تاريخ الإضافة : 23.01.2011 17:13

الألواح.. بضاعة تقاوم التكنولوجيا وتزاحمها المدارس

على أحد أكبر شوارع نواكشوط يسابق أبوبكر دمبا الزمن في سعي حثيث إلى توفير قوته وقوت عياله بما يجنيه من مهنته الصعبة المتمثلة في بيع الألواح الخشبية التي تستعمل في موريتانيا لتعليم الأطفال القرآن الكريم.

ويقول دمبا إنه يعامل زبناءه وفق قاعدة "رحم الله من باع سمحا واشترى سمحا" ، لكن لا رواج المكان ، ــ من حيث وجوده على ناصية أحد أكبر شوارع العاصمة ــ ، ولا جودة الصناعة ، و"البيع سمحا" شفع لدمبا في أن تلقى بضاعته رواجا بما يضاعف من دخلها ويحسن من وضعه المادي.


ضعف الإقبال

فالرجل الخمسيني لا يتردد في وصف دخل مهنته كبائع "ألواح" خشبية بالضعيف ، والإقبال عليها بالنادر جدا ، مرجعا السبب إلى طغيان التعليم في المدارس النظامية على التعليم المحظري ، حيث إن الأول يعتمد على الدفاتر والأقلام ذات الحبر الجاف فيما يعتمد الثاني على اللوح والقلم الخشبيين.

وفي ظل هذا الوضع يظل دمبا يحن إلى مواسم العطل حيث تغلق المدارس أبوابها وينتهزها الآباء فرصة نادرة لزيادة الرصيد القرءاني لدى أبنائهم ، فيشترون لهم ألواحا ويرسلونهم إلى المحاظر الموريتانية في نواكشوط والداخل ، وهي الفترة التي تروج فيها تجارة الألواح بشكل غير مسبوق ، كما يقول دمبا.

وتتراوح أثمان الألواح الخشبية مابين 1000 إلى 10000 لكن الأجر الجزيل هو ذاك الذي يقول باعة اللوح إنه ينتظرهم في الآخرة.


عدوى الاستيراد

وبعد أن كانت صناعة الألواح محلية ، إلا أن ذلك لم يقها عدوى "الاستيراد" التي أصابتها في الآونة الأخيرة حيث أصبح يستورد من السنغال من إقليم "كازامانص" ويصنع أحيانا من الخشب ، لكن يبقى اللوح الأجود - في نظر دمبا - هو ذاك الذي صنع من خشب "آكلال" ، وهو شجرة توجد في الشمال الموريتاني.

ورغم البعد الحضاري للوح تبقى تجارته – ربما – هي الأقل دخلا وأصحابها يعانون من ويلات تدني الدخل ومطاردة رجال الشرطة وجشع رجال الضرائب هذا فضلا عن مشاكل أخرى لا تقل أهمية من قبيل منافسة "اللوح المستورد" القادم من السنغال.

ويتشرف "دمبا" بكونه بائع ألواح على قارعة الطريق وخاصة أن مهنته تدر دخلا ـــ على تدنيه ـــ سليم من أدران الربا وغيره ومن أمراض البيع التي عمت بلواها الأرجاء ، كما أنه يحسب نفسه مأجورا كطلبة العلم ما دام يوفر لهم أداتهم التعليمية الأساسية.

ذات الأمر تؤكده إحدى العاملات في هذه المهنة (تمارسها منذ عشرين سنة وهي مصدر رزقها الوحيد) ، وهي راضية عن مهنتها ولا تنفك تتحدث عن بعد تجارتها الأخروي إذ الألواح وسيلة التعلم بحسب رأيها.

ورغم غزو التكنلوجيا لميدان التعليم ، تبقى قدسية اللوح عصية على التجاوز ، ويعود ذلك ربما إلى كونها لا تزال تتمسك بالعهد الذي قطعه معها الآباء وهي وإن فرط بعض الأحفاد ، تبقى دوما ترنو إلى من يشد على يدها ليبقى العهد كما كان ، كما يقول دمبا.

الجاليات

الصحة

وكالة أنباء الأخبار المستقلة © 2003-2025