الثائرة، تجاوز مرحلة التضليل باسم الدين، وأصبح يميز غث الفتاوى من سمينها.. ولن يسمح بعد اليوم لمبرري أخطاء الحكام بالتزلف لحكومات ما بعد الربيع العربي تحت ذريعة طاعة أولي الأمر.. وما فقيه برنامج قناة القذافي منا ببعيد.







